بغداد - وسام سعد

أثارت طريقة افتتاح بطولة غرب آسيا في ملعب كربلاء الدولي في العراق، أزمة سياسية جديدة في البلاد، حيث اعتبرت بعض الأطراف الإسلامية ومن ضمنهم حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي أن ما جرى في حفل الافتتاح يعد انتهاكاً صارخاً لقدسية محافظة كربلاء، فيما اعتبرت جهات أخرى أن حفل الافتتاح الذي شهد قيام فتاة جميلة بعزف النشيد الوطني العراقي يمثل قمة في الحضارة والرقي ودليلاً على خروج العراق من التسميات الضيقة التي تفرض عليه من الآخرين.

وانقسم الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى فريقين، بين مؤيد لما حدث في حفل الافتتاح، وآخر معارض له مما يعيد هذا الملف قانون قدسية محافظة كربلاء المثير للجدل إلى المواجهة مرة أخرى.

وقال الفريق المعارض للحفل إن ما جرى في حفل افتتاح بطولة غرب آسيا لعام 2019 في كربلاء يعد انتهاكاً صارخاً لقدسية كربلاء الإمام الحسين عليه السلام، فيما وصفها آخرون بأنها رسالة شديدة اللهجة إلى من يهمه الأمر، مضيفين أن المادة 24 من قانون الوقف الشيعي بالدستور تنص على أن المدن المقدسة لها حرمة لا يجوز انتهاكها بأي فعل مخالف للآداب أو الأخلاق العامة ويحظر فيها ممارسة كل فعل فاضح مخل بالحياء.

وأعرب المنتقدون عن حزنهم وأسفهم لما جرى من أفعال مخلة بالأخلاق والشريعة على مقربة من مدينة سيد الشهداء الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام، محملين في الوقت ذاته الحكومتين المحلية والمركزية ما جرى في ملعب كربلاء الدولي، مطالبين بعدم تكرار مثل هذه الأفعال على هذه الأرض المقدسة على حد وصفهم.

وطالب الأمين العام لحزب الدعوة نوري المالكي الحكومة بفتح تحقيق عاجل بما حصل في ملعب كربلاء خلال افتتاح بطولة غرب آسيا.

وقال المالكي في بيان صحافي حصلت "الوطن" على نسخة منه نستنكر وندين بشدة ما حصل مساء الثلاثاء الماضي، في ملعب محافظة كربلاء المقدسة خلال افتتاح بطولة غرب آسيا، والتي رافقها حفل موسيقي راقص يعدّ تجاوزاً على حرمة المدينة وهتكاً لقدسية مدينة الإمام الحسين عليه السلام.

وطالب المالكي الحكومة بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المقصرين ومن يقف خلف هذا التجاوز الفاضح على حرمة المدينة المقدسة، سواء كانت الحكومة المحلية أو وزارة الشباب والرياضة أو الاتحاد العراقي لكرة القدم، لضمان عدم تكرار هذه الأفعال مجدداً.

وأصدرت حكومة كربلاء المحلية بياناً بشأن برنامج افتتاح بطولة غرب آسيا الذي أقيم بالمحافظة.

وقال محافظ كربلاء نصيف الخطابي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "انتقادات وصلت لنا حول بعض بعض الفقرات التي حصلت بحفل افتتاح بطولة غرب آسيا التي لم يكن لنا أي دور في إعداد برنامج هذه البطولة"، مبيناً أن "دورنا يقتصر في تهيئة الطرق وتشجيرها وتهيئة الساحات وتقديم كافة وسائل الدعم".

وأضاف أنه "في الداخل كان برنامج إعداد البطولة من قبل وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العراقي ولم نتدخل بفقرات البرنامج"، مشيراً إلى "أننا تحفظنا على فقرات معينة من هذا البرنامج بكتابنا المرسل لوزارة الشباب والرياضة والى الاتحاد العراقي لكرة القدم".

وتابع أن "حكومة كربلاء لن تسمح بإقامة أي برنامج لأي جهة إلا بالتنسيق مع الحكومة المحلية في المحافظة لتجنب حدوث هكذا أخطاء في المراحل المقبلة".

