بغداد – وسام سعد

تسبب قرار رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي باستحداث مكاتب للمفتشين العموميين في 7 هيئات وجهات حكومية في خلاف بين الحكومة والبرلمان ويعد هذا الخلاف أول اعتراض رسمي من رئاسة البرلمان على قرارات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حيث شدد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على أن البرلمان لن يسمح بمخالفة ما صوت عليه في مارس الماضي بشأن إلغاء مكاتب المفتشين العموميين.

وأكد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أن "مجلس النواب ملتزم بما صوَّت عليه المجلس فيما يخص مكاتب المفتشين العموميين".

وقال الحلبوسي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "مجلس النواب صوَّت في شهر مارس الماضي على صيغة قرار من حيث المبدأ على إلغاء مكاتب المفتشين العموميين"، مؤكداً "التزام المجلس بما تم التصويت عليه".

وأضاف رئيس مجلس النواب أن "مكاتب المفتشين العموميين ما زالت تعمل بأمر سلطة الائتلاف المنحلة الصادر من الحاكم المدني بول بريمر رقم "57"، لسنة 2004"، مشيراً إلى أن "هذه المكاتب لم تتمكن في السنوات السابقة من إيقاف هدر المال العام ولا بدَّ من تفعيل دور هيئة النزاهة والرقابة المالية".

وتابع الحلبوسي أن "من اختصاصات مجلس النواب وفقا للمادة 61 من الدستور هي الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ولا يجوز أن يستمر عمل مكاتب المفتشين العموميين بالشكل الذي يتيح للحكومة مراقبة نفسها من خلال عمل تلك المكاتب، وهذا ما يتعارض مع مهام السلطة التشريعية". ودعا الحكومة إلى "الالتزام بقرارات مجلس النواب".

ورأى مراقبون أن "الأمر الديواني لرئیس الوزراء ربما سیشعل الصراع بینه وبین مجلس النواب الذي يرى بحسب المراقبون ھذا الأمر ھو كسر لقراراتھم وتحدي يفرضه عبد المھدي على السلطة التشريعیة وھو ما سیعكر صفو العلاقات بین السلطتین التنفیذية والتشريعیة".

ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي لإيقاف العمل بالقرار الخاص بتعيين المفتشين العموميين في بعض الوزارات والمؤسسات والهيئات.

وأكد الكعبي على أن هذا القرار مخالف للدستور وبما جاء في مضمون المادة 61، فضلا عن ان بعض المؤسسات الموجودة ضمن هذا القرار الحكومي قد تم تصفية أعمالها كنزاعات الملكية.

وقال الكعبي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه أن "مجلس النواب سبق وأن صوت على صيغة قرار من حيث المبدأ على إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، إضافة إلى وجود عدد من المقترحات التي قدمت لرئاسة مجلس النواب بضرورة ربط هذه المكاتب بهيئة النزاهة في الوقت الحالي".

ورأى الكعبي "أهمية أن تأخذ الحكومة ذلك بنظر الاعتبار وتلتزم بقرارات مجلس النواب بهذا الخصوص"، لافتاً إلى أن "معظم مكاتب المفتشين العموميين لدى الوزارات لم تمارس دوراً رقابياً حازماً وسريعاً في كشف قضايا الفساد والمفسدين طيلة الفترة السابقة، مشدداً على ضرورة تعزيز دور ديوان الرقابة المالية".

وأكد عضو مجلس النواب محمد الكربولي أن "تعيين مفتشين عامين ذوي مرجعيات سياسية متباينة فوضى مقصودة لتهميش المكون السني"، عازياً ذلك إلى "فرض أسماء ضعيفة لا تمتلك قدرة المواجهة مع قيادات المكونات الأخرى".

وقال الكربولي في تغريدة على موقع "تويتر"، إن "فوضى الأوامر الديوانية المتعلقة بتعيين مفتشين عامين ذوي مرجعيات سياسية متباينة هو فعل مقصود يعزز نهج التفرد بالقرار وتكريس تهميش المكون السني".

وأضاف قائلاً "لاسيما بفرض أسماء ضعيفة لا تمتلك قدرة المواجهة، مقابل أسماء حزبية من قيادات المكونات الأخرى ليكون قرار الوزارات بيدها. وهاجم النائب يوسف الكلابي قرار الحكومة بتعيين مفتشيين عموميين".

وقال الكلابي في تغريدة له بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أن "إصدار الحكومة قرار بتعيين مفتشيين عموميين خلافاً للدستور وقرار مجلس النواب بحضور رئيس الوزراء دليل على التخبط الواضح في ملف مكافحة الفساد وعدم وجود أي جدية حقيقية لذلك. وأضاف "هنا أعيد ما قلت يوم التصويت على منح الثقة للحكومة لاتنتظروا خيراً قط من هذه الحكومة".

وانتقدت النائبة عالية نصيف بشدة استحداث مفتشين عموميين جدد في الوزارات والهيئات بدلاً من تقليص أعدادهم مبينة أن من أعطى المشورة لرئيس الوزراء بزيادة أعدادهم هو شخص منتفع وانتهازي.

