بغداد – وسام سعد
أثار تصويت مجلس محافظة البصرة جنوب العراق لصالح تحويلها إلى إقليم مستقل إدارياً عن الحكومة الاتحادية في بغداد جدلاً سياسياً واسعاً في العراق، حيث اعتبر البعض أن هذا التصويت دستوري ولا غبار عليه لكن مجلس المحافظة منتهي الصلاحية ولا يحق له التصويت على مثل هكذا قرار فيما عد البعض الآخر أن هذا القرار سيزيد من تمزق العراق وسيفاقم الخلاف بين المحافظات على اعتبار أن البصرة هي من أكبر المحافظات العراقية المنتجة للنفط.
وصوت مجلس محافظة البصرة بالأغلبية خلال جلسة استثنائية عقدها الاثنين على المضي بإجراءات تحويل المحافظة إلى إقليم، وقرر تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ خطوات تأسيس الإقليم من الناحية القانونية.
وقال المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي حسين عبد الله لـ "الوطن"، إن الدستور العراقي في مواده 116، 118، 119، 120، 121 يقر تحويل المحافظات إلى أقاليم إدارية لا مستقلة ولا سياسية ولا أقاليم كونفدرالية وهو ما يطالب به مجلس محافظة البصرة اليوم ويجمع التوقيعات وفق الخطوات التي حددها الدستور.
واضاف عبد الله أن "تحول المحافظة إلى إقليم يكون في نفس حدودها الإدارية ويحق فيما بعد أن تنضم لها محافظات أخرى تحت نفس المسمى حتى وإن كانت غير مجاورة لها ويكون لهذا الإقليم رئيس واحد دون النظر إلى التقسيم الإداري وفي الغالب تكون عمليات الانضمام مبنية على مصالح مشتركة بين تلك الأقاليم".
وتابع "في حال تحولت البصرة إلى إقليم وانضمت إليها محافظة أخرى سيبقى مجلس محافظة البصرة ورئيسه لأنه مرتبط بالمركز لكن ستكون هناك حكومة ووزراء ورئيس حكومة ورئيس إقليم أي يتحول الإقليم إلى دولة مصغرة".
وأوضح عبد الله في حال تحولت البصرة إلى إقليم، فإن "99% من الخطوط الممتدة مع الحكومة المركزية ستقطع وستكون الإدارة بالكامل من داخل الإقليم والدستور العراقي يكفل لها هذا الحق، إضافة إلى القانون رقم 13 لسنة 2008 والذي ينظم عملية التحول من محافظة إلى إقليم وما بعدها، وفي الوقت ذاته تمنع تلك المواد والقوانين تحول هذا الإقليم إلى كونفدرالية أو دولة مستقلة، حيث تقول المادة 112 من الدستور النفط والغاز من اختصاص الحكومة المركزية".
ورحب النائب عن البصرة عبد السلام المالكي "بتصويت مجلس المحافظة على تفعيل ملف إقليم البصرة"، مهدداً "بـموقف صلب وردود أفعال كبيرة من أبناء المحافظة في حال وجود محاولات لإفشال خطوات تفعيل الملف".
وقال المالكي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "ما مضى به مجلس البصرة في التصويت بالأغلبية على تفعيل ملف إقليم المحافظة هي خطوة مهمة ونحن من الداعمين لها شعبياً وسياسياً كوننا نعتقد أن البصرة ظُلمت كثيراً وحذرنا مراراً وتكراراً من مخاطر هذا الظلم والتسويف للحقوق لكن دون استجابة من الحكومة الاتحادية".
وأضاف المالكي أن "البصرة عانت ما عانت رغم أنها تمثل رئة العراق الاقتصادية وتأملنا خيراً من الحكومة في معالجة الوضع فيها لكن دون جدوى، ما يجعلنا ملزمين بالدفاع عن حقوق جماهيرنا".
وتابع المالكي أن "أية محاولات أو ضغوط يمضي أي طرف للقيام بها لإفشال خطوات تفعيل ملف البصرة كما حصل بالمرات السابقة سيقابله موقف صلب من أبناء المحافظة وردود أفعال كبيرة بعد أن فاض الصبر وخابت الظنون بكل الوعود السابقة".
