بيروت - (العربية نت): يقف "حزب الله" مُربكاً أمام الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان منذ سنوات وزادت حدّتها منذ انطلاق الحراك الشعبي في 17 أكتوبر الماضي، من مكتفياً تارةً بتحميل مسؤوليتها إلى قوى سياسية أخرى، وطوراً بوضعها ضمن إطار "المؤامرة" الغربية ضده من أجل إخضاعه سياسياً، على الرغم من إصراره على المشاركة في الحكومة.
وعلى وقع ضربات قوية مني بها مؤخراً في سوريا، والعقوبات الأمريكية الضاغطة على كوادره، لا يبدو أن الحزب الذي سميت حكومة لبنان الوليدة باسمه، رغم إعلان رئيسها أنها محايدة، قادر على تخطي تلك الأزمة العميقة.
فرغم امتلاكه ترسانة عسكرية كبيرة جعلته رقماً صعباً في المعادلة السياسية في لبنان، وهو ما وضع "مفتاح" تشكيل الحكومة في جيبه مؤخراً، مع أنه تمثّل فيها سابقاً بوزارات لا تُعدّ "دسمة" خدماتياً وفق المفهوم اللبناني للوزارات باستثناء الحكومات الثلاث الأخيرة في عهد حليفه الرئيس ميشال عون، حيث أسندت إليه وزارة الصحة، إلا أنه ورغم انتقاده للسياسيات الاقتصادية السابقة عجز عن تقديم أي حل، ورفض في الوقت عينه أي حلول أجنبية.
فقد انتقد قبل أيام التعامل مع مؤسسات دولية ذات خبرة في معالجة الأزمات الاقتصادية تحت حجّة أنها أدوات "استكبار" تابعة للولايات المتحدة الأمريكية.
وبرز في السياق معارضته السماح لصندوق النقد الدولي بإدارة الأزمة المالية، وجاء ذلك على لسان نعيم قاسم نائب الأمين العام للحزب بقوله "لا نقبل أن نخضع لأدوات استكبارية في العلاج.. يعني لا نقبل الخضوع لصندوق النقد الدولي ليُدير الأزمة".
وأتى رفض حزب الله لمساعدة صندوق النقد الدولي ليس لأنه يفرض إجراءات قاسية، إنما خوفاً من أن تطال "وصفة" الإصلاحات مداخيله، وفرض رقابة دولية صارمة على المرافق العامة التي تخضع لسيطرته مثل مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي والمعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية، وهو ما يحدّ من حرية الحركة العسكرية ودورة الاقتصاد البديل لحزب الله.
وفي هذا السياق، لفت الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر لـ"العربية.نت" إلى "أن حزب الله لم يُعطِ موقفاً في البداية من طلب مساعدة صندوق النقد الدولي، لكن عندما بدأ الموقف الأمريكي يتدرّج تباعاً من ضرورة الإصلاحات الاقتصادية إلى أهمية الاستقرار السياسي الذي يتأمّن من خلال ترسيم الحدود وضبطها والالتزام بالقرار 1701 وهو ما قاله صراحةً وزير الخارجية مايك بومبيو في مؤتمر ميونخ أخيراً واجتماع مجموعة العشرين، أتت ردّة فعل الحزب الرافضة لمساعدة صندوق النقد الدولي".
كما أضاف "أن حزب الله لم يعد يستطيع اللعب على حبلي تناقضات المواقف الدولية تجاه لبنان، لأن معظمها اليوم تشدد على ضرورة الالتزام بالإصلاحات وأن مدخل المساعدات لن يكون إلا من باب صندوق النقد الدولي، لأنه يملك الأدوات التقنية لمعالجة أزمة لبنان المعقّدة، كما أن صندوق النقد هو "الضمانة" لتنفيذ الإصلاحات".
وأوضح "الإصلاحات لم تعد كافية اليوم وهي بحاجة أيضاً إلى سيولة لا يستطيع تأمينها سوى صندوق النقد، خصوصاً أن الدول الخليجية تراجعت عن وضع ودائع في المصارف اللبنانية، وهي كما المجتمع الدولي تطالب بالإصلاحات أولاً كمدخل أساسي للمساعدات المالية".
من جانبه، لفت الأكاديمي والناشط السياسي، مكرم رباح، لـ"العربية.نت" إلى "أن حزب الله أنشئ على أساس تنظيم عسكري يدّعي المقاومة، من هنا لا يملك إلا القوّة العسكرية ويفتقد إلى نموذج القوّة الناعمة أي الاقتصاد، فهو قد ينتصر في بعض المعارك العسكرية إلا أنه يفشل أمام التحدّيات الداخلية، لاسيما الاقتصادية منها.
