بيروت - بديع قرحاني، (وكالات)
توفي بطريرك الكنيسة المارونية السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 99 عاماً.
وأعلن المكتب الإعلامي للكنيسة أن "الكنيسة المارونية في يتم ولبنان في حزن".
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء في لبنان الحداد الرسمي لرحيل البطريرك صفير الأربعاء والخميس والتوقف عن العمل في جميع الإدارات يوم الدفن.
وقد صدر عن رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري بعد اعلن وفاة البطريرك صفير ما يلي، "البطريرك مار نصرالله بطرس صفير يترك صفحة مشرقة في تاريخ لبنان، سوف تبقى حية في ضمائر الذين عرفوه وعاصروه، وهداية للأجيال التي ستقرأ تاريخ لبنان الحديث".
فالراحل الكبير جسد بشخصه وبعمله إرثا للقيم الروحية والوطنية، في مرحلة صعبة من تاريخ لبنان ارتفع معها بالصلابة والقدوة والثبات والشجاعة إلى مرتبة الرمز الوطني، الذي أسهم بكل تأكيد بتحويل مجرى الأحداث، ونقل لبنان من حالة إلى حال.
فهو حضر سنوات الحروب بعد انتخابه عام 1986، ورافق مساعي السلام والتهدئة، وانتقال لبنان إلى السلام بعد الصراعات الدامية والمدمرة. وليس له من وسائل سوى رفع شأن كلمة الحق، ومن زاد سوى العمق الروحي والوفاء لثوابت لبنان، التي كانت البطريركية المارونية من بين اشد المؤتمنين عليها تاريخيا. ولذا فإن ما شاهده وعرفه وخبره من أحداث على الصعيد الوطني، وما واجهه من معارضات وانتقادات، لم تزده إلا إيمانا برسالته المزدوجة الروحية واللبنانية. فما خفت صوته مرة في نصرة ما كان يؤمن به، فارتفع دائما بالرفض وإدانة الممارسات التي شهدت محطات تاريخية في مسيرته. من نداء مجلس المطارنة الموارنة في أيلول عام2000 إلى مصالحة الجبل عام 2001، إلى لقاءاته مع كبار مقرري العالم شرقا وغربا، مدعوما بقوة من الفاتيكان ومن العواصم الكبرى.
وشاءت الأقدار أن تصنع اللقاء التاريخي بينه وبين والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اللقاء على القضية الوطنية الواحدة في سبيل الشاغل الواحد، وهو الاستقلال والسيادة الكاملة داخليا وخارجيا وحرية القرار.
وكأنه كتب لهذين الرجلين الكبيرين، أن يلتقيا في الموعد التاريخي الفاصل، بالإيمان الوطني الواحد، والتطلع الواحد، واليد الواحدة. وقد أدرك كلاهما أن تعاونهما المشترك هو المنطلق الصلب لإعادة إحضار لبنان إلى مكانته الطبيعية كوطن حر سيد مستقل، يؤدي دوره الريادي في منطقته العربية والعالم.
إني باسمي الشخصي وباسم عائلتي والحكومة أتقدم من الكنيسة المارونية وغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومن اللبنانيين جميعا بأحر التعازي راجيا أن تبقى صورة البطريرك صفير قدوة للعاملين المخلصين للوطن".
بدوره، نعى سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان، د. وليد بن عبدالله بخاري، الكاردينال نصرالله بطرس صفير الذي وافاه الأجل عن عمر يناهز 99 عاماً، إثر وعكة صحية ألمت به .
وأعرب بخاري في بيان "عن بالغ التّعازي وصادق المواساة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الرّاعي وللكنيسة المارونية ومجلس الأساقفة الكاثوليك، وللبنان وشعبه الشقيق، سائلا ً المولى عز وجل أن يُلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان".
واعتبر بخاري "أن لبنان خسر اليوم أحد رجاله الوطنيين الكبار، الذي لعب دورًا وطنيًا هامًا حرص من خلاله على وحدة لبنان واستقراره ولحمة أبنائه".
