تونس - منال المبروكلا يزال البرلمان التونسي يؤجل النظر في مشروع قانون المساواة في الميراث بالرغم من مصادقة مجلس الوزراء عليه منذ أكثر من شهرين وإصرار صاحب المبادرة الباجي قائد السبسي على الإسراع في التصديق عليه قبل نهاية فترته الرئاسية.ويسعى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى حشد الدعم الخارجي لمشروع لقانون المساواة في الميراث الذي يتبناه ويدافع عنه بقوة، للضغط على البرلمان للمصادقة على القانون قبل الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجري في نوفمبر المقبل.يريد السبسي عبر القانون ردّ الجميل لنحو مليون امرأة منحوه أصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2014 ، وترك بصمته في قانون الأحوال الشخصية التي أقرها الرئيس بورقيبة عام 1956 ومنحت النساء التونسيات العديد من المكاسب منها حق الانتخاب ومنع تعدد الزوجات.ويستغل الرئيس التونسي زياراته إلى دول أجنبية للتعريف بهذا المشروع حيث أكد بمناسبة للدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، في كلمته أمام المجلس التزام تونس الثابت بالمبادئ والقيم الكونيّة لحقوق الإنسان، ومساندتها لكل الجهود والمبادرات الرامية إلى مزيد الارتقاء بها، خدمة للقضايا العادلة وتعزيزاً لمقومات السلم والأمن في العالم.وقال الباجي قائد السبسي ان "تونس حرصت على تعزيز منظومة حقوق الإنسان نصاً وممارسة، منذ انطلاق تجربتها الديمقراطية، إيماناً منها بأهميتها في تكريس دولة القانون والمؤسسات، وفي الحفاظ على السلم الاجتماعية".وأكدّ في هذا السياق أن "الدستور التونسي تقدّمي بامتياز حيث ضمن كل الحقوق والحريات وكذلك المساواة بين جميع للمواطنين وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها"، وأضاف انه "بصفته ضامناً للدستور، بادر بتقديم مقترح المساواة في الميراث بين الرجال والنساء مواصلة للتوجه الإصلاحي والحداثي الذي يميز المجتمع التونسي عبر تاريخه ومواكبة للمكانة المتميزة التي تحتلها المرأة فيه ومساهمتها الفاعلة في اقتصاده وأمنه الاجتماعي".كما شدّد على أن "حقوق الإنسان مترابطة وغير قابلة للتجزئة"، معتبراً أنه "لا ديمقراطية بدون مساواة ولا تنمية حقيقية بدون القضاء على التمييز بين الرجل والمرأة".وأوضح السبسي أنه "طرح المبادرة بكل مسؤولية واقتناعاً منه بأنها تتماشى مع نص الدستور وروحه وتتلاءم مع فلسفة ومبادئ حقوق الإنسان"، مؤكداً أن "اعتمادها سيشكل نقطة تحول جديدة في تاريخ تونس الحديث، كدولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون".ويحاول الباجي قائد السبسي كسب التعاطف الخارجي وجلب المنظمات والهيئات العالمية لصفه بهدف تكثيف الضغط إلى حزب حركة النهضة الذي يرفض المشروع.ويطمح السبسي إلى إنهاء عهدته الرئاسية بتصديق البرلمان التونسي على مشروع قانون المساواة في الميراث الذي يرغب الباجي عبره إلى الارتقاء إلى مرتبة الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة وضع حجر الأساس عام 1956 لقوانين تقدمية مناصرة لحقوق المرأة.وفي نوفمبر الماضي، أقر مجلس الوزراء في تونس "القانون الأساسي المتعلق بمجلة الأحوال الشخصية، بإتمام الكتاب التاسع من المجلة بباب سابع مكرر تحت عنوان "أحكام تتعلق بالتساوي في الميراث".وصادق مجلس الوزراء على مشروع القانون الأساسي المتعلق بإتمام مجلة الأحوال الشخصية، الذي يتضمن أحكاماً تتعلق بالتساوي في الميراث.وبإحالة مشروع القانون على البرلمان التونسي بدأ الاختبار الفعلي لقدرة الأحزاب التقدمية على الدفاع عن مشروع رئيس الدولة في تحقيق وعد انتخابي التزم به أمام مليون امرأة تونسية منحوهن أصواتهن في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تونس في ديسمبر 2014.كما يعد إحالة مشروع قانون المساواة في الميراث اختباراً صعباً لحركة النهضة لإثبات تحولها من حزب ديني إلى حزب مدني.وفي 13 أغسطس 2017، أطلق الباجي قائد السبسي بمناسبة العيد الوطني للمرأة مبادرة لإقرار المساواة التامة بين المرأة والرجل في كل المجالات بما في ذلك المساواة في الميراث معلناً عن تكوين لجنة متعددة الاختصاصات تعنى بنقاش سبل تنفيذ المبادرة.وقال السبسي، حينها إن "بلاده ستمضي في إقرار المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، بما في ذلك المساواة في الإرث".وعاشت اللجنة التي كلفها الباجي قائد السبسي بإنجاز مشروع القانون منذ الإعلان عن تأسيسها، يوم 13 أغسطس 2017، على وقع جدل محتدم داخل تونس وخارجها بسبب رفض جزء من التونسيين لمبدأ المساواة في الميراث بين الجنسين.وكان مشروع هذا القانون الذي أعلنه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، في أغسطس 2017 قد أثار جدلاً واسعاً في تونس وخارجها.وتقوم قوانين الإرث في تونس المستمدة من الشريعة الإسلامية إجمالاً على قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين".ويسعى مشروع القانون المعروض إلى جعل المساواة هي القاعدة العامة، مع تمكين المواطنين الراغبين في الاستثناء منها، سواء لأسباب دينية أوغيرها، من خلال عقد لدى العدول، بحسب نص مشروع القانون.وتعد المساواة في الإرث أحد الإجراءات الأكثر إثارة للجدل بين سلسلة إصلاحات اقترحتها لجنة الحريات الفردية والمساواة التي شكلها الرئيس الباجي قائد السبسي في صيف 2017.وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا في مجال تحرر المرأة وينظر إليها على أنها من قلاع العلمانية في المنطقة. ولكن رغم ذلك ظل موضوع المساواة في الميراث أمراً بالغ الحساسية في المجتمع التونسي ولم يسبق لمسؤولين تونسيين إثارة الموضوع.