وكشف الخبير القانوني طارق حرب عن ان "قرار مجلس محافظة البصرة بتحويل المحافظة الى اقليم صعب التطبيق على ارض الواقع خصوصا وان المجلس قد انتهت فترة ولايته ويعمل وفقا للتمديد".
ودعا حرب في تصريح لـ "الوطن"، مجلس محافظة البصرة الى "التريث بهذا القرار الذي وصفه بالخطير لحين انتخاب مجلس محافظة جديد".
وأشار حرب إلى أن "مجلس محافظة البصرة عانى مالم يعانيه أي مجلس آخر في البلاد من خلال ضغط التظاهرات وما صاحبها من أحداث".
وأكد النائب عن محافظة البصرة بدر الزيادي أن "مشروع مجلس المحافظة باستمرار المطالبة لإقامة إقليم البصرة ولد ميتاً"، فيما أشار إلى أن "الوقت غير مناسب لتطبيقه".
وقال الزيادي لـ "الوطن"، إن "البصرة تعطي للعراق 80% من إيراداته وهي منكوبة نتيجة الإهمال من الحكومات الاتحادية ومشروع إقامة الإقليم الذي تقدم به مجلس البصرة حق مشروع وينسجم مع الدستور العراقي لكن هذا الوقت غير مناسب لاقامة الاقليم في البصرة"، مشيرا الى انه "كان يجب ان تمنح البصرة الأولوية لما تعانيه من أمراض وتحمل الغازات المنبعثة من الشركات النفطية".
واضاف الزيادي ان "إقامة الاقليم يحتاج إلى خبرات وآليات فالإقليم ليس على الورق ونقول نريد إقليماً فالإقليم هو عبارة عن منظومة متكاملة من الناحية التنظيمية والفنية والقيادات وعند توفرها يمكن إقامة الإقليم"، مبيناً أن "مشروع إقامة الاقليم ولد ميتاً والحكومة لن توافق على إقراره".
وقالت النائبة عن محافظة البصرة زهرة البجاري "نحن مع رغبة أبناء البصرة بإقامة الإقليم وهو يعد مطلباً جماهيرياً وقانونياً كفله الدستور".
وقالت البجاري في بيان صحافي تلقت الوطن نسخة منه ان "القرار الذي اتخذه مجلس محافظة البصرة بتفعيل قراره السابق بتحويل المحافظة الى اقليم هو قرار دستوري ومطلب جماهيري والذي يأتي بنتائج ايجابية يعود بالفائدة على المحافظة وابنائها بعد الابتعاد عن الروتين والمركزية المقيتة".
واشارت الى انه "سبق وان قدم مجلس المحافظة في عام 2008 طلبا الى مفوضية الانتخابات لأجراء استفتاء على اقامة اقليم البصرة الا انها باءت بالفشل بعد أن تعذر الحصول على 10% من أصوات الناخبين".
واضافت البجاري "ليس هناك وقت مناسب او غير مناسب لاتخاذ مثل هكذا خطوة او قرار وانما الظروف السياسية وتنفيذ مطالب الجماهير هي التي تقرر ذلك بشأن تحويل المحافظة الى اقليم البصرة لأنصافها والتخلص من الحيف والظلم الذي لحق بها وباهلها".
وشكك المراقب السياسي محمد العجيلي في "إمكانية تنفيذ المشروع لاعتبارات سياسية داخلية وحتى خارجية".
وقال العجيلي لـ "الوطن"، إن "تحول البصرة إلى إقليم سيفتح شهية محافظات أخرى سبق لها أن طالبت بذلك كالموصل والأنبار وكركوك ما يعني إضعاف مركزية بغداد".
واضاف أن "احتواء البصرة على أكثر من ثلث نفط العراق يشكل بحد ذاته عائقاً أمام الخطوة معتبراً أن منح الحقوق وتوفير الخدمات يغني الناس عن التفكير بمشاريع قد تكون ثورية في كثير من الأحيان مثل مطلب التحول لإقليم".
