يسير التونسيون نحو تغييرات كبيرة في عاداتهم الرمضانية بفعل الضغوط المعيشية وزيادة الأسعار ما دفعهم إلى التخلي عن عادات التسوق المكثف ومظاهر الإقبال المكثف على المساحات التجارية التي كانت تسبق شهر الصيام .
وعلى خلاف ما جرت به العادة خير جزء كبير من التونسيين هذا العام الاكتفاء بالضروريات وتقليص نفقاتهم، بعد التضييقات التي فرضتها المصارف على القروض الاستهلاكية التي كانت تسمح بمنحها في مثل هذه المناسبات.
وعادة يجابه التونسيون نفقات شهر رمضان بالسلفات أو القروض الصغرى التي تقدمها المصارف ما يسمح لهم بالمحافظة على عاداتهم التي دأبوا عليها سابقاً، غير أن سياسة مكافحة التضخم التي انخرطت فيها البنوك بدفع من البنك المركزي فرض العديد من التضييقات على السلفات والسحوبات النقدية الإضافية ما قلص من قدرة المواطنين على الإنفاق.
وعادة يزيد إنفاق التونسيين على الطعام في شهر رمضان بنسبة 30% فيما يلقى ثلث الطعام الذي يعد يومياً في المزابل ما يكبد الدولة والأسر خسائر كبيرة نتيجة تبذير المواد المدعمة من الصندوق الحكومي.
لم تشهد المساحات التجارية الكبرى والأسواق قبل رمضان اكتظاظاً كبيراً حيث بدت حركة التسوق عادية، واكتفى أغلب العملاء بحاجياتهم الأساسية، ما يشير إلى تغيرات جذرية في السلوك الاستهلاكي للتونسيين.
وقال طارق بن جازية، رئيس معهد الاستهلاك الحكومي إن "هناك اتفاقاً بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على ترسيخ عادات استهلاكية جديدة تراعي ظرف الاقتصاد الصعب، الذي تمر به البلاد، والمواطنون هم أول المستفيدين من ترشيد نفقاتهم والاكتفاء بالاحتياجات الضرورية."
وأضاف بن جازية، أن "ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين قلص بالفعل من الاستهلاك، لكن لا يزال هناك سلوكيات تصنف في خانة التبذير خلال شهر رمضان."
وأفاد بن جازية أن السياسة الحكومية لمكافحة التضخم وتضييق المصارف على السحوبات الإضافية والقروض الموجهة للإستهلاك وتمويل الإنفاق الغذائي ساهما بشكل كبير في الحد من اللهفة.
وتسعى منظمات المجتمع المدني إلى مساعدة الحكومة في مجهوداتها لكبح التضخم والحد من مظاهر الاستهلاك غير المحمودة.
والسبت كشفت نشرية معهد الإحصاء الحكومية على تراجع نسبة في التضخم في تونس، خلال شهر أبريل الماضي، إلى 6,9% بعد أن كانت في حدود 7,1% خلال شهر مارس و7,3% خلال شهر فبراير شباط 2019
وأرجع المعهد، في نشريته حول مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي لشهر أبريل 2019 التي أصدرها، هذا التراجع أساساً إلى تقلص وتيرة ارتفاع مجموعة التغذية والمشروبات من 7,5% إلى 6,6% خلال الشهر الحالي.
ولفت المعهد إلى أن وتيرة ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية تراجعت من 7,5% خلال مارس 2019 إلى 6,6% خلال أبريل 2019 وقد سجلت أسعار البيض، بحساب الانزلاق السنوي، ارتفاعاً بنسبة 34,7% وأسعار الحليب ومشتقاته بنسبة 11,8% وأسعار اللحوم بنسبة 9,8% وأسعار الخضر بنسبة 8,6% وأسعار المواد الغذائية المصنعة بنسبة 5,7%.