وأوضح "أن الضغط الاقتصادي الذي يعاني منه حزب الله والذي بدأ مع العقوبات الأميركية عليه وأخيراً انتفاضة مناطق شيعية محسوبة عليه في الجنوب والبقاع، جعله يقف عاجزاً امام مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية".
إلى ذلك، اعتبر رباح "أن حزب الله بات "الحلقة الأضعف" في ظل هذه التحديات، خصوصاً مع سقوط التسوية السياسية بين حليفه "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل و"تيار المستقبل" برئاسة الرئيس سعد الحريري نتيجة التطورات السياسية الأخيرة بعد استقالة الرئيس الحريري وخروجه من السلطة وانضمامه الى صفوف المعارضة ضد حكومة الرئيس حسان دياب".
وأشار إلى "أن المجتمع الدولي رفع غطاءه عن لبنان بعدما باتت السلطة السياسية بيد حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر أي رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل، من هنا بات الحزب الحلقة الأضعف، خصوصاً أنه عاجز عن إيجاد حلول عملية للأزمة الاقتصادية والمالية".
وفي 17 أكتوبر الماضي، خرج اللبنانيون للتظاهر في الساحات تحت شعار واحد "كلن يعني كلّن" وتحميل الطبقة السياسية وحزب الله من ضمنها مسؤولية ما وصلت إليه البلد، بعدما أدركوا أن عدوهم في الداخل "فساد الطبقة السياسية"، وليس محتلاً خارجياً أو مؤثراً إقليمياً.
وتميّزت الاحتجاجات الراهنة في إقدام المتظاهرين من مختلف الأطياف، ولأول مرة، على انتقاد زعمائهم الطائفيين، لا سيما في الجنوب "الذي يضم شريحة واسعة من الشيعة".
وينبع غضب شيعة لبنان، بحسب رباح "من ضيق حالهم الاقتصادية التي يتحمّل فيها حزب الله مسؤولية كبيرة، وذلك بسبب "تغطيته" للفاسدين في الدولة ومن هدروا المال العام على مدى سنوات".
وختم قائلاً "استطاع حزب الله قمع الانتفاضة الشيعية بالقوّة في المناطق المحسوبة عليه في جنوب لبنان وفي البقاع، علماً أن المحتجّين لم يرفعوا شعارات سياسية متعلّقة بمسألة سلاحه، وإنما مطالب معيشية، إلا أن نار هذه الانتفاضة لم ولن تخمد وستعود لتشتعل مجدداً في ظل تأزّم الوضعين الاقتصادي والمالي".
وعلى وقع ضربات قوية مني بها مؤخراً في سوريا، والعقوبات الأمريكية الضاغطة على كوادره، لا يبدو أن الحزب الذي سميت حكومة لبنان الوليدة باسمه، رغم إعلان رئيسها أنها محايدة، قادر على تخطي تلك الأزمة العميقة.
فرغم امتلاكه ترسانة عسكرية كبيرة جعلته رقماً صعباً في المعادلة السياسية في لبنان، وهو ما وضع "مفتاح" تشكيل الحكومة في جيبه مؤخراً، مع أنه تمثّل فيها سابقاً بوزارات لا تُعدّ "دسمة" خدماتياً وفق المفهوم اللبناني للوزارات باستثناء الحكومات الثلاث الأخيرة في عهد حليفه الرئيس ميشال عون، حيث أسندت إليه وزارة الصحة، إلا أنه ورغم انتقاده للسياسيات الاقتصادية السابقة عجز عن تقديم أي حل، ورفض في الوقت عينه أي حلول أجنبية.
فقد انتقد قبل أيام التعامل مع مؤسسات دولية ذات خبرة في معالجة الأزمات الاقتصادية تحت حجّة أنها أدوات "استكبار" تابعة للولايات المتحدة الأمريكية.
وبرز في السياق معارضته السماح لصندوق النقد الدولي بإدارة الأزمة المالية، وجاء ذلك على لسان نعيم قاسم نائب الأمين العام للحزب بقوله "لا نقبل أن نخضع لأدوات استكبارية في العلاج.. يعني لا نقبل الخضوع لصندوق النقد الدولي ليُدير الأزمة".
وأتى رفض حزب الله لمساعدة صندوق النقد الدولي ليس لأنه يفرض إجراءات قاسية، إنما خوفاً من أن تطال "وصفة" الإصلاحات مداخيله، وفرض رقابة دولية صارمة على المرافق العامة التي تخضع لسيطرته مثل مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي والمعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية، وهو ما يحدّ من حرية الحركة العسكرية ودورة الاقتصاد البديل لحزب الله.
