تونس – منال المبروك، (سكاي نيوز عربية)
لم تخلُ الحملات الدعائية لمترشحي الرئاسة في تونس من مضامين مثيرة للجدل حملتها الصور والكلمات واللافتات التي تغطي جدران الشوارع والمفارق الرئيسية في كافة محافظات البلاد.
ورغم أن القانون الانتخابي يفرض على المترشحين الالتزام بالقوانين في كل مضامين الحملات الإعلامية إلا أن الحملات الدعائية لعدد من المترشحين لم تخل من "تجاوزات" ومناوشات ومهاجمة للمترشحين فيما بينهم أو بين أنصار المرشحين.
انطلاق الحملة الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية المبكرة بتونس في 2 سبتمبر الحالي، أُطلقت البرامج والوعود، برامج رأى البعض أن هدفها فقط دغدغة مشاعر التونسيين لاستمالتهم والحصول على أصواتهم، في حين رأى آخرون أنها واقعية ومهمة إذا طُبّقت على أرض الواقع.
ومع تقدم الحملة الانتخابية بدأ المترشحون في استعمال أسلحة الساعات الأخيرة بإبراز عيوب خصومهم ومواجهتهم بالأخطاء التي ارتكبوها في مسارهم السياسي.
وتناقلت وسائل الإعلام لافتات لحملة المرشح مهدي جمعة يهاجم فيها خصمه يوسف الشاهد، وفيها انتقاد واضح لأحد منافسيه في سباق الرئاسية حيث تضمنت اللافتات الدعائية صورة للمترشح مهدي جمعة وإلى جانبها مضامنين من قبيل "لست شاهدا على الفشل"، "لست شاهدا على الفوضى".
في حين نشرت الصفحة الرسمية لحزب المترشح جمعة، تكذيبا وتبرّأً من هذه المعلقات، إذ أكد فريق الحملة ''أنه تم الإكتفاء منذ بداية الحملة بتركيز لافتات بعنوان مهدي جمعة مستقبل تونس، وأنه لا علاقة لحملة مهدي جمعة بالصور المنشورة التي يبدو أنها غير صحيحة واستعملت فيها تقنية "الفوتوشوب''".
كما أثارت صور لضباط من الجيش استخدمها مرشح الرئاسة ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي في حملته الانتخابية موجة من الجدل بين الأوساط السياسية ورواد الشبكات الاجتماعية وانتقادات بإقحام المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية والمعارك الانتخابية.
ونشر الزبيدي عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" صورا وفيديوهات تضمنت نشاطه الانتخابي، وأخرى تناولت مسيرة الرجل المهنية مرفقة بصور له مع بعض الجنرالات في الجيش.
وعقب ذلك أوضح ركن الدين فتح الله المكلف الإعلامي بحملة المرشح عبد الكريم الزبيدي أن "الصورة المتداولة للزبيدي مع قيادات سامية في الجيش حملت أكثر مما تحتمل من خصوم الرجل بهدف ضرب صورته".
وشدد على أن "الصورة قديمة ومتاحة للجميع ولم يتم تصويرها خصيصا من أجل دعم المرشح، وتم اعتمادها في إطار التطرق لمسيرته المهنية حين شغل أكثر من خطة حكومية، بينها منصب وزير الدفاع حاليا".
ونفى فتح الله أي نية لإقحام المؤسسة العسكرية أو توظيفها من أجل دعم حظوظ الزبيدي، مؤكدا "احترام نواميس المؤسسة العسكرية وحرص المرشح على بقائها على الحياد الذي عرفت به منذ عقود".
وأقر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون بتسجيل العديد من المخالفات خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، مشيراً إلى أن "من بين تلك المخالفات إقامة أنشطة لا يتم الإعلان عنها مسبقاً وتعليق صور في غير أماكنها وتمزيق صور المرشحين، إضافة إلى "التصريحات غير المتوازنة لبعض المرشحين".
