(بوابة العين الإخبارية): أنهت الانتفاضة اللبنانية، الثلاثاء، شهرها الثاني في مشهد مغاير للذي بدأت عليه في 17 أكتوبر.

الصورة الوطنية الجامعة والسلمية المتسمة بها التحركات الشعبية لوثتها محاولات أحزاب وعلى رأسها ميليشيا "حزب الله"، وحركة أمل؛ لتشويهها وإعادتها إلى "الخنادق الطائفية".

وأكدت الأيام الثلاثة الماضية التي عاشتها بيروت وصيدا وصور والنبطية في الجنوب، السعي لهذا الهدف عبر الاعتداءات والهجومات التي نفذها مناصرون من المليشيا والحركة على خيم المتظاهرين.

وأجمع الباحث والمحلل السياسي لقمان سليم والخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو على ما حققته الانتفاضة على مختلف الأصعدة، مشددين على أنه لا عودة إلى الواقع الذي كان عليه لبنان قبل بدء الحراك.

وقال سليم لـ"العين الإخبارية" إنه "لا شك أن هناك الكثير من المحاولات لإفشال الثورة منذ يومها الأول، ولا بد هنا من التذكير بما حصل بعد 3 أيام على بدء التحركات حيث خرج حسن نصرالله ليهدد ويعلن عن لاءات ثلاثة، هي لا لإسقاط الحكومة لا لإسقاط العهد ولا لانتخابات مبكرة، وكأنه يقول أنا حامي هذا النظام في طائفيته وفساده".

وأضاف: "سقط "لاء استقالة الحكومة" ولا يزالون يعملون اليوم على اللاءات الأخرى المرتبطة بالمحافظة على النظام وعدم إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وكلها عبر محاولات إعادة اللبناني إلى الأقفاص المذهبية والطائفية".

ورأى سليم أن كل هذه المحاولات لا تخرج عن السياق والمخطط الذي اعتمد في العراق، لافتا إلى أنه السيناريو نفسه عبر اعتبار المتظاهرين قطاع طرق وأن الثورة تؤدي إلى الانفلات الأمني.

وتابع، "أي هناك محاولات دائما لوضع الشعب بين خياري الأمن أو القبول بالواقع بما فيه من فساد وفقر ووضع اقتصادي سيئ وبالتالي العودة إلى ما قبل 17 أكتوبر، وهذا ما لن يحصل".

ويعتبر سليم أنهم قد يحققون نجاحات صغيرة في هذه المحاولات، موضحا "الإيجابية في هذا الأمر أن هذا الواقع المرير هو الذي يجمع اللبنانيين ومنهم بيئة حزب الله وحركة أمل ويجعلهم يخرجون إلى الشارع مطالبين بحقوقهم"، متسائلا "قد تدفع قطر الدولارات لنصرالله كي يؤمن رواتب مقاتليه والموظفين في مؤسساته لكن هل هو قادر على أن يدفع الرواتب لكل من يطرد من عمله؟".

وتوقع أن تتزايد محاولات ضرب الثورة من قبل أحزاب السلطة التي شبّهها سليم بـ"المجرم الذي يحاول الهروب"، عبر الإشكالات الأمنية.

وأشار إلى أنه "من التسرع الاعتقاد أن المجتمع اللبناني خرج نهائيا من الطائفية والمذهبية، لكن يمكن التأكيد أن العودة إلى الأقفاص المذهبية صعبة"، ملمحا إلى أنه قد تبقى محاولات الثورة المضادة، برأس حربتها مليشيا حزب الله وحركة أمل، مستمرة في الفترة المقبلة.

من جهته، قال خليل الحلو إن محاولات إجهاض الثورة وخرقها لتحويلها إلى طائفية مذهبية، بدأت منذ اليوم الأول للتحركات الشعبية.

وأضاف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، "أذكر أن هناك 17 هجوماً نفذت على خيم المتظاهرين في وسط بيروت، بينها ما يمكن وصفه بالغزوات، وفق المصطلحات العسكرية".

وأكد أن تلك المحاولات لم تنجح "بل قابلها إصرار على المواصلة ضد الطبقة السياسية بحيث وصلت إلى مقر البرلمان اللبناني وأطلقت هتافات ضد رئيسه نبيه بري وهو الذي كان يعتبر من المحرمات، وهذا ما أدى إلى ردة الفعل العنيفة من قبل مناصري حزب الله وحركة أمل".

ولم ينف الحلو أنه مع كل هذه المحاولات التي فشلت، هناك خوف من العودة إلى الطائفية، مذكراً بما حدث عبر ردة فعل أهالي المناطق التي كانت مستهدفة بالفتنة الطائفية، على غرار طرابلس وعين الرمانة وطريق الجديدة.

واتهم الحلو كل أحزاب السلطة عبر أجهزتها الخبيثة بإجهاض التحركات الشعبية.

وشدد على ضرورة وعي المتظاهرين لعدم ترك الفرصة للثورة المضادة، لافتاً إلى أن "التيار الوطني الحر يلعب رأس حربة في هذا الإطار إذ يأتي ليدعي أنه هو الانتفاضة الذي لطالما طالب بمطالبها بينما هو وغيره من أحزاب السلطة على رأس الفساد".

وتابع الحلو أن هناك 3 فئات من الشعب والمتظاهرين، منهم سيصمم على الاستمرار رافضا العودة إلى الوراء متمسكا بالسلمية التي اتسمت بها، ومنهم من قد يخاف من النزول إلى الشارع مع تأييده للثورة، ومنهم من سيعود إلى الزواريب الطائفية على غرار ما شاهدناه في الأيام الأخيرة.