تونس - منال المبروك

استفاق التونسيون، صباح السبت، على فاجعة جديدة بوفاة 12 عاملة زراعة وجرح 20 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في حادث سير خطير في منطقة السبالة بمحافظة سيدي بوزيد، وسط غرب تونس.

وفي الساعات الأولى لصباح السبت استقلت العاملات بالقطاع الزراعي شاحنة في ظروف غير مؤمنة للتنقل إلى إحدى الضيعات بحثاً عن قوتهن إلا أن حادث اصطدام الشاحنة التي كانت تقلهن أنهت أعمار 12 امرأة وأحالت 20 على المستشفيات، وفقا لحصيلة مرشحة للارتفاع.

وشكل مشهد النساء المتناثرات على إسفلت منطقة المنطقة الفلاحية بمحافظة سيدي بوزيد، صدمة للتونسيين الذين عبروا عن غضبهم الشديد من مواصلة اهدار الحقوق الاجتماعية والمادية لعاملات الزراعة اللاتي يؤمن قوت التونسيين.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات الحرس الوطني في تونس، العقيد حسام الدين الجبابلي إن "الحادث خلف وفاة 13 شخصاً وهن 12 عاملة وسائق الشاحنة وذلك على إثر حادث اصطدام مروع لشاحنة تقل عاملات في الفلاحة بشاحنة أخرى مخصصة لنقل الدجاج".

ووصف المسؤول حادث المرور بـ"المروع جداً"، والذي سقط خلاله أكثر من 30 شخصا يعملون في المجال الفلاحي بين قتلى ومصابين، وسخرت له 7 سيارات إسعاف طبية وسيارات الحماية المدنية لنقل الضحايا والمصابين لتلقي العلاج.

ودعا عضو منتدى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، رمضان بن عمر، الحكومة التونسية إلى "تحمل مسؤوليتها كاملة، والبحث والتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة من خلال تتبع مخالفي القانون الذين يواصلون نقل عاملات الفلاحة في وسائل نقل غير مخصصة للغرض".

وقال المنتدى في بيان له إن "الحكومة مطالبة بإلزام جميع الأطراف والمشغلين باحترام العلاقات الشغلية التي يكفلها الدستور، وضمان حق الشغل والأجر اللائق والحماية والتغطية الاجتماعية التي يفرضها القانون التونسي والمواثيق الدولية للشغل ولحقوق الإنسان".

ولا تعد وفاة عاملات الزراعة في حوادث مرور جراء ظروف نقلهم في شاحنات غير مؤمنة هي الأولى من نوعها حيث شهدت السنوات الأخيرة حوادث مشابهة وبحصيلة أموات وجرحى مرتفعة، فيما تغيب البيانات الرسمية عن عدد الوفيات السنوية للنساء الناشطات في القطاع الزراعي في حوادث الشغل.

وفي تصريح لـ"الوطن"، قال رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مسعود الرمضاني، إن "النساء العاملات في القطاع الزراعي يتعرضن للاستغلال وتنتهك حقوقهم الشغلية بالرغم من وجود قوانين تحميهم".

وأضاف أن "عدد الوفيات في حوادث مماثلة بلغ ما يناهز 35 وفاة وقرابة 500 إصابة في صفوف نساء عاملات في القطاع الفلاحي، بسبب ظروف النقل غير الآمن خلال السنوات الأربع الأخيرة، أي بمعدل 8 إلى 9 وفيات سنوياً جراء الحوادث".

ودعا إلى "وضع خطة شاملة لوقف جميع مظاهر التشغيل الهش للنساء في القطاع الزراعي، والالتفات أكثر إلى هذه الفئة المهمشة والهشة في الاقتصاد الوطني".

وتعمل قرابة نصف مليون امرأة في القطاع الفلاحي في تونس من بينهن أكثر من 450 ألف امرأة يعملن في المستغلات الفلاحية الصغرى، وفق إحصائيات وزارة التكوين المهني والتشغيل.

وتمتد ساعات العمل في القطاع الفلاحي من الساعة الرابعة والنصف صباحاً إلى حدود الخامسة مساء، وهي فترة تتجاوز مدة العمل المسموح بها في القانون الذي ينص على تسع ساعات يوميا كما جاء في مواد قانون الشغل التي تؤكد على أن عدد ساعات العمل بالمؤسسات الفلاحية محدد بـ 2700 ساعة عمل في السنة باعتبار ثلاثمائة يوم عمل وتقر بحق العامل في راحة أسبوعية، وساعات إضافية.

وتقر وزارة شؤون المرأة بالظروف الصعبة وغير اللائقة التي تواجهها النساء العاملات في القطاع الفلاحي ولاسيما ظروف النقل غير المحمي وما ينجر عنها من حوادث سير متواترة وخطيرة وقاتلة في معظم الحالات، وبما تخلفه هذه الحوادث التي يذهب ضحيتها، حسب الوزارة، أمهات ونساء من مختلف الفئات العمرية، من آثار سلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لأسر الضحايا.

وتفيد دراسة لوزارة المرأة والأسرة والطفولة أعلنت نتائجها خلال أغسطس 2016، بأن 1. 3% من العاملات في الأرياف ضحايا حوادث شغل وأن 21.4% معرضات لمخاطر حوادث الشغل خاصة وأن 62.3 % يعملن في ظروف صعبة و18.8% يعملن في ظروف صعبة جداً.