وأضاف بفون، في تصريحات إعلامية أن "هناك حماسة زائدة أحيانا في تصريحات بعض المرشحين"، مطالبا المرشحين بأن "يكونوا أكثر توازناً ومسؤولية في تصريحاتهم".
ودعا بفون التونسيين إلى "المشاركة في الاقتراع"، مضيفاً أن "المجتمع المدني لا بد أن يلعب دوره في هذه المسألة وأن يساهم في توعية التونسيين بأهمية وضرورة ممارسة دورهم في الانتخابات".
وبلغ عدد المخالفات الانتخابية التي أحصتها الهيئة منذ انطلاق الحملة الدعائية نحو 300 مخالفة، من بينها وضع بيانات غير مؤشر عليها من قبل الهيئة، إلى جانب استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية وتنظيم أنشطة ميدانية لم يتم التصريح بها.
وقال عضو هيئة الاقتراع أنيس الجربوعي إنه "لوحظ أيضا الترويج لخطابات تحثّ على الكراهية والتمييز واستغلال مؤسسات وفضاءات عمومية كالمستشفيات وأيضاً بالقرب من دور العبادة للدعاية للمرشحين"، لافتاً إلى أنه "يجب الابتعاد عن هذه الفضاءات بحسب المسافة التي حددها القانون".
وأكد أن "المخالفات الكبيرة والمحاضر التي تستوجب إحالتها على النيابة العمومية تقدر بالعشرات"، مشيراً إلى أن "من ضمنها الاعتداء على أعضاء الهيئات الفرعية للانتخابات"، مؤكداً كذلك أن "أغلب هذه المخالفات ارتكبت من قبل مناصري حملات بعض المرشحين وأنه ستتم معاقبة المخالفين".
ويتنافس مرشحو الانتخابات الرئاسية التونسية في كسب عقول وقلوب الناخبين وهم يدركون أن الطريق إلى قصر قرطاج الرئاسي يجب أن يمر بلافتات الدعاية التي تطل من جوانب الطرق الرئيسية، لكن تصميم اللافتات والشعارات أصبح سلاحا ذو حدين في هذه المعركة.
وتستقبل اللافتات الضخمة القادمين إلى البلاد من مطار قرطاج وعبر شوارع العاصمة وصولا إلى الأزقة ذات الملصقات واللافتات الصغيرة.
وتحمل اللافتات شعارات شتى تهدف إلى الإعلان عن أولويات كل مرشح في إدارة البلاد إذا وصل إلى سدة السلطة.
فعلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى شارع الحبيب بورقيبة الأشهر، يطل المرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي بلافتة اتشحت باللون الأحمر المميز لعلم تونس، مع شعار "الفايدة في الفعل"، في إشارة إلى أن المرشح يراهن على ما سينجزه إذا تولى الرئاسة.
وتقول الكاتبة التونسية وفاء الهمامي لموقع سكاي نيوز عربية إن الشعار يعد "أبلغ رد على الانتقادات التي وجهت إلى الزبيدي بأنه غير فعال في التواصل والأساليب الخطابية للتعبير عن برنامجه"، لكنها أيضا أشارت إلى أن الشعار لا يتخطى الأسلوب التقليدي.
كما استخدم الزبيدي شعار "الوفاء للوطن" على بعض لافتاته، وهو بحسب المحلل السياسي خالد عبيد، محاولة لترسيخ صورة لدى التونسيين بأنه ظل وفيا للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حتى آخر لحظة، وهو آخر مسؤول اجتمع به السبسي قبل وفاته.
واختار رئيس الوزراء المرشح عن حزب تحيا تونس يوسف الشاهد أن يظهر بنظرة حادة وخلفه منظر من أرض زراعية مع شعار "تونس أقوى"، في تركيبة دعائية أثارت انتقادات بسبب وضعية تصوير الشاهد التي قال البعض إنها تشبه أحد أفلام الرعب، بحسب الهمامي التي لفتت إلى أن الشعار يظل قويا رغم وضعية التصوير "غير الموفقة التي لم تراع التأثير العكسي لهذه النظرة الحادة في ذهن المتلقي".
