تونس - منال المبروكلا يمر أسبوع واحد دون أن تثير حركة "نداء تونس" الجدل حول مستجدات هذا الحزب.. فضائح، تقلبات، قرارات اعتباطية.. النداء الذي مثل معجزة حسب البعض في 2014، اصبح حديث الملاحظين للساحة السياسية في تونس بعد أن وصل الحزب إلى نفق مسدود باتت تنبأ بتفكك الحزب نهائيا وخروجه من السباق الانتخابي القادم.ومؤخرا فشل الحزب في تنظيم أول مؤتمر له لوضع قواعد الحوكمة والديمقراطية صلب هياكله بعد أن اصطدم ما تبقى من الندائيين بتصلب مواقف إبن الرئيس الباجي قائد السبسي، حافظ السبسي، الذي يتحمّل مسؤولية تصدع الحزب في السنوات الأخيرة بحسب المؤسسين الأوائل للنداء الذين ساندوا الباجي عام 2014 في بناء الكيان السياسي الذي نجح في تحجيم النهضة الاسلامية.والجمعة أعلن عضو البرلمان ورئيس لجنة المؤتمر رضا شرف الدين - من أكبر رجال الأعمال في تونس - عن استقالته من الحزب والبرلمان مقرا بفشله في القيام بالمهام التي أوكلت إليه بإعادة الحياة للحزب الذي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة.وأثار انسحاب أعضاء من لجنة الإعداد للمؤتمر اهتمام طيف كبير من متابعي الشأن التونسي فيما ذهب البعض إلى أن النتيجة التي وصل إليها حزب السبسي متوقعة أن رمي رضا شرف الدين المنديل بعد أشهر من التجاذبات والأخذ والرد مع القيادة الحالية للنداء كان منتظرا.وكان يفترض أن يحدد مؤتمر النداء مستقبل الحزب ويساهم في تكريس الممارسة الديمقراطية صلبه، غير أنه صار سببا في إشعال فتيل النزاعات والتصدعات أكثر مما كان عليه الوضع في السابق.وبالرغم من تعيين لجنة لمراقبة سير الانتخابات الداخلية للحزب، برئاسة شرف الدين، فقد تم تأجيل المؤتمر في عديد المناسبات إذ تم تحديد أكثر من أربعة مواعيد لذلك لكن لم يقع احترام أي منها، لسبب وحيد وهو تعنت رئيس الهيئة السياسية، حافظ قائد السبسي والمحيطين به.الأكيد أن الحزب الذي تمكن من الفوز على حركة النهضة في 2014، لن يفلح في أن يكون رقما صعبا أمام منافسيه السياسيين وتونس على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجرى في أكتوبر ونوفمبر القادمين.وتأسست حركة "نداء تونس"، من قبل الرئيس الباجي قائد السبسي رفقة مجموعة من الشخصيات الوطنية من "روافد" فكرية وسياسية مختلفة بل متباينة، في 16 يونيو 2012 ومثل الحدث في ذلك التاريخ لحظة "فارقة"، في المشهد السياسي والحزبي التونسي ما بعد ثورة 14 يناير 2011، حيث استطاع النداء بناء كتلة تاريخية صماء تصدت لهيمنة التيار الاسلامي على الحياة السياسية، وبالتالي حماية "النمط المجتمعي" التونسي.كما استطاعت هذه الحركة، احداث ديناميكية مجتمعية مكنت من كسب معركة المنافسة على السلطة، وهو ما حصل فعلا من خلال الفوز بالاستحقاقات الانتخابية التي تمت سنة 2014 "سنتين بعد تأسيس الحزب"، الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بعد ذلك دخل الحزب في أتون أزمة لم يستطع الخروج منها، نجم عنها حصول تصدعات كبيرة في هيكله التنظيمي وفي كتلته النيابية في البرلمان، ما تسبب قي تصدير ازمته لمؤسسات الحكم، فساهم ذلك في ارباك أداء الحكومات التي كان من المفروض أن يكون داعما ومساندا ومدافعا عنها.بدأت التصدعات داخل النداء، عقب استقالة الأمين العام السابق، محسن مرزوق "الذي أخذ معه جزءا من الحزب وأسس به حزبا جديدا"، تلتها استقالة مجموعة من القيادات المؤسسة، من أبرزهم المدير التنفيذي السابق للحزب رضا بلحاج، الذي شغل أيضا مدير الديوان الرئاسي، قبل أن يقع التخلي عنه، ثم تجميد القيادي في الحزب ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.وقد ساهمت هذه الاستقالات المتواترة في إضعاف الحزب الذي فقد الأغلبية في البرلمان لصالح حزب النهضة، ليتحول من حزب حاكم إلى حزب معارض.لم يسلم قصر الرئاسة بقرطاج من شظايا نيران أزمة النداء، من ذلك أن الرئيس و"كبار مستشاريه" قد تحولوا إلى طرف في الأزمة، ما أثر سلبا على رمزية واعتبارية الرئيس ومؤسسة الرئاسة. وهو ما دفع الرئيس السبسي إلى "التبرؤ" في أكثر من مناسبة من "شبهة التوريث"، وذلك ردا على "اتهامات" له بأنه يسعي لتوريث نجله، في حزب "نداء تونس" وفي مؤسسات الحكم.لكن، مع ذلك فان طيفا واسعا في الحياة السياسية والإعلامية، يحملون الرئيس قائد السبسي مسؤولية ما حصل في الحزب، ويرون أنه هو من أعطى "الضوء الأخضر" لنجله للتصرف في الحزب.ويعتبر المستقيلون من النداء أنه كان على الرئيس المؤسس التدخل لتطويق أزمة الحزب، هذه الأزمة التي جعلت البلاد أمام وضع هش، بسبب غياب التوازن الحزبي والسياسي وشلل عمل البرلمان والحكومة، في فترة تحتاج فيها تونس لحزب حاكم قوي، يكون سندا للحكومة وللاستقرار السياسي والاجتماعي.وفي فبراير الماضي كشف آخر سبر آراء لنوايا التصويت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لمؤسسة سيغما كونساي المختصة في سبر الأراء أن حركة للنهضة تحصلت على نسبة 33.9 ٪ من نوايا التصويت تلتها حركة نداء تونس بـ 15.5% مقابل نسبة 29.8% في ديسمبر 2018، وهو ما يشير إلى تقهقهر الحركة وخسارتها لـ 14 نقطة كاملة في ظرف شهرين.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90