كما نعى سفير الإمارات حمد الشامسي البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير الذي وافته المنية بعد وعكة صحية ألمت به.
وقال الشامسي "بغياب البطريرك صفير يفقد لبنان قامة وطنية وعروبية استثنائية، حيث لعب دورا محوريا في ترسيخ السلام والتسامح، فكان رجل الانفتاح والمواقف الجريئة حيث كرس حياته في سبيل تعزيز العيش المشترك بين اللبنانيين ودعم استقرار لبنان وسيادته".
وقدم الشامسي خالص التعازي إلى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والكنيسة المارونية ولجميع محبي الراحل وللبنان قيادة وحكومة وشعبا.
وولد البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير في عام 1920 وهي السنة التي أعلن فيها الجنرال الفرنسي غورو قيام دولة لبنان الكبير بحدودها الحالية.
لكن الدور الأساسي الذي لعبه البطريرك كان في تاريخ لبنان اللاحق، لا سيما في الفترة الأخيرة للحرب اللبنانية وما تلاها من أحداث لاتزال البلاد تعيش في ظل تداعياتها.
فقد انتخب صفير بطريركا للكنيسة المارونية في عام 1986، في السنوات الأخيرة للحرب التي شهدت معارك بين الأطراف المسيحية وشهدت ما سُمّي بحرب التحرير التي أطلقها قائد الجيش آنذاك، الجنرال ميشال عون ضد الجيش السوري وانتهت بأن غادر إلى منفاه الاختياري لسنوات طويلة.
دعم البطريرك صفير اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب في لبنان في عام 1989.
كما شهدت مرحلة ما بعد الطائف مباشرة ما سمّي بفترة الإحباط المسيحي في ظل غياب أو سجن أو تهميش قيادات مسيحية ذات ثقل تمثيلي في البلاد. فتحوّل مقر البطريرك الماروني، في بكركي، إلى أحد المنابر القليلة لأصوات المعارضين للنظام الذي قام آنذاك، وضد ما كان يعتبره البعض إجحافاً في التمثيل الحقيقي للمسيحيين.
غير أن الدور الأبرز للبطريرك صفير جاء مباشرة عقب الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2000 عندما أطلق مجلس المطارنة الموارنة برئاسته، في سبتمبر من العام نفسه٬ نداء طالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان، وباستعادة لبنان لسيادته.
وقد اعتُبر هذا البيان الشرارة الأولى لانطلاق الدعوات للخروج السوري من لبنان وهو ما تحقق في ما بعد، إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
بالرغم من أن بعض مواقف البطريرك سببت جدلاً وحتى انقساماً على الساحة المسيحية واللبنانية، إلا أن المرحلة التي ترأس فيها الكنيسة المارونية تندرج في إطار السياق التاريخي للكنيسة المارونية ولدورها، في حقبات عدة من تاريخ لبنان.
مع رحيل البطريرك صفير سيستعيد كثيرون عدة مراحل ومحطات سياسية بالغة الأهمية، لا يحكي الكثير عنها في الخطاب السياسي الحالي، ربما لأن معظم رجالاتها مازالوا في الحكم اليوم. هؤلاء دوّن البطريرك الراحل بالتفصيل كل لقاءاته معهم ومع غيرهم في مذكرات تُنشر تباعاً وتذّكر بأن أي سرد لتاريخ لبنان الحديث لا بد أن يكون للبطريرك صفير حيز كبير فيه.
وقد عايش البطريرك صفير معظم المراحل الصعبة التي عصفت بلبنان، وكانت له مواقف لم ينساها معظم اللبنانيين، منها مصالحة الجبل بين الدروز والموارنة إضافة إلى دعم دعمه الكامل لحرية وسيادة لبنان، كما اشتهر بمواقفه تجاه سلاح "حزب الله" الذي لطالما اعتبره سلاحا في خدمة الغير، وكان له موقف وطني كبير حيث فتح الصرح البطريركي لتقبل التعازي في استشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية الأسبق الشيخ حسن خالد، وقد وصفه السفير السعودي في لبنان بصديق المملكة العربية السعودية وبالقامة الوطنية والعربية، وقد أعرب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون عن حزنه الشديد لوفاة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، داعياً اللبنانيين كافة، وخصوصا أبناء الطائفة المارونية، إلى رفع الصلاة عن روحه، تعبيراً عن تقديرهم لمكانة الراحل الروحية، والإنسانية، والوطنية.