لكن عبيد اعتبر أن "تونس أقوى" هو رد على اتهامات للشاهد بأنه غدر بالسبسي، وتحالف مع حركة النهضة الإخوانية.
وقال عبيد إن الشاهد يريد تعويض صورته التي اهتزت بسبب التحالف مع النهضة، بالقول إن "لديه شخصية قوية وليس لعبة في يد الحركة".
واختار مهدي جمعة الذي يمثل حزب البديل التونسي في السباق الرئاسي شعار "مستقبل تونس" ليكون عنوان لافتاته الانتخابية التي روعي فيها لوني العلم التونسي الأحمر والأبيض، متمسكا بالأسلوب "الكلاسيكي" في الدعاية، بحسب الهمامي .
النهضة تقع في فخ شعارها
أما عبد الفتاح مورو، مرشح اللحظة الأخيرة لحركة النهضة، فاستخدم شعار "تونسي.. يشبهني"، ليأتي بعكس ما أرادت الحركة تسويقه ردا على الاتهامات لها بأنها حركة عابرة للحدود لا تؤمن بفكرة الوطن كونها جزءا من تنظيم الإخوان العالمي.
فبحسب عبيد، فإن الشعار "رسخ فكرة في اللاوعي الخاص بحركة النهضة بأنها ليست تونسية ولا تشبه التونسيين".
واستعان مورو بشعار آخر هو "انتخب الأقدر.. تونس الأفضل"، لكنه لم يكن أفضل كثيرا، حيث اعتبرته الهمامي "شعارا يحمل لغة متعالية"، قد يأتي بنتيجة عكسية.
وعلى النقيض، اختار حمادي الجبالي، القيادي السابق في النهضة، والذي يترشح كمستقل، شعار "هيا تونس تستنى"، ليثير موجة من السخرية بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الذين قالوا إن الجبالي يعتبر تونس مثل التاكسي الذي ينتظر الزبائن.
وعلى عكس صور البورتريه التي التزم بها كافة المرشحين، جاء نبيل القروي بصور فيها حركة على لافتاته، تثملت في تقبيل رؤوس أطفال أو محتاجين، للترويج للأعمال الخيرية التي ينخرط فيها رجل الأعمال المثير للجدل والمحتجز حاليا على ذمة قضايا تهرب ضريبي، لكنه لا يزال في السباق الانتخابي.
واستخدم القروي شعار "في قلب تونس"، للتعبير عن قربه من احتياجات المواطنين محدودي الدخل، مع عبارات مثل "بالقلب نقطعوا تسكرة الفقر، وبالقلب نقطعوا تسكرة الفوضى، وغيرها على ذات المنوال.
واعتبرت الهمامي أن القروي أراد توظيف المشكلات الاجتماعية وحاجات الناس في شعاراته، كونه رجل مال وأعمال، فيما يعد من قبيل الدعاية المباشرة التي تفتقد للابتكار كما أنها تستغل احتياجات الفقراء.
"شعبوية" حمة و"ديمقراطية" عبير
ووجد المرشح عن الجبهة الشعبية حمة الهمامي نفسه وسط عاصفة انتقادات بعد أن اختار خلفية زرقاء في لافتات حملته، وذلك كون اللون الأزرق هو اللون المميز لحركة النهضة.
كما أن الشعار الانتخابي لم يكن بعيدا أيضا عن الانتقادات، عندما اختار "يلزمها حمة"، بمعني أن تونس تحتاج إلى حمة، وهو أسلوب اعتبر شعبويا أكثر من اللازم ولا يعطي أي إشارة لأولويات المرشح أو رسالته، بحسب الكاتبة التونسية.
