تونس - منال المبروك

دخل جناحا العدالة في تونس "المحامون والقضاة"، في صراع معلن، بعد إصرار قطاع المحاماة على كشف حقيقة الجهاز السري لحركة النهضة الضالع في الاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس عام 2013 وتسبب في مقتل القيادي اليساري شكري بلعيد والبرلماني محمد البراهمي.

وأعلن فريق الدفاع في قضايا شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إصرار لسان الدفاع على كشف الحقيقة متهما القضاة المتعهدين بالملف بالمماطلة في الإجراءات التحقيقية والخضوع لاملاءات لطمس الحقيقة وتعويم القضية المنشورة في المحاكم منذ ما يزيد عن 4 سنوات.

كما أعلن المحامون في تونس الاستنفار من أجل مؤازرة جهود زملائهم في هيئة الدفاع عن قضية بلعيد معلنين العزم علة تفكيك ملف الجهاز السري لحركة النهضة وإجبار القضاء على البت في القضية.

والجمعة نشرت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وثائق لها علاقة بما يسمى الجهاز السري لحركة النهضة، بعد رفض قاضي التحقيق فتح بحث تحقيقي في الملف أو حفظه.

وتداولت وسائل الإعلام المحلية الجمعة وثيقة صادرة عن هيئة الدفاع قالت إنها أرسلت إلى المدير العام للأمن الوطني بباردو بتاريخ 8 مارس 2015 حول "ورود مراسلة سرية من منطقة الأمن بباردو بتاريخ 7 مارس 2019، مفادها اعتزام مجموعة إرهابية القيام بعملية نوعية لاستهداف مجلس نواب الشعب أو المتحف الأثري بباردو خلال الأيام القادمة".

وجاء في المراسلة "إعطاء التعليمات للوحدات الأمنية المختصة بتعزيز كامل المحيط الداخلي والخارجي لمقر مجلس نواب الشعب وأخذ الحيطة من أية عملية تسلل واردة".

وتساءلت الهيئة، "هل كانت وزارة الداخلية وتحديداً أعوانها ومسؤوليها التابعين للجهاز السري لحركة النهضة على علم بعملية باردو قبل وقوعها بعشرة أيام كاملة ؟هل اختار هؤلاء تسهيل العملية الإرهابية بمتحف باردو في مساعدة موجبة للمساءلة؟ هل كان من الممكن تفادي وقوع تلك العملية الإرهابية ومن ثمة منع وقوع العملية الإرهابية بنزل أمبريال بسوسة لو لم تختر بعض الأطراف المرتبطة بالجهاز السري مساعدة الإرهابيين بالتستر على الوثائق الكاشفة لعملية باردو قبل وقوعها؟".

وكانت عملية باردو الارهابية أسفرت عن مقتل 22 شخصا، 20 منهم من السياح وجرح 45.

وبالتزامن مع تصعيد هيئة الدفاع بثت قناة العربية مساء الجمعة فيلماً وثائقياً يحمل عنوان "الغرف السوداء" حول ما يعرف إعلامياً بـ"الجهاز السري لحركة النهضة".

كما تزامن بث الوثائقي مع ''الأزمة'' بين القضاة والمحامين، التي بدأت باعتصام هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، يوم الخميس الماضي، اعتصاما بمقر المحكمة الابتدائية بتونس 1، وأطلقت حملة تحت شعار "أحفظ والا حيل" دفاعاً عن حقها في الولوج إلى القضاء، مطالبة النيابة العمومية إما بإحالة ملف ما يعرف "بالجهاز السري" لحركة النهضة أو حفظه، ومتهمة إياها بخرق واجب الحياد في هذا الملف.

وتتجه هيئة الدفاع عن قضية بلعيد والبراهمي وفق بلاغ أصدرته هيئة المحامين الأربعاء الماضي إلى إعلام المنظمات الدولية والإقليمية والمقرر الخاص لدى منظمة الأمم المتحدة المعني باستقلال القضاء والمحاماة ولجنة حقوق الإنسان بها بالاعتداءات على المحامين وانتهاك حق الدفاع".

وكان المحامي اليساري رضا الرداوي ورفاقه أعضاء هيئة الدفاع عن الفقيدين بلعيد والبراهمي أدلوا بتصريحات لوسائل الإعلام اتهموا قيادة "النهضة" بإحداث "جهاز سري وبالتجسس على مؤسسات الدولة السيادية والضلوع في العنف السياسي.

ويتزامن عودة الجدل السياسي والقضائي حول ملف الجهاز السري مع الاستحقاقات الانتخابية خصوصا البرلمانية وهو ما سيكون له تأثير على أداء النهضة في هذا الاستحقاق وذلك بعد التراجع الكبير الذي عرفته النهضة في كل المواعيد الانتخابية التي تلت فوزها في أول استحقاق في 2011 ثم بدأ التراجع وآخرها عدم قدرة الإسلاميين على تمرير مرشحهم للرئاسية للدور الثاني.