القاهرة - (العربية نت): كشف مختار نوح القيادي الذي انشق عن جماعة "الإخوان" وشغل من قبل منصب مستشار المرشد، تناقضات جماعة الإخوان، وتصرفاتها التي تستخدم فيها الدين مطية لتحقيق مصالحها.

وكشف أن الجماعة كانت مليئة بالتناقضات، فقد كفر قادتها الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكانوا يعتبرونه ظالما لا يحكم بالإسلام، ثم فوجئ بقادة الجماعة يحيلونه للتحقيق لرفضه ترشح مبارك لفترة رئاسية ثانية في العام 1987، خلال جلسة البرلمان المصري.

وأضاف في مقابلة مع "العربية نت" أنه عندما سأل قادة الجماعة عن السبب وراء قرارهم بإحالته للتحقيق رغم توجيهاتهم وتعليماتهم أن مبارك لا يحكم بالإسلام، أخبروه أنهم لم يصدروا أي فتاوى بذلك.

وأضاف أنه استدعي للتحقيق في مكتب المرشد، فقال للمحققين إن لديه فتوى من قادة الجماعة، بأن هذا الرجل لا يحكم بتعاليم الإسلام، وأن حسن البنا قال إن من لا يحكم بالإسلام لا سمع ولا طاعة له، كما أفتى أحد مشايخ الجماعة بتكفير حسني مبارك، متسائلا كيف تطلبون مني تأييد مبارك رغم أنكم قلت إنه لا يحكم بالإسلام؟

وأشار إلى أنهم اعتبروا ما حدث منه – أي نوح - نوعاً من التجرؤ، وقرروا عقد جلسة للتصويت في مكتب الإرشاد على ترشيح حسني مبارك، ثم قاموا بتعديل نتيجة الجلسة أو بمعنى آخر "زوروا" وتلاعبوا في نتائج التصويت، وكتبوا في نهاية الجلسة تمت بحمد الله، مضيفاً بالقول هكذا الإخوان يزورون التصويت على قراراتهم، وعند إعلان النتيجة يصيحون قائلين الحمد لله وتمت بحمد الله.

وقال إنه ابتداء من العام 1995 سيطر تيار شديد التعصب والعنف على الجماعة وعلى رأسهم محمود غزلان ورشاد البيومي، بالإضافة طبعا لخيرت الشاطر ومحمد بديع ومحمود عزت، وعقب تولي مصطفى مشهور منصب المرشد لجأت الجماعة لتحالفات مع نظام مبارك بأعمق الصور، وتعاملت مع الجهات الأمنية، للحصول على مكاسب.

وأكد مختار نوح أن العمر الافتراضي لجماعة الإخوان قارب على الانتهاء، وفقاً لنظرية عالم الاجتماع الشهير ابن خلدون الذي ربط الإطار التنظيمي لأي جماعة تعمل خارج الإطار التنظيمي والقانوني بسنوات لا تزيد عن قرن، كما أكد كل علماء الاجتماع أن أي جماعة تعمل ضد الدولة أو ضد توجه الدولة لن يزيد عمرها عن قرن.

وأضاف أن الإخوان كجماعة نموذج قوي وواضح جدا لهذا التعريف، وخلال سنواتهم التي استمرت حتى الآن نحو 92 عاما، اعتمدوا على عسكرة الجماعة كي تستطيع البقاء طويلا، رغم ادعائها بأنها ضد العسكر والعسكرة، مؤكدا أن الجماعة في الحقيقة ليست ضد العسكر، بل هي تنظيم عسكري حقيقي، وفي العام 1928 اعتمد حسن البنا بجانب الخطابة والتجييش على التنظيم الخاص، ظنا منه أن التنظيم سيحسم به أي مواجهات.

وأضاف أن التاريخ أثبت أن كل من خرج من الجماعة تألق وازدهر، مثل أحمد السكري الذي كون التنظيم وساهم في تأسيسه، وصار رمزا صوفيا بعد ذلك، والسيد سابق عالم الفقه، والشيخ محمد الغزالي، حتى يوسف القرضاوي ازدهر واشتهر وذاع صيته عندما خرج من الجماعة، وعندما عاد وارتبط بالجماعة مرة أخرى، تعرض لما يعانيه حاليا من ذبول.

وقال إن شخصيات أخرى مثل سالم نجم وأحمد كمال أبو المجد وعادل عيد وطارق البشري وجمال عبد العزيز الفقيه في القانون المدني، كانوا ضمن قيادات الجماعة، وخرجوا منها وتألقوا عقب الخروج، وهذه النظرية لم تتغير والواقع كان يثبت عكسها، لأن الجماعة تعسكرت ومن ضمن العسكرة ألا تسمع سوى لقائدك، مضيفاً أن داخل الجماعة نوازع كثيرة من التناقضات.