كما أن الهمامي لم يأت بشعار أقوى من الشعار الذي استخدمه في الحملة الرئاسية عام 2014، وهو " ابن الشعب رئيس"، والذي اعتبر شعارا قويا وجلب له نحو 250 ألف صوت.
ومن المآخذ التي طالت المرشحة عن حزب "أمل تونس"، سلمى اللومي هو أنها لم تفصل بين مجالها كسيدة أعمال وبين شعارها "نصنع الأمل"، حيث اعتبر البعض أن حملتها لم تبتدع شيئا مميزا في لافتاتها.
واختارت عبير موسى المترشحة عن الحزب الدستوري الحر شعار "ديمقراطية مسؤولة وحريات مضمونة"، لترد بهذا الشعار على أهم نقاط ضعفها وهي أنها محسوبة على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ويقول عبيد إن "موسى تبعث برسالة بأنها ستحافظ على الديمقراطية والحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة على نظام بن علي، لكن ذلك لا يزال مثار شك بالنسبة لكثيرين".
لكن الشعار الأكثر جدلا في حملة المرشحة هو "عبير الوطن"، والذي اعتبره كثيرون شعارا "نرجسيا فيه تبجيل للذات"، بحسب عبيد.
وعلى الرغم من اعتبار صعوده مفاجئا في بورصة الترشيحات الرئاسية، فإن الشعار الذي اختاره المستقل لطفي المرايحي وهو "صوت العقل"، أراد ترسيخ صورة الرئيس الذي سيلتزم بالحكمة والعقلانية والبعد عن القرارات الانفعالية.
لكن رياح المناظرة الرئاسية يوم الأحد، لم تأت بما يريد المرايحي ترسيخه، حيث ظهر منفعلا في بعض ردوده وقد كسر قواعد المناظرة عندما أتى بكتاب ليستشهد ببعض ما فيه.
ويعتبر عبيد أن الشعارات المستخدمة في الحملات بشكل عام لم تعبر عن برامج المرشحين بقدر ما عبرت عن طبيعة شخصياتهم أو توجهاتهم.
لم تخلُ الحملات الدعائية لمترشحي الرئاسة في تونس من مضامين مثيرة للجدل حملتها الصور والكلمات واللافتات التي تغطي جدران الشوارع والمفارق الرئيسية في كافة محافظات البلاد.
ورغم أن القانون الانتخابي يفرض على المترشحين الالتزام بالقوانين في كل مضامين الحملات الإعلامية إلا أن الحملات الدعائية لعدد من المترشحين لم تخل من "تجاوزات" ومناوشات ومهاجمة للمترشحين فيما بينهم أو بين أنصار المرشحين.
انطلاق الحملة الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية المبكرة بتونس في 2 سبتمبر الحالي، أُطلقت البرامج والوعود، برامج رأى البعض أن هدفها فقط دغدغة مشاعر التونسيين لاستمالتهم والحصول على أصواتهم، في حين رأى آخرون أنها واقعية ومهمة إذا طُبّقت على أرض الواقع.
ومع تقدم الحملة الانتخابية بدأ المترشحون في استعمال أسلحة الساعات الأخيرة بإبراز عيوب خصومهم ومواجهتهم بالأخطاء التي ارتكبوها في مسارهم السياسي.
وتناقلت وسائل الإعلام لافتات لحملة المرشح مهدي جمعة يهاجم فيها خصمه يوسف الشاهد، وفيها انتقاد واضح لأحد منافسيه في سباق الرئاسية حيث تضمنت اللافتات الدعائية صورة للمترشح مهدي جمعة وإلى جانبها مضامنين من قبيل "لست شاهدا على الفشل"، "لست شاهدا على الفوضى".
في حين نشرت الصفحة الرسمية لحزب المترشح جمعة، تكذيبا وتبرّأً من هذه المعلقات، إذ أكد فريق الحملة ''أنه تم الإكتفاء منذ بداية الحملة بتركيز لافتات بعنوان مهدي جمعة مستقبل تونس، وأنه لا علاقة لحملة مهدي جمعة بالصور المنشورة التي يبدو أنها غير صحيحة واستعملت فيها تقنية "الفوتوشوب''".
