* الشعب السوداني صاحب الحق في التغيير والتقييم

* السودان يعيش مرحلة أزمات وما زال في تأسيس حلم جديد وتداول سلطة

* مراجعة اتفاقيات النظام السابق بفهم موضوعي يتسق مع أخلاق السودانيين

حوار - شادية حامد

أكد القيادي السوداني وأحد مؤسسي "تجمع المهنيين" وعضو لجان التفاوض والدستور والصياغة في قوى "إعلان الحرية والتغيير"، الطيب العباسي، أن "الدعم السعودي الإماراتي للخرطوم مهم لترسيخ عملية التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي والسودان"، مضيفاً أن "السودان يعيش الآن مرحلة أزمات ومازال في مرحلة تأسيس حلم جديد وتداول سلطة"، مشيراً إلى أن "سودان المستقبل سيكرس كل اهتمامه لتحقيق السلام العادل في العالم العربي ودول الجوار الإقليمي".

وأوضح في حوار خص به "الوطن" أن "الحكومة الانتقالية سوف تراجع كل الاتفاقيات التي أبرمها نظام الرئيس السابق عمر البشير، بفهم موضوعي يتسق مع الالتزامات والأخلاق السودانية". وإلى نص الحوار:

* هناك اتهامات لقوى الحرية والتغيير بانها خانت دماء الشهداء والثوار وتراجعت عن تعهداتها بوقف التفاوض مع المجلس العسكري بعد مجزرة القيادة؟ ولماذا قبلتم المبادرة الأفريقية الأثيوبية؟

- هذا كلام غير صحيح لأن مهام اللجنة المستقلة للتحقيق سوف تحقق في كل الجرائم ابتداءً من 8 رمضان و13 رمضان ومجزرة 29 رمضان مروراً بجرائم القتل التي حدثت خلال الثورة.. ولا يمكن لقوى "الحرية والتغيير" أن تتنازل عن هذه الجرائم المشينة التي أزهقت أرواح الشباب والشابات واغتصبت الشابات والنساء. أن هذا العمل الإجرامي المشين أدى إلى وقف التفاوض المباشر مع المجلس العسكري باعتباره مسؤول مسؤولية مباشرة حيث ظل التفاوض معلقا مع المجلس العسكري لفترة مع التصعيد بالمظاهرات ومواصلة مشوار الثورة سلمياً وقد كان الحراك يسير في هذا الاتجاه حتى ولو أدى للسقوط الثالث.

وظل هذا التصعيد مع تعليق المفاوضات إلى أن أتى الوسيط الأثيوبي بالمبادرة التي تبناها رئيس الوزراء وتبعتها رؤية الاتحاد الأفريقي والمطالبة باستمرار التفاوض وكسر هذه الحالة وفي وثيقة إعلان المبادئ حول الترتيبات في الفترة الانتقالية تم الاتفاق على الخطوط العامة حيث تضمن الإعلان عن 8 مواد أهمها أن ينظر المجلس العسكري وقوى الحرية على أنهما شركاء خلال الفترة الانتقالية، والامتناع عن التصعيد والخطب الاستفزازية، وتشكيل مجلس سيادي لمدة 3 سنوات وتشكيل حكومة مدنية تضم كفاءات وطنية مستقلة. وبعد ذلك الاتفاق استلم الوسيط إعلان المبادئ ليقدمها للمجلس العسكري وبعد الموافقة عليه طلب الوسيط من قوى الحرية والتغيير الجلوس المباشر مع المجلس العسكري وكسر حاجز تعليق المفاوضات للاتفاق على إعلان المبادئ.

* ما هو تبريركم بعدم الجلوس مع المجلس العسكري ولماذا وافقتم؟

- كقوى حرية وتغيير أكدنا للوسيط عدم ثقتنا في المجلس العسكري وباعتباره مسؤول لكل ما حدث للثوار من قتل وخلافه، ومن أولويات الحكومة المدنية القادمة تشكيل لجنة تحقيق دقيق وشفاف ووطني بمشاركة ممثلين من هيئات حقوق الإنسان في الوطن العربي والأفريقي والأوروبي لمختلف الأحداث العنيفة التي عاشها السودان طوال الفترة الماضية ولن يعفى فيها احد من التحقيق ولو كان أعضاء المجلس العسكري.

