بيروت - بديع قرحانيأكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن "حكومته تدرك تماما الحاجة إلى المضي قدما في الإصلاحات المالية والهيكلية والقطاعية، لتحريك الاقتصاد وخلق فرص العمل وتحسين نسب العجز والدين"، لافتاً إلى أن "حكومته سيتعين عليها اتخاذ قرارات صعبة في الأسابيع المقبلة لخفض الإنفاق، ولذلك فإنه من الواضح والصريح جدا، انه لن يكون هناك تمويل إضافي في موازنة عام 2019 ولا في الموازنات اللاحقة، لتلبيه الاحتياجات الإنسانية للنازحين".وقال الحريري، خلال إلقائه كلمة لبنان في مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" – بروكسل -3، في مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل، "في خضم جميع التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة، ينبغي إلا ننسى أن الحل الوحيد لأزمه النازحين السوريين هو العودة الآمنة إلى وطنهم وفقا للقوانين والمعاهدات الدولية. وأود أن أكرر التأكيد أن حكومتي ستظل ملتزمة بالعمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على أي مبادرة عملية تضمن العودة الآمنة للنازحين السوريين بما في ذلك المبادرة الروسية. وليس لدينا خيار آخر سوى توحيد الجهود والعمل معا لمعالجة العقبات والتحديات التي تواجه عودة النازحين"، مضيفاً "أنها مهمة شاقة ومسؤولية جماعية وعلينا جميعا أن نكون مبتكرين في إيجاد الحلول. إذ لا يمكن للبنان أن يستمر في تحمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المترتبة على استضافة مليون ونصف مليون نازح".وتابع الحريري، "تستمر مأساة الشعب السوري ومعاناته للعام التاسع على التوالي. وخلال العام الماضي، وعلى الرغم من التحديات الهائلة التي ما زلنا نواجهها، وفي الوقت الذي أصبحت فيه قدرات المجتمعات المضيفة والبنى التحتية وخدمات الدولة مثقله ومنهكة، استمر لبنان بالتزاماته التي تعهد بها في مؤتمر بروكسل -2، وقد كان ذلك ممكنا بفضل الجهود الاستثنائية المشتركة التي بذلها المجتمع الدولي والمؤسسات العامة اللبنانية والمجتمع المدني و الضيافة الاستثنائية وكرم الشعب اللبناني. وقد حققنا ذلك في الوقت الذي نواصل فيه حماية الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الدقيق في لبنان".وأردف الحريري "لا يزال لبنان يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة. ولا يزال النمو ضعيفا ويكاد يصل إلى نسبة 1 %، ولا تزال مستويات البطالة والفقر مرتفعة، ويرزح التمويل العام تحت ضغوط شديدة. وفي مؤتمر "سيدر"، قدمت الحكومة اللبنانية رؤية متوسطة وطويلة الأمد للتعامل مع هذه التحديات، استجاب معها المجتمع الدولي بشكل إيجابي وحشد موارد كبيرة للمساعدة في وضع هذه الرؤية على الطريق الصحيح للتنفيذ".وأضاف "أن أثر أزمة النازحين على لبنان يزداد حدة، ما يفاقم على المدى القصير التحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة. ولا تزال الاحتياجات كبيرة وقد أدى التنافس على الموارد الشحيحة والوظائف إلى وضع العلاقة بين المجتمعات المضيفة واللاجئين في أجواء توتر شديد، ويمكن أن تؤدي هذه الظروف إلى استياء واسع النطاق والى زيادة مخاطر العنف، ما يهدد استقرار لبنان ويعطي حافزا للنازحين للذهاب إلى أماكن أخرى. فلا مجال هنا للاستكانة أو لتعب المانحين. وينبغي لنا بدلا من ذلك أن نعمل معا وان نكثف جهودنا لضمان تقديم المساعدة الإنسانية الحيوية، فضلا عن تمويل مشاريع تنموية لتحسين مستويات معيشة اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حدّ سواء".وقال الحريري، "ولتحقيق ذلك، يتعين علينا جميعا أن نركز على تأمين التمويل الكافي لخطة لبنان للاستجابة للازمة. وينبغي تأمين التزامات لسنوات عدة من أجل ضمان استمرارية المشاريع التي تستمر عدة سنوات كتأمين وصول التعليم إلى الجميع، فضلا عن التخفيف من أثر العوامل السلبية. وزيادة الدعم المقدم إلى المجتمعات المضيفة بما لا يقل عن 100 مليون دولار سنويا لتمويل المشاريع الصغيرة في البنى التحتية، ولا سيما في مجال إدارة المياه والنفايات الصلبة، ودعم وتطوير نظم الحماية الاجتماعية في لبنان، ولا سيما توسيع نطاق البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا. وهدفنا النهائي هو تأمين الغذاء لجميع الأسر التي تعيش تحت خط الفقر المدقع والذي يقدر بنحو 44,000 أسرة لبنانية ، فضلا عن زيادة الدعم لعنصر الخروج التدريجي من الفقر، الذي يسمح لهذه الأسر تأمين احتياجاتها من خلال التدريب المهني والتقني وفرص العمل. ولتحقيق ذلك ، نحتاج إلى تأمين منح ومساهمات بقيمة 100 مليون دولار سنويا. وأخيرا يتعين علينا دعم الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني الذي طورته الحكومة اللبنانية بدعم من منظمة اليونيسيف ومنظمه العمل الدولية لتعزيز مهارات العمال اللبنانيين".