دبي - (العربية نت): "يا أصحاب المصارف في لبنان، إن لم تتعاونوا في معالجة الوضع الاقتصادي فحتى رؤوس أموالكم لن ترجع لكم!".. بلغة القرار والإلزام، وإن كان عكس ما ادعى، رفع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله سقف التحدي عاليا في مواجهة البنوك اللبنانية، فحدث ما كان في الحسبان والهدف "بسط اليد على القرار الاقتصادي في البلاد".
حمل نصر الله، كلامه بنبرة صارمة واضعا البنوك أمام خيار لا بديل له، "إن لم تتحمل البنوك جزءا من المسؤولية في الموازنة، وهو حقٌ مستحق، إذا نعم الدولة والحكومة ومجلس النواب سيكون لهم تصرف حيال هذا الموضوع".
المفارقة هنا أن تصريحات نصرالله أعادت إلى الأذهان زلة لسان وزير مالية لبنان، وبدأت تطرح تساؤلات حقيقية حول رغبة حزب الله في التوجه نحو إعادة هيكلة جبرية للدين العام وهو ما يعرف بـ"قص الشعر" أو "HAIR CUT"، أي أنه يمكن للدولة اتخاذ قرار بدفع ثلث قيمة سندات دينها، تاركة للمصارف تدبر أمرها مع الزبائن الذين استخدمت أموالهم لتقرض الدولة، وهو ما سيوقع المصارف بورطة كبيرة، خصوصا أن 89% من الدين العام محمول من قبل المؤسسات اللبنانية من بنوك تجارية ومصرف لبنان وصندوق الضمان الاجتماعي وشركات التأمين.
هذه الحملة الممنهجة ضد البنوك استدعت استنفار مصرف لبنان المركزي ، حيث أعلنت نقابة موظفي مصرف لبنان إضرابا مفتوحا، بعدما وصلت لهم معلومات حول إجراءات مرتقبة لتخفيض رواتبهم والمس بتعويضاتهم وصولا إلى وضع مصرف لبنان تحت وصاية "وزارة المالية"، الحقبة الوزارية المحسوبة على حركة أمل، حليف حزب الله!
فما لبث أن بدأت حركة مكوكية للمصرفيين وموجة غموض اكتنفت أروقة الحكومة اللبنانية، استهلت بزيارة رئيس جمعية المصارف اللبنانية جوزيف طربيه لرئيس الجمهورية وبيان "نافٍ" لوزير المالية علي حسن خليل لوجود أي نية لتغيير العلاقة القانونية بين "المركزي" و"المالية".
ترى مصادر مطلعة أن التطورات الدراماتيكية التي تشهدها الساحة اللبنانية ووضع العصا في الدواليب، قد نجحت في "تجميد" ملف الموازنة، لاسيما أن استمرار إقفال المركزي أبوابه يعني عمليا تأثر: حركة الشيكات، المقاصة، التحويلات من الليرة إلى الدولار والعكس، تمويل التجارة الخارجية، التحويلات من وإلى الخارج.. فهل المطلوب عزل لبنان عن العالم الخارجي؟
ويشير المرجع المصرفي رفيع المستوى لـ"العربية.نت" أنه قد تعلن نقابة موظفي مصرف لبنان وقف الإضراب العام غدا، "إذ إن الرسالة قد وصلت بعد صدور بيان وزير المالية، ثم إنه من غير الوارد عزل النظام المصرفي اللبناني عن الخارج".
في الواقع، بدأت "الحملة التشويهية" لصورة البنوك في يونيو 2016، حيث وصف مسؤولو حزب الله المصارف اللبنانية آنذاك "بالمتواطئة" للنيل من المقاومة وجمهورها، مشككين في مواقف الحاكم رياض سلامة "الملتبسة والمريبة"، على حد وصفهم.
فجاء التفجير الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في 12 يونيو 2016 ليوجه رسالة واضحة إلى الحاكم، وسياسته "الحكيمة" نظراً للقيود المشددة التي يفرضها المصرف المركزي في لبنان على شركات تحويل الأموال عبر تطبيق المعايير الدولية المتبعة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بعدما زاد الخناق على حزب الله تزامناً مع إغلاق حسابات مصرفية لمسؤولي الحزب مشبوهة بتورطها بأعمال غير قانونية.
تقول المصادر إنه لا يمكن عزل ما يحدث اليوم عن ملف تشديد العقوبات الأمريكية على إيران وحلفائها في المنطقة، لاسيما أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة في بيروت كانت حاسمة: "نجاح لبنان يعتمد على مطالبة الشعب اللبناني بألا تسيطر منظمة إرهابية على حكومته وألا تقود السياسات وتسبب خطرا لبلدهم أيضا".
