الجزائر - جمال كريمي
عرفت مشاورات تشكيل الحكومة الجزائرية بقيادة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، تعثراً، برفض قطاع واسع من النقابات المهنية القوية في البلاد، الجلوس مع بدوي وتقديم المقترحات بشأن الجهاز التنفيذي المراد تشكيله.
وأعلن التكتل الموسع لنقابات التربية رفضه دعوة رئيس الوزراء، والأمر نفسه مع مجلس أساتذة الجامعات، الذي أكد دعمه اللامشروط للحراك الشعبي، وينتظر أن يخرج الثلاثاء الأطباء في مسيرة رفضاً لمخرجات الأزمة التي عرضها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وقبل هذا عبر القضاة عن رفضهم لتمديد العهدة الرئاسية لبوتفليقة.
وفي رسالة لمناضلي التجمع الوطني الديمقراطي، حث الأمين العام، رئيس الوزراء المبعد الأسبوع الماضي، أحمد أويحيى، السلطة للاستجابة لمطالب الشعب في أقرب الآجال لتفادي إدخال البلاد في دوامة لا يحمد عقباها.
ويرى اويحيى، الذي يعد أول مسؤول سياسي وحزبي طالب رسميا بترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، أن الرد المستعجل لمطالب الشعب سيجنب البلاد انزلاقات خطيرة ويسمح لها باسترجاع أنفاسها.
وأضاف "لا يوجد أغلى من إنقاذ الجزائر من الانسداد والأزمة".
غير أنه في المقابل يرى، أويحيى، في رسالة وجهها لإطارات ومناضلي حزبه، أن مسلك الخلاص يكون عبر الانخراط في خارطة الطريق المسطرة من قبل رئيس الجمهورية في رسالته الأخيرة، وهي حزمة القرارات التي رفضها الشارع بقوة في 15 مارس.
ما يجعل أن الرسالة للمناضلين حملت خطابا مزدوجا ومتناقضا بين ضرورة الرد على مطالب المتظاهرين التي كان من بينها رحيله من الحكومة، وضرورة الالتزام بخطة السلطة.
من جانبه، قال الدبلوماسي الجزائري، الأخضر الإبراهيمي، للإذاعة الحكومية، إنه" ليس وسيطاً ولا مبعوثاً"، وإنما مواطن جزائري، قلق على بلاده .
وأضاف الإبراهيمي، أنه لا مخرج من الأزمة سوى الحوار، مشيراً إلى أن الرئيس وضع خطة للخروج منها وعلى الحكومة والشعب وضعها على الطاولة ومناقشتها.
من جهة أخرى، تحدث الإبراهيمي عن الحزب الحاكم في البلاد، الذي ارتفعت أصوات تنادي بـ "إحالته على المتحف"، قائلاً: "لماذا يجب أن يرحل والتعددية هي التى فشلت وليس الجبهة".
وقال إن مطلب "ارحلوا جميعاً" هو الذي دمر العراق، والمثير في تصريح الإبراهيمي أنه أدمج في طلب "ارحلوا جميعا" الشرطة والأساتذة وعمال الإدارة وهو ما لم يكن أبداً مطلباً شعبياً.
وبعد أسبوع من إعلان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، حزمة من القرارات وصفت بـ"التاريخية"، تصطدم السلطة الحاكمة في الجزائر بجملة من العقبات، انطلاقاً من العراقيل التي قد تحول دون تشكيل حكومة "كفاءات وطنية منفتحة على جميع الأطياف السياسية والشباب والمرأة".
لم تخفت وتيرة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في الجزائر، بل تغير الشعار من رفض "العهدة الخامسة" إلى رفض تمديد "العهدة الرابعة"، بعد إعلان بوتفليقة انسحابه من السباق الرئاسي وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة الشهر المقبل.
ولم يقنع الخروج الإعلامي المكثف لرئيس الحكومة الجديد، نور الدين بدوي، ونائبه، رمتان لعمامرة، والدبلوماسي المخضرم، الأخضر الإبراهيمي، المرشح لإدارة مؤتمر وطني جامع دعا إليه الرئيس الجزائري، في تبديد مخاوف قطاع واسع من الشارع من محاولة السلطة الحاكمة الالتفاف على مطالب الشارع.
وأعلنت 13 نقابة رفضها الانخراط في مساعي بدوي لتشكيل حكومة وعد بإعلان تركيبتها نهاية الأسبوع الجاري، على أقصى تقدير. وقال النقابي، بوعلام عمورة، إن "النقابات لن تجري مناقشات مع هذا النظام لأنها تنتمي للشعب، والشعب قال لا للنظام".
وبدأت قائمة المقاطعين لمشاورات تشكيل الحكومة تتسع، إذ رفضت معظم أحزاب المعارضة المشاركة. وذهب رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، إلى حدّ اتهام بدوي بأنّه طرف أساسي في المشكلة، مذكّرا بأنّه كان من بين "من صاغوا أسوء قانون انتخابي منذ استقلال البلاد".