وقالت نصيف في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن هناك أمراً ديوانياً صادراً عن رئاسة الوزراء تحت عنوان "سري"، يتضمن تعيين عشرات المفتشين الجدد في الوزارات والهيئات وإعادة تدوير آخرين، ما يعني زيادة الترهل الموجود أساساً في أعدادهم وزيادة الصفقات مع حيتان الفساد في الوزارات وتبادل المنفعة بين المفتشين والوزراء، مع احترامنا لبعض المفتشين الشرفاء المشهود بنزاهتهم.

وأضافت أن "مجلس النواب وهيئة النزاهة لم يكن لهما أي دور في تعيين واختيار المفتشين السابقين والجدد، ولم تحصل عملية تقييم لعمل المكاتب حتى يتخذ هذا القرار، ولا نعرف وفق أي معيار تم اختيارهم وتعيينهم في هذا المنصب الذي هو في سوق المناصب يعد الأغلى والأسرع في تحقيق الثراء وكسب المال مقابل شيء بسيط هو "الصمت"".

ووصفت نصيف الشخص الذي أعطى المشورة لرئيس الوزراء بزيادة أعداد المفتشين العموميين بأنه "منتفع وانتهازي وخبير في بورصة المفتشين"، مطالبة رئيس الوزراء "بالتراجع عن هذا القرار والاكتفاء بدلاً من ذلك بتقنين المفتشين بمفتش عام واحد له مكاتب في الوزارات كعمل ديوان الرقابة إذا ما أرادوا الرقابة الاستباقية، أو توحيد الوزارات المتشابهة في اختصاصاتها بمفتش عام واحد كالوزارات الأمنية".

وانتقد رئيس حزب المسار المدني النائب مثنى عبد الصمد السامرائي قرار تعيين المفتشين العموميين، فيما وصفه بقضم الحقوق وممارسة الإقصاء.

وقال السامرائي في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، "ننتقد قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين المفتشين العمومين واصفاً القرار بأنه يمثل قضماً للحقوق وممارسة للإقصاء وطعناً للتوازن.

وأشار السامرائي إلى "المادة التاسعة من الدستور التي نصت على تشكيل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من جميع مكونات الشعب العراقي".

وتابع السامرائي "لقد أثبت القابضون على السلطة أنهم يتلذذون بقضم الحقوق وممارسة الإقصاء وطعن التوازن الوطني الذي أمر به الدستور، وبالأخص في مادته التاسعة".

وبين السامرائي لقد أثبت القابضون ازدواجية التعصب وبعدهم عن الوطنية التي كانوا يدعون مختتماً تغريدته بالقول لا لقضم الحقوق.

واعتبر نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي أن "استحداث مناصب وتعيين مفتشين عموميين يكشف مدى الصراع بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة"، مشيراً إلى أن "ذلك يُثبت أن الدولة العراقيّة تدار دون تخطيطٍ أو هدف".

وقال الأعرجي في بيان تلقت "الوطن" نسخة منه إن "تصويت مجلس النواب قبل أشهرٍ قليلة من حيث المبدأ على ضرورة إلغاء مكاتب المُفتشين العموميين وإصدار رئيس الوزراء اليوم أمراً ديوانياً باستحداث مناصب وتعيين مفتشين عموميين يكشف مدى الصراع بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة ويُثبت أن الدولة العراقيّة تدار دون تخطيطٍ أو هدف".

واعتبر عضو مجلس النواب عن تحالف "سائرون"، سلام الشمري قرار رئيس الوزراء الخاص بتعيين واستحداث مفتشين عموميين في عدد من مؤسسات الدولة بأنه "مخالف للدستور ومادته 61 والتفاف على قرار البرلمان".

وقال الشمري في بيان تلقت "الوطن" نسخة منه إن "القرار يعد مخالفة واضحة للتوجه الحكومي في مكافحة الفساد خاصة وأن بعض الشخصيات التي تم نقلها من مكان إلى اخر لم تقدم شيئا خلال الفترة السابقة وتم استبعادهم بقرارات سابقة".

وأضاف أن "البرلمان كان قد صوت بجلسة سابقة على صيغة قرار من حيث المبدأ على إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، مع وجود مقترحات قدمت لرئاسته بضرورة ربط هذه المكاتب بهيئة النزاهة العامة".

وأشار الشمري إلى أن "إعادة وجوه قديمة لمنصب مفتش عام دليل على النفوذ الحزبي في العمل الحكومي مطالباً بإيقاف هذا الأمر الديواني والمضي باتباع القانون بهذا الجانب".

وأكد عضو لجنة تقييم البرنامج الحكومي النائب محمد شياع السوداني أن "رئيس مجلس الوزراء، عادل عبد المهدي ارتكب مخالفة دستورية، بإصداره الأمر الديواني الخاص بالمفتشين العموميين".

وقال السوداني، في تغريدة له على صفحته الرسمية في موقع "تويتر"، إن "الأمر الديواني الخاص بالمفتشين العموميين مخالفة دستورية وقانونية وترسيخ للمحاصصة وإبعاد للمهنيين المستقلين وزيادة في الترهل وإرهاق الموازنة وتساءل بالقول عن أي إصلاح تتحدثون".