الجزائر - جمال كريمي

تعرضت الهيئة الوطنية للحوار والوساطة، في الجزائر، والتي أسست لتقريب وجهات النظر بين السلطة والحراك الشعبي، إلى انتكاسة كبرى، بعد رفض شخصيات وطنية الانضمام إليها، وتأكيد الشخصيات الرافضة أن الحل للخروج من الأزمة، هو "الاستجابة الكاملة واللا مشروطة" لمطالب الحراك الشعبي وأولها إبعاد الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس وزرائه نور الدين بدوي، باعتبارهما من بقايا نظام بوتفليقة، الأمر الذي يفسر على أن الحوار بين الحكومة الجزائرية والحراك الشعبي وصل إلى طريق مسدود.

وجدد رئيس الوزراء الجزائري الأسبق مولود حمروش، تأكيده بعدم ترشحه "لأية هيئة انتقالية ولأي انتخاب". وقال حمروش الذي يوصف بأب الإصلاحات السياسية في البلاد عام 1989 بعد إنهاء حكم الحزب الواحد، "أذكر أعضاء مجموعة الحوار والمنتديات الأخرى بتصريحي الصادر يوم 18 أبريل الأخير والذي أكدت من خلاله أنني لن أكون مرشحاً لأية هيئة انتقالية محتملة ولأي انتخاب".

وأوضح حمروش، غداة تلقيه دعوة من طرف شخصيات الحوار والوساطة للالتحاق بهيئتهم، أن "الحركة الوحدوية والسلمية للشعب، ومنذ 22 فبراير الفارط، أبطلت، بصفة مؤقتة، مجموعة من عوامل زعزعة الاستقرار كما أوقفت تهديدات وشيكة".

وأضاف أن "هذه التهديدات لم تزُل بعد وهي في طور التكوين"، ولذلك استوجب مثلما قال، "على من يمسكون بمقاليد الحكم، التحرك من أجل الاستجابة للحراك وتعبئة البلاد تفادياً لوقوعها في فخاخ الفوضى".

ورفض الناشط الحقوقي، المحامي مقران آيت العربي، دعوة قادة لجنة الحوار للانضمام لهم من أجل قيادة الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح.

وقال المحامي آيت العربي "ورد اسمي ضمن قائمة الأشخاص الذين وجهت لهم لجنة قيادة الحوار نداء وطلبت منهم الاستجابة لنداء الوطن، علينا أن نفرق بين نداء السلطة ونداء الوطن، من الناحية المبدئية يعتبر الحوار وسيلة لتقريب وجهات النظر لحل الأزمات، ولكن الهدف الوحيد لهذا الحوار المسطر من طرف السلطة لا يتعدى تحضير الانتخابات الرئاسية".

وكانت الهيئة الجزائرية للوساطة والحوار قد دعت 23 شخصية لإثراء الحوار وتلبية نداء الوطن، حيث ضمت القائمة اسم، المجاهدة جميلة بوحيرد، ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، ورؤساء الوزراء السابقين مولود حمروش، أحمد بن بيتور، مقداد سيفي، ووزير الاتصال السابق، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، وشخصيات نقابية وإعلامية ودعاة وأكاديميين، ولحد الساعة لم يوافق أي منهم على الالتحاق باللجنة التي بدت "ضعيفة وغير متجانسة"، ولا يتمتع أعضاؤها بالكاريزما، وما زاد من عزلتهم، انسحاب شخصيتين قبل تشكيل اللجنة هما الطبيب الشاب إسلام بن عطية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، حيث رفضا المنسحبين أن يكون عملهما بالمقابل، فيما أكد الآخرون أحقية الحصول عوائد مالية عما يقومون به.

ومع حالة الانسداد التي يعرفها المشهد العام في الجزائر، وعدم قدرة هيئة الوساطة والحوار على بلورة تحرك واضح، تعددت الجهات التي تقترح أسماء لتكون وسيطا بين السلطة والحراك الشعبي، لتتحول فكرة الحوار إلى مسار مونولوج ومنه إلى قوائم الكاستينغ.