تونس – منال المبروك
يسير البرلمان التونسي نحو تأجيل قانون المساواة في الميراث الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الدورة البرلمانية القادمة بعد أن اتخذت اللجنة المختصة بالنظر في مشروع القانون قراراً بإرجاء مناقشته إلى وقت لاحق وركنته على جنب مولية الاهتمام لمشاريع ذات صبغة اجتماعية.
وأكد أعضاء اللجنة أن لا نية لديهم لإحباط مساعي الرئيس التونسي لختم مدة حكمه بقانون يعزز مكاسب المرأة التونسية غير أن المدة المتبقية لا تسمح بمناقشة قانون مجتمعي على غاية الأهمية ويمكن أن يؤثر على المجتمع التونسي.
ويفصل البرلمان الحالي عن نهاية ولايته 6 أسابيع يصبح معها تمرير القانون مهمة شبه مستحيلة.
وكانت البرلمانية بشرى بالحاج حميدة وعضو لجنة المساواة في الميراث التي كلفها الباجي قائد السبسي في أغسطس 2017 بإعداد مشروع القانون قد تنبأت بعدم عرض المشروع على المصادقة.
وقالت بشرى بلحاج حميدة لـ"لوطن" إن "المدة المتبقية غير كافية لتمرير قانون المساواة في الميراث بسبب أجندة البرلمان والتزاماته التشريعية المختلفة، لكنها لم تنفي تحكم حزب النهضة الرافض للقانون في دفع البرلمان لإرجائه تجنباً للإحراج الذي سيسببه هذا القانون للنهضة أمام قواعدها في الانتخابات القادمة".
وبينت أن "المساواة في الميراث قضية عادلة سينتصر فيها الشعب، ولا يمكن لأي طرف أن يراهن على محاولة قبر المبادرة أو الإجهاز عليها".
وأثار مشروع القانون جدلاً واسعاً، وقسم المجتمع التونسي إلى رافضين ومساندين، ويبدو الواقع الانتخابي الحالي عاملاً مؤثراً على قرارات الأحزاب السياسية التي ترغب في استمالة أصوات الناخبين.
وفي 13 أغسطس 2017 أطلق الباجي قائد السبسي بمناسبة العيد الوطني للمرأة مبادرة لإقرار المساواة التامة بين المرأة والرجل في كل المجالات بما في ذلك المساواة في الميراث معلناً عن "تكوين لجنة متعددة الاختصاصات تعنى بنقاش سبل تنفيذ المبادرة".
وقال السيسي خلال احتفالات العيد الوطني للمرأة التونسية، إن "بلاده ستمضي في إقرار المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، بما في ذلك المساواة في الإرث"، مضيفاً "كلفت لجنة تضم رجال ونساء قانون لدراسة هذه المسألة"، مشدداً على أنه "لدي ثقة في ذكاء رجال القانون، وسنجد صيغ قانونية لتجنب الاصطدام بمشاعر التونسيين".
وقد عاشت اللجنة منذ الإعلان عن تأسيسها، يوم 13 أغسطس 2017، على وقع جدل محتدم داخل تونس وخارجها بسبب اقتراحات قدمها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واهمها المساواة في الإرث.
وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا في مجال تحرر المرأة وينظر إليها على أنها من قلاع العلمانية في المنطقة. ولكن رغم ذلك ظل موضوع المساواة في الميراث أمراً بالغ الحساسية في المجتمع التونسي ولم يسبق لمسؤولين تونسيين إثارة الموضوع.
ويرى مراقبون أن رفض كتل برلمانية لقانون المساواة في الميراث يحول دون المصادقة عليه، خصوصاً بعد الاحتجاجات والتظاهرات التي رفضته منذ إعلان الرئيس التونسي الباجي السبسي عنه، وشروع لجنة الحريات الفردية والمساواة في إعداده.
وتنقل مشروع القانون طيلة 8 أشهر بين لجان البرلمان بحثا عن تأييد الكتل البرلمانية، ففي حين أعلن حزب النهضة رفضه القاطع للقانون، تمتنع كتل وشخصيات عن إعلان رفضها الصريح له بينما هي تدفع نحو تعطيله أو إرجائه.