{{ article.visit_count }}
أثار تصويت مجلس محافظة البصرة جنوب العراق لصالح تحويلها إلى إقليم مستقل إدارياً عن الحكومة الاتحادية في بغداد جدلاً سياسياً واسعاً في العراق، حيث اعتبر البعض أن هذا التصويت دستوري ولا غبار عليه لكن مجلس المحافظة منتهي الصلاحية ولا يحق له التصويت على مثل هكذا قرار فيما عد البعض الآخر أن هذا القرار سيزيد من تمزق العراق وسيفاقم الخلاف بين المحافظات على اعتبار أن البصرة هي من أكبر المحافظات العراقية المنتجة للنفط.
وصوت مجلس محافظة البصرة بالأغلبية خلال جلسة استثنائية عقدها الاثنين على المضي بإجراءات تحويل المحافظة إلى إقليم، وقرر تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ خطوات تأسيس الإقليم من الناحية القانونية.
وقال المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي حسين عبد الله لـ "الوطن"، إن الدستور العراقي في مواده 116، 118، 119، 120، 121 يقر تحويل المحافظات إلى أقاليم إدارية لا مستقلة ولا سياسية ولا أقاليم كونفدرالية وهو ما يطالب به مجلس محافظة البصرة اليوم ويجمع التوقيعات وفق الخطوات التي حددها الدستور.
واضاف عبد الله أن "تحول المحافظة إلى إقليم يكون في نفس حدودها الإدارية ويحق فيما بعد أن تنضم لها محافظات أخرى تحت نفس المسمى حتى وإن كانت غير مجاورة لها ويكون لهذا الإقليم رئيس واحد دون النظر إلى التقسيم الإداري وفي الغالب تكون عمليات الانضمام مبنية على مصالح مشتركة بين تلك الأقاليم".
وتابع "في حال تحولت البصرة إلى إقليم وانضمت إليها محافظة أخرى سيبقى مجلس محافظة البصرة ورئيسه لأنه مرتبط بالمركز لكن ستكون هناك حكومة ووزراء ورئيس حكومة ورئيس إقليم أي يتحول الإقليم إلى دولة مصغرة".
وأوضح عبد الله في حال تحولت البصرة إلى إقليم، فإن "99% من الخطوط الممتدة مع الحكومة المركزية ستقطع وستكون الإدارة بالكامل من داخل الإقليم والدستور العراقي يكفل لها هذا الحق، إضافة إلى القانون رقم 13 لسنة 2008 والذي ينظم عملية التحول من محافظة إلى إقليم وما بعدها، وفي الوقت ذاته تمنع تلك المواد والقوانين تحول هذا الإقليم إلى كونفدرالية أو دولة مستقلة، حيث تقول المادة 112 من الدستور النفط والغاز من اختصاص الحكومة المركزية".
ورحب النائب عن البصرة عبد السلام المالكي "بتصويت مجلس المحافظة على تفعيل ملف إقليم البصرة"، مهدداً "بـموقف صلب وردود أفعال كبيرة من أبناء المحافظة في حال وجود محاولات لإفشال خطوات تفعيل الملف".
وقال المالكي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "ما مضى به مجلس البصرة في التصويت بالأغلبية على تفعيل ملف إقليم المحافظة هي خطوة مهمة ونحن من الداعمين لها شعبياً وسياسياً كوننا نعتقد أن البصرة ظُلمت كثيراً وحذرنا مراراً وتكراراً من مخاطر هذا الظلم والتسويف للحقوق لكن دون استجابة من الحكومة الاتحادية".
وأضاف المالكي أن "البصرة عانت ما عانت رغم أنها تمثل رئة العراق الاقتصادية وتأملنا خيراً من الحكومة في معالجة الوضع فيها لكن دون جدوى، ما يجعلنا ملزمين بالدفاع عن حقوق جماهيرنا".
وتابع المالكي أن "أية محاولات أو ضغوط يمضي أي طرف للقيام بها لإفشال خطوات تفعيل ملف البصرة كما حصل بالمرات السابقة سيقابله موقف صلب من أبناء المحافظة وردود أفعال كبيرة بعد أن فاض الصبر وخابت الظنون بكل الوعود السابقة".
