الجزائر - جمال كريمي
طوفان بشري غير مسبوق، ذلك الذي شهدته المدن الجزائرية، في الجمعة الثالثة للحراك الشعبي الرافض لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، ولأن الحراك تزامن واليوم العالمي للمرأة، فقط كان الحضور الأكبر والأهم لـ"الجنس اللطيف"، في صورة المجاهدتين جميلة بوحيرد وزهرة ظريف بيطاط، أرملة الزعيم الراحل حسين آيت أحمد.
في شأن متصل، نفى حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، الجمعة، أن يكون عدد من نوابه قد قدموا استقالاتهم احتجاجاً على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة.
وجاء النفي عقب حديث تقارير إعلامية عن استقالة نواب في جبهة التحرير الوطني من عضوية الحزب الحاكم وانضمامهم إلى الاحتجاج على ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة.
وفي وقت سابق، ذكرت قناة "الشروق"، أن النواب قدموا استقالاتهم، وسط احتشاد آلاف المتظاهرين في العاصمة الجزائرية فيما أطلق عليه "جمعة الحسم".
في الوقت الذي كان فيه مئات الآلاف "يحتلون" الشوارع والساحات والأزقة بطريقة سلمية، بعد صلاة الجمعة، كانت وزارة الدفاع، قد نشرت على موقعها الالكتروني آخر عدد من مجلة "الجيش" لسان حال المؤسسة العسكرية، خاصة وأن الجزائريين انتظروا الموقف الذي سيعبر عنه الجيش، وهل سينحاز إلى صوت الشعب المنادي بوقف ترشح بوتفليقة؟ ومعلوم أن مواقف الجيش عبرت عنه تصريحات قائد الأركان نائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد، كانت مختلفة من التحرك الأول حيث وصف من نزل للشارع بـ"المغرر" بهم، ليتم سحب الكلمة نهائيا، ليؤكد لاحقاً ذات المسؤول العسكري أن الجيش سيبقى على عهده لتأمين الوطن والمواطن، مع إغفال الإشادة بشخص الرئيس بوتفليقة، كما دأب عليه الفريق قايد صالح في جل تصريحاته.
لكن وفي افتتاحية مجلة "الجيش" لشهر مارس، أكدت وزارة الدفاع أن "الجيش متماسك مع ومتلاحم ومرتبط مع الشعب، وأن مصيرهما واحد"، وتابعت "ما حققه جيشنا على أصعدة عدة ووقوفه اللامشروط إلى جانب أمته في كل ما مرت البلاد من محن وأزمات، أدى إلى تماسك الشعب مع جيشه وتلاحمها، وكلاهما ينتميان لوطن واحد لا بديل عنه"، ووفق هذا الموقف، يعتقد المتابعون أن الجيش قد حسم أمره.
وفي الشوارع والساحات، الممتلئة، كان من الصعب على المتأخرين الظفر بمكان للوقوف، حتى أن المسيرات ومن شدة الازدحام البشري، صار صعباً عليها التقدم، وفضلت الحشود البشرية، الوقوف وترشيد الشعارات المناهضة لترشح بوتفليقة، وشقيقه السعيد المستشار في الرئاسة، وشعارات أخرى تظهر المكبوتات التي بقيت في القلوب لسنوات ومنها "يا سراقين كليتو لبلاد" أي - أيها اللصوص لقد أكلتم البلاد - كما نالت بعض أوجه المعارضة كالمرشح للرئاسيات اللواء علي غديري، وزعيمة حزب العمال لويزة حنون، الاستهجان مع عبارة "dégage" بالفرنسية، وتعني "ارحل".
وما ميز الحشود البشرية، هذه المرة أن نزولها تزامن واليوم العالمي للمرأة، فقد رافق الرجل زوجته ووالدته وابنته وشقيقته، وكان يظهر التنوع الكبير، فتجد بعض الشابات بسراويل الجينز، وأخريات محجبات، وبعضهن تضعن النقاب على وجهها، فيما فضلت أخريات ارتداء ألبسة تقليدية كـ"الحايك"، و"الملاية" في شرق البلاد، أو "الجبة التقليدية"، لاستظهار شيء من أصالة وعراقة البلاد، وكتعبير عن الحب والتقدير لهن، تم إهدائهن الورود وحبات الحلوى من طرف المتظاهرين.
