* نصرالله يحمّل حكومة لبنان المسؤولية.. ولا يؤيد إسقاطها

* الحريري مهدئاً.. "بيت الوسط" خلية نحل لحل أزمة لبنان

* عناصر "أمل" يقمعون متظاهرين جنوب لبنان

* في أول بيان له.. الجيش اللبناني ينحاز للمتظاهرين

بيروت - بديع قرحاني، (وكالات)

لم يصمد الهدوء الحذر الذي ساد العاصمة اللبنانية بيروت ومدن أخرى، لليوم الثالث على التوالي، حيث تجددت وارتفعت حدة الاحتجاجات في وسط بيروت وسط حشود غفيرة هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات.

وشهدت مدينة صور جنوب لبنان ذات الغالبية الشيعية مزيداً من المحتجين والهتافات ضد رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة أمل نبيه بري، وبصورة خاصة بعد نزول مؤيدين وعناصر للحركة بسلاحها والاعتداء على المتظاهرين في محاولة لترهيبهم.

اما في مدينة طرابلس شمال لبنان فقد شهدت حشود كبيرة من أهالي طرابلس من أطباء ومحامين وطلاب، وقد تم إحراق علم حزب التيار الوطني الحر الذي يترأسه وزير الخارجية جبران باسيل ويتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون. وقد بات جليا ان السباق المحموم بين المسؤولين والشارع الغاضب ما بين رغبة سلطوية جامحة استعادة الهدوء في الساعات القليلة المقبلة وما بين إصرار من الحراك الشعبي على إسقاط العهد والحكومة.

وقد دافع امين عام حزب الله نصر الله عن العهد موجها رسالة لكل من يريد أو يدعو لإسقاطه من انهم لم ينجحوا بذلك، معتبرا ان اي تشكيل حكومة جديدة لن يكون سهلا، مضيفا ان "حزب الله" يرفض فرض اية ضرائب على الفقراء وذوي الدخل المحدود".

فيما اعتبر الرئيس السابق أمين الجميّل أن "ما يحصل في بيروت أمر استثنائي وهو تكرار لتظاهرة خروج الجيش السوري"، مشيرا الى ان "كل المناطق اللبنانية تتظاهر اليوم تضامنا مع مطلب إسقاط الحكم".

الجميّل وفي حديث لقناة "العربية"، رأى ان "التظاهرات الكبيرة في لبنان إجابة واضحة على خطاب أمين عام "حزب الله"، لافتا الى ان "الشعب يرفض ممارسات الحزب ويريد السيادة والاستقلال".

فيما رفض معظم المتظاهرين الكلام الذي صدر عن الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران متسألين ماذا يمكن ان يتحقق خلال 72 ساعة ومن لم ينجح خلال 3 سنوات كيف سينجح خلال 72 ساعة.

وبدأ رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري حراكاً "وزارياً" لحل أزمة معيشية تعصف بالبلاد، بلغت ذروتها مع نزول الآلاف من اللبنانيين مطالبين برحيل السلطة.

وأعلن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري في بيان، أنه "في إطار الاتصالات والاجتماعات المكثفة التي يشهدها بيت الوسط السبت للتشاور مع مختلف القوى بشأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسبل الممكنة لمعالجتها، وبعد الكلمة التي وجهها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى اللبنانيين بالأمس، التقى الرئيس الحريري على التوالي كلا من وزير الصناعة وائل أبو فاعور، وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس ووزير المال علي حسن خليل".

وفي هذا الإطار، غرّد الحريري على حسابه عبر "تويتر"، بالقول، "بيت الوسط خلية نحل اليوم: اجتماعات داخلية وأخرى تقنية واتصالات ولقاءات بعيدا عن الإعلام. ومن لقاءاتي المعلنة حتى الآن الوزراء علي حسن خليل، يوسف فنيانوس ووائل أبو فاعور. واللقاءات مستمرة للوصول إلى ما يخدم اللبنانيين".

وفي ثالث يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء البلاد، تدفق آلاف المتظاهرين على شوارع لبنان، السبت، موجهين غضبهم نحو النخبة السياسية التي يلقون عليها بمسؤولية دفع الاقتصاد صوب الهاوية، بينما قالت الرئاسة اللبنانية في تغريدة مقتضبة "سيكون هناك حل مطمئن للأزمة".

وأغلق محتجون في جنوب وشرق وشمال البلاد الطرق، وأحرقوا إطارات سيارات، ونظموا مسيرات في الشوارع، على الرغم من انتشار مسلحين موالين لحركة أمل الشيعية، مدججين بأسلحة ثقيلة لإخافتهم.

وأفاد ناشطون لبنانيون لـ"سكاي نيوز عربية"، السبت، بأن "مسلحين مناصرين لحركة "أمل"، قاموا بقمع المحتجين ومنعوهم من التظاهر في مدينة النبطية جنوب البلاد.

