تونس - منال المبروك

لا تجد الترشيحات النسوية في الانتخابات الرئاسية دعما كبيرا وسط زخم كبير وتنافس شديد بين 26 مترشحا يتسابقون نحو قصر قرطاج الرئاسي، بالرغم من التشريعات التونسية التي وسعت دائرة مشاركة النساء في الحياة السياسية وفرضت التناصف بين الجنسين في القائمات المترشحة للانتخابات البرلمانية.

وتبحث امرأتان هما سلمى اللومي الرقيق، مرشحة حزب "الأمل"، وعبير موسي مرشحة "الحزب الدستوري الحرّ"، عن موطئ قدم في السباق الانتخابي الذي يجرى الأحد 15 سبتمبر الجاري.

وتتصارع الاثنتان من أجل تجميع أكبر عدد من الأصوات والتعاطف الجماهيري، لا سيما النسائي، وتفخر كلتاهما الانتساب للإرث البورقيبي، وأنهما وريثتا الدولة الوطنية وركيزتها مناصرة قضايا المرأة.

ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المرشحتان في التواصل مع الناخبين فإن حظوظهما تبدو ضعيفة جدا بالنظر إلى نتائج سبر الأراء التي تم الكشف عنها، بعد اصطفاف المنظمات النسائية وراء مرشحين ذكور.

وبالإضافة إلى الاصطفاف الرسمي للمنظمات النسوية وراء المرشحين الذكور لا تجد المرشحتين سلمى اللومي وعبير موسى دعما كبيرا من بنات جنسهن اللاتي يراهن على مرشحين رجال جعلتهم يتصدرون نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية.

وتقدم المترشحة سلمى اللومي الرقيق "62 عاما"، الحائزة على درجة الماجستير في الاقتصاد وسيدة الأعمال، نفسها كصانعة للأمل للتونسيين، وهي تخوض الانتخابات تحت هذا الشعار "نصنع الأمل". وتسعى اللومي إلى إيجاد مساحة خاصة لها داخل المشهد السياسي الذي ولجت إليه للمرة الأولى عبر مشاركتها في تأسيس حزب "نداء تونس"، وكانت من بين آخر المغادرين له إثر مؤتمره التأسيسي في وقت سابق من العام الحالي.

وسلمى اللومي هي أول امرأة تونسية تشغل منصب مديرة للديوان الرئاسي في نوفمبر عام 2018، عبر تعيينها بعد أن شغلت لمدة ثلاث سنوات منصب وزيرة السياحة

ودخلت سلمى اللومي التي تنحدر من عائلة اقتصادية كبيرة "تدير واحدة من أكبر المجموعات الاقتصادية في تونس"، عالم السياسة عام 2012 إبان تأسيس الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي لحزب "نداء تونس" الذي شغلت فيه منصب أمينة المال ولعبت هي وعائلتها دورا كبيرا في تكوينه عبر الدعم المادي .

لكن سلمى اللومي ذات الملامح الهادئة والإطلالة الأنيقة لم تؤثر كمرشحة للرئاسة في التونسيين الذين انتقدوا ضعف أدائها الإتصالي خاصة في المناظرات التلفزية التي بدت فيها مرتبكة وغير ملمة بالمسائل التي طرحت عليها .

أما المترشحة عبير موسى "44 عاما" فتبدو أكثر حضورا في الميادين من سلمى اللومي، وتعرف عبير التي تعمل كمحامية والتي سبق أن شغلت منصبا قياديا في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس قبل الثورة بقدرة كبيرة على التواصل والفصاحة وطلاقة اللسان والمحاججة فضلا عن عدائها الشديد للإسلاميين وحركة النهضة.

وتعتمد عبير في الخطاب الذي تسوقه في حملتها الانتخابية على اقصاء الإسلاميين من الحكم ومحاكمتهم غير أن هذا الخطاب الذي يستسيغه عدد كبير من التونسيين لا يشفع لها في الوصول إلى دور متقدم في الانتخابات الرئاسية.

ولا تعدّ موسي حديثة عهد في السياسة، بل كانت قد انتمت إلى حزب "التجمّع" منذ أن كانت طالبة بالجامعة، ما جعلها تدافع عنه بشراسة في المحاكم التونسية، وتسعى إلى الحيلولة دون حله قضائيا قبل أن تعود إلى الظهور مجددا عبر الحزب الدستوري الذي أسسته وتعيد ترتيب صفوف الغاضبين من الثورة والطبقة السياسية التي أفرزتها.

ولا تنتمي المترشحتان، اللومي وموسي، إلى المدرسة السياسية نفسها ولا تنتهجان الممارسة ذاتها، كما لم تدخلا المعترك السياسي بالأساليب أو للغايات نفسها ولكنها تمثلان مسارا طويلا لصراع المرأة التونسية من أجل التقدم إلى الصفوف الأولية في السياسة وتقلد مناصب غير تقليدية بالنسبة لهن ومنها رئاسة الدولة.

وليست هذه المرة التي تخوض فيها نساء تجربة الترشح للانتخابات الرئاسية حيث سبق أن خاضت عام 2014 القاضية كلثوم كنونفس التجربة اعتمادا على رصيد نضالي ضد حكم بن علي غير أنها غادرت السباق بنسبة تصويت ضعيفة.