ما استدعى ردا من حزب الله، ولو أتى متأنيا غير أنه جاء باتاً، " إذا كنتم تريدون استقرار لبنان، ولكن ليس على حسابنا".
انطلاقا من نظرة الأمريكيين لاستقرار لبنان بالاستناد إلى أمرين: القطاع المصرفي والجيش اللبناني، تقول المصادر.
ومن يمعن التدقيق في حديث نصر الله الأخير يلحظ الهجوم العنيف على بومبيو قبل البدء بشرح موقفه من الموازنة ووصفه بالمخادع، قائلا: "الويل لمن يثق بالأمريكيين لحل مشاكلنا الداخلية".
لذا فإن سيناريو الحزب والضغوط التي تمارس على المصارف، وإن كانت في ظاهرها تهدف لخدمة الاقتصاد اللبناني وانتشاله من أزمته عبر إشراكها في الاكتتاب بسندات خزينة بفائدة 1% أو برفع الضريبة على فوائد الودائع، غير أنها في باطنها تهدف إلى ليّ ذراع البنوك وحصرها بين خيارين لا بديل عنهما: إمّا تليين العقوبات التي تستهدف حزب الله بعد الخانقة المالية التي يشهدها وتجفيف منابع تمويله أو تحميلها مسؤولية فشل إقرار الموازنة.
ترى المصادر أنه قبل الحديث عن مساهمة البنوك والدور الذي ستضطلع به في الموازنة، لا بد من الإشارة إلى أن المصارف تدفع ضريبة دخل بنسبة 40% على أرباحها بينما هي 17% على كافة القطاعات الأخرى.
ثانيا، المصارف تقوم أصلا بواجباتها تجاه الدولة، حيث إن 60% من مداخيل الضريبة على الأرباح إلى الخزينة تأتي من المصارف.
كما أن البنوك تساهم بـ33% من دخل الخزينة من الضرائب على الأموال المنقولة، و20% من الضريبة على الرواتب والأجور في كل الاقتصاد اللبناني.
هذا غير سندات الخزينة بالليرة اللبنانية وسندات اليوروبندز التي تحملها المصارف بـ33 مليار دولار، دون أن ننسى أنه من خلال اكتتاب المصارف بسندات الخزينة توفر على الدولة كلفة أعلى لخدمة الدين بالفوائد الحالية، لذا فهي أصلا تساهم في لجم النفقات، تختم المصادر.
حمل نصر الله، كلامه بنبرة صارمة واضعا البنوك أمام خيار لا بديل له، "إن لم تتحمل البنوك جزءا من المسؤولية في الموازنة، وهو حقٌ مستحق، إذا نعم الدولة والحكومة ومجلس النواب سيكون لهم تصرف حيال هذا الموضوع".
المفارقة هنا أن تصريحات نصرالله أعادت إلى الأذهان زلة لسان وزير مالية لبنان، وبدأت تطرح تساؤلات حقيقية حول رغبة حزب الله في التوجه نحو إعادة هيكلة جبرية للدين العام وهو ما يعرف بـ"قص الشعر" أو "HAIR CUT"، أي أنه يمكن للدولة اتخاذ قرار بدفع ثلث قيمة سندات دينها، تاركة للمصارف تدبر أمرها مع الزبائن الذين استخدمت أموالهم لتقرض الدولة، وهو ما سيوقع المصارف بورطة كبيرة، خصوصا أن 89% من الدين العام محمول من قبل المؤسسات اللبنانية من بنوك تجارية ومصرف لبنان وصندوق الضمان الاجتماعي وشركات التأمين.
هذه الحملة الممنهجة ضد البنوك استدعت استنفار مصرف لبنان المركزي ، حيث أعلنت نقابة موظفي مصرف لبنان إضرابا مفتوحا، بعدما وصلت لهم معلومات حول إجراءات مرتقبة لتخفيض رواتبهم والمس بتعويضاتهم وصولا إلى وضع مصرف لبنان تحت وصاية "وزارة المالية"، الحقبة الوزارية المحسوبة على حركة أمل، حليف حزب الله!
فما لبث أن بدأت حركة مكوكية للمصرفيين وموجة غموض اكتنفت أروقة الحكومة اللبنانية، استهلت بزيارة رئيس جمعية المصارف اللبنانية جوزيف طربيه لرئيس الجمهورية وبيان "نافٍ" لوزير المالية علي حسن خليل لوجود أي نية لتغيير العلاقة القانونية بين "المركزي" و"المالية".