وكشف الخبير القانوني طارق حرب عن ان "قرار مجلس محافظة البصرة بتحويل المحافظة الى اقليم صعب التطبيق على ارض الواقع خصوصا وان المجلس قد انتهت فترة ولايته ويعمل وفقا للتمديد".
ودعا حرب في تصريح لـ "الوطن"، مجلس محافظة البصرة الى "التريث بهذا القرار الذي وصفه بالخطير لحين انتخاب مجلس محافظة جديد".
وأشار حرب إلى أن "مجلس محافظة البصرة عانى مالم يعانيه أي مجلس آخر في البلاد من خلال ضغط التظاهرات وما صاحبها من أحداث".
وأكد النائب عن محافظة البصرة بدر الزيادي أن "مشروع مجلس المحافظة باستمرار المطالبة لإقامة إقليم البصرة ولد ميتاً"، فيما أشار إلى أن "الوقت غير مناسب لتطبيقه".
وقال الزيادي لـ "الوطن"، إن "البصرة تعطي للعراق 80% من إيراداته وهي منكوبة نتيجة الإهمال من الحكومات الاتحادية ومشروع إقامة الإقليم الذي تقدم به مجلس البصرة حق مشروع وينسجم مع الدستور العراقي لكن هذا الوقت غير مناسب لاقامة الاقليم في البصرة"، مشيرا الى انه "كان يجب ان تمنح البصرة الأولوية لما تعانيه من أمراض وتحمل الغازات المنبعثة من الشركات النفطية".
واضاف الزيادي ان "إقامة الاقليم يحتاج إلى خبرات وآليات فالإقليم ليس على الورق ونقول نريد إقليماً فالإقليم هو عبارة عن منظومة متكاملة من الناحية التنظيمية والفنية والقيادات وعند توفرها يمكن إقامة الإقليم"، مبيناً أن "مشروع إقامة الاقليم ولد ميتاً والحكومة لن توافق على إقراره".
وقالت النائبة عن محافظة البصرة زهرة البجاري "نحن مع رغبة أبناء البصرة بإقامة الإقليم وهو يعد مطلباً جماهيرياً وقانونياً كفله الدستور".
وقالت البجاري في بيان صحافي تلقت الوطن نسخة منه ان "القرار الذي اتخذه مجلس محافظة البصرة بتفعيل قراره السابق بتحويل المحافظة الى اقليم هو قرار دستوري ومطلب جماهيري والذي يأتي بنتائج ايجابية يعود بالفائدة على المحافظة وابنائها بعد الابتعاد عن الروتين والمركزية المقيتة".
واشارت الى انه "سبق وان قدم مجلس المحافظة في عام 2008 طلبا الى مفوضية الانتخابات لأجراء استفتاء على اقامة اقليم البصرة الا انها باءت بالفشل بعد أن تعذر الحصول على 10% من أصوات الناخبين".
واضافت البجاري "ليس هناك وقت مناسب او غير مناسب لاتخاذ مثل هكذا خطوة او قرار وانما الظروف السياسية وتنفيذ مطالب الجماهير هي التي تقرر ذلك بشأن تحويل المحافظة الى اقليم البصرة لأنصافها والتخلص من الحيف والظلم الذي لحق بها وباهلها".
وشكك المراقب السياسي محمد العجيلي في "إمكانية تنفيذ المشروع لاعتبارات سياسية داخلية وحتى خارجية".
وقال العجيلي لـ "الوطن"، إن "تحول البصرة إلى إقليم سيفتح شهية محافظات أخرى سبق لها أن طالبت بذلك كالموصل والأنبار وكركوك ما يعني إضعاف مركزية بغداد".
واضاف أن "احتواء البصرة على أكثر من ثلث نفط العراق يشكل بحد ذاته عائقاً أمام الخطوة معتبراً أن منح الحقوق وتوفير الخدمات يغني الناس عن التفكير بمشاريع قد تكون ثورية في كثير من الأحيان مثل مطلب التحول لإقليم".