وقال الرئيس عون "بغياب البطريرك صفير الذي عايش لبنان على مدى قرن كامل قضى خلاله أكثر من 70 عاماً في الكهنوت، تفقد الكنيسة المارونية واحداً من أبرز بطاركتها ورعاتها، كانت له بصمات مشرقة في الكنيسة، مدبراً لشؤونها، ومحافظاً على تقاليدها وتراثها التاريخي، ومجدداً رتبها الطقسية، وساهراً على حاجات أبنائها".
واضاف رئيس الجمهورية، "ستفتقد الساحة الوطنية بفقدان البطريرك الكاردينال صفير، رجلاً عقلانياً وصلباً في مواقفه الوطنية، ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، في أعتى المراحل والظروف. ولا شك أن اندفاعه في تحقيق مصالحة الجبل، كان من صلب إيمانه بميثاقية العيش المشترك، وضرورة تصفية نفوس اللبنانيين من رواسب الماضي، وتمتين أواصر الشراكة الوطنية".
واعتبر الرئيس عون أن "البطريرك صفير سيبقى معلماً بارزاً في ضمير الوطن، وواحداً من رجالات لبنان الكبار على مر التاريخ، داعياً إلى استلهام عظاته الغزيرة، ومواقفه السياسية، وروحانيته، تخليداً لذكراه، وحفاظاً على مكانته في وجدان الأجيال الطالعة".
وقال، "أسأل الله تعالى أن يرحم غبطة البطريرك صفير الذي رحل عنا اليوم إلى دنيا الحق، ويسكنه في مساكنه الأبدية، ويجعل ذكراه طيبة على مدى الأجيال".
توفي بطريرك الكنيسة المارونية السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 99 عاماً.
وأعلن المكتب الإعلامي للكنيسة أن "الكنيسة المارونية في يتم ولبنان في حزن".
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء في لبنان الحداد الرسمي لرحيل البطريرك صفير الأربعاء والخميس والتوقف عن العمل في جميع الإدارات يوم الدفن.
وقد صدر عن رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري بعد اعلن وفاة البطريرك صفير ما يلي، "البطريرك مار نصرالله بطرس صفير يترك صفحة مشرقة في تاريخ لبنان، سوف تبقى حية في ضمائر الذين عرفوه وعاصروه، وهداية للأجيال التي ستقرأ تاريخ لبنان الحديث".
فالراحل الكبير جسد بشخصه وبعمله إرثا للقيم الروحية والوطنية، في مرحلة صعبة من تاريخ لبنان ارتفع معها بالصلابة والقدوة والثبات والشجاعة إلى مرتبة الرمز الوطني، الذي أسهم بكل تأكيد بتحويل مجرى الأحداث، ونقل لبنان من حالة إلى حال.
فهو حضر سنوات الحروب بعد انتخابه عام 1986، ورافق مساعي السلام والتهدئة، وانتقال لبنان إلى السلام بعد الصراعات الدامية والمدمرة. وليس له من وسائل سوى رفع شأن كلمة الحق، ومن زاد سوى العمق الروحي والوفاء لثوابت لبنان، التي كانت البطريركية المارونية من بين اشد المؤتمنين عليها تاريخيا. ولذا فإن ما شاهده وعرفه وخبره من أحداث على الصعيد الوطني، وما واجهه من معارضات وانتقادات، لم تزده إلا إيمانا برسالته المزدوجة الروحية واللبنانية. فما خفت صوته مرة في نصرة ما كان يؤمن به، فارتفع دائما بالرفض وإدانة الممارسات التي شهدت محطات تاريخية في مسيرته. من نداء مجلس المطارنة الموارنة في أيلول عام2000 إلى مصالحة الجبل عام 2001، إلى لقاءاته مع كبار مقرري العالم شرقا وغربا، مدعوما بقوة من الفاتيكان ومن العواصم الكبرى.
