تونس - منال المبروك ، (فرانس برس)

تمكنت تونس بعد حشد دبلوماسي كبير دام شهوراً من الفوز بمقعد في مجلس الأمن بصفة عضو غير دائم، للمرة الرابعة، متجاوزة فترة صعبة من العثرات التي تسببت فيها دبلوماسية حزب النهضة والأحزاب التي حكمت معها في السنوات الماضية.

والخميس قبلت الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك عضوية تونس غير الدائمة بمجلس الأمن للفترة بين 2020-2021، بنسبة تصويت قاربت الإجماع.

وعلى إثر قبول العضوية، قال الرئيس التونسي الباجي قائد السيسي في رسالة توجه بها الدبلوماسيين التونسيين على صفحة الرئاسة أن "هذه النتيجة هي ثمرة ما بذلته الخارجية والدبلوماسية التونسية من مجهودات ومثابرة أثمرت تشريف تونس للاضطلاع بهذه المسؤولية الهامة للمرة الرابعة في تاريخها".

واعتبر السبسي أن "عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن، يؤهلها لمواصلة الإسهام في خدمة السلم والأمن الدوليين وفق أهداف ومبادئ منظمة الأمم المتحدة وعلى أساس ثوابت سياستها الخارجية".

واكد ان "انتخاب بلاده لعضوية أهم جهاز في المنظمة الأممية، مجلس الأمن، يقيم الدليل على ما تحظى به من ثقة واحترام لدى المجموعة الدولية"، مشدداً على "عزم تونس استعادة المكانة التي هي بها جديرة على الساحتين الإقليمية والدولية".

ومثل قبول تونس كعضو بمجلس الأمن بحسب الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي عبد الله العبيدي حدثاً مهماً الدبلوماسية التونسية مشيراً في تصريح لـ "الوطن"، أن "تونس تستعيد مكانتها الدولية والإقليمية".

وقال إن "الدبلوماسية التونسية عاشت تجربة مماثلة عام 2001 لكنها شهدت انعكاسات عديدة بعد الثورة بسبب زج بها في لعبة المحاور الإقليمية بالرغم من ثوابتها المحايدة التي تأسست عليها منذ استقلال البلاد".

وأضاف أن "النجاحات الدبلوماسية تقيم الدليل مرة أخرى على السمعة الطيبة التي تحظى بها تونس في محيطها الإقليمي ومكانتها المتميزة لدى شركائها، وهي تشكل اعترافاً بدور دبلوماسيتها النشيط والفاعل في تكريس قيم السلم والعدل والحرية والتعاون والتضامن".

وتابع أن "توفيق تونس في الانضمام إلى مجلس الأمن الدولي يحمل العائلة الدبلوماسية مسؤولية مواصلة البذل والعمل بنفس الالتزام والعزيمة من أجل كسب الرهانات المرتبطة بخدمة المصالح الوطنية العليا"، بحسب قوله.

وكان وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي قاد مشاورات عديدة مع كبار المسؤولين في منظمة الأمم المتحدة وممثلي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لدعم حظوظ بلاده.

كما قام وزير الخارجية خلال مهمته التي ستتواصل إلى غاية 11 يونيو الجاري بالتعريف بأولويات بلاده وبرنامجها خلال فترة عضويتها والدور الذي تنوي تونس القيام به صلب هذا الهيكل الأممي والقضايا التي ستحظى لديها بالأولوية.

وانتخبت تونس وإستونيا والنيجر وفيتنام وسانت فنسنت وغرينادين أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن الدولي الجمعة في وقت تسعى الهيئة الأممية للاتفاق على كيفية مواجهة النزاعات الدولية.

وستنضم الدول الخمس الجديدة إلى المجلس في يناير لفترة عامين، لتحل محل غينيا الاستوائية وساحل العاج والكويت وبولندا والبيرو.

ويأتي انتخابها في وقت يعاني المجلس جمودا دبلوماسيا اثر فشله في الاتفاق على كيفية التعامل مع أزمات عدة في سوريا وبورما وفنزويلا وصولاً إلى السودان.

وتحظى 5 دول هي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة بمقاعد دائمة في المجلس الذي يضم 15 عضواً وبإمكانها استخدام حق النقض "فيتو" لمنع تمرير أي قرارات.

أما باقي الدول العشر غير الدائمة العضوية فيتم انتخابها لمدة عامين في الهيئة ذات السلطة العليا في الأمم المتحدة، والتي توكل إليها مهمة التعامل مع التهديدات التي تواجه الأمن والسلم الدوليين.

وفي اقتراع سري أجرته الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، تنافست إستونيا مع رومانيا على مقعد أوروبا الشرقية بينما نافست السلفادور سانت فنسنت وغرينادين على مقعد أمريكا اللاتينية.

وخاضت الدول الثلاث الباقية السباق بدون منافسة إذ رشحتها تكتلاتها الإقليمية سلفاً.

وحصلت فيتنام على 192 صوتاً بينما حظيت كل من تونس والنيجر بـ191 صوتاً. أما سانت فنسنت وغرينادين ففازت بـ185 صوتاً مقابل ستة أصوات فقط حصلت عليها السلفادور خلال الاقتراع الذي تم في الجمعية التي تضم 193 عضواً.

وحصلت إستونيا على المقعد بـ132 صوتاً في مواجهة رومانيا التي صوت 58 من أعضاء الجمعية لها.

وستكون هذه المرة الأولى التي تشغل فيها كل من إستونيا - التي جعلت من الأمن عبر الإنترنت أساس حملتها -- وسانت فنسنت وغرينادين -- التي تعهدت دعم التحرّك الدولي لمكافة التغير المناخي - مقعدا في المجلس.

وعلق مدير برنامج الأمم المتحدة لدى "مجموعة الأزمات الدولية" ريتشارد غوان على النتائج بالإشارة إلى أنها قد تفاقم الانقسامات.

وقال غوان "أعتقد أننا سنرى مجموعة قوية مناهضة للغرب في المجلس، ما من شأنه أن يتسبب بمزيد من الدبلوماسية الملتهبة ويصعب على الولايات المتحدة وحلفائها تمرير قراراتها عبر المجلس".

وأضاف "يبدو من المرجح أن تصطف فيتنام وسانت فنسنت إلى جانب الصينيين والروس في ما يتعلق بملفات مثل فنزويلا، على غرار ما قامت به إندونيسيا وجنوب أفريقيا هذا العام".