وقبل الإنزال البشري غير المسبوق في تاريخ الجزائر، تم مضاعفة عدد الأمنيين في مداخل ووسط المدن، وفي العاصمة تم تعطيل خدمات القطار والمترو والترامواي، للحيلولة دون وصول المحتجين، فما كان منهم سوى استخدام سيارتهم الخاصة للتنقل، وتفادت قوات الأمن الاصطدام بالمحتجين، واكتفت بتأمين المنشآت الحساسة كرئاسة الجمهورية وقصر الحكومة والبرلمان، ورغم الملايين التي احتجت لم تشهد "المليونية" أية انزلاقات، وتم التقيد بالتوصيات وهي العودة إلى المنازل عند الخامسة ونصف مساءً بالتوقيت المحلي، وتنظيف جميع الأمكنة في الفترة بين الخامسة ونصف والسادسة ونصف.
وفي "معسكر النظام"، تواصل التصدع حيث قدم عدد من القياديين في الحزب الحاكم في البلاد جبهة التحرير الوطني، استقالتهم، وأعلنوا انضمامهم إلى الشارع، فيما يبقى التساؤل الأكبر والأهم، أين هو الرئيس بوتفليقة وما هي وضعيته الصحية؟، خاصة بعد تأكيد عمادة الأطباء الجزائريين، على ضرورة تقديم شهادة طبية من أطباء جزائريين تخص صحة بوتفليقة، وهو ما عبر الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان - كانت تحت وصاية رئاسة الجمهورية - المحامي فاروق قسنطيني، والذي أكد في تصريحات لجريدة "الخبر" المحلية، بأن حل الأزمة التي تمر بها البلد، في سياق الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة، بيد المجلس الدستوري الذي، وأنه يجب أن يقول الحقيقة بكل شفافية للرأي العام، مشدداً على أن "الجزائريين من حقهم أن يطلعوا على الوثيقة الطبية التي توضح الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، وهوية الأطباء الذين وقعوها".
{{ article.visit_count }}
طوفان بشري غير مسبوق، ذلك الذي شهدته المدن الجزائرية، في الجمعة الثالثة للحراك الشعبي الرافض لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، ولأن الحراك تزامن واليوم العالمي للمرأة، فقط كان الحضور الأكبر والأهم لـ"الجنس اللطيف"، في صورة المجاهدتين جميلة بوحيرد وزهرة ظريف بيطاط، أرملة الزعيم الراحل حسين آيت أحمد.
في شأن متصل، نفى حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، الجمعة، أن يكون عدد من نوابه قد قدموا استقالاتهم احتجاجاً على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة.
وجاء النفي عقب حديث تقارير إعلامية عن استقالة نواب في جبهة التحرير الوطني من عضوية الحزب الحاكم وانضمامهم إلى الاحتجاج على ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة.
وفي وقت سابق، ذكرت قناة "الشروق"، أن النواب قدموا استقالاتهم، وسط احتشاد آلاف المتظاهرين في العاصمة الجزائرية فيما أطلق عليه "جمعة الحسم".
في الوقت الذي كان فيه مئات الآلاف "يحتلون" الشوارع والساحات والأزقة بطريقة سلمية، بعد صلاة الجمعة، كانت وزارة الدفاع، قد نشرت على موقعها الالكتروني آخر عدد من مجلة "الجيش" لسان حال المؤسسة العسكرية، خاصة وأن الجزائريين انتظروا الموقف الذي سيعبر عنه الجيش، وهل سينحاز إلى صوت الشعب المنادي بوقف ترشح بوتفليقة؟ ومعلوم أن مواقف الجيش عبرت عنه تصريحات قائد الأركان نائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد، كانت مختلفة من التحرك الأول حيث وصف من نزل للشارع بـ"المغرر" بهم، ليتم سحب الكلمة نهائيا، ليؤكد لاحقاً ذات المسؤول العسكري أن الجيش سيبقى على عهده لتأمين الوطن والمواطن، مع إغفال الإشادة بشخص الرئيس بوتفليقة، كما دأب عليه الفريق قايد صالح في جل تصريحاته.
