* الحسين للأمة الإسلامية جمعاء وليس لملة أو طائفة أو فئة معينة

* أكثر البدع والأمور الخرافية والمغالاة والتطرف في قضية عاشوراء إيرانية المنشأ

* نصيحتنا للشيعة العرب: الحسين لم يخرج كي يزرع الفرقة والشقاق في أمة جده

* إيران تستغل عاشوراء مثل القدس لتسييسها وجعلها منبراً لأغراض خاصة

* على الشيعة العرب إثبات حقيقة البعد الإسلامي الإنساني للحسين ويبعدون عنه كل ما هو خلاف ذلك

* من طلب الإصلاح والتوفيق للناس لن يتسبب في إلحاق الأذى من خلال إشعال الفتنة

* عاشوراء مدرسة فكرية تدعو للصلاح والتقويم وتقف ضد المفسدين والأشرار

* الحسين لم يسطر ملحمة عاشوراء حتى يغدو منبراً للانتفاع والاستغلال السياسي المشبوه

* جعل عاشوراء مختصة بشعب أو طائفة أو مذهب تحجيم وتأطير للذكرى

* قضية تتخطى حدود الأزمنة والعصور وتصل لمصاف إنساني ومن الخطأ تحديدها

* عاشوراء تهدف لتوحيد الأمة الإسلامية ورص صفوفها وزرع الخير والمحبة

* الإمام الحسين أراد أن يرشد الأمة لما فيه الخير والصلاح والمنفعة

* قضية الحسين ترفض التعصب والتطرف والمغالاة وثقافة الموت والظلام وسفك الدماء

* الحسين أراد أن يكون منبعاً للمحبة والأخوة والوحدة والخير والسعي من أجل الخير والحق وبناء حياة أفضل

* من يمارسون التطبير والضرب بالسيف في عاشوراء لم يفهموا معنى ثورة الحسين ولا ينتمون لفكره ونهجه

* الحسين لم يضح بنفسه وأهله وأصحابه حتى يعلمنا التطبير واللطم ورمي أنفسنا في الطين

أجرى الحوار - وليد صبري

أكد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان سماحة العلامة السيد د. محمد علي الحسيني أن "عاشوراء قضية فكرية استهدفت منذ انطلاقها الإصلاح"، مشيراً إلى أن "عاشوراء ترفض التعصب والتطرف والمغالاة والموت والظلام والدماء"، مشدداً على أن "الإمام الحسين بن علي هو للأمة الإسلامية جمعاء وليس لملة أو طائفة أو فئة معينة".

ونصح د. الحسيني في حوار خص به "الوطن"، مع قرب حلول ذكرى عاشوراء "الشيعة العرب بضرورة إثبات حقيقة البعد الإسلامي الإنساني للحسين ويبعدون عنه كل ما هو خلاف ذلك"، موضحاً أن "عاشوراء تهدف لتوحيد الأمة الإسلامية ورص صفوفها وزرع الخير والمحبة".

ونوه د. الحسيني أن "الإمام الحسين لم يخرج كي يزرع الفرقة والشقاق في أمة جده، بل إنه، أراد أن يرشد الأمة لما فيه الخير والصلاح والمنفعة".

وقال د. الحسيني إن "من طلب الإصلاح والتوفيق للناس لن يتسبب في إلحاق الأذى من خلال إشعال الفتنة"، لافتاً إلى أن "تلك الذكرى تعد مدرسة فكرية تدعو للصلاح والتقويم وتقف ضد المفسدين والأشرار".

وشدد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان على أن "الحسين لم يسطر ملحمة عاشوراء حتى يغدو منبراً للانتفاع والاستغلال السياسي المشبوه"، مضيفاً أن "الإمام الحسين أراد أن يكون منبعاً للمحبة والأخوة والوحدة والخير والسعي من أجل الخير والحق وبناء حياة أفضل".

ونوه العلامة الحسيني إلى أن "من يمارسون التطبير والضرب بالسيف في عاشوراء لم يفهموا معنى ثورة الحسين ولا ينتمون لفكره ونهجه"، مضيفاً أن "الحسين لم يضح بنفسه وأهله وأصحابه حتى يعلمنا التطبير واللطم ورمي أنفسنا في الطين".