وشاءت الأقدار أن تصنع اللقاء التاريخي بينه وبين والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اللقاء على القضية الوطنية الواحدة في سبيل الشاغل الواحد، وهو الاستقلال والسيادة الكاملة داخليا وخارجيا وحرية القرار.
وكأنه كتب لهذين الرجلين الكبيرين، أن يلتقيا في الموعد التاريخي الفاصل، بالإيمان الوطني الواحد، والتطلع الواحد، واليد الواحدة. وقد أدرك كلاهما أن تعاونهما المشترك هو المنطلق الصلب لإعادة إحضار لبنان إلى مكانته الطبيعية كوطن حر سيد مستقل، يؤدي دوره الريادي في منطقته العربية والعالم.
إني باسمي الشخصي وباسم عائلتي والحكومة أتقدم من الكنيسة المارونية وغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومن اللبنانيين جميعا بأحر التعازي راجيا أن تبقى صورة البطريرك صفير قدوة للعاملين المخلصين للوطن".
بدوره، نعى سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان، د. وليد بن عبدالله بخاري، الكاردينال نصرالله بطرس صفير الذي وافاه الأجل عن عمر يناهز 99 عاماً، إثر وعكة صحية ألمت به .
وأعرب بخاري في بيان "عن بالغ التّعازي وصادق المواساة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الرّاعي وللكنيسة المارونية ومجلس الأساقفة الكاثوليك، وللبنان وشعبه الشقيق، سائلا ً المولى عز وجل أن يُلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان".
واعتبر بخاري "أن لبنان خسر اليوم أحد رجاله الوطنيين الكبار، الذي لعب دورًا وطنيًا هامًا حرص من خلاله على وحدة لبنان واستقراره ولحمة أبنائه".
كما نعى سفير الإمارات حمد الشامسي البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير الذي وافته المنية بعد وعكة صحية ألمت به.
وقال الشامسي "بغياب البطريرك صفير يفقد لبنان قامة وطنية وعروبية استثنائية، حيث لعب دورا محوريا في ترسيخ السلام والتسامح، فكان رجل الانفتاح والمواقف الجريئة حيث كرس حياته في سبيل تعزيز العيش المشترك بين اللبنانيين ودعم استقرار لبنان وسيادته".
وقدم الشامسي خالص التعازي إلى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والكنيسة المارونية ولجميع محبي الراحل وللبنان قيادة وحكومة وشعبا.
وولد البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير في عام 1920 وهي السنة التي أعلن فيها الجنرال الفرنسي غورو قيام دولة لبنان الكبير بحدودها الحالية.
لكن الدور الأساسي الذي لعبه البطريرك كان في تاريخ لبنان اللاحق، لا سيما في الفترة الأخيرة للحرب اللبنانية وما تلاها من أحداث لاتزال البلاد تعيش في ظل تداعياتها.
فقد انتخب صفير بطريركا للكنيسة المارونية في عام 1986، في السنوات الأخيرة للحرب التي شهدت معارك بين الأطراف المسيحية وشهدت ما سُمّي بحرب التحرير التي أطلقها قائد الجيش آنذاك، الجنرال ميشال عون ضد الجيش السوري وانتهت بأن غادر إلى منفاه الاختياري لسنوات طويلة.
دعم البطريرك صفير اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب في لبنان في عام 1989.
كما شهدت مرحلة ما بعد الطائف مباشرة ما سمّي بفترة الإحباط المسيحي في ظل غياب أو سجن أو تهميش قيادات مسيحية ذات ثقل تمثيلي في البلاد. فتحوّل مقر البطريرك الماروني، في بكركي، إلى أحد المنابر القليلة لأصوات المعارضين للنظام الذي قام آنذاك، وضد ما كان يعتبره البعض إجحافاً في التمثيل الحقيقي للمسيحيين.