كما أثارت صور لضباط من الجيش استخدمها مرشح الرئاسة ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي في حملته الانتخابية موجة من الجدل بين الأوساط السياسية ورواد الشبكات الاجتماعية وانتقادات بإقحام المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية والمعارك الانتخابية.
ونشر الزبيدي عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" صورا وفيديوهات تضمنت نشاطه الانتخابي، وأخرى تناولت مسيرة الرجل المهنية مرفقة بصور له مع بعض الجنرالات في الجيش.
وعقب ذلك أوضح ركن الدين فتح الله المكلف الإعلامي بحملة المرشح عبد الكريم الزبيدي أن "الصورة المتداولة للزبيدي مع قيادات سامية في الجيش حملت أكثر مما تحتمل من خصوم الرجل بهدف ضرب صورته".
وشدد على أن "الصورة قديمة ومتاحة للجميع ولم يتم تصويرها خصيصا من أجل دعم المرشح، وتم اعتمادها في إطار التطرق لمسيرته المهنية حين شغل أكثر من خطة حكومية، بينها منصب وزير الدفاع حاليا".
ونفى فتح الله أي نية لإقحام المؤسسة العسكرية أو توظيفها من أجل دعم حظوظ الزبيدي، مؤكدا "احترام نواميس المؤسسة العسكرية وحرص المرشح على بقائها على الحياد الذي عرفت به منذ عقود".
وأقر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون بتسجيل العديد من المخالفات خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، مشيراً إلى أن "من بين تلك المخالفات إقامة أنشطة لا يتم الإعلان عنها مسبقاً وتعليق صور في غير أماكنها وتمزيق صور المرشحين، إضافة إلى "التصريحات غير المتوازنة لبعض المرشحين".
وأضاف بفون، في تصريحات إعلامية أن "هناك حماسة زائدة أحيانا في تصريحات بعض المرشحين"، مطالبا المرشحين بأن "يكونوا أكثر توازناً ومسؤولية في تصريحاتهم".
ودعا بفون التونسيين إلى "المشاركة في الاقتراع"، مضيفاً أن "المجتمع المدني لا بد أن يلعب دوره في هذه المسألة وأن يساهم في توعية التونسيين بأهمية وضرورة ممارسة دورهم في الانتخابات".
وبلغ عدد المخالفات الانتخابية التي أحصتها الهيئة منذ انطلاق الحملة الدعائية نحو 300 مخالفة، من بينها وضع بيانات غير مؤشر عليها من قبل الهيئة، إلى جانب استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية وتنظيم أنشطة ميدانية لم يتم التصريح بها.
وقال عضو هيئة الاقتراع أنيس الجربوعي إنه "لوحظ أيضا الترويج لخطابات تحثّ على الكراهية والتمييز واستغلال مؤسسات وفضاءات عمومية كالمستشفيات وأيضاً بالقرب من دور العبادة للدعاية للمرشحين"، لافتاً إلى أنه "يجب الابتعاد عن هذه الفضاءات بحسب المسافة التي حددها القانون".
وأكد أن "المخالفات الكبيرة والمحاضر التي تستوجب إحالتها على النيابة العمومية تقدر بالعشرات"، مشيراً إلى أن "من ضمنها الاعتداء على أعضاء الهيئات الفرعية للانتخابات"، مؤكداً كذلك أن "أغلب هذه المخالفات ارتكبت من قبل مناصري حملات بعض المرشحين وأنه ستتم معاقبة المخالفين".
ويتنافس مرشحو الانتخابات الرئاسية التونسية في كسب عقول وقلوب الناخبين وهم يدركون أن الطريق إلى قصر قرطاج الرئاسي يجب أن يمر بلافتات الدعاية التي تطل من جوانب الطرق الرئيسية، لكن تصميم اللافتات والشعارات أصبح سلاحا ذو حدين في هذه المعركة.