وفيما يتعلق بتسييس ذكرى عاشوراء، أوضح العلامة د. الحسيني أن "إيران تستغل ذكرى عاشوراء مثل قضية القدس لتسييسها وجعلها منبراً لأغراض خاصة"، مشيراً إلى أن "أكثر البدع والأمور الخرافية والمغالاة والتطرف في قضية عاشوراء إيرانية المنشأ".

وذكر العلامة الحسيني أن "جعل عاشوراء مختصة بشعب أو طائفة أو مذهب تحجيم وتأطير للذكرى"، موضحاً أن "قضية تتخطى حدود الأزمنة والعصور وتصل لمصاف إنساني من الخطأ تحديدها". وإلى نص الحوار:

استخلاص العبر

* عاشوراء ذكرى للتأمل واستخلاص العبر وليست لإشعال الفتن.. ما رأيكم في ذلك؟

- أفضل إجابة لهذا السؤال، نجده فيما قاله الإمام الحسين بهذا الصدد إذ قال، "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي"، إذ أن الإمام الحسين لم يخرج من أجل إشعال الفتن أو فوضى أو ما شابه، بل إنه وعلى العكس من ذلك تماماً أراد القضاء على أسباب الفتنة والفوضى، ولنتمعن ونتأمل معاً هل أن من طلب الإصلاح والتوفيق للناس يتسبب في إلحاق الأذى بهم من خلال إشعال الفتنة؟! بالتأكيد الإجابة بالنفي.

مصالح حزبية وفئوية

* ما رأيكم في من يسعى لتحويل عاشوراء إلى منبر سياسي من أجل مصالح حزبية وفئوية؟

- عاشوراء، هي ذكرى أو بالأحرى مدرسة فكرية تدعو للصلاح والتقويم وهي تقف ضد الفساد والمفسدين، ضد الشر والأشرار، ضد المنتفعين، فالحسين لم يسطر ملحمة عاشوراء حتى يغدو في الأخير دكاناً أو منبراً للانتفاع والاستغلال السياسي المشبوه على حساب من ضحى بنفسه وأهله وأصحابه من أجل الإصلاح والحقيقة، وإن من يفعل ذلك فعاشوراء الحسين بل الحسين نفسه منه بريء.

* البعض يعتبر قضية عاشوراء قضية شعب أو طائفة أو مذهب في حين أنها قضية إنسانية في المقام الأول.. ما رأيكم في ذلك؟

- جعل قضية عاشوراء مختصة بشعب أو طائفة أو مذهب، هو في الحقيقة سعي لتحجيمها وتأطيرها في حين أنها أكبر من ذلك بكثير، إذ أن الشاعر الألماني الكبير غوتە يقول عن قضية عاشوراء، "إن مأساة الحسين هي مأساة للضمير الإنساني كله.. فالحسين جسد الضمير بدفاعه عن القيم الإنسانية الرفيعة"، كما أن المٶرخ الأمريكي المشهور واشنطن إيروينغ يصف تضحية الحسين قائلاً "إن الحسين وطن نفسه لتحمل كل الضغوط والمآسي لأجل إنقاذ الإسلام"، وكما نرى أن قضية تتخطى حدود الأزمنة والعصور وتصل إلى مصاف إنساني من الخطأ تحجيمها وإنزال مستواها إلى أبعد حد، فقضية عاشوراء قضية إسلامية إنسانية لا تحتمل أبداً التحجيم والتحديد.

* كيف يمكن استغلال عاشوراء كي تكون مناسبة دينية توعوية تقصد إبراز العمق الإنساني والحضاري والتربوي؟

- قضية عاشوراء قضية فكرية استهدفت منذ انطلاقها الإصلاح، والسؤال ما المقصود بالإصلاح؟ إنه يعني جعل الأمور في نصابها والقضاء على الفوضى والفساد، فالحسين عندما ضحى بنفسه فإنه لم يضح من أجل طائفة أو مذهب أو حزب أو مجموعة وإنما ضحى بنفسه من أجل الإسلام والإنسانية، وعلى هذا الأساس، هل يعقل أن يقبل الحسين بانقسام أمته واختلافها بسبب عاشوراء؟ بالتأكيد كلا، فعاشوراء تهدف إلى توحيد الأمة الإسلامية ورص صفوفها وزرع كل أسباب الخير والمحبة بينها، ونحن شخصيا قد أكدنا في كتاباتنا وبحوثنا المختلفة على أن عاشوراء قضية من أهم أهدافها جمع الأمة وتوحيدها وليس العكس.