واتهمت عدد من منظمات المجتمع المدني كتلا برلمانية بمحاولة الإجهاز على القانون من خلال تعويم أحكامه وإغراقه في جلسات الاستماع لإرجائه إلى البرلمان المقبل، معتبرة أن هناك إرادة سياسية تقودها حركة النهضة وحلفاؤها لتعطيل القانون.
ورغم أن الرياح تجري بما لم يشته الباجي السبسي الذي كان ينوي إنهاء فترة حكمه بإقرار المساواة في الميراث بين الجنسين لا يزال الرئيس التونسي يحشد الدعم الدولي لهذا القانون ويسعى إلى التذكير بهذا الإنجاز في كل المحافل الدولية التي يحضرها.
والخميس قالت ميشيل باشلي المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عقب لقاء جمعها بالرئيس التونسي في قصر قرطاج أن "زيارتها الأولى للمنطقة منذ تولي منصبها تجسد حرص المنظمة الأممية على دعم ما حققته التجربة الديمقراطية الفتية في تونس من خطوات كبيرة في مجال تركيز المؤسسات واحترام الحريات وحقوق الإنسان وإرساء المساواة بين الجنسين معتبرة أنها تعد مثالاً يحتذى به".
كما نوهت المفوضة العليا لحقوق الإنسان "بالدور الكبير الذي تضطلع به تونس من خلال عضويتها الحالية في المجلس الدولي لحقوق الإنسان وعضويتها المرتقبة في مجلس الأمن الدولي لتحقيق السلم والتنمية في العالم".
من جانبه، أكد رئيس الجمهورية "تشبث بلاده بالنهج الديمقراطي، رغم الصعوبات الظرفية والتحديات الكبرى التي تواجهها، باعتباره خيار لا رجعة فيه والسبيل الوحيد لتأسيس دولة مدنية حديثة تقوم على الالتزام الثابت بالمبادئ والقيم الكونية لحقوق الإنسان".
كما أبرز الدور الريادي للمرأة التونسية في نجاح التجربة الديمقراطية الناشئة لبلادنا وحرصه الشخصي على تدعيم حقوقها ومكانتها في المجتمع من خلال تحقيق المساواة الكاملة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات.
{{ article.visit_count }}
يسير البرلمان التونسي نحو تأجيل قانون المساواة في الميراث الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الدورة البرلمانية القادمة بعد أن اتخذت اللجنة المختصة بالنظر في مشروع القانون قراراً بإرجاء مناقشته إلى وقت لاحق وركنته على جنب مولية الاهتمام لمشاريع ذات صبغة اجتماعية.
وأكد أعضاء اللجنة أن لا نية لديهم لإحباط مساعي الرئيس التونسي لختم مدة حكمه بقانون يعزز مكاسب المرأة التونسية غير أن المدة المتبقية لا تسمح بمناقشة قانون مجتمعي على غاية الأهمية ويمكن أن يؤثر على المجتمع التونسي.
ويفصل البرلمان الحالي عن نهاية ولايته 6 أسابيع يصبح معها تمرير القانون مهمة شبه مستحيلة.
وكانت البرلمانية بشرى بالحاج حميدة وعضو لجنة المساواة في الميراث التي كلفها الباجي قائد السبسي في أغسطس 2017 بإعداد مشروع القانون قد تنبأت بعدم عرض المشروع على المصادقة.
وقالت بشرى بلحاج حميدة لـ"لوطن" إن "المدة المتبقية غير كافية لتمرير قانون المساواة في الميراث بسبب أجندة البرلمان والتزاماته التشريعية المختلفة، لكنها لم تنفي تحكم حزب النهضة الرافض للقانون في دفع البرلمان لإرجائه تجنباً للإحراج الذي سيسببه هذا القانون للنهضة أمام قواعدها في الانتخابات القادمة".
وبينت أن "المساواة في الميراث قضية عادلة سينتصر فيها الشعب، ولا يمكن لأي طرف أن يراهن على محاولة قبر المبادرة أو الإجهاز عليها".
وأثار مشروع القانون جدلاً واسعاً، وقسم المجتمع التونسي إلى رافضين ومساندين، ويبدو الواقع الانتخابي الحالي عاملاً مؤثراً على قرارات الأحزاب السياسية التي ترغب في استمالة أصوات الناخبين.