وفي هذا السياق، لفت الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر لـ"العربية.نت" إلى "أن حزب الله لم يُعطِ موقفاً في البداية من طلب مساعدة صندوق النقد الدولي، لكن عندما بدأ الموقف الأمريكي يتدرّج تباعاً من ضرورة الإصلاحات الاقتصادية إلى أهمية الاستقرار السياسي الذي يتأمّن من خلال ترسيم الحدود وضبطها والالتزام بالقرار 1701 وهو ما قاله صراحةً وزير الخارجية مايك بومبيو في مؤتمر ميونخ أخيراً واجتماع مجموعة العشرين، أتت ردّة فعل الحزب الرافضة لمساعدة صندوق النقد الدولي".
كما أضاف "أن حزب الله لم يعد يستطيع اللعب على حبلي تناقضات المواقف الدولية تجاه لبنان، لأن معظمها اليوم تشدد على ضرورة الالتزام بالإصلاحات وأن مدخل المساعدات لن يكون إلا من باب صندوق النقد الدولي، لأنه يملك الأدوات التقنية لمعالجة أزمة لبنان المعقّدة، كما أن صندوق النقد هو "الضمانة" لتنفيذ الإصلاحات".
وأوضح "الإصلاحات لم تعد كافية اليوم وهي بحاجة أيضاً إلى سيولة لا يستطيع تأمينها سوى صندوق النقد، خصوصاً أن الدول الخليجية تراجعت عن وضع ودائع في المصارف اللبنانية، وهي كما المجتمع الدولي تطالب بالإصلاحات أولاً كمدخل أساسي للمساعدات المالية".
من جانبه، لفت الأكاديمي والناشط السياسي، مكرم رباح، لـ"العربية.نت" إلى "أن حزب الله أنشئ على أساس تنظيم عسكري يدّعي المقاومة، من هنا لا يملك إلا القوّة العسكرية ويفتقد إلى نموذج القوّة الناعمة أي الاقتصاد، فهو قد ينتصر في بعض المعارك العسكرية إلا أنه يفشل أمام التحدّيات الداخلية، لاسيما الاقتصادية منها.
وأوضح "أن الضغط الاقتصادي الذي يعاني منه حزب الله والذي بدأ مع العقوبات الأميركية عليه وأخيراً انتفاضة مناطق شيعية محسوبة عليه في الجنوب والبقاع، جعله يقف عاجزاً امام مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية".
إلى ذلك، اعتبر رباح "أن حزب الله بات "الحلقة الأضعف" في ظل هذه التحديات، خصوصاً مع سقوط التسوية السياسية بين حليفه "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل و"تيار المستقبل" برئاسة الرئيس سعد الحريري نتيجة التطورات السياسية الأخيرة بعد استقالة الرئيس الحريري وخروجه من السلطة وانضمامه الى صفوف المعارضة ضد حكومة الرئيس حسان دياب".
وأشار إلى "أن المجتمع الدولي رفع غطاءه عن لبنان بعدما باتت السلطة السياسية بيد حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر أي رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل، من هنا بات الحزب الحلقة الأضعف، خصوصاً أنه عاجز عن إيجاد حلول عملية للأزمة الاقتصادية والمالية".
وفي 17 أكتوبر الماضي، خرج اللبنانيون للتظاهر في الساحات تحت شعار واحد "كلن يعني كلّن" وتحميل الطبقة السياسية وحزب الله من ضمنها مسؤولية ما وصلت إليه البلد، بعدما أدركوا أن عدوهم في الداخل "فساد الطبقة السياسية"، وليس محتلاً خارجياً أو مؤثراً إقليمياً.
وتميّزت الاحتجاجات الراهنة في إقدام المتظاهرين من مختلف الأطياف، ولأول مرة، على انتقاد زعمائهم الطائفيين، لا سيما في الجنوب "الذي يضم شريحة واسعة من الشيعة".
وينبع غضب شيعة لبنان، بحسب رباح "من ضيق حالهم الاقتصادية التي يتحمّل فيها حزب الله مسؤولية كبيرة، وذلك بسبب "تغطيته" للفاسدين في الدولة ومن هدروا المال العام على مدى سنوات".
وختم قائلاً "استطاع حزب الله قمع الانتفاضة الشيعية بالقوّة في المناطق المحسوبة عليه في جنوب لبنان وفي البقاع، علماً أن المحتجّين لم يرفعوا شعارات سياسية متعلّقة بمسألة سلاحه، وإنما مطالب معيشية، إلا أن نار هذه الانتفاضة لم ولن تخمد وستعود لتشتعل مجدداً في ظل تأزّم الوضعين الاقتصادي والمالي".