ترى مصادر مطلعة أن التطورات الدراماتيكية التي تشهدها الساحة اللبنانية ووضع العصا في الدواليب، قد نجحت في "تجميد" ملف الموازنة، لاسيما أن استمرار إقفال المركزي أبوابه يعني عمليا تأثر: حركة الشيكات، المقاصة، التحويلات من الليرة إلى الدولار والعكس، تمويل التجارة الخارجية، التحويلات من وإلى الخارج.. فهل المطلوب عزل لبنان عن العالم الخارجي؟
ويشير المرجع المصرفي رفيع المستوى لـ"العربية.نت" أنه قد تعلن نقابة موظفي مصرف لبنان وقف الإضراب العام غدا، "إذ إن الرسالة قد وصلت بعد صدور بيان وزير المالية، ثم إنه من غير الوارد عزل النظام المصرفي اللبناني عن الخارج".
في الواقع، بدأت "الحملة التشويهية" لصورة البنوك في يونيو 2016، حيث وصف مسؤولو حزب الله المصارف اللبنانية آنذاك "بالمتواطئة" للنيل من المقاومة وجمهورها، مشككين في مواقف الحاكم رياض سلامة "الملتبسة والمريبة"، على حد وصفهم.
فجاء التفجير الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في 12 يونيو 2016 ليوجه رسالة واضحة إلى الحاكم، وسياسته "الحكيمة" نظراً للقيود المشددة التي يفرضها المصرف المركزي في لبنان على شركات تحويل الأموال عبر تطبيق المعايير الدولية المتبعة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بعدما زاد الخناق على حزب الله تزامناً مع إغلاق حسابات مصرفية لمسؤولي الحزب مشبوهة بتورطها بأعمال غير قانونية.
تقول المصادر إنه لا يمكن عزل ما يحدث اليوم عن ملف تشديد العقوبات الأمريكية على إيران وحلفائها في المنطقة، لاسيما أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة في بيروت كانت حاسمة: "نجاح لبنان يعتمد على مطالبة الشعب اللبناني بألا تسيطر منظمة إرهابية على حكومته وألا تقود السياسات وتسبب خطرا لبلدهم أيضا".
ما استدعى ردا من حزب الله، ولو أتى متأنيا غير أنه جاء باتاً، " إذا كنتم تريدون استقرار لبنان، ولكن ليس على حسابنا".
انطلاقا من نظرة الأمريكيين لاستقرار لبنان بالاستناد إلى أمرين: القطاع المصرفي والجيش اللبناني، تقول المصادر.
ومن يمعن التدقيق في حديث نصر الله الأخير يلحظ الهجوم العنيف على بومبيو قبل البدء بشرح موقفه من الموازنة ووصفه بالمخادع، قائلا: "الويل لمن يثق بالأمريكيين لحل مشاكلنا الداخلية".
لذا فإن سيناريو الحزب والضغوط التي تمارس على المصارف، وإن كانت في ظاهرها تهدف لخدمة الاقتصاد اللبناني وانتشاله من أزمته عبر إشراكها في الاكتتاب بسندات خزينة بفائدة 1% أو برفع الضريبة على فوائد الودائع، غير أنها في باطنها تهدف إلى ليّ ذراع البنوك وحصرها بين خيارين لا بديل عنهما: إمّا تليين العقوبات التي تستهدف حزب الله بعد الخانقة المالية التي يشهدها وتجفيف منابع تمويله أو تحميلها مسؤولية فشل إقرار الموازنة.
ترى المصادر أنه قبل الحديث عن مساهمة البنوك والدور الذي ستضطلع به في الموازنة، لا بد من الإشارة إلى أن المصارف تدفع ضريبة دخل بنسبة 40% على أرباحها بينما هي 17% على كافة القطاعات الأخرى.
ثانيا، المصارف تقوم أصلا بواجباتها تجاه الدولة، حيث إن 60% من مداخيل الضريبة على الأرباح إلى الخزينة تأتي من المصارف.
كما أن البنوك تساهم بـ33% من دخل الخزينة من الضرائب على الأموال المنقولة، و20% من الضريبة على الرواتب والأجور في كل الاقتصاد اللبناني.
هذا غير سندات الخزينة بالليرة اللبنانية وسندات اليوروبندز التي تحملها المصارف بـ33 مليار دولار، دون أن ننسى أنه من خلال اكتتاب المصارف بسندات الخزينة توفر على الدولة كلفة أعلى لخدمة الدين بالفوائد الحالية، لذا فهي أصلا تساهم في لجم النفقات، تختم المصادر.