دبي - (العربية نت): أتى رد الحكومة العراقية، على دعوى نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، بشأن استعداد قوات الحشد استهداف التواجد الأمريكي في العراق، ليظهر حالة الانقسام "السياسي والإداري" بشكل واضح، بين الحكومة وكوادر الهيئة العسكرية المرتبطة برئاسة الوزراء.فيما أصدر مرجع شيعي بارز الجمعة فتوى بجواز استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في البلاد.وكان نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي جمال جعفر آل إبراهيم المعروف بـ "أبي مهدي المهندس"، والموالي لطهران، قد اتهم، الأربعاء الماضي، الولايات المتحدة بإدخال أربع طائرات مسيرة إسرائيلية إلى العراق، لاستهداف مستودعات الأسلحة التابعة للحشد. لتقلل الحكومة العراقية وعلى لسان مستشار أمنها الوطني، من تصريحات المهندس، مؤكدة أن تصريحاته "لا تمثل موقف القوات المسلحة".وقال مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، إن "ما نسب إلى نائب رئيس الهيئة "أبومهدي المهندس" – بغض النظر عن صحة صدوره عنه – لا يمثل الموقف الرسمي للحشد الشعبي"، مبيناً أن "القائد العام للقوات المسلحة أو من يخوله هو المعبر عن الموقف الرسمي للحكومة العراقية وقواتها المسلحة".يذكر أن أربعة مخازن للأسلحة تابعة للحشد الشعبي، تعرضت خلال شهر تموز الماضي، الى انفجارات غامضة، ردها بعض مسؤولي الحشد الى استهداف إسرائيلي وأميركي بطائرات مسيرة لقواعدهم العسكرية، أثر تصعيد الخلاف بين واشنطن وطهران.وفي حين أكدت فصائل منضوية في صفوف الحشد الشعبي، امتثالها لأوامر الحكومة العراقية، مشيرة إلى أن الحشد قائم على فتوى أية الله علي السيستاني، الذي يدعم قرارات الدولة العراقية، إلا أن العديد من فصائل الحشد تدين بولائها لإيران.وفي هذا السياق، أفادت مصادر قريبة من لواء علي الأكبر التابع للعتبة الحسينية المقدسة في كربلاء، بأن "قوات اللواء ملتزمة بكل ما يصدر من القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي".وأوضحت تلك المصادر أن العديد من فصائل الحشد ملتزمة بفتوى "الجهاد الكفائي الصادرة عن مرجعية النجف".في المقابل، أصدر مرجع شيعي موالٍ للمرشد الإيراني علي الخامنئي، الجمعة فتوى تجيز استهداف القواعد الأمريكية في العراق، معتبراً أن بقاء الأخيرة في العراق "حرام شرعاً".وقال آية الله كاظم الحائري ضمن الفتوى ما نصه "أقولها كلمة صريحة، وأعلن من موقع المسؤولية الشرعية، عن حرمة إبقاء أي قوة عسكرية أميركية، وتحت أي عنوان كان، من تدريب ومشورة عسكريين أو ذريعة مكافحة الإرهاب...".ويعد الحائري المقيم في مدينة قم الإيرانية، وهو من أبرز تلامذة المرجع الراحل محمد باقر الصدر "قتل 1979"، من المراجع المثيرين للجدل داخل العراق، حيث أفتى بعد سقوط نظام صدام حسين في آذار 2003 بجواز قتل البعثيين، في وقتٍ دعا المرجع الأعلى علي السيستاني إلى تقديم البعثيين "الملطخة أيديهم بالدماء" إلى القضاء العراقي، وفي شباط عام 2011 إثر تصاعد الاحتجاجات المدنية ضد حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أفتى الحائري بحرمة تولي العلمانيين العراقيين لأي منصبٍ في الدولة.وتعليقاً على فتوى الحائري، قال الشيخ حازم الأسدي "رجل دين شيعي"، إن "فتوى مراجع ولاية الفقيه في إيران، لا تسري بالضرورة على الشأن العراقي، والشيعي تحديداً، لكون شيعة العراق يتبعون مرجعية النجف ممثلة بآية الله علي السيستاني"، مبيناً أن "المدرسة الفقهية النجفية لا تؤمن بمنهج ولاية الفقيه المتبع في إيران".وأضاف الأسدي أن "مشكلة بعض المراجع الدينيين، لا يعبأون لدماء المسلمين، نتيجة تعصبهم الإيديولوجي والسياسي، لذلك يتورط الكثير منهم في إراقة الدماء"، لافتاً إلى أن "شيعة العراق ملتزمون بمنهج مرجعهم الأعلى الذي يشدد على تطبيق القانون العراقي وقيام الدولة الوطنية بعيداً عن المسميات الطائفية والعرقية والمذهبية"، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي من النجف.وبالعودة إلى المؤسسة الأمنية، طالب بعض الخبراء العسكريين، القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بضرورة "أخذ الحيطة والحذر" في التعاطي مع الأزمة الأمنية التي تضرب المنطقة.وقال الفريق الركن المتقاعد عادل الجبوري لـ"العربية نت"، إن "موقع العراق الجغرافي يتطلب عليه، المسايرة الدبلوماسية مع دول الجوار والمنطقة"، مشيراً إلى أن "الوقوف إلى جانب الخندق الإيراني يكبد العراق خسارة في رأس ماله السياسي والدبلوماسي والاعتباري لدى دول العالم، خصوصاً أن أغلب الدول تقف بالضد من الممارسات الإيرانية التوسعية في العراق واليمن ولبنان وسوريا".وتابع الجبوري قائلاً "جميعنا يعلم أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في موقف لا يحسد عليه، نتيجة الضغوط الإيرانية على حكومته، فضلاً عن رفض طهران تحييد مواقف بغداد السياسية بشأن العلاقة مع الغرب"، مشيراً إلى أن "عبد المهدي أمامه مهمة وطنية جسيمة وهو ضرورة الخروج بموقف وطني يضع مصلحة العراق أولاً وفوق أي شيء أو اعتبار".أما عن "تصريحات نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الأخيرة، فاعتبر الخبير العسكري أنها تؤكد حالة الانقسام السياسي داخل الحكومة العراقية، حيث يصرح بعض القادة الأمنيين في العراق بحسب ميولهم السياسية والعقائدية، وهو ما يؤكد وجود خلل في العقيدة الوطنية داخل المؤسسة العسكرية في الوقت الراهن".