منذ الثاني من شهر أبريل الماضي، استقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع، واختفى من المشهد السياسي، لكن رموز نظامه أطلت خلال الأيام الماضية من جديد، بعدما أعلن العديد منهم نيتهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة أواخر العام الجاري، ما أثار مخاوف لدى الحراك الشعبي من إمكانية صعود وجه قديم إلى الرئاسة وإعادة استنساخ نظام بوتفليقة.

وبينما تتواصل عملية سحب استمارات الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، أعلنت عدة وجوه من المرحلة السابقة التي ارتبط اسمها بفترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رغبتها في خوض هذا الاستحقاق الانتخابي، بعضها كان مساندا لبرنامجه ودعم ترشحه لولايات متتالية، وآخرون شغلوا مناصب قيادية هامة خلال "عهداته" الأربع.

وأعلن عبد المجيد تبون، رئيس الحكومة السابق وأحد أهم أركان نظام بوتفليقة، ترشحه للانتخابات الرئاسية، كما قرّر حزب المسجون أحمد أويحيى "التجمع الوطني الديمقراطي"، الأحد، ترشيح أمينه العام بالنيابة عز الدين ميهوبي للرئاسة، وهو الذي شغل منصب وزير الثقافة في حكومة شكّلها بوتفليقة (من 2017 إلى 2019)، كما أعلن حزب "التحالف الوطني الجمهوري" ترشيح رئيسه بلقاسم ساحلي وهو من أهمّ الشخصيات الداعمة لبوتفليقة طوال فترة حكمه، في حين ينتظر أن يعلن حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم الذي يتواجد أمينه العام محمد جميعي بسجن الحراش، عن موقفه من الرئاسيات في غضون أيام، وسط توقعات بأن يقوم بتقديم مرشح من رفقاء بوتفليقة.

وهذه الشخصيات والأحزاب، كانت كلها تدعم العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة في انتخابات 18 أبريل الماضي، والتي ألغيت بسبب تظاهرات الحراك الشعبي، ما جعل هذا الأخير يتخوف من إمكانية صعود "أبناء السيستام" من جديد إلى السلطة عبر الانتخابات.

هذه المخاوف برزت على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شنّ النشطاء هجوما واسعا على تلك الأسماء المترشحة، التي حملوها مسؤولية الأزمة السياسية الحالية، مطالبين بضرورة استبعادهم وعدم قبول ترشحاتهم وإقصائهم من المشاركة السياسية، معتبرين أن عودتهم من جديد، فيها استفزاز للحراك الشعبي واستهزاء بمطالبه.

وتعليقاً على الموضوع، رأى القيادي السياسي السابق في حركة النهضة المعارض يوسف خبابة، في تصريح للعربية.نت "أن الحل ليس في منع رموز بوتفليقة من المشاركة والمنافسة في الانتخابات، ولا في الغضب أو مقاطعة التصويت وإنما في إلحاق الهزيمة بهم في صناديق الاقتراع"، مشيرا إلى "أن الوقت مازال للدفع بمنافس قوي يدعمه الحراك، لأنه لا يوجد خيار آخر أمام الجزائريين غير الانتخابات، باعتبار أن ظروف البلد تتعقد سياسيا واقتصاديا، وهو ما يفتح الباب أمام التدخلات والمزايدات الخارجية".

وأعلنت أهمّ أحزاب المعارضة عدم مشاركتها في الانتخابات المرتقبة، وهو ما عزّز المخاوف من أن تكون وراء هذه الخطوة صفقة سياسية مدروسة، من أجل فتح الطريق بالكامل لعودة رموز النظام السابق وفسح المجال لهم للفوز بالانتخابات، خاصة في ظل عدم وجود أسماء وازنة سياسية قادرة على منافستهم، وتوقعات بترشح المزيد منهم خلال الأيام القادمة.