تونس - منال المبروك

ينتظر أن تنطلق الحملات الانتخابية التونسية، غير الرسمية، مبكراً هذا العام، حيث تشهد الساحة السياسية مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية زيادة في منسوب التوتر الذي يسود الأجواء العامة في تونس.

ويتوقع المهتمون بالشأن السياسي أن يكون صيف تونس ساخناً وأن تستعر المنافسة بين المترشحين لمنصب الرئاسة في الأسابيع القادمة بعد انقضاء شهر رمضان وموسم الدراسة ليتفرغ الجميع لخدمة الشأن العام ومصالح الأحزاب التي تعتزم خوض غمار الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أكتوبر ونوفمبر المقبلين.

وتزيد نتائج استطلاعات الرأي التي تعلن عنها مؤسسات السبر المختصة بين الفينة والأخرى في إذكاء روح المنافسة التي تستعمل فيها الأطراف السياسية كل الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة بما في ذلك الابتزاز بالملفات المالية وتسريبات الصور الشخصية والخوض في الحياة الخاصة للمترشحين.

وفي وقت اختارت أغلبية الأسماء الكبيرة المتوقع ترشحها الاحتفاظ بقرارها إلى آخر وقت، فإن بعض الشخصيات الأخرى بدأت تعلن نواياها الحقيقية تجاه هذا الاستحقاق. وأعلن صاحب قناة "نسمة" الخاصة، نبيل القروي، ترشّحه بصفة رسمية للانتخابات الرئاسية، قائلاً في حوار على قناته، "أنا منذ 3 سنوات قررت أن أخرج لإعانة الناس وتجوّلت في تونس من قرية إلى قرية ومن جبل إلى جبل ومن بحر إلى بحر، واقتربت من الناس وعشت مآسيهم ومشاكلهم وأحب أن أساعدهم".

واعتبر القروي أن "لعمل الجمعيات حدود مهما كان حجمه"، مشيراً إلى أنه "يريد اليوم خدمة التونسيين من قصر الرئاسة"، معبراً عن أمله "في حدوث ما وصفها ثورة الصندوق لانتخاب بديل جديد يحقق آمال التونسيين".

وكان نبيل القروي المتهم باستغلال فقر التونسيين لاستدرار عواطفهم وكسب أصواتهم في الانتخابات القادمة من أكبر الداعمين للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي وحزبه نداء تونس في انتخابات 2014، قبل أن يغير الوجهة لصالحه الخاص هذا العام ويقرر الترشح في شخصه لمنصب الرئاسة.

وبالإضافة إلى صاحب قناة "نسمة" نبيل القروي أعلن رسمياً الإسلاميين رضوان المصمودي والقيادي في النهضة سابقاً حمادي الجبالي نيتهما الترشح للانتخابات الرئاسية دون الكشف عن برنامجهما أو تحالفاتهما القادمة.

كما أعلن المستقل أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أنه "سيكون ضمن قائمة المرشحين للتنافس على قصر قرطاج".

في المقابل تسبب اختيار مرشح للرئاسة صلب أحزاب اليسار المجتمعة في تيار "الجبهة الشعبية" في انقسام داخل هذا التكتل الحزبي الذي ظل صامداً منذ تشكله في 2014.

ويأتي انقسام اليسار التونسي بعد إعلان قياديين فيه وهما كل من عضو البرلمان منجي الرحوي وزعيم الجبهة التاريخي حمة الهمامي عن نيتهما الترشح لذات المنصب.

كما أعلن الوزير الأسبق محمد عبو، القيادي السابق في حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، قبل أن يؤسس "التيار الديمقراطي"، بدوره ترشحه للرئاسة.

وصوّت المشاركون في المؤتمر الثاني لحزب "التيار الديمقراطي" منذ نحو شهرين بالأغلبية على ترشيح محمد عبّو للانتخابات الرئاسية. وبذلك يكون عبو رسمياً مرشح هذا الحزب، بعدما كان البعض يعتقد أن زوجته، النائبة سامية عبّو، قد تكون المرشحة بسبب تقدمها أيضاً في استطلاعات الرأي.

ولكن هذه الترشيحات، على اختلاف أهميتها من شخصية إلى أخرى، تبقى من الدرجة الثانوية، على الرغم من امتلاك بعضها حظوظاً حقيقية متفاوتة، ولكن الأسماء الثقيلة المتوقعة لم تعلن، حتى الآن، نواياها فيما تزيد بعض التصريحات من حدة التشويق أو تلقي بغموض أكبر على دعم هذه الجهة أو تلك لبعض الشخصيات وخاصة منها المنتمية لحركة "نداء تونس" و"حركة النهضة" وحزب "تحيا تونس" اللاعب الجديد الوافد على الساحة السياسية التونسية بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

ولا يقتصر الاهتمام بالانتخابات التونسية على الأطراف السياسية والأمنية والمخابراتية، وإنما يشمل أيضاً بعض رجال الأعمال الذين يهمهم الاستثمار في تونس.

ففي حوار أدلى به رجل الأعمال المصري المعروف نجيب ساويرس، إلى إحدى القنوات التلفزيونية المحلية، كشف أن له مشاريع سياحية وصناعية ينوي القيام بها في تونس، لكنه ينتظر نتائج الانتخابات المقبلة حتى يعرف من يفوز فيها.

وقال ساويرس إنه "في حال انتصار الإسلاميين، فإنه سيتخلى عن القيام بذلك لعدم ثقته في نواياهم وتعهداتهم بحجة تعمّدهم الخلط بين الدين والسياسة"، ودعا في المقابل من سماهم بـ"الليبراليين" التونسيين إلى التوحد وتقديم مصلحة البلاد على صراعهم من أجل الزعامة. كما اتهم في السياق نفسه التيار الإسلامي في ليبيا بكونه "المسؤول عن إفساد المسار الانتقالي والدفع بالبلاد نحو العنف".

ويزيد الانشغال المكثف للسياسيين بالسباق نحو قرطاج في ضبابية المشهد لدى عموم التونسيين الذين لا يرون في العروض المقدمة برنامجاً واضحاً يمكن أن يقود البلاد نحو انفراج اقتصادي واجتماعي بعد سنوات عصيبة من الغلاء وارتفاع نسب التضخم والبطالة فيما يظل للاتحاد العام التونسي الشغل "أكبر نقابة عمالية في تونس"، ورقة ضاغطة لدعم هذا الطرف أو ذلك نظرا لقدرة المنظمة على التأثير في نحو مليون تونسي ينتمون إلى قواعدها العمالية.