وفي بلد لا تزال سلطته الحاكمة تستمدّ شرعيتها من دور رموزها ومؤسساتها، للدور الذي لعبته إبان ثورة الاستقلال بين عامي 1954 و1962، فإن الحراك الشعبي بدأ يقلب الموازين ويهز أركان النظام.
وكتطور لافت في هذا السياق، دعا 72 محافظاً، من إجمالي 120، جبهة التحرير الوطني الحاكمة إلى انتخاب قيادة "شرعية" لحزبهم، معبرين عن دعمهم لكل مطالب الحراك الشعبي.
وكان القيادي في الحزب، حسين خلدون، قد قال يوم الجمعة إن "بوتفليقة بات من التاريخ".
وانضمّ متقاعدو الجيش للمظاهرات، إذ شاركوا الأحد في مسيرات في عدد من الولايات، أعلنوا فيها تمسكهم بمطالب الشعب.
يذكر أن المنظمة الوطنية للمجاهدين، وهي أكبر تجمع لقدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب الاستقلال، كانت قد سحبت في السادس من مارس الجاري تأييدها لبوتفليقة، معتبرة، في رسالة لها، النزول للشارع بمثابة "الواجب".
وفي أوّل موقف له منذ استقالته، الأسبوع الماضي، دعا رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى، في رسالة له، السلطة الحاكمة للاستجابة فوراً لمطالب الشارع. وشدد أويحيى على أنه من الضروري أن "تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلة مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية".
وتزامنت رسالة أويحيى مع تصريح للأخضر الإبراهيمي نقله عدد من الإذاعات المحلية المملوكة للدولة، يقول فيه إن "الدعوة لرحيل الجميع أمر سهل لكنّ تطبيق ذلك صعب نظراً لحاجة الجزائر إلى رجال ومؤسسات لتأمين استقرارها".
بيد أن الإبراهيمي يعلم أن هامش التحرك لم يعد يسمح بالمناورة، خاصة أن معظم المحاذير والمحرمات التي نجحت السلطة الحاكمة في الحفاظ عليها طيلة عقود طويلة بدأت بالانهيار تباعاً.
وبدأت التحركات تتسلل رويداً رويداً إلى شركة سوناطراك، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، التي تشرف على قطاع المحروقات.
ورغم تحذيرات الإدارة من الإضراب أو التظاهر، شهدت فروع الشركة في حاسي مسعود وحاسي الرمل، جنوبي البلاد، مسيرات حاشدة الجمعة للمطالبة بالتغيير.
وسارعت الشركة إلى نفي توقف أو تذبذب إنتاج حقول النفط أو الغاز، جنوبي البلاد. إلا أن الصور، التي نشرها ناشطون، أظهرت العكس.
عرفت مشاورات تشكيل الحكومة الجزائرية بقيادة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، تعثراً، برفض قطاع واسع من النقابات المهنية القوية في البلاد، الجلوس مع بدوي وتقديم المقترحات بشأن الجهاز التنفيذي المراد تشكيله.
وأعلن التكتل الموسع لنقابات التربية رفضه دعوة رئيس الوزراء، والأمر نفسه مع مجلس أساتذة الجامعات، الذي أكد دعمه اللامشروط للحراك الشعبي، وينتظر أن يخرج الثلاثاء الأطباء في مسيرة رفضاً لمخرجات الأزمة التي عرضها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وقبل هذا عبر القضاة عن رفضهم لتمديد العهدة الرئاسية لبوتفليقة.
وفي رسالة لمناضلي التجمع الوطني الديمقراطي، حث الأمين العام، رئيس الوزراء المبعد الأسبوع الماضي، أحمد أويحيى، السلطة للاستجابة لمطالب الشعب في أقرب الآجال لتفادي إدخال البلاد في دوامة لا يحمد عقباها.
ويرى اويحيى، الذي يعد أول مسؤول سياسي وحزبي طالب رسميا بترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، أن الرد المستعجل لمطالب الشعب سيجنب البلاد انزلاقات خطيرة ويسمح لها باسترجاع أنفاسها.
وأضاف "لا يوجد أغلى من إنقاذ الجزائر من الانسداد والأزمة".
غير أنه في المقابل يرى، أويحيى، في رسالة وجهها لإطارات ومناضلي حزبه، أن مسلك الخلاص يكون عبر الانخراط في خارطة الطريق المسطرة من قبل رئيس الجمهورية في رسالته الأخيرة، وهي حزمة القرارات التي رفضها الشارع بقوة في 15 مارس.
ما يجعل أن الرسالة للمناضلين حملت خطابا مزدوجا ومتناقضا بين ضرورة الرد على مطالب المتظاهرين التي كان من بينها رحيله من الحكومة، وضرورة الالتزام بخطة السلطة.
من جانبه، قال الدبلوماسي الجزائري، الأخضر الإبراهيمي، للإذاعة الحكومية، إنه" ليس وسيطاً ولا مبعوثاً"، وإنما مواطن جزائري، قلق على بلاده .
وأضاف الإبراهيمي، أنه لا مخرج من الأزمة سوى الحوار، مشيراً إلى أن الرئيس وضع خطة للخروج منها وعلى الحكومة والشعب وضعها على الطاولة ومناقشتها.