وقال إن البنا عندما أسس التنظيم الخاص اعتقد أنه سيخضع لسيطرته، وجعل له أميرا يتبعه، وفوجئ أن الأمير استقل بالتنظيم بعيدا، وأصدر تعليمات باغتيالات دون علمه، موضحاً أن من نتائج هذا الأمر أن أعلن البنا يأسه وخيبة أمله، وقال لو إنني عاد بي الزمن مرة أخرى لبنيت الجماعة على المأثورات.

وكشف نوح أن التنظيم الخاص اضطر أن يعيد تشكيل نفسه من جديد بعد الهزيمة في أزمة العام 1954 عقب محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية، وافتضاح تورطهم في الجريمة، مؤكدا أن صالح سرية وهو زعيم تنظيم الفنية العسكرية وهو تنظيم شن عدة عمليات في مصر منها حادث الفنية العسكرية واغتيالات وصل إلى القاهرة في العام 1971 قادماً من فلسطين وتوجه إلى زينب الغزالي، داعية الإخوان التي استقبلته وقدمته إلى المستشار حسن الهضيبي، المرشد العام للإخوان، وعرفته بمجموعة من الشباب منهم طلال الأنصاري، وإسماعيل الطنطاوي، ويحيى هاشم، وهم الذين كانوا فيما بعد قيادات تنظيمه، وبايعوا جميعا مرشد الإخوان.

وقال إن هذه الواقعة تثبت عدم سلمية الجماعة ولجوءها للعنف فقد أكد طلال الأنصاري أنه حضر البيعة مع صالح سرية، واتفق معهم المرشد على أنهم إذا انتصروا في عملياتهم ونجحوا فالإخوان معهم، وإذا فشلوا فالجماعة ستنفى أي ارتباط بينهم.

وأضاف أن سرية كان ملتزما ونفي تماما في التحقيقات علاقته بجماعة الإخوان رغم بيعته للمرشد، ولم يعترف بكلمة واحدة على الجماعة، رغم علمها بمشاركته في العمليات التي قام بها، وتعمد أن يبدو بمظهر الجاهل حتى يبرئ ذمة الإخوان، وكان هذا دليلا على اعتماد الإخوان على العسكرة والتنظيم السري والجماعات المسلحة لتحقيق أغراضها رغم اتفاقهم مع الرئيس السادات على عدم اللجوء للعنف كشريطة لممارستهم العمل الدعوي وإخراجهم من السجون من جديد.

وأكد نوح أن التنظيم السري الخاص رفض أن تتخلى الجماعة عن فكرة العنف والعسكرة فكون التنظيم القطبي في الستينيات، مع اتباع مبدأ تكفير المجتمع، مؤكداً أن التكفير لم يكن مباحاً خلال عهد حسن البنا، لكنه كان يؤمن بالعسكرة والتنظيم السري ولذلك في المؤتمر الخامس عشر للجماعة طلب البنا أن يأتوه بـ 15 ألف مقاتل ليفتح بها الدنيا وهو تعبير عسكري بحت.

وأضاف أن عسكرة الجماعة استمرت وانتشرت، وعندما اتفق عمر التلمساني، المرشد الأسبق، مع الرئيس الراحل أنور السادات لإعادة الجماعة إلى العمل، وافق السادات بشرط عدم العسكرة وعدم إحياء التنظيم السري، ووافق التلمساني، وقام بتهميش كل أقطاب التنظيم السري مثل محمود عزت وخيرت الشاطر ومحمد بديع، ثم أتى بشباب جدد بعيدين عن الإخوان، مثل عصام العريان وأبو العلا ماضي وعبد المنعم أبو الفتوح، ولكن لم يستسلم التنظيم السري فكونوا تنظيما أخر سريا لا يعلم به عمر التلمساني، وحاول الانقلاب عليه ولكن تمكنت أجهزة الأمن من رصدهم والقبض عليهم وكانوا محور القضية رقم 122 لسنة 83 .

ويقول نوح إن مصطفى مشهور عندما تولى منصب المرشد في عام 1996 منح كل الدعم لعناصر التنظيم السري، وأعاد كل القيادات القطبية مثل محمود عزت وخيرت الشاطر ومحمد بديع، ومن وقتها تحولت الجماعة لجناح عسكري مسلح متصادم مع الدولة.