القاهرة - عصام بدويفتحت الخلافات الجيوسياسية في شرق المتوسط الأبواب أمام الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن دور أكبر في المنطقة من خلال ضم الغاز إلى أجندة حوارها الاستراتيجي مع مصر.وكانت تصريحات وزير الطاقة الأمريكي ريك بيرى عن ضم قطاع الطاقة للحوار الإستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وطرح جميع التفاصيل المتعلقة بالطاقة، على مائدة المناقشات مرة واحدة على الأقل كل عام، أكبر دليل وتأكيداً على اهتمام أمريكا بالاستثمار في قطاع الطاقة المصري، والاهتمام بالصراع الدائر في شرق المتوسط بين مصر واليونان وقبرص من ناحية وتركيا من ناحية أخري فيما يخص بعمليات التنقيب.وكان وزير الطاقة الأمريكي قال خلال لقاءه بغرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة علي هامش فعاليات منتدى غاز شرق المتوسط الذي أقيم مؤخرا في القاهرة، إن الشركات الأمريكية تضع السوق المصرية في مقدمة اهتماماتها، فضلا عن استعداد أمريكا لدعم مصر بمختلف أنواع التكنولوجيا التى تعزز من دورها المحوري في مجال الطاقة.وأظهرت فاعليات منتدى غاز شرق المتوسط الذي أقيم مؤخرا في القاهرة، أن الولايات المتحدة عازمة على تبني سياسات اقتصادية جديدة لتعزيز دورها في المنطقة.وكان وزير الطاقة الأمريكي قد أكد خلال مشاركته في المنتدي، أن هذه الاكتشافات شجعت الشركات الأمريكية على تعزيز نشاطها في مصر، في ظل الفرص التى تطرحها القاهرة في قطاع مهم وحيوي مثل قطاع الطاقة.وكان لواشنطن دور مؤثر في المنتدى، الذي فتح الطريق لتعاون أمني بين الدول المشاركة، وأظهرت سعيها لتوظيف المصالح الاقتصادية في قطاع الطاقة في علاقاتها بدول شرق المتوسط.وشارك في الاجتماع وزراء الطاقة في الدول المؤسسة للمنتدى وهي مصر واليونان وقبرص وإيطاليا وفلسطين وإسرائيل والأردن.وتكتسب تلك الخطوة أبعادا مهمة، بسبب التوترات في المنطقة وجدوى وضع قاعدة للمصالح المشتركة، عقب تزايد الدور الذي يلعبه الشق الاقتصادي، بجوار السياسي والأمني.وتجد واشنطن في سلاح الطاقة أداة مناسبة لتعزيز حضورها في منطقة شرق المتوسط والتعويل عليه في الحوار المشترك مع القاهرة، التي مرجح أن تكون لاعبا رئيسيا في سوق الطاقة خلال السنوات المقبلة.وعلى مدى عقود تكافح القاهرة مع واشنطن لتفعيل اتفاق التجارة الحرة بين البلدين بما يسمح للصادرات المصرية دخول السوق الأمريكية دون رسوم جمركية، إلا أن جميع المحاولات واجهت صعوبات فنية وسياسية.ويقول خبراء اقتصاد، لا توجد محفزات للمنتجات المصرية لدخول السوق الأميركية إلا عبر اتفاق كويز الذي يسمح باستخدام مدخلات إسرائيلية في إنتاجها، وهذا الاتفاق يخدم مصالح إسرائيل في المقام الأول ويجعلها جزءا من منظومة التصنيع والتبادل التجاري في منطقة الشرق الأوسط.واضافوا، أن واشنطن تسعى إلى الاستمرار في اكتشاف موارد جديدة للغاز من خلال الشركات الأميركية الكبرى التي تعمل في شرق المتوسط، كما تمتلك قدرات كبيرة لتطوير أحدث التكنولوجيات في جميع مجالات الطاقة، وهناك 17 معملا متخصصا تابعا لوكالة الطاقة في الولايات المتحدة.وحققت واشنطن انتصارا اقتصاديا عبر دعمها للمنتدى في مواجهة التواجد الروسي في شرق المتوسط، خاصة بعد شراء روسنفت الروسية لنحو 30% من حصة إيني الإيطالية في حقل ظهر المصري العملاق.ويتعزز دور واشنطن في محور الطاقة بالمنطقة بالتعاون مع إسرائيل، حيث اتفقت قبل أشهر شركتا نوبل إنرجي الأميركية وديليك الإسرائيلية، على شراء 39 بالمئة من شركة غاز شرق المتوسط، والتي تمتلك خط أنابيب الغاز الواصل بين مصر وإسرائيل، في صفقة قيمتها 518 مليون دولار.وقالت نوبل إنرجي وقتها، إن الصفقة تدعم خطة مصر في تحقيق هدفها بأن تصبح مركزا إقليميا للطاقة، ما يوفر إمكانية الوصول إلى أسواق محلية متنامية والتصدير للخارج باستخدام محطات الإسالة المصرية.ولم تمر اجتماعات الدورة الثانية للمنتدى دون مناقشة التنقيب غير الشرعي لتركيا في المياه الاقتصادية لقبرص، بعد أن حظي هذا التصرف بتنديد من المجتمع الدولي.وقال وزير الطاقة القبرصي يورغوس لاكتوبريس علي هامش المنتدي: "لن نقبل بالتعدي على السيادة القبرصية ولن نصمت على الممارسات غير المشروعة التي تقوم بها تركيا في مياهنا الإقليمية".وأوضح أن بلاده طرحت كل هذه التجاوزات أمام اجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط، ويجري تصعيد هذه التجاوزات حفاظا على حقوق الشعب القبرصي.ويؤدي انخراط الولايات المتحدة في المنتدى وإدراج مستقبل الطاقة ضمن الحوار مع القاهرة، إلى احتمال اتخاذ واشنطن لمواقف صارمة من المقاربة التركية بشأن الغاز، تضاف إلى حزمة المواقف الأميركية الرافضة لتوجهات أنقرة في بعض الملفات الاقتصادية والصفقات العسكرية.وتقوي ورقة البنك الدولي الذي تطوع بتقديم دراسات للمنتدى لتمويل خطوط أنابيب نقل الغاز من الحقول المكتشفة في شرق المتوسط، سواء الحقول القبرصية أو الإسرائيلية، من شوكة واشنطن في مجال الغاز بالمنطقة، بوصفها الدولة المهيمنة على البنك.ورغم الزخم العالمي بمتابعة تدشين حقول في شرق المتوسط، لا تزال تخيم عدة قضايا شائكة على مصير منتدى الغاز، لكن خبراء قالوا إنها لن تنال من قوته، وربما يتحول إلى تكتل مؤثر في سوق الغاز على غرار منظمة أوبك.ومن أهم العقبات عدم انضمام لبنان للمنتدى حتى الآن، حيث لم يشارك في فعاليات المنتدى في المرتين اللتين عقدتا في القاهرة خلال عام، رغم أنه من أوائل دول شرق المتوسط التي رسم الحدود وأودعها لدى الأمم المتحدة.وأرجع خبراء ذلك إلى تصاعد أزمته مع إسرائيل حول المزايدة العالمية التي أعلنت عنها بيروت منذ عام للتنقيب عن الغاز في المربع رقم 9 في المياه الإقليمية.وتسعى إسرائيل لإثبات ملكيتها في المربع الذي كشفت الدراسات أنه يعج بالغاز، ما أدى إلى توقف العروض التي كانت تستعد الشركات العالمية لتقديمها.