من جهة أخرى، تحدث الإبراهيمي عن الحزب الحاكم في البلاد، الذي ارتفعت أصوات تنادي بـ "إحالته على المتحف"، قائلاً: "لماذا يجب أن يرحل والتعددية هي التى فشلت وليس الجبهة".
وقال إن مطلب "ارحلوا جميعاً" هو الذي دمر العراق، والمثير في تصريح الإبراهيمي أنه أدمج في طلب "ارحلوا جميعا" الشرطة والأساتذة وعمال الإدارة وهو ما لم يكن أبداً مطلباً شعبياً.
وبعد أسبوع من إعلان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، حزمة من القرارات وصفت بـ"التاريخية"، تصطدم السلطة الحاكمة في الجزائر بجملة من العقبات، انطلاقاً من العراقيل التي قد تحول دون تشكيل حكومة "كفاءات وطنية منفتحة على جميع الأطياف السياسية والشباب والمرأة".
لم تخفت وتيرة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في الجزائر، بل تغير الشعار من رفض "العهدة الخامسة" إلى رفض تمديد "العهدة الرابعة"، بعد إعلان بوتفليقة انسحابه من السباق الرئاسي وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة الشهر المقبل.
ولم يقنع الخروج الإعلامي المكثف لرئيس الحكومة الجديد، نور الدين بدوي، ونائبه، رمتان لعمامرة، والدبلوماسي المخضرم، الأخضر الإبراهيمي، المرشح لإدارة مؤتمر وطني جامع دعا إليه الرئيس الجزائري، في تبديد مخاوف قطاع واسع من الشارع من محاولة السلطة الحاكمة الالتفاف على مطالب الشارع.
وأعلنت 13 نقابة رفضها الانخراط في مساعي بدوي لتشكيل حكومة وعد بإعلان تركيبتها نهاية الأسبوع الجاري، على أقصى تقدير. وقال النقابي، بوعلام عمورة، إن "النقابات لن تجري مناقشات مع هذا النظام لأنها تنتمي للشعب، والشعب قال لا للنظام".
وبدأت قائمة المقاطعين لمشاورات تشكيل الحكومة تتسع، إذ رفضت معظم أحزاب المعارضة المشاركة. وذهب رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، إلى حدّ اتهام بدوي بأنّه طرف أساسي في المشكلة، مذكّرا بأنّه كان من بين "من صاغوا أسوء قانون انتخابي منذ استقلال البلاد".
وفي بلد لا تزال سلطته الحاكمة تستمدّ شرعيتها من دور رموزها ومؤسساتها، للدور الذي لعبته إبان ثورة الاستقلال بين عامي 1954 و1962، فإن الحراك الشعبي بدأ يقلب الموازين ويهز أركان النظام.
وكتطور لافت في هذا السياق، دعا 72 محافظاً، من إجمالي 120، جبهة التحرير الوطني الحاكمة إلى انتخاب قيادة "شرعية" لحزبهم، معبرين عن دعمهم لكل مطالب الحراك الشعبي.
وكان القيادي في الحزب، حسين خلدون، قد قال يوم الجمعة إن "بوتفليقة بات من التاريخ".
وانضمّ متقاعدو الجيش للمظاهرات، إذ شاركوا الأحد في مسيرات في عدد من الولايات، أعلنوا فيها تمسكهم بمطالب الشعب.
يذكر أن المنظمة الوطنية للمجاهدين، وهي أكبر تجمع لقدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب الاستقلال، كانت قد سحبت في السادس من مارس الجاري تأييدها لبوتفليقة، معتبرة، في رسالة لها، النزول للشارع بمثابة "الواجب".
وفي أوّل موقف له منذ استقالته، الأسبوع الماضي، دعا رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى، في رسالة له، السلطة الحاكمة للاستجابة فوراً لمطالب الشارع. وشدد أويحيى على أنه من الضروري أن "تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلة مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية".
وتزامنت رسالة أويحيى مع تصريح للأخضر الإبراهيمي نقله عدد من الإذاعات المحلية المملوكة للدولة، يقول فيه إن "الدعوة لرحيل الجميع أمر سهل لكنّ تطبيق ذلك صعب نظراً لحاجة الجزائر إلى رجال ومؤسسات لتأمين استقرارها".
بيد أن الإبراهيمي يعلم أن هامش التحرك لم يعد يسمح بالمناورة، خاصة أن معظم المحاذير والمحرمات التي نجحت السلطة الحاكمة في الحفاظ عليها طيلة عقود طويلة بدأت بالانهيار تباعاً.
وبدأت التحركات تتسلل رويداً رويداً إلى شركة سوناطراك، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، التي تشرف على قطاع المحروقات.
ورغم تحذيرات الإدارة من الإضراب أو التظاهر، شهدت فروع الشركة في حاسي مسعود وحاسي الرمل، جنوبي البلاد، مسيرات حاشدة الجمعة للمطالبة بالتغيير.
وسارعت الشركة إلى نفي توقف أو تذبذب إنتاج حقول النفط أو الغاز، جنوبي البلاد. إلا أن الصور، التي نشرها ناشطون، أظهرت العكس.