لكن وفي افتتاحية مجلة "الجيش" لشهر مارس، أكدت وزارة الدفاع أن "الجيش متماسك مع ومتلاحم ومرتبط مع الشعب، وأن مصيرهما واحد"، وتابعت "ما حققه جيشنا على أصعدة عدة ووقوفه اللامشروط إلى جانب أمته في كل ما مرت البلاد من محن وأزمات، أدى إلى تماسك الشعب مع جيشه وتلاحمها، وكلاهما ينتميان لوطن واحد لا بديل عنه"، ووفق هذا الموقف، يعتقد المتابعون أن الجيش قد حسم أمره.
وفي الشوارع والساحات، الممتلئة، كان من الصعب على المتأخرين الظفر بمكان للوقوف، حتى أن المسيرات ومن شدة الازدحام البشري، صار صعباً عليها التقدم، وفضلت الحشود البشرية، الوقوف وترشيد الشعارات المناهضة لترشح بوتفليقة، وشقيقه السعيد المستشار في الرئاسة، وشعارات أخرى تظهر المكبوتات التي بقيت في القلوب لسنوات ومنها "يا سراقين كليتو لبلاد" أي - أيها اللصوص لقد أكلتم البلاد - كما نالت بعض أوجه المعارضة كالمرشح للرئاسيات اللواء علي غديري، وزعيمة حزب العمال لويزة حنون، الاستهجان مع عبارة "dégage" بالفرنسية، وتعني "ارحل".
وما ميز الحشود البشرية، هذه المرة أن نزولها تزامن واليوم العالمي للمرأة، فقد رافق الرجل زوجته ووالدته وابنته وشقيقته، وكان يظهر التنوع الكبير، فتجد بعض الشابات بسراويل الجينز، وأخريات محجبات، وبعضهن تضعن النقاب على وجهها، فيما فضلت أخريات ارتداء ألبسة تقليدية كـ"الحايك"، و"الملاية" في شرق البلاد، أو "الجبة التقليدية"، لاستظهار شيء من أصالة وعراقة البلاد، وكتعبير عن الحب والتقدير لهن، تم إهدائهن الورود وحبات الحلوى من طرف المتظاهرين.
وقبل الإنزال البشري غير المسبوق في تاريخ الجزائر، تم مضاعفة عدد الأمنيين في مداخل ووسط المدن، وفي العاصمة تم تعطيل خدمات القطار والمترو والترامواي، للحيلولة دون وصول المحتجين، فما كان منهم سوى استخدام سيارتهم الخاصة للتنقل، وتفادت قوات الأمن الاصطدام بالمحتجين، واكتفت بتأمين المنشآت الحساسة كرئاسة الجمهورية وقصر الحكومة والبرلمان، ورغم الملايين التي احتجت لم تشهد "المليونية" أية انزلاقات، وتم التقيد بالتوصيات وهي العودة إلى المنازل عند الخامسة ونصف مساءً بالتوقيت المحلي، وتنظيف جميع الأمكنة في الفترة بين الخامسة ونصف والسادسة ونصف.
وفي "معسكر النظام"، تواصل التصدع حيث قدم عدد من القياديين في الحزب الحاكم في البلاد جبهة التحرير الوطني، استقالتهم، وأعلنوا انضمامهم إلى الشارع، فيما يبقى التساؤل الأكبر والأهم، أين هو الرئيس بوتفليقة وما هي وضعيته الصحية؟، خاصة بعد تأكيد عمادة الأطباء الجزائريين، على ضرورة تقديم شهادة طبية من أطباء جزائريين تخص صحة بوتفليقة، وهو ما عبر الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان - كانت تحت وصاية رئاسة الجمهورية - المحامي فاروق قسنطيني، والذي أكد في تصريحات لجريدة "الخبر" المحلية، بأن حل الأزمة التي تمر بها البلد، في سياق الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة، بيد المجلس الدستوري الذي، وأنه يجب أن يقول الحقيقة بكل شفافية للرأي العام، مشدداً على أن "الجزائريين من حقهم أن يطلعوا على الوثيقة الطبية التي توضح الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، وهوية الأطباء الذين وقعوها".