واشنطن - (العربية نت): كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن التظاهرات الضخمة في العراق تمثل تهديداً جدياً لإيران ووكلائها في بغداد، وأضافت أَن إيران أوعزت إلى ميليشيات عراقية تابعة لها بقنص المتظاهرين في الشوارع وخطف الناشطين البارزين واستهداف وسائل الإعلام للقضاء على الاحتجاجات، وأكدت الصحيفة أن رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي جهز خطاب الاستقالة، لكن إيران ضغطت لمنع الاستقالة، نظراً لأنها لأول مرة تسيطر على الحكم في العراق بشكل كامل.

وفي التفاصيل تقول الصحيفة، من بغداد إلى مدينة كربلاء في الجنوب، يضغط العراقيون من أجل الثورة ويحتشدون في الساحات المركزية بالشباب المتحمس الذي يواجه شرطة مكافحة الشغب عند حلول الليل.

وتضيف الصحيفة أن شوارع العراق ليست غريبة على صراعات السلطة خصوصاً مرحلة الصراع الطائفي وظهور "داعش". لكن الحشود مختلفة هذه المرة بمعنى آخر هذه أكبر حركة شعبية في تاريخ العراق الحديث: جيل جديد نشأ في ظل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ومرحلة ما بعد الغزو والتي هيمنت عليه إيران.

لقد كانت هناك لافتات في الساحة المركزية في بغداد تقول إلى جيل الستينيات والسبعينيات لدينا شجاعة أكثر منكم".

وعلى الرغم من أن الاضطرابات تقتصر على المناطق التي تقطنها أغلبية شيعية، إلا أن رجال الدين البارزين لم يحشدوا لهذه التظاهرات، كما أنها استهدفت نفوذ إيران في العراق، لقد تم إحراق القنصلية الإيرانية في كربلاء، وتمزيق علمها الوطني.

وفي مشاهد تذكرنا بسقوط صدام حسين، استخدم المحتجون أحذيتهم للضرب على صور زعماء الميليشيات المدعومة من طهران وكذلك رموز إيران.

ويقول حارث حسن، وهو زميل غير مقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط: "إذا كان هناك أي شيء، فإن هذه الاحتجاجات تحدت الصيغة الطائفية للحكم، والتي حولت العراقيين من الهوية الوطنية إلى الهوية العرقية والدينية، إنها أكبر حركة شعبية في تاريخ العراق الحديث".

وخوفًا من تآكل نفوذها، تتدخل إيران لحشد رد وحشي، ووفقاً لمسؤولين عراقيين أوعزت إيران إلى ميليشياتها بتكليف قناصة لإطلاق النار على المتظاهرين في الشوارع.

ويقول المسؤولون الحكوميون إن إيران ضغطت هذه المرة على رئيس الوزراء العراقي الضعيف حتى لا يتنحى، وتم إقناعه بأن الاحتجاجات هي مؤامرة أجنبية.

ومع بدء الجولة الأخيرة من الاحتجاجات في الأسبوع الثاني، استشهد ما لا يقل عن 264 شخصاً وأصيب أكثر من 12000، وفقاً للجنة حقوق الإنسان في البلاد.

وأطلقت قوات الأمن العراقية الغاز المسيل للدموع والطلقات الحية في الهواء لتفريق المتظاهرين وسط بغداد الأربعاء، وضربوا الشباب الذين تم القبض عليهم، حيث انتشرت أكبر موجة من المظاهرات المناهضة للحكومة منذ عقود في أنحاء العاصمة وقالت لجنة حقوق الإنسان إن 3 أشخاص على الأقل استشهدوا.

ومنذ 25 أكتوبر، أصبح ميدان التحرير في بغداد رؤية لنوع مختلف من العراق حيث سلطة الحكومة غائبة إلى حد كبير. وهناك شباب ونساء ينظفون الشوارع ويرسمون على الجدران صورا لأبطالهم الثوريين وشهداء الاحتجاجات. وتوافد المئات على الطهي من أجل الحشود.

لقد نشأ ما يقرب من 60% من سكان العراق البالغ عددهم 40 مليون نسمة بنظام سياسي صاغته الولايات المتحدة بعد الإطاحة بصدام حسين في عام 2003. حيث خصص القوة بين الجماعات الدينية والعرقية وهو ما رسخ الفساد وأصبح نظام الحكم وسيلة من خلاله تنشر إيران نفوذها. لقد دعمت إيران ميليشيات قوية تستجيب للدولة من الناحية النظرية ولكنها تعمل بأوامر منها مع ميزة الإفلات من العقاب.

لقد أدهش نمو الاحتجاجات واستمرارها النخب السياسية، حيث بدأت في الأول من أكتوبر باعتباره صرخة صغيرة ضد الفساد وبعدها انتشرت في معظم أنحاء البلاد، على حين غرة.

وخلال زيارته لبغداد في أوائل الشهر الماضي، أخبر سليماني المسؤولين العراقيين أن طهران تعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات، مذكراً أنها قد أصبحت تحت السيطرة عندما اندلعت في إيران سابقاً، وفقاً لما قاله شخصان على علم بالاجتماع.

وتكثفت الحملة الأمنية بسرعة، مع انتشار القناصة على أسطح المنازل، وتم مهاجمة وسائل الإعلام واختطف النشطاء البارزون.

وفي خطبه المتكررة، أعرب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي عن تأييده لمطالب الحشود، واعداً بالإصلاح وندد بالعنف من جميع الأطراف. لكن وعوده المبكرة بالتنحي قد اختفت، وفي خطاب ألقاه أمام الحكومة العراقية الثلاثاء، وصف الاستقالة بأنها "أسهل طريقة".