وتستقبل اللافتات الضخمة القادمين إلى البلاد من مطار قرطاج وعبر شوارع العاصمة وصولا إلى الأزقة ذات الملصقات واللافتات الصغيرة.
وتحمل اللافتات شعارات شتى تهدف إلى الإعلان عن أولويات كل مرشح في إدارة البلاد إذا وصل إلى سدة السلطة.
فعلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى شارع الحبيب بورقيبة الأشهر، يطل المرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي بلافتة اتشحت باللون الأحمر المميز لعلم تونس، مع شعار "الفايدة في الفعل"، في إشارة إلى أن المرشح يراهن على ما سينجزه إذا تولى الرئاسة.
وتقول الكاتبة التونسية وفاء الهمامي لموقع سكاي نيوز عربية إن الشعار يعد "أبلغ رد على الانتقادات التي وجهت إلى الزبيدي بأنه غير فعال في التواصل والأساليب الخطابية للتعبير عن برنامجه"، لكنها أيضا أشارت إلى أن الشعار لا يتخطى الأسلوب التقليدي.
كما استخدم الزبيدي شعار "الوفاء للوطن" على بعض لافتاته، وهو بحسب المحلل السياسي خالد عبيد، محاولة لترسيخ صورة لدى التونسيين بأنه ظل وفيا للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حتى آخر لحظة، وهو آخر مسؤول اجتمع به السبسي قبل وفاته.
واختار رئيس الوزراء المرشح عن حزب تحيا تونس يوسف الشاهد أن يظهر بنظرة حادة وخلفه منظر من أرض زراعية مع شعار "تونس أقوى"، في تركيبة دعائية أثارت انتقادات بسبب وضعية تصوير الشاهد التي قال البعض إنها تشبه أحد أفلام الرعب، بحسب الهمامي التي لفتت إلى أن الشعار يظل قويا رغم وضعية التصوير "غير الموفقة التي لم تراع التأثير العكسي لهذه النظرة الحادة في ذهن المتلقي".
لكن عبيد اعتبر أن "تونس أقوى" هو رد على اتهامات للشاهد بأنه غدر بالسبسي، وتحالف مع حركة النهضة الإخوانية.
وقال عبيد إن الشاهد يريد تعويض صورته التي اهتزت بسبب التحالف مع النهضة، بالقول إن "لديه شخصية قوية وليس لعبة في يد الحركة".
واختار مهدي جمعة الذي يمثل حزب البديل التونسي في السباق الرئاسي شعار "مستقبل تونس" ليكون عنوان لافتاته الانتخابية التي روعي فيها لوني العلم التونسي الأحمر والأبيض، متمسكا بالأسلوب "الكلاسيكي" في الدعاية، بحسب الهمامي .
النهضة تقع في فخ شعارها
أما عبد الفتاح مورو، مرشح اللحظة الأخيرة لحركة النهضة، فاستخدم شعار "تونسي.. يشبهني"، ليأتي بعكس ما أرادت الحركة تسويقه ردا على الاتهامات لها بأنها حركة عابرة للحدود لا تؤمن بفكرة الوطن كونها جزءا من تنظيم الإخوان العالمي.
فبحسب عبيد، فإن الشعار "رسخ فكرة في اللاوعي الخاص بحركة النهضة بأنها ليست تونسية ولا تشبه التونسيين".
واستعان مورو بشعار آخر هو "انتخب الأقدر.. تونس الأفضل"، لكنه لم يكن أفضل كثيرا، حيث اعتبرته الهمامي "شعارا يحمل لغة متعالية"، قد يأتي بنتيجة عكسية.
وعلى النقيض، اختار حمادي الجبالي، القيادي السابق في النهضة، والذي يترشح كمستقل، شعار "هيا تونس تستنى"، ليثير موجة من السخرية بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الذين قالوا إن الجبالي يعتبر تونس مثل التاكسي الذي ينتظر الزبائن.
وعلى عكس صور البورتريه التي التزم بها كافة المرشحين، جاء نبيل القروي بصور فيها حركة على لافتاته، تثملت في تقبيل رؤوس أطفال أو محتاجين، للترويج للأعمال الخيرية التي ينخرط فيها رجل الأعمال المثير للجدل والمحتجز حاليا على ذمة قضايا تهرب ضريبي، لكنه لا يزال في السباق الانتخابي.
واستخدم القروي شعار "في قلب تونس"، للتعبير عن قربه من احتياجات المواطنين محدودي الدخل، مع عبارات مثل "بالقلب نقطعوا تسكرة الفقر، وبالقلب نقطعوا تسكرة الفوضى، وغيرها على ذات المنوال.
واعتبرت الهمامي أن القروي أراد توظيف المشكلات الاجتماعية وحاجات الناس في شعاراته، كونه رجل مال وأعمال، فيما يعد من قبيل الدعاية المباشرة التي تفتقد للابتكار كما أنها تستغل احتياجات الفقراء.
"شعبوية" حمة و"ديمقراطية" عبير
ووجد المرشح عن الجبهة الشعبية حمة الهمامي نفسه وسط عاصفة انتقادات بعد أن اختار خلفية زرقاء في لافتات حملته، وذلك كون اللون الأزرق هو اللون المميز لحركة النهضة.
كما أن الشعار الانتخابي لم يكن بعيدا أيضا عن الانتقادات، عندما اختار "يلزمها حمة"، بمعني أن تونس تحتاج إلى حمة، وهو أسلوب اعتبر شعبويا أكثر من اللازم ولا يعطي أي إشارة لأولويات المرشح أو رسالته، بحسب الكاتبة التونسية.
كما أن الهمامي لم يأت بشعار أقوى من الشعار الذي استخدمه في الحملة الرئاسية عام 2014، وهو " ابن الشعب رئيس"، والذي اعتبر شعارا قويا وجلب له نحو 250 ألف صوت.
ومن المآخذ التي طالت المرشحة عن حزب "أمل تونس"، سلمى اللومي هو أنها لم تفصل بين مجالها كسيدة أعمال وبين شعارها "نصنع الأمل"، حيث اعتبر البعض أن حملتها لم تبتدع شيئا مميزا في لافتاتها.
واختارت عبير موسى المترشحة عن الحزب الدستوري الحر شعار "ديمقراطية مسؤولة وحريات مضمونة"، لترد بهذا الشعار على أهم نقاط ضعفها وهي أنها محسوبة على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ويقول عبيد إن "موسى تبعث برسالة بأنها ستحافظ على الديمقراطية والحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة على نظام بن علي، لكن ذلك لا يزال مثار شك بالنسبة لكثيرين".
لكن الشعار الأكثر جدلا في حملة المرشحة هو "عبير الوطن"، والذي اعتبره كثيرون شعارا "نرجسيا فيه تبجيل للذات"، بحسب عبيد.
وعلى الرغم من اعتبار صعوده مفاجئا في بورصة الترشيحات الرئاسية، فإن الشعار الذي اختاره المستقل لطفي المرايحي وهو "صوت العقل"، أراد ترسيخ صورة الرئيس الذي سيلتزم بالحكمة والعقلانية والبعد عن القرارات الانفعالية.
لكن رياح المناظرة الرئاسية يوم الأحد، لم تأت بما يريد المرايحي ترسيخه، حيث ظهر منفعلا في بعض ردوده وقد كسر قواعد المناظرة عندما أتى بكتاب ليستشهد ببعض ما فيه.
ويعتبر عبيد أن الشعارات المستخدمة في الحملات بشكل عام لم تعبر عن برامج المرشحين بقدر ما عبرت عن طبيعة شخصياتهم أو توجهاتهم.