دبي - (العربية نت): أفادت مراسلة "العربية" بأن ساحة رياض الصلح وسط بيروت امتلأت، السبت، بآلاف المحتجين، للمطالبة بتغيير السلطة السياسية، وذلك في اليوم الثالث من التظاهرات، بعد مساء "عاصف" شهدته العاصمة اللبنانية الجمعة، حيث عمد بعض المحتجين إلى الاشتباك مع القوى الأمنية التي ردت بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وأضافت أن المحتجين قطعوا المدخل الشمالي لبيروت، كما عمدوا إلى قطع عدد كبير من الطرقات الرئيسية في المدينة، على الرغم من أن الجيش اللبناني عمد في وقت سابق إلى فتحها.

إلى ذلك، دعت قيادة الجيش المتظاهرين إلى التجاوب مع القوى الأمنية وتسهيل أمور المواطنين.

وفي صور، جنوب لبنان، أفادت مراسلة العربية بأن بعض الأشخاص المؤيدين لحركة أمل "التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري"، اعتدوا على عدد من المحتجين.

كما تجمع عدد من المتظاهرين في منطقة صيدا، مدخل الجنوب اللبناني، محتجين ضد الفساد والنخبة السياسية.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن ناشطين نفذوا وقفة سلمية في ساحة شتوره، أدت لقطع الطريق زحلة في البقاع شرق لبنان.

كما أشارت إلى أنه تم قطع الطريق الدولي عند دوار دورس في منطقة "بعلبك"، التي تعد خزان "حزب الله".

وكانت بيروت استفاقت السبت على مشاهد تكسير طالت عدداً من المحال التجارية في العاصمة اللبنانية، وذلك خلال اليوم الثاني للتظاهرات الحاشدة التي انطلقت في عدة مدن لبنانية، احتجاجاً على الطبقة السياسية برمتها والفساد المستشري والضرائب والأوضاع المعيشية المتردية.

وأكدت مراسلة "العربية" في وقت سابق أن بعض المحتجين قطعوا الطريق في ساحة عبد الحميد كرامي وسط طرابلس شمال لبنان بالمستوعبات والإطارات المشتعلة.

كما أشارت إلى أن أعمال الشغب قسمت الشارع اللبناني بين مؤيد ومعارض، لا سيما بعد أن عمد بعض المحتجين أمس إلى تكسير عدة محال تجارية ومنها محلات "شوكولا" شهيرة يملكها وزير الاتصالات محمد شقير.

إلى ذلك، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام "رسمية"، بأنه تم قطع الطريق المؤدي من السفارة الكويتية إلى ملعب العهد في اتجاه مطار رفيق الحريري الدولي "المطار الوحيد في البلاد"، بالإطارات المشتعلة، قبل أن يعيد الجيش فتحه.

في حين أوضح رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت بأنه "لا يوجد أي تعديل في جدول رحلات طيران الشرق الأوسط، بشرط تأمين وصول طواقم الطائرات إلى مراكز عملهم داخل حرم مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، علماً أنه توجد طواقم رديفة جاهزة في حال تعذر وصول أي من الطواقم".

وكانت قوات الأمن اللبنانية أطلقت مساء الجمعة الغاز المسيل للدموع وطاردت محتجين في العاصمة بيروت إثر خروج عشرات الآلاف في أنحاء لبنان في مسيرات تطالب بإسقاط النخبة السياسية التي يقولون إنها خربت الاقتصاد وأوصلته إلى نقطة الانهيار.

واستخدم بعض المتظاهرين، الذين كان من بينهم ملثمون، قضبانا حديدية لتهشيم واجهات المتاجر في بيروت. كما أغلقوا طرقا وأضرموا النيران في إطارات السيارات.

ولا حقاً أعلنت مديرية الأمن الداخلي في لبنان، في تغريدة عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، ارتفاع عدد الجرحى من عناصرها إلى 52 بعموم البلاد، مشيرة إلى قيامها بتوقيف 70 شخصاً خلال قيامهم بأعمال شغب. وأعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن، السبت، إطلاق سراح معظم الموقوفين خلال الاحتجاجات.

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري ألقى كلمة مساء الجمعة، إلا أنها لم تفلح في تهدئة غضب الشارع.

وأمهل الحريري "شركاءه في الحكومة" 72 ساعة للتوقف عن تعطيل الإصلاحات وإلا فسوف يتبنى نهجاً مختلفاً، في تلميح محتمل لاستقالته. وقال إن لبنان "يمر بظرف عصيب ليس له سابقة في تاريخنا"، لافتاً إلى أن أطرافاً أخرى بالحكومة، لم يسمها، عرقلت مراراً جهوده للمضي في إصلاحات.

ويتوقع أن يعقد الحريري السبت سلسلة اجتماعات في "بيت الوسط"، "بيروت" مع عدد من الأفرقاء السياسيين من أجل مناقشة الحل للوضع الراهن.

وفي هذا السياق، كشف مصدر حكومي لـ"مستقبل ويب"، "التابع لتيار الحريري"، أن رئيس مجلس الوزراء لم يحدد مهلة الـ 72 ساعة من أجل كسب الوقت وإنما بهدف العمل الجدي لاتخاذ القرارات المناسبة. وأضاف المصدر أن الحريري وقبل إلقاء كلمته الجمعة، استنفر فريقه الاقتصادي وبدأ العمل على سلة اقتراحات تحاكي الوضعين المالي والاقتصادي والمطالب الشعبية.

كما أوضح أن ما تردد عن احتمال عقد جلسة لمجلس الوزراء السبت ليس دقيقاً، وإن كان هذا الاحتمال واردا في أي لحظة.

يذكر أن تلك الاحتجاجات التي شهدها لبنان تأتي في وقت يحذر فيه خبراء اقتصاد ومستثمرون ووكالات تصنيف ائتماني من أن الاقتصاد اللبناني المثقل بالدين والنظام المالي المتخم بالفساد على شفا الانهيار أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب التي اجتاحت البلاد في الثمانينيات.

ويعاني لبنان، الذي شهد حرباً أهلية بين عامي 1975 و1990، من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد. وتضرر النمو الاقتصادي بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة. وبلغ معدل البطالة بين الشباب أقل من 35 عاماً 37%.