* المتظاهرون يردون على إصلاحات الحريري: إسقاط الحكومة أولاً

* جعجع: نصر الله لا يقرأ إشارات الشارع وعلى الحريري مراجعة علاقته بباسيل

* البطريرك الراعي يدعو لاجتماع عاجل لبحث الأوضاع المأساوية في لبنان

بيروت - بديع قرحاني، (سكاي نيوز عربية، العربية نت)

رد المتظاهرون في لبنان سريعاً على "القرارات الإصلاحية" التي أعلنها رئيس الوزراء سعد الحريري، الاثنين، لتهدئة الاحتجاجات التي دخلت يومها الخامس، وشملت تخفيض رواتب المسؤولين إلى النصف.

ولم يكمل متظاهرون في وسط بيروت الاستماع لكلمة الحريري، وسارعوا إلى ترديد الهتافات ضده تصفه بـ"الكذب" وتدعوه إلى الرحيل.

وعقد ناشطون في التظاهرات مؤتمرا صحفيا في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، أكدوا فيه استمرار الاحتجاجات إلى حين تشكيل حكومة إنقاذ مستقلة ومتخصصة ومصغرة من خارج المنظومة الحاكمة ذات صلاحيات استثنائية.

وقال مواطنون لبنانيون تحدثت إليهم "سكاي نيوز عربية"، إنهم فقدوا الثقة في كلام الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، مؤكدين أنهم سيبقون في الشوارع حتى إسقاط الحكومة والطبقة السياسية.

وتحدث شاب كان يشارك في الاحتجاجات ببيروت، عن قرارات الحريري، ووصفها بأنها "مجرد كلام تكرر في الماضي لكن لم يتغير شيء"، مؤكدا أنه سيبقى كما غير في الشارع حتى إسقاط الحكومة.

وتحدث آخر كان بنفس الاتجاه، معتبرا أنه سيواصل الاحتجاج ضد الحكومة وأن "هؤلاء الذين سرقوا أموالنا".

واعتبرت سيدة أن قرارات الحريري دليل أن "الدولة كاذبة لا نثق بها، فكيف يصدرن قرارات في 72 ساعة كنا نطالب بها منذ 3 سنوات".

وقال شاب كان يلوح بالعلم اللبناني إن السلطة في لبنان " تسرقنا وتريد أن تخدعنا مجددا"، مكررا شعار المتظاهرين الذي رفع منذ بداية الاحتجاجات "كلن يعني كلن "جميعهم"".

وتحدث مراسل "سكاي نيوز عربية" عن ردود فعل غاضبة في مناطق عدة في لبنان على الخطاب، مثل بعلبك وصور وعالية وطرابلس.

وكان الحريري أعلن حزمة إصلاحات اقتصادية في وقت سابق، الاثنين، تضمن خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين.

كما تضمنت الإصلاحات الامتناع عن فرض ضرائب جديدة على اللبنانيين، وتعويضها عبر فرض ضرائب على أرباح البنوك.

واعترف رئيس الحكومة بأن التظاهرات تأتي "نتيجة شعور الشباب بالغضب واليأس"، مؤكدا أنه لن يطلب من المتظاهرين التوقف عن الاحتجاج.

من جهة أخرى، أبدى الحريري تأييده لمطلب المتظاهرين بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

ويشهد لبنان منذ الخميس الماضي احتجاجات عارمة، بعدما أعلنت الحكومة نيتها فرض ضرائب على مكالمات التطبيقات الذكية مثل "واتساب.

وبدتا الضريبة الجديد وكأنها النقطة التي أفاضت الكأس لدى اللبنانيين الذين يقولون إنهم لم يعدوا يتحملوا الأوضاع المتردية، وسوء الخدمات مثل الكهرباء والفساد المستشري في البلاد.

وتتواصل الاحتجاجات الحاشدة في لبنان لليوم الخامس على التوالي، وتحت ضغط الشارع والحراك الشعبي الغاضب التي ذكّرت بعض السياسيين بالمصير الذي انتهى إليه الرئيس الروماني نيكولاي تشاوتشيسكو، أقرت حكومة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، "حكومة عهد عون الأولى"، أو "حكومة التسوية"، التي فرضها "حزب الله" على اللبنانيين، اعلن رئيس الحكومة موازنة 2020 بورقتها الإصلاحية المفترض بالمنطق الحكومي أن تنفس الانتفاضة. لكن الحريري في واد والشعب اللبناني في واد آخر، والشعب الذي يريد إسقاط النظام، لم تعد تشفي غليله الوعود، فالثقة بالطاقم السياسي فقدت، وما أفسده دهر ممارساتهم على مدى ثلاثة عقود لن يصلحه عطار ورقة إصلاحية غير مضمون تنفيذها.

ورقة الشارع تلوح بالانتقال إلى الصفحة التالية، العصيان المدني. دعوة بدأت تتداول فور انتهاء جلسة مجلس الوزراء وتلاوة مضمون الورقة الإصلاحية فإلى أين تتجه البلاد؟ هل يستمر الحراك الشعبي ويتحول إلى ثورة حقيقة.

في الأثناء، توقعت مصادر في أوروبا عبر صدور بيان عن فرنسا أو عن الاتحاد الأوروبي في الساعات المقبلة يؤكد دعم الاستقرار في لبنان، مع الإقرار بأحقية التظاهر لأن الشعب يريد إصلاحات لم تقدم الحكومة عليها حتى الآن. ولابد من تعديل وزاري سريع وإجراء إصلاحات تقنع المتظاهرين لضبط الوضع.