* علماء وفقهاء يعتبرون أن قتل النفس أو إيذاءها قتل ثان للإمام الحسين ويتناقض مع رسالته السمحاء في سبيل جعل الإسلام أسلوب حياة.. ما رأيكم في ذلك؟

- نحن أساساً من موقعنا، نرفض رفضا قاطعا قتل النفس أو إيذاءها وإن ذلك ليس من الإسلام في شيء، فليس من حق الإنسان أن يقتل نفسه لأنه ليس بخالقها في الأساس، وأن هذه النفس، وكما أراد الله وشاء، فإن لها مسار يجب أن تطويه وليس من حق أحد أن يتدخل بهذا السياق ويقتل نفسه ومن قتل نفسه فإنه وبموجب الحكم الشرعي بناءً على ما جاء في القرآن الكريم سيدخل في جهنم خالداً فيها. إن الإمام الحسين أراد أن يرشد الأمة لكل ما فيه الخير والصلاح والمنفعة، فهل يتفق مع ذلك قتل النفس وإيذاؤها؟! بالطبع كلا.

قضية فكرية أخلاقية

* قضية الحسين فكرية أخلاقية هدفها صلاح الإنسان وثقافة الحياة وليس القتل وسفك الدماء.. هل لنا أن نتطرق إلى هذا الأمر؟

- قضية الحسين كما أسلفنا، هي قضية فكرية تمتد جذورها الإسلام وهي تستمد قوتها واستمراريتها منه، لذلك فإنها يجب أن تدعو وتحث لكل ما فيه الخير والصلاح، لأن الإسلام أساساً جاء من أجل خير وهدى الإنسان وجعله على الصراط المستقيم، ومن هنا، فإن قضية الحسين ترفض التعصب والتطرف والمغالاة وترفض ثقافة الموت والظلام وسفك الدماء، لذلك يجب على كل من أراد أن يسبر أغوار قضية الحسين أن يعلم بأن الحسين أراد أن يكون منبعاً للمحبة والأخوة والوحدة والخير والسعي من أجل الخير والحق وبناء حياة أفضل، وهذه هي ثقافة الحياة التي نحن أحوج ما نكون إليها فالحضارة والتقدم يتم التأسيس لها من خلال ثقافة الحياة.

تحريم التطبير

* السيد فضل الله أفتى بعدم جواز التطبير "ضرب الرؤوس" لكونه من موارد الإضرار بالنفس.. إلى أي مدى تتفقون مع هذا الطرح؟

- الذين يمارسون التطبير والضرب بالسيف في ذكرى عاشوراء لم يفهموا معنى ثورة الحسين ولا هم ينتمون إلى فكره ونهجه، وإن خير وسيلة لإحياء الذكرى هي في التشبه بسلوكه، وهو سلوك إسلامي يعمل للحياة الدنيا، كمرحلة انتقالية للحياة الأخرى، أي السعي إلى إقامة حكم الإسلام العادل على الأرض والعيش في ظلاله، فهي دعوة للحياة وليس للنزف والموت عبثاً ولنا وجهة نظرنا ورؤيتنا الواضحة بهذا الصدد والتي تلتقي مع ما قد أفتى به السيد فضل الله، إذ أن كل موارد إيذاء النفس وإلحاق الأذى بها عمداً مرفوضة شرعاً، وإن ما قد جاء في الحديث النبوي الشريف "ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية"، هذا إلى جانب أن التطبير وممارسات سلبية أخرى تشوه قضية عاشوراء، فالحسين لم يضحي بنفسه وأهله وأصحابه حتى يعلمنا التطبير واللطم ورمي أنفسنا في الطين وما شابه، بل إنه ضحى لكي يعلمنا الوعي وكيف نسير لحياة أفضل وكيف نطالب بحقنا في الحياة وكيف نتمسك بالنهج الصحيح.

