(بوابة العين الإخبارية): اعتبرت صحيفة فرنسية أن المظاهرات اللبنانية التي اندلعت قبل عشرة أيام "بمثابة نهضة وطن لكونها تجاوزت الطائفية والانقسامات وتدعو إلى تغيير جذري للسلطة والتخلص من الميليشيا الموالية لإيران".

وحذرت "لوموند" الفرنسية من سعي ميليشيا حزب الله الذي يدين بولائه لإيران من إخماد ثورة اللبنانيين.

وحملت افتتاحية، الصحيفة عنوان "نهضة وطن"، في إشارة إلى الانتفاضة الشعبية التي هزت لبنان منذ عدة أسابيع من كل الطوائف والفئات للمطالبة برحيل النخبة السياسية وتغيير النظام، كافية لإثارة قلق المراقبين الذين اعتادوا على اعتبار بلد الأرز "مجرد صدى للتشنجات في العالم العربي."

وأوضحت أن مئات الآلاف من اللبنانيين من جميع الديانات يتظاهرون يومياً ويطالبون بسلام ليس فقط برحيل رئيس الوزراء سعد الحريري، بل برحيل النخبة السياسية كلها لأنها غير كفء وفاسدة، وتغيير "النظام".

وأشارت "لوموند" إلى أن أهم ما يميز احتجاجات لبنان الأخيرة عن مثيلاتها من الاحتجاجات في بغداد والجزائر أنها ثورة على النظام الطائفي الذي يجزئ المجتمع ويعزل المواطن والنظام العشائري والنهب العشائري للمال العام.

ولفتت إلى أن الإعلان عن فرض ضريبة على المكالمات التي تتم عبر تطبيق "واتساب" كان الشرارة الأولى للاحتجاجات، موضحة أن إلغاءها لم يؤدِ إلى استرضاء المحتجين.

ووفقاً للصحيفة، فإن المحتجين الذين خرجوا في بغداد أو الجزائر، يحتجون على الخلل الوظيفي أو نقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصحة، وضد البطالة المتصاعدة، ولكن في لبنان ضد الدولة التي على وشك الإفلاس والفساد من قادة التشبث بالسلطة، حاملين معهم مكنسة ترمز بوضوح إلى هدفهم: "التنظيف".

وأضافت الصحيفة أن "الاختلاف في لبنان أيضاً هو التمرد ضد الطائفية، هذا النظام الذي تم تطبيقه بعد الحرب الأهلية وأدى إلى تمزيق السلطة، بتقاسمها بين الطوائف المختلفة، ما أدى إلى تقسيم المجتمع وطغيان الطبع العشائري لنهب المال العام".

في المسيرات، يلوح المتظاهرون بالعلم الوطني الأحمر والأبيض الذي يتخلله الأرز، وتغيب جميع الشعارات الأخرى.

وقالت الصحيفة الفرنسية إن هذا المشهد لا يمكن لأحد أن يتخيله من قبل، مشيرة إلى أن "المحتجين يتظاهرون في طرابلس، وهي معقل سني، تضامناً مع هؤلاء الشيعة من صور، الذين تعرضوا لهجوم من قبل الأسلحة الكبيرة من قبل حزب "أمل"، ورئيس البرلمان نبيه بري".

ورأت الصحيفة الفرنسية، أنها المرة الأولى منذ ثلاثين عاماً من انتهاء الحرب الأهلية تشهد البلاد مظاهرات جذرية حاشدة تضم جميع أطياف المجتمع، ولكنها انتفاضة تلقائية لشعب يريد استعادة مصيره دون تصريح زعيم أو حزب.

ووفقاً للصحيفة فإنه "في حين أن البلاد ستحتفل في عام 2020، بالذكرى المئوية لتأسيس لبنان الكبير، وهو دولة ولدت من تفكيك الإمبراطورية العثمانية، ووضعت تحت الانتداب الفرنسي، فإننا نشهد ولادة أمة جديدة بعد مئوية تأسيسها".

وأضافت "لوموند" أن ما وراء العاطفة والسعادة في هذه الساعات التاريخية، تصطدم ديناميكية المجتمع المدني والحراك الشعبي بجمود الطبقة السياسية اللبنانية المتشبثة بالسلطة".

وأوضحت أن الإصلاحات الطموحة التي وعد بها رئيس الوزراء، بما في ذلك تخفيض 50٪ في رواتب الوزراء والنواب، واستنزاف المصارف ومساعدة الفقراء، لم تقنع أحداً، مضيفة أن اللبنانيين كانوا ينظرون إلى خطاب الرئيس ميشال عون على أنه بدون إعلانات ملموسة، وأنه أجوف، لكون البلاد لا تزال مشلولة.

وحذرت الصحيفة من تدخل حزب الله لفض المظاهرات قائلة: "في بلد تنتشر فيه الأسلحة، حيث العداوات مستمرة والقادة السياسيون بارعون في فن البقاء في السلطة بالتحالفات مع المليشيا مثل حزب الله، فإن نتيجة هذه الانتفاضة تبقى غير واضحة".

وفي تقرير آخر للصحيفة نفسها، اعتبرت "لوموند" أن "المشهد السياسي يسيطر عليه اليوم حزب الله" واصفة إياه بتنظيم سياسي ومليشيا تفوقت على الجيش اللبناني.

وقالت إن "حزب الله، دون شك هو أولا في خدمة إيران التي تموله، ويكرس كل جهوده لإخماد الاحتجاجات".

وأشارت الصحيفة إلى أنه في خضم هذه الاحتجاجات، خرج زعيم حزب الله حسن نصر الله عن صمته، يوم الجمعة، على قناة تلفزيونية، لتحذير مئات الآلاف من اللبنانيين الذين كانوا يحتجون على النخبة السياسية خلال الأيام التسعة الماضية، واصفاً إياها بالحرب الأهلية.

ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن نصر الله زعيم الحزب الموالي لإيران، متهم مثل الأحزاب الأخرى بإفقار البلاد من خلال تفضيله الفساد، زاعماً أن الاحتجاجات ستؤدي إلى انهيار البلاد.

وقالت الصحيفة إن المتظاهرين يطالبون باستقالة حكومة سعد الحريري التي تضم حزب الله وحركة أمل التي تضم رئيس مجلس النواب نبيه بري، والخروج عن الطبقة السياسية بأكملها، لأنهم غير قادرين على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.