وفي وسط بيروت امتزج الغضب بأجواء احتفالية، وشارك محتجون من كل الأعمار في المظاهرات، ولوحوا بعلم بلادهم وهم يهتفون بشعارات الثورة أمام متاجر راقية ومصارف تحطمت واجهاتها في أعمال شغب شهدتها المنطقة الليلة الماضية.

وقال محمد عواضة "32 عاما" وهو عاطل عن العمل: "البلد يتجه نحو الانهيار الشامل في كل المجالات. هذا النظام فشل في قيادة لبنان ويجب إسقاطه".

وأمهل رئيس الوزراء سعد الحريري الجمعة شركاءه في الحكومة 72 ساعة للاتفاق على إصلاحات من شأنها تجنيب البلاد أزمة اقتصادية، ملمحا لاحتمال استقالته إن لم يحدث هذا.

واندلعت الاضطرابات الأخيرة بدافع الغضب من ارتفاع تكاليف المعيشة، وخطط فرض رسوم جديدة، منها رسوم على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب، وهي خطوة تراجعت عنها السلطات سريعا بعد تفجر أكبر احتجاجات في البلاد منذ أعوام.

وقال الأمين العام لميليشيا "حزب الله" حسن نصر الله، السبت، إنه "لا يؤيد استقالة الحكومة، وإن البلاد ليس لديها متسع من الوقت لمثل هذه الخطوة نظرا للأزمة الاقتصادية الحادة".

وهدد نصرالله بنزول أنصاره إلى الشارع، قائلا، "حركتنا مش بسيطة، إذا ننزل على الشارع ده مش قرار بسيط، يعني البلد كله بيروح لمسار مختلف، إن شالله ما ييجي وقته، وإذا جه وقته ستجدونا جميعًا في الشارع في كل المناطق وسنغير كل المعادلات".

ورفض المتظاهرون تهديد نصر الله، وقال بعضهم: "نحن نريد الدولة، ونرفض دويلة يديرها شخص مختبئ"، في إشارة إلى سلطة حزب الله الواسعة على القرار اللبناني.

وتعليقا على ذلك، قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، في حديث لسكاي نيوز عربية: "يجب إلغاء هيمنة الميليشيات والأحزاب على القرار الرسمي".

ويرى السنيورة أن استقالة الحكومة "لا تعني تغييرا حقيقيا كما يريده الناس بل يجب إلغاء سلطة حزب الله على الدولة. حزب الله يمارس قبضة حديدية على لبنان والحكومة".

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لرد فعل الشارع الرافض لخطاب نصر الله. وفي ساحة رياض الصلح، أكبر الساحات في العاصمة بيروت، أصر المتظاهرون على مطالبهم القاضية بإبعاد كل رموز السلطة الحاكمة عن المشهد السياسي، بما في ذلك حسن نصر الله".

ويشارك متظاهرون من مختلف الطوائف والدوائر في أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ أعوام، ورفع المحتجون لافتات وهتفوا بشعارات تطالب برحيل حكومة الحريري.

وفي جنوب لبنان هاجم مسلحون من حركة أمل، الموالية لرئيس البرلمان نبيه بري، متظاهرين سلميين مزقوا ملصقات لصورته، وهتفوا بشعارات تتهمه بالفساد. ومنعوا فرق التغطية التلفزيونية من تصوير تلك الاحتجاجات.

وفي أول تعليق له، أكد الجيش ، السبت، "تضامنه الكامل" مع مطالب المتظاهرين، في بيان صادر عن مديرية التوجيه في الجيش اللبناني.

وفي مدينة صور الساحلية بالجنوب امتلأت الشوارع بالمحتجين. وقالت سيلفيا يعقوب، وهي مديرة مختبر عمرها 29 عاما: "أنا مشاركة لأنه صار 30 سنة رجال الحرب حاكمين. أنا راح يصير عمري 30 سنة وبعدهم أهلي بيقولوا بكرة أحلى، وأنا ما عم بشوف نهار أحلى إلا إذا أخدت حقي بإيدي.

وتضيف يعقوب "بدنا المصاري المنهوبة، بدنا كلهم يستقيلوا لأنه 30 عائلة حكمت، واحنا 5 ملايين واحد، ما بقى نقبل".

وتعهدت الحكومة، التي تضم كافة الأحزاب اللبنانية تقريبا، بعدم فرض ضرائب جديدة لدى سعيها لإقرار موازنة 2020.

وقال وزير المالية بعد لقاء مع رئيس الوزراء سعد الحريري إنهما اتفقا على موازنة نهائية لا تتضمن أي ضرائب أو رسوم إضافية، وذلك في محاولة لتهدئة احتجاجات واسعة النطاق.

من جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشال عون على تويتر "سيكون هناك حل مطمئن للأزمة".

ومن شأن إقرار الموازنة أن يساعد لبنان على الحصول على مليارات الدولارات التي تعهد بها المانحون الدوليون، شريطة تطبيق إصلاحات طال انتظارها للقضاء على الهدر في الإنفاق وعلى الفساد.