* تناقلت تقارير أن الوسيط محمد الحسن ولد لبات قال إن قضية المحاسبة التي أثيرت في الخارج لم يقم أي طرف بالمطالبة بالمحاسبة لا من المجلس العسكري أو إعلان الحرية والتغيير ولم تتم مناقشة هذا الشأن ولم تتضمن في الوثائق ولا المفاوضات.. فما قولكم؟

- إن صح هذا الادعاء من المفاوض يتضح أنه لا يستطيع التمييز بين ما هو وارد في الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري. أن الإعلان الدستوري ما هو إلا محل نصوص لتشكيل وتكوين لجان وأن محلها الاتفاق السياسي بعد تكوين حكومة الحرية والتغيير وتعيين النائب العام باعتباره المسؤول عن تكوين لجنة التحقيق التي تخص جرائم القتل وفض الاعتصام والسيد لباد شاهد على توقيع الاتفاق السياسي.

* كيف تنظرون إلى الدعم السعودي والإماراتي والاتفاقيات الخاصة بمشاركة القوات العسكرية في حرب اليمن؟

- الدعم السعودي والإماراتي يصب في التكامل المرتبط بالعلاقات السودانية والدول الخليجية بصورة عامة، في كافة مناحي الحياة ولذلك يجب أن يكون متأطراً على الأسس التاريخية والإقليمية التي تربط الشعب السوداني بالشعب السعودي والإماراتي وهذا أمر يجب أن يتم تطويره وهو مطلوب من الدول الصديقة باعتبار أن السودان يعيش الآن مرحلة أزمات بسبب فساد نظام الإنقاذ ولابد أن يخرج منها كما أنه في مرحلة تأسيس حلم جديد وتداول سلطة ديمقراطية ولذلك يجب أن تصب كل هذه الدول الصديقة اهتماماتها لمصلحة السودان. أما فيما يخص الاتفاقيات التي تمت من قبل النظام السابق ستتم مراجعتها بعد تشكيل الحكومة الديمقراطية، وسوف تحسم بفهم موضوعي يتسق مع الالتزامات والأخلاق السودانية.

ونحن في "الحرية والتغيير" سنكرس كل اهتمامنا في تحقيق السلام العادل في العالم العربي ودول الجوار الإقليمي.

* هل حققت الحرية والتغيير أهداف الثورة وطموحات الثوار؟

- الاتفاق بين قوى "الحرية والتغيير" حقق أهداف الثورة بنسبة عالية وقد يرى البعض أنه لا يلبي طموحات بعض القوى السياسية.

وهناك ظروف وتقييم وتقدير لقيادة إعلان الحرية والتغيير والذي بموجبه أدى إلى هذا الاتفاق لكي يلبي ويخدم مبتغاة الثورة وتكملة المشوار لتأسيس دولة القانون والحرية والسلام والعدالة، وهذا لا يتأتى إلا بكوادر سودانية ذات صدق وإيمان بالوطنية. ومن خلال تسكين هذه الكوادر في مؤسسات الدولة السيادية، ومجلس الوزراء، والمجلس التشريعي والمفوضيات ولابد من قضاء مستقل ونيابة عامة مستقلة أما ما تبقى من النسب المتبقية في اعتقادي قليلة جداً والمسؤولية تقع على عاتق من يتولون هذه الأعمال.