في حين استمرت موجة الغضب الشعبي بكل شجاعة وفخر وإسقاط الخوف بشكل لافت في المناطق ذات الغالبية الشيعية في خطوة قرأت فيها مصادر مراقبة أهم تحول على الساحة اللبنانية، تردد أن اجتماعات متلاحقة عقدت بين مسؤولين من "حزب الله" وحركة "أمل"، من أجل ضبط الانتفاضة داخل الطائفة، غير أن المساعي لم تتمكن من كم الأفواه. وفي السياق ترددت معلومات عن أن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني موجود في بيروت منذ أيام، إلا أن أحداً من مسؤولي الحزب لم يؤكد أو ينفي الخبر.

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري قد أعلن إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء التي عقدت من قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون بغياب وزراء حزب القوات اللبنانية الأربعة الذين قدموا استقالتهم، وقال الحريري إن "هدف الممارسة السياسية هو تأمين كرامة الناس والشعور بالسيادة والاستقلال، وأن يكون هناك خدمات للناس وطبابة وضمان". وقال: "الشباب والصبايا صبروا لوقت طويل واليوم انفجروا للتعبير عن غضبهم والمطالب كثيرة ومحقة، والمهلة التي طلبتها لم أطلبها من الشعب إنّما من الشركاء في الحكومة".

وأعلن عن إقرار "الموازنة بعجز 0.6 من دون أيّ ضرائب، حفض موازنة مجلس الجنوب والإعمار بنسبة 70%، خفض رواتب الوزراء والنواب بنسبة 50%، 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية، إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة وقانون لإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد وإلغاء وزارة الإعلام، ووضع خطة لإلغاء المؤسسات غير الضرورية، إقرار المشاريع الأولى من سيدر لخلق فرص عمل خلال الـ5 سنوات المقبلة".

وتابع، "القرارات التي اتخذناها لا تحقق مطالبكم، ولن أطلب منكم التوقف عن التظاهر، ولا أسمح بتهديدكم وعلى الدولة حمايتكم لأنّكم البوصلة". وختم، "من موقع مسؤوليتي قمت بواجبي وأنتم تطالبون بكرامتكم وصوتكم مسموع، وإذا كانت الانتخابات النيابية المبكرة هي مطلبكم فأنا مستعد".

من جهته، رأى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، أن "المدخل إلى حل الأزمة الراهنة هو في استقالة الحكومة الحالية واعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة مع فريق عمل متجانس لتنفيذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة والورقة الإصلاحية التي اعدها الحريري".

وفي حديث إلى محطة" سكاي نيوز" قال إن "الورقة الإصلاحية التي أعدها الرئيس الحريري جيدة ولكن العبرة في التنفيذ، ولا يمكن تحميل الحريري وحده وزر ما يحصل ويجب إعادة التوازن بين السلطات وأن تكون لدينا الشجاعة والقوة للقول إن ما يقوم به الناس هو حقهم الذي يكفله الدستور".

وأضاف "إذا كانت هناك صعوبة في تشكيل حكومة جديدة، فيجب إجراء تعديل وزاري ووضع حد لاستعلاء البعض وفوقيته ومنهم وزير الخارجية جبران باسيل الذي لم يلامس واقع اللبنانيين بطروحاته".

وتابع "هناك أزمة ثقة بين المواطن والمسؤول حيث إن 60 % من اللبنانيين لم يشاركوا في الانتخابات النيابية الأخيرة، وكانت هذه إشارة تأخر المعنيون في الأخذ بها، كما وصلت غالبية اللبنانيين إلى خط الفقر والعوز، هذه الأوضاع أدت إلى نزول الناس إلى الشارع، ولو متأخرة، وإلى هذه التظاهرات الحضارية والمعبرة عن موقف وطني شامل بعيدا عن أي اعتبارات أو انقسامات. ونجح اللبنانيون في فرض رأيهم والمطلوب إعادة بناء الثقة بينهم وبين السلطة والالتزام بمهلة محددة لتنفيذ ما يجب تنفيذه لا سيما في ملف الكهرباء التي تستنزف الخزينة العامة، علماً أنني كنت قدمت حلاً لازمة الكهرباء في طرابلس تم وضعه في الأدراج ولم يؤخذ به.

ونقلت "الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام" عن رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، قوله في حديث صحافي، إن "على رئيس الحكومة سعد الحريري تقديم استقالته وتشكيل ما أسماها "حكومة الصدمة"".

وأضاف أن "الحكومة التي ستشكل يجب أن تكون بعيدة عن الطبقة السياسية الحالية"، مشيراً إلى أن "حكومة من المستقلين تبدو الحل الوحيد للأزمة الراهنة".

وأضاف، "نحن لا نتحدث عن بديل. يمكن الرئيس سعد الحريري نفسه أن يرأس حكومة المستقلين التي أتحدث عنها".

وأشار جعجع إلى أن "مشكلة رئيس الجمهورية ميشال عون تكمن في أنه لا يسمع نصائح أحد".

وعن مواقف الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله الأخيرة، قال جعجع إنها "تدل على أنه لا يقرأ جيداً الإشارات الواردة من الشارع، بدليل أن الناس لم يتوانوا عن التظاهر في أهم معاقل حزب الله وحركة أمل".

وقال إن على الرئيس الحريري مراجعة علاقته مع الوزير جبران باسيل.

من جهته، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى "اجتماع طارئ لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بمشاركة البطاركة الأورثوذكس، عند التاسعة والنصف من صباح الأربعاء في الصرح البطريركي في بكركي".

ولفت بيان صادر عن الصرح البطركي في بكركي إلى أنه "سيتم بحث الأوضاع المأساوية التي آلت إليها البلاد في ضوء التظاهرات الشعبية ومطالبها المحقة وعلى أثر صدور مقررات اجتماع مجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا" .