(بوابة العين الإخبارية): بطعم الهزيمة خرجت الأغلبية البرلمانية لحركة النهضة الإخوانية عاجزة عن تشكيل الحكومة، حيث لا تبدو الحركة قادرة على إيجاد تيار سياسي يريد التحالف معها.

وأكد الناطق الرسمي باسم حزب "قلب تونس" حاتم المليكي لـ"العين الإخبارية" أن التوافق مع حركة النهضة أمر غير وارد لأنها تعد الخصم السياسي الذي وقف وراء عملية إقصاء رئيس الحزب نبيل القروي من الانتخابات.

وأوضح أن الأخبار التي تتحدث مضامينها عن وجود صفقة مع الإخوان لإطلاق سراح القروي زائفة ولا علاقة لها بالواقع، داعيا التونسيين إلى الاصطفاف وراء مرشح "قلب تونس" لأنه يملك رؤية وتصوراً للمستقبل وأن برامجه مبنية على المضامين الاقتصادية والتنموية التي بإمكانها إنقاذ تونس من أزماتها الاقتصادية.

وأوضحت قيادات حزب التيار الديمقراطي عدم النية في الدخول في تحالف مع النهضة، كما أن الحزب الدستوري الحر نفت رئيسته عبير موسي قطعيا التفكير في الاقتراب من الإخوان.

وفي ظل النفور السياسي العام من التحالف مع حركة النهضة، يرى مراقبون أن خارطة المشهد البرلماني بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية المأزق الذي سيدخل تونس في أزمة سياسية حادة وعميقة، قد تكون بداية للتفكير في تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي.

فبعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية للانتخابات التشريعية بتقارب المقاعد بين مختلف فرقاء المشهد السياسي التونسي عادت إلى الواجهة أزمة النظام السياسي البرلماني الذي أقره دستور سنة 2014.

ويعد أستاذ القانون الدستوري نور الدين الحرباوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن مخرجات الانتخابات التشريعية التي أعطت 52 مقعداً للإخوان و38 مقعداً لحزب قلب تونس و21 مقعداً للتيار و14 مقعداً لحركة تحيا تونس لا يمكن أن تكون فاتحة لتشكيل حكومة، نظراً لاستحالة التحالف بين الأطراف الفائزة.

ويتطلب تشكيل حكومة في تونس أغلبية 109 أصوات لتمرير القوانين والمصادقة على التشكيلات والتعديلات الحكومية.

وأضاف الحرباوي أن النظام السياسي البرلماني لا ينسجم مع الطبيعة السياسية في تونس، معتبراً أن التفكير بات ضرورياً في تغيير المنظومة السياسية حتى لا تبقى الحياة السياسية رهينة للتشكيلات الحزبية في البرلمان وصراعاتها الفكرية والأيديولوجية.

يؤكد المحامي والناشط السياسي البشير الكتيتي أن عدم قبول العديد من التيارات السياسية الدخول في تحالف مع الإخوان يعود إلى طبيعة الحركة الإسلامية في تونس وإلى عدم جديتها في بناء حياة سياسية سليمة، معتبراً أن التجارب أثبتت أن كل من اقترب من الإخوان انتهى حزبه إلى الاندثار.

وقال الكتيتي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن الذهاب إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها هي فرضية ممكنة في ظل تباعد الرؤى بين الصاعدين إلى المجلس التشريعي وعجز الجميع عن إيجاد الأغلبية الضرورية.

ويعطي الدستور التونسي مهلة شهرين للحزب الفائز في الانتخابات التشريعية لتشكيل الحكومة وفي حال عجزه بإمكان رئيس الجمهورية الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة.

وبيَّن الكتيتي أنه في ظل رفض الأحزاب الفائزة بأكبر عدد من المقاعد مثل "قلب تونس" و"التيار الديمقراطي" و"الحزب الدستوري الحر" الدخول في تحالفات مع النهضة، فإن تشكيل الحكومة يمكن أن يتجاوز المدة القانونية.

من جانبه، أكد الخبير في الجماعات الإسلامية أنس الشابي أن ملفات الإرهاب المتعلقة بحركة النهضة تدفع كل طرف سياسي إلى التفكير أكثر من مرة في التورط معها ضمن تحالف في الحكومة المقبلة، مشيراً إلى أن الحركة الإخوانية يرتبط تمويلها بأطراف مشبوهة تجعلها غريبة عن المشهد السياسي التونسي.

وأضاف الشابي في تصريحاته لـ"العين الإخبارية" أن "متابعته للشأن الإخواني منذ أربعين سنة أوصله إلى قناعة بأنهم جماعة لا تؤمن بالديمقراطية وأن الانتخابات بالنسبة لهم مطية للاستفراد بالحكم ورسم قانون البيعة الذي يجعل المرشد ديكتاتوراً دموياً".

وبخصوص إمكانية ترأس الغنوشي للبرلمان، استبعد الشابي هذه الفرضية، معتبراً أن التكتل المعارض له داخل المجلس النيابي المقبل أكثر من التكتل الموالي له، مصنفاً الحركة الإخوانية بـ"المتطرفة" التي تتناقض مع مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، واعتبر أن كل التجارب الإخوانية فشلت في العالم، ومثلت عنصراً خطراً على البلدان التي مرت بها.