غير أن الدور الأبرز للبطريرك صفير جاء مباشرة عقب الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2000 عندما أطلق مجلس المطارنة الموارنة برئاسته، في سبتمبر من العام نفسه٬ نداء طالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان، وباستعادة لبنان لسيادته.
وقد اعتُبر هذا البيان الشرارة الأولى لانطلاق الدعوات للخروج السوري من لبنان وهو ما تحقق في ما بعد، إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
بالرغم من أن بعض مواقف البطريرك سببت جدلاً وحتى انقساماً على الساحة المسيحية واللبنانية، إلا أن المرحلة التي ترأس فيها الكنيسة المارونية تندرج في إطار السياق التاريخي للكنيسة المارونية ولدورها، في حقبات عدة من تاريخ لبنان.
مع رحيل البطريرك صفير سيستعيد كثيرون عدة مراحل ومحطات سياسية بالغة الأهمية، لا يحكي الكثير عنها في الخطاب السياسي الحالي، ربما لأن معظم رجالاتها مازالوا في الحكم اليوم. هؤلاء دوّن البطريرك الراحل بالتفصيل كل لقاءاته معهم ومع غيرهم في مذكرات تُنشر تباعاً وتذّكر بأن أي سرد لتاريخ لبنان الحديث لا بد أن يكون للبطريرك صفير حيز كبير فيه.
وقد عايش البطريرك صفير معظم المراحل الصعبة التي عصفت بلبنان، وكانت له مواقف لم ينساها معظم اللبنانيين، منها مصالحة الجبل بين الدروز والموارنة إضافة إلى دعم دعمه الكامل لحرية وسيادة لبنان، كما اشتهر بمواقفه تجاه سلاح "حزب الله" الذي لطالما اعتبره سلاحا في خدمة الغير، وكان له موقف وطني كبير حيث فتح الصرح البطريركي لتقبل التعازي في استشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية الأسبق الشيخ حسن خالد، وقد وصفه السفير السعودي في لبنان بصديق المملكة العربية السعودية وبالقامة الوطنية والعربية، وقد أعرب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون عن حزنه الشديد لوفاة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، داعياً اللبنانيين كافة، وخصوصا أبناء الطائفة المارونية، إلى رفع الصلاة عن روحه، تعبيراً عن تقديرهم لمكانة الراحل الروحية، والإنسانية، والوطنية.
وقال الرئيس عون "بغياب البطريرك صفير الذي عايش لبنان على مدى قرن كامل قضى خلاله أكثر من 70 عاماً في الكهنوت، تفقد الكنيسة المارونية واحداً من أبرز بطاركتها ورعاتها، كانت له بصمات مشرقة في الكنيسة، مدبراً لشؤونها، ومحافظاً على تقاليدها وتراثها التاريخي، ومجدداً رتبها الطقسية، وساهراً على حاجات أبنائها".
واضاف رئيس الجمهورية، "ستفتقد الساحة الوطنية بفقدان البطريرك الكاردينال صفير، رجلاً عقلانياً وصلباً في مواقفه الوطنية، ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، في أعتى المراحل والظروف. ولا شك أن اندفاعه في تحقيق مصالحة الجبل، كان من صلب إيمانه بميثاقية العيش المشترك، وضرورة تصفية نفوس اللبنانيين من رواسب الماضي، وتمتين أواصر الشراكة الوطنية".
واعتبر الرئيس عون أن "البطريرك صفير سيبقى معلماً بارزاً في ضمير الوطن، وواحداً من رجالات لبنان الكبار على مر التاريخ، داعياً إلى استلهام عظاته الغزيرة، ومواقفه السياسية، وروحانيته، تخليداً لذكراه، وحفاظاً على مكانته في وجدان الأجيال الطالعة".
وقال، "أسأل الله تعالى أن يرحم غبطة البطريرك صفير الذي رحل عنا اليوم إلى دنيا الحق، ويسكنه في مساكنه الأبدية، ويجعل ذكراه طيبة على مدى الأجيال".