وفي 13 أغسطس 2017 أطلق الباجي قائد السبسي بمناسبة العيد الوطني للمرأة مبادرة لإقرار المساواة التامة بين المرأة والرجل في كل المجالات بما في ذلك المساواة في الميراث معلناً عن "تكوين لجنة متعددة الاختصاصات تعنى بنقاش سبل تنفيذ المبادرة".
وقال السيسي خلال احتفالات العيد الوطني للمرأة التونسية، إن "بلاده ستمضي في إقرار المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، بما في ذلك المساواة في الإرث"، مضيفاً "كلفت لجنة تضم رجال ونساء قانون لدراسة هذه المسألة"، مشدداً على أنه "لدي ثقة في ذكاء رجال القانون، وسنجد صيغ قانونية لتجنب الاصطدام بمشاعر التونسيين".
وقد عاشت اللجنة منذ الإعلان عن تأسيسها، يوم 13 أغسطس 2017، على وقع جدل محتدم داخل تونس وخارجها بسبب اقتراحات قدمها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واهمها المساواة في الإرث.
وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا في مجال تحرر المرأة وينظر إليها على أنها من قلاع العلمانية في المنطقة. ولكن رغم ذلك ظل موضوع المساواة في الميراث أمراً بالغ الحساسية في المجتمع التونسي ولم يسبق لمسؤولين تونسيين إثارة الموضوع.
ويرى مراقبون أن رفض كتل برلمانية لقانون المساواة في الميراث يحول دون المصادقة عليه، خصوصاً بعد الاحتجاجات والتظاهرات التي رفضته منذ إعلان الرئيس التونسي الباجي السبسي عنه، وشروع لجنة الحريات الفردية والمساواة في إعداده.
وتنقل مشروع القانون طيلة 8 أشهر بين لجان البرلمان بحثا عن تأييد الكتل البرلمانية، ففي حين أعلن حزب النهضة رفضه القاطع للقانون، تمتنع كتل وشخصيات عن إعلان رفضها الصريح له بينما هي تدفع نحو تعطيله أو إرجائه.
واتهمت عدد من منظمات المجتمع المدني كتلا برلمانية بمحاولة الإجهاز على القانون من خلال تعويم أحكامه وإغراقه في جلسات الاستماع لإرجائه إلى البرلمان المقبل، معتبرة أن هناك إرادة سياسية تقودها حركة النهضة وحلفاؤها لتعطيل القانون.
ورغم أن الرياح تجري بما لم يشته الباجي السبسي الذي كان ينوي إنهاء فترة حكمه بإقرار المساواة في الميراث بين الجنسين لا يزال الرئيس التونسي يحشد الدعم الدولي لهذا القانون ويسعى إلى التذكير بهذا الإنجاز في كل المحافل الدولية التي يحضرها.
والخميس قالت ميشيل باشلي المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عقب لقاء جمعها بالرئيس التونسي في قصر قرطاج أن "زيارتها الأولى للمنطقة منذ تولي منصبها تجسد حرص المنظمة الأممية على دعم ما حققته التجربة الديمقراطية الفتية في تونس من خطوات كبيرة في مجال تركيز المؤسسات واحترام الحريات وحقوق الإنسان وإرساء المساواة بين الجنسين معتبرة أنها تعد مثالاً يحتذى به".
كما نوهت المفوضة العليا لحقوق الإنسان "بالدور الكبير الذي تضطلع به تونس من خلال عضويتها الحالية في المجلس الدولي لحقوق الإنسان وعضويتها المرتقبة في مجلس الأمن الدولي لتحقيق السلم والتنمية في العالم".
من جانبه، أكد رئيس الجمهورية "تشبث بلاده بالنهج الديمقراطي، رغم الصعوبات الظرفية والتحديات الكبرى التي تواجهها، باعتباره خيار لا رجعة فيه والسبيل الوحيد لتأسيس دولة مدنية حديثة تقوم على الالتزام الثابت بالمبادئ والقيم الكونية لحقوق الإنسان".
كما أبرز الدور الريادي للمرأة التونسية في نجاح التجربة الديمقراطية الناشئة لبلادنا وحرصه الشخصي على تدعيم حقوقها ومكانتها في المجتمع من خلال تحقيق المساواة الكاملة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات.