تونس - منال المبروك

بعد "جفوة"، وطلاق بائن بين "حركة النهضة" الإسلامية، وحزب "نداء تونس" بزعامة نجل الرئيس، حافظ قائد السبسي، عاد الود فجأة بين الحزبين بعد لقاء جمع الاثنين بداية الشهر الجاري، بين زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وحافظ قائد السبسي.

ومثل اللقاء إعلاناً عن نقطة تحول جديدة في العلاقة بين الحزبين الأولين في تونس، ما أثار العديد من التساؤلات، حول مبررات اللقاء بعد صدام وجفاء طويل بين الغنوشي والباجي قائد السبسي المؤسس والأب الروحي للنداء.

ويأتي اللقاء في ظرف زمني حساس مما تبقى من العهدة البرلمانية والرئاسية الحالية، ويتزامن مع بداية صعود نجم حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد 'تحيا تونس" المعلن عنه حديثاً.

ورغم أن النداء والنهضة لم يكشفا عن فحوى اللقاء ولا مبرراته إلا أن المهتمين بالشأن السياسي في تونس أكدوا أن عودة "الود" بين الخصمين السياسيين قد يحدد مستقبل حكومة يوسف الشاهد، وكذلك حول التحالفات السياسية القادمة، عشية الذهاب للاستحقاقات الانتخابية، المقررة لنهاية السنة الجارية، وقد يكون مقدمة لعودة "توافق الشيخين".

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي منذر بالضيافي لـ"الوطن" إنه "بالرغم من التكتم الكبير عن فحوى اللقاء، باستثناء جملة "مقتضبة جداً"، وردت في الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك عن هذا اللقاء إلا أن الحدث في حد ذاته له أكثر من دلالة".

وأضاف أن "اجتماع السبسي الابن بزعيم الحزب الإسلامي يتعدى إعلان المصالحة بين الرجلين أو بين الحزبين إلى ما هو أعمق وأهم بالنسبة إليهما وهو مستقبل النداء والنهضة في مشهد سياسي جديد ووافد رئيسي على الساحة الحزبية التونسية بعد الإعلان الرسمي عن حزب "حركة تحيا تونس"".

وأشار بالضيافي إلى أن "حبل الود" العاطفي" والسياسي، لم ينقطع بين "الشيخين"، و بين "النهضة" و"نداء تونس"، حيث سبقته كذلك اتصالات هاتفية، برغم حالة التوتر بعد "تحريك" الرئيس السبسي، لملف "الجهاز السري" لحركة النهضة وعرضه على أنظار مجلس الأمن القومي".

ويبدو أن الدافع الأساسي للقاء السبسي الابن بالغنوشي يتعلق بمستقبل حكومة الشاهد ما يشير إلى إمكانية تغيير حكومي قبل الاستحقاقات السياسية القادمة خوفاً من توظيف الشاهد لأدوات الدولة لخدمة مشروعه السياسي الجديد والمنافس الأساسي للحزبين في المرحلة القادمة".

وكانت إزاحة الشاهد من رئاسة الحكومة مطلباً أساسياً لحزب "نداء تونس" والباجي قائد السبسي شخصياً، الذي أعلن في مايو الماضي مسار المفاوضات بشأن مصير الحكومة "قرطاج 2" بعد تمسك "النهضة" بالشاهد والاستقرار الحكومي.

وتسبب موقف "النهضة" المساند للشاهد حينها في إعلان القطيعة النهائية بين الحزبين وبداية "الحرب الباردة " بينهما قبل إحياء الود مجدداً خاصة وأن "النهضة" سعت طيلة الأشهر الماضية إلى الحفاظ على "شعرة معاوية" وتجنب الصدام المباشر مع النداء وقياداته.

ويواجه رئيس الحكومة يوسف الشاهد انتقادات من قطاع واسع من السياسيين ذلك الشريكة في الائتلاف الحكومي وحركة النهضة التي سبق أن دافعت عنه بسبب تداخل بين المهام الحزبية ومهام الحكم لمسؤولين في حزبه ما قد يؤثر على شفافية الانتخابات القادمة.

في المقابل يجد "نداء تونس" في المخاوف من توظيف الشاهد لأجهزة الدولة لخدمة حزبه ذريعة لتحقيق حلم قياداته بالإطاحة بالشاهد في المدة القادمة، مستغلاً الرياح الداخلية والإقليمية المعاكسة للنهضة لتحقيق هذا الحلم.

وتعيش حركة النهضة الإسلامية أياما صعبة بسبب تطورات جديدة في ملف جهازها السري وتقديم أكثر من 40 نائباً في البرلمان لعريضة لكشف سر هذا الجهاز، ما يفسر التقاء مصالحها مجدداً مع النداء الذي يملك رئيسها المؤسس الباجي قائد السبسي زر الضغط على الملفات الساخنة في البلاد.

فهل تدوم أيام العسل المتجددة بين "النداء" و"النهضة" أم يبقى الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر؟