* هل هناك مخاوف في مسيرة الفترة الانتقالية وكيف يتم التأمين؟

- لن تكون هنالك مخاوف لو استطاع الأشخاص الذين أوكلت اليهم مهام الفترة الانتقالية العمل بكل جدية وحرص، كما أن قوى الحرية والتغيير ستواصل رسالتها خلال الفترة الانتقالية عبر هياكلها التي ستعمل على الرقابة والنصح أثناء أداء أعمال الفترة الانتقالية. وستظل على اتصال متواصل مع جماهير الشعب السوداني لتقديم التقارير بشفافية كما ستظل على اتصال بقيادتها في الإقليم والأحياء عبر التنسيق وشركاء إعلان الحرية والتغيير باعتبار أن الشعب السوداني صاحب الحق في التغيير والتقييم وسيظل ارتباطنا بجماهير الشعب حتى يتم تأسيس حكم برلماني يسير على نهجه أبناء الشعب.

* ما هو موقف قوى "الحرية والتغيير" من رفض الجبهة الثورية من الوثيقة الدستورية؟

- لا أنكر جهود هذه الجبهات نحن متفقون على الهدف وقد سقط النظام وبقيت وسيلة البناء ووضع السلاح أرضاً وبعد تكوين الدولة المدنية، ليس ما يمنع أن تجلس هذه الحركات الثورية في ظل نظام مدني يمكن أن يستوعب كل المناضلين. أن الجبهة الثورية جزءاً من مكونات الحرية والتغيير ورئيس كتلة نداء السودان في الداخل هو عمر الدقير والخارج هو الصادق المهدي.

والجبهة الثورية لها ممثلين في هياكل الحرية والتغيير كلجنة التفاوض والدستور وليس هنالك خلاف، ومن ضمن برنامج الحرية والتغيير تخصيص الستة أشهر الأولى للسلام والطريق معبد لذلك لم يتم عزلهم وما يثيرونه وراءه مصالح، واقولها بكل صراحة يجب ان نرتقي إلى مستوى الثورة والحراك.

وما تم في أديس أبابا والقاهرة هو تعطيل لعجلة الدولة المدنية والديمقراطية وكل حادب على تأسيس الدولة ليس بالضرورة أن يكون في قمة اتخاذ القرار بل يجب أن يدعم بفكره وعمله الجاد من أجل تأسيس الدولة المدنية. السودان يجب أن يودع فترة الخلافات وأن ينبذ النعرات العنصرية التي ورثناها من النظام السابق حتي لا تؤثر على مسيرة الوطن.

* كيف تفسر موقف الحزب الشيوعي من قوى الحرية والتغيير؟

- الحزب الشيوعي له دوره التاريخي في مسيرة النضال ومن القوى السياسية التي حاربت المستعمر وهو من ضمن القوى السياسية التي تعمل على ترسيخ الديمقراطية في السودان، وهو مكون من مكونات قوى إعلان "الحرية والتغيير" باعتباره أحد المكونات الأساسية لقوى الإجماع الوطني. وخلال فترة الإعداد والحراك ظل الحزب مرابطاً وفاعلاً أصيلاً لهذه الثورة وهذا أمراً يجب أن نقره ووجوده كان له أثر وضح في سقوط النظام، وكان الحزب الشيوعي شريكاً لقوى "الحرية والتغيير" في كل مراحل الحراك في لجنة التفاوض وداره كانت من الدور الحاضنة لقوى الحرية حيث كان له الأثر البالغ في تفعيل ونتائج ما وصلت لها الثورة.

أما فيما يختص بقراره بتعليق وجوده أمر غير موفق مع احترامي لدور الحزب وحراكه الوطني. كان يجب أن يتقن قراره في هذا الشأن ووجوده وانعدام وجوده قد يؤثر على قوى إعلان الحرية والتغيير.

نحمد له أنه جعل بينه وبين قوى الحرية والتغيير شعرة معاوية لم يخرج بجلده ولم يكن متواجدا بكلياته ونأمل أن يراجع نفسه ليكون أحد الحضور الدائم خاصة وأن المرحلة تتعلق بأهداف وطنية ويجب أن نرتقي جميعاً لأداء الرسالة ونكون على قدر المسؤولية.