قراء السيرة الحسينية

* ما هي رسالتكم لقراء السيرة الحسينية؟

- السيرة الحسينية، هي سيرة إسلامية عطرة ولا يجب أبداً إخراجها عن السياق الإسلامي التوحيدي، فالحسين ليس لملة أو طائفة أو فئة معينة وإنما هو للأمة الإسلامية جمعاء، لذلك يجب تحاشي تحديد السيرة بمذهب معين كما يجب الابتعاد عن كل ما هو بدعة وافتراء وأمور مختلقة تم إلصاقها بالسيرة الحسينية كذبا وافتراءً، لذلك يجب الحذر كل الحذر بهذا الخصوص لأن هناك مسؤولية دينية أمام الله تعالى.

وينبغي أن ​تكون ذكرى عاشوراء فرصة للتلاحم والتقارب بين جميع الأديان والمذاهب والابتعاد عن التسييس والتحريض ونبذ الفرقة والعصبية، بالاعتماد على الرواية الصحيحة لأحداث عاشوراء وإلى عرض السيرة الحسينية بصدق تام دون إضافات خاطئة أو بدع وتحريم سب الصحابة وأمهات المؤمنين تحريماً مطلقاً.

ونشدد على ضرورة التصدي للتحريف والبدع وحتى الغلو، وقد نجحنا لأننا نصحنا أبناء طائفتنا ووجهناهم للرجوع للرواية الصادقة لأحداث عاشوراء، وقد قمنا من أجل ذلك بنشر هذه المصادر بعد شرحها وتنقيحها.

إيران وتسييس عاشوراء

* كيف يمكن مواجهة تسييس إيران لذكرى عاشوراء؟

- الأصل في ذكرى عاشوراء هو إبعادها عن الاستغلال السياسي، فهي مناسبة دينية تخص جميع المسلمين، إلا أن إيران ومن أجل مصالحها الخاصة وتحقيق أهدافها وغاياتها المشبوهة، تلجأ دائماً لكل الطرق والأساليب التي تتيح لها ذلك، وإن تسييس ذكرى عاشوراء، يشبه تماماً استغلالها لقضية القدس وجعلها منبراً تستخدمه أيضاً لأغراض خاصة، أهمها تحريف الرأيين العام العربي والإسلامي عن جادة الحق والصواب، كما أن أكثر البدع والأمور الخرافية والمغالاة والتطرف في قضية عاشوراء، هي للأسف إيرانية المنشأ، وعندما نعود للأصول العربية لعاشوراء ولما جاء بهذا الشأن، فإننا لا نجد تلك القضايا السلبية ويجب أن لا ننسى هنا بأن معظم تلك المسائل السلبية تعود أساسا للعهد الصفوي الذي أراد فعلياً شق الصف الإسلامي وزرع التفرقة والاختلاف فيه، لذلك فإن أفضل وأقوى رد ممكن لمواجهة تسييس إيران لذكرى عاشوراء، إنما هو في العمل من جعل عاشوراء ذكرى وقضية تدعو للوحدة الإسلامية ولرص الصفوف وإنها كانت فعلاً كذلك وبهذا فقط نستطيع مواجهة إيران وكل من يتربص بالأمة الإسلامية شراً.

نصيحة للشيعة العرب

* بماذا تنصحون الشيعة العرب مع قرب حلول ذكرى عاشوراء؟

- نصيحتنا للشيعة العرب هي أن يضعوا أمام أعينهم دائماً بأن الحسين لم يخرج لكي يزرع الفرقة والشقاق في أمة جده "ص"، ولم يخرج لكي يدعو إلى أمور وقضايا لا ترتبط بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، الحسين خرج من أجل الإسلام كقضية عامة تهم الأمة الإسلامية جمعاء، وليس من أجل مجموعة أو فئة أو طائفة، وإن على الشيعة العرب أن يثبتوا حقيقة البعد الإسلامي ـ الإنساني للحسين ويبعدون عنه كل ما هو خلاف ذلك.