وأصدر ديوان الوقف الشيعي بياناً بشأن حفل افتتاح بطولة غرب آسيا في ملعب كربلاء، معتبراً إياه فعلاً شنيعاً تجاوز الحدود الشرعية وتعدى الضوابط الأخلاقية، داعياً إلى وقفة شجاعة أمام هذه الهجمة اللاأخلاقية على مقدسات الإسلام.

وقال ديوان الوقف الشيعي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه "تلقينا ببالغ الأسف نبأ الانتهاك الصارخ لقدسية كربلاء المقدسة بما تضمنه احتفال افتتاح دورة رياضية في ملعب كربلاء".

وأضاف البيان "إننا إذ نستنكر بشدة هذا الفعل الشنيع الذي تجاوز الحدود الشرعية وتعدى الضوابط الأخلاقية التي يجب مراعاتها في مدينة قامت على وجود مرقد سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام الذين استشهدوا جميعاً بسبب قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ندعو الجميع إلى تحمل مسؤوليته أمام حرمات الإسلام وحرمة سيد الشهداء عليه السلام واتخاذ الإجراءات الكافية لمنع تكرار ذلك بأية ذريعة من الذرائع".

أما الفريق المؤيد لحفل الافتتاح والذي كان من ضمنه النائب في البرلمان العراقي فائق الشيخ علي حيث قال في تغريدة على موقع تويتر، رداً على تغريدة السيد مرتضى المدرسي الذي قال "أشعر بالخجل من الإمام الحسين عليه السلام لما حدث في ملعب كربلاء الدولي".

وأعادت هذه الحادثة الجدل الدائر حول قانون قدسية محافظة كربلاء إلى الواجهة مرة أخرى حيث لا يسمح لك في كربلاء ضمن هذا القانون الاستماع إلى الموسيقى أو التجول في السوق لاختيار ملابس لزوجتك أو ابنتك، كما لا يسمح لمن لا ترتدي الحجاب بدخول المحافظة أصلاً، هذا فضلاً عن ممنوعات أخرى أدرجها قانون قدسية كربلاء كجرائم يعاقب عليها وفق مواد من قانون العقوبات العراقي.

وقال الناشط المدني قاسم هادي لـ"الوطن"، إن "ما حدث في حفل الافتتاح أمر رائع جداً ومشرف ويعكس حضارة العراق المشرقة وإن قيام الفتاة بعزف النشيد الوطني على أرض المعلب يمثل حضارة حضارية وأكبر دليل على ذلك هو تفاعل الجمهور الكبير معها وأن هذا الجمهور هو من يمثل أهالي كربلاء".

وأضاف أن "الأصوات التي تعالت هنا وهناك تنتقد ما حدث هذه الأصوات ذاتها التي تريد أن تفرض على الناس قوانين لها في أهداف سياسية حيث تثير شخصيات تابعة لأحزاب إسلامية بين الحين والآخر موضوع قانون القدسية، لأغراض سياسية ودعائية لا أكثر وهذا ما يحدث الآن كرد فعل على حفل الافتتاح".

ويرى خبراء قانون أن "هذا القانون المبتور من شروط تشريع القانون التي حددها الدستور العراقي، يحمل ثمة مخالفات واضحة ومنها أن القانون صادر عن جهة لا تمتلك الشرعية الدستورية لإصدار القوانين فالجهة الوحيدة المخولة بتشريعها هي مجلس النواب، وفق "المادة 61" من الدستور العراقي".

كما يرى الخبراء أنه "يشترط في القانون المشرع المرور بثلاث مراحل، هي كتابته من لجنة مختصة، وقراءته مرتين في مجلس النواب ومن ثم التصويت عليه، بالإضافة إلى أن هذا القانون يتعارض مع المادة من الدستور العراقي التي تكفل الحريات الشخصية".

كما أن "قانون قدسية كربلاء تم نشر تفاصيله من خلال ملصقات في شوارع المحافظة، في حين أشار الدستور إلى نشر تفاصيل القانون في جريدة الوقائع ليصبح نافذ المفعول".