تونس - منال المبروك

تعيش الساحة السياسية في تونس على وقع تحالفات جديدة قد تفضي إلى إقصاء نهائي لحركة "النهضة" الإسلامية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، فيما تسعى الأخيرة إلى مواصلة ربط الصلة مع أحزاب العائلة الوسطية التقدمية لإنقاذ سفينتها الموشكة على الغرق بحسب المتابعين للشأن السياسي.

وأعلنت أحزاب حركة "تحيا تونس" التي يقودها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحركة "مشروع تونس" المنشقة عن النداء وحزب المبادرة الذي يقوده الوزير كمال مرجان عن الانصهار في جبهة حزبية من أجل خوض الانتخابات بقائمات موحدة هدفها الحصول على الأغلبية البرلمانية.

والعائلات التي أعلنت عن الانصهار هي سليلة عائلة سياسية واحدة وهي العائلة الدستورية والتقدمية وتمثل الخصم السياسي الأول لفكر وتوجهات حركة النهضة الإسلامية، الذي سعى رئيسها راشد الغنوشي إلى إطلاق مبادرة جديدة لحماية حزبه من حالة العزلة بالتأكيد على رغبة الحزب في دعم مرشح من العائلة التقدمية في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر المقبل.

وقال الغنوشي إن "النهضة تبحث عن "عصفور نادر" لتدعمه في الانتخابات" ملمحاً إلى "إمكانية دعم رئيس الحكومة يوسف الشاهد".

ويرى مهتمون بالشأن السياسي في تونس أن التحالفات الداخلية والتطورات الإقليمية تجري بما لا تشتهي "النهضة" ما يزيد في عزلتها ويقلل من حظوظها في الانتخابات القادمة، ما يفسر حالة الانزعاج والارتباك التي يعيشها قياديوها ورغبتهم في مواصلة ربط الصلة مع خصومهم السياسيين تحت غطاء الحفاظ على التوافق.

وقال الأمين العام لحركة مشروع تونس حسونة الناصفي لـ"الوطن" إن "الأحزاب المتحالفة مؤخراً تسعى لتشيكل جبهة انتخابية "صماء" من أجل مشروع مجتمعي يحمي التونسيين من الفتن ويدافع عن الحركة الوطنية والفكر المنفتح الذي أسس عليها الزعيم الحبيب بورقيبة المجتمع التونسي".

وذكر أن "التونسيين يرفضون المشاريع المجتمعية التي لا تشبههم"، مشيراً إلى أن "أحزاباً جديدة ستنضم إلى الجبهة الجديدة ما يزيد في حظوظ فوزها بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان القادم ويمنحها أحقية تشكيل الحكومة وتطبيق برنامجها الاقتصادي والاجتماعي وتقديم مرشحها الانتخابات الرئاسية دون دعم من أي طرف كان".

وكشفت استطلاعات الرأي الأخيرة أن "حزب حركة "تحيا تونس" الذي يقوده يوسف الشاهد يحقق تقدماً في نوايا التصويت لدى التونسيين فيما تعرف النهضة التي تحتل المرتبة الأولى حالياً في البرلمان بأكبر عدد من النواب تقهقرت للمرتبة الثالثة".

وكشف الكاتب والمحلل السياسي منذر بالضيافي لـ"الوطن" عن "مبادرة سياسية جديدة قد يقودها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في المدة القادمة تعزز المبادرة التحالفية التي بدأتها الأحزاب التقدمية والدستورية".

وقال بالضيافي إن "هذه المبادرة تجعل النهضة خارج السرب وتزيد من عزلتها السياسية"، مؤكداً أن "الباجي قائد السبسي لن يكتفي بدور المتفرج وأنه يرى أن تونس اليوم في حاجة إلى مشهد سياسي وحزبي غير مختل"، متوقعاً أن "يقدم عرضاً سياسياً يقبل عليه التونسيين"، وأن السبسي سيتحرك من أجل "توحيد الأحزاب المنشقة عن نداء تونس والعائلة التقدمية الوسطية الدستورية".

وأكد بالضيافي أن "الرئيس السبسي لا يستبعد، أن تكون لحزبه "نداء تونس" تحالفات مع العائلة الوسطية بعد الانتخابات"، مشيراً إلى أنه "حينها يمكن الالتقاء في عمل جبهوي، مع أحزاب مثل "تحيا تونس" و"مشروع تونس" وكل الأحزاب الوسطية".

في المقابل، قال المحلل السياسي عادل العوني إن "ترشيح حركة النهضة شخصية من خارج الحزب، فيما بات يعرف في تونس بـ"العصفور النادر"، يخضع لاعتبارات عدة، من بينها شروط التوافق اللاحقة والتعاقدات الأقرب إلى المقايضة"، على حد تعبيره.

وتوقع العوني أن "تقدم حركة النهضة مرشحها في حال فشلها في العثور على "عصفورها النادر"، الذي يلبي شروطها ويحفظ مصالحها"، منتقداً في السياق ذاته "طريقة الفرز التي ستعتمدها حركة النهضة"، بقوله، "إنها تبحث عن عصفور منقرض وليس نادراً، وذلك بسبب صعوبة توافق الأحزاب السياسية حول مرشح للرئاسة يحظى بدعم سياسي من قبل جميع الفرقاء"، مشيراً إلى أنها تعنى بالعصفور النادر "العصفور المستعد للمقايضة السياسية من بين العصافير الكثيرة المتوفرة"، على حد تعبيره.