بيروت - (بوابة العين الإخبارية): أثار اعتراف رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب بالعجز عن حماية شعبه موجة غضب وانتقادات واسعة ودعوات إلى الاستقالة، واعتبره الكثيرون إقراراً بالفشل.

وشكّل حديث رئيس الحكومة، أمام أعضاء السلك القنصلي الفخري في لبنان، صدمة في أوساط السياسيين واللبنانيين على حد سواء، وهو ما استدعى رداً من دياب، معتبراً أن كلامه اجتزئ من سياقه.

وإضافة إلى المواقف السياسية والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، سجّل محتجون موقفهم من الحكومة بإقفال الطرق في عدد من المناطق، مساء الإثنين.

وقطع عدد من الناشطين أوتوستراد الجية "طريق الجنوب"، بالاتجاهين احتجاجاً على خطاب دياب، فيما قام آخرون بالخطوة نفسها عند تقاطع المدينة الرياضية في بيروت، وقطع طريق تعلبايا "البقاع" بالاتجاهين.

وفي طرابلس بالشمال أيضاً، قطع طريق البحصاص لفترة وجيزة من قبل المحتجين، رفضا لكلام دياب.

وردا على ما تردد من رئيس الحكومة اللبنانية، دعا وزير الشؤون الاجتماعية السابق، ريشار قيومجيان، دياب إلى الاستقالة.

وقال في حسابه على "تويتر"، "ليس المطلوب النعي ووصف واقع الدولة المزري بل إنقاذ البلاد من الانهيار المالي والاقتصادي. ‫انزعوا القيود التي تكبّلكم واضربوا الفساد بالجنازير التي تتحكم بالإدارة والمؤسسات. ‫حرروا قراركم من وصاية الأولياء. ‫تحملوا مسؤولياتكم... وإلا استقيلوا".‬‬

الموقف نفسه عبّر عنه النائب في "حزب الكتائب" نديم الجميل، وقال "كلام رئيس الحكومة اليوم ليس إلّا تأكيد لفشل الحكومة والفريق الذي تمثّله وغياب خطتها ورؤيتها السياسية والاقتصادية والمعيشية، رغم مرور شهر على نيلها الثقة لم نرَ أي إنجاز أو تقدم".

وأضاف، عبر "تويتر" أن "الشعب أراد حكومة اختصاصيين ورفض هذه الحكومة المقنّعة منذ اليوم الأول! تحمّلوا مسؤولياتكم أو ارحلوا".

ولم تختلف ردة فعل "تيار المستقبل" على كلام دياب، وهو ما عبّرت عنه النائبة في "كتلته النيابية، رلى الطبش واصفة دياب برئيس حكومة العاجزين.

وكتبت على حسابها على "تويتر" قائلة: "كما كان متوقعاً ‏فقد فشلت الحكومة، وبلسان رئيسها اليوم، في تحمل مسؤولياتها، وفي مواجهة التحديات الخطيرة ‏التي طالت هذه المرة صحة اللبنانييين".‏

وأضافت الطبش، "بعد التلكؤ والاستهتار والإنكار الحكومي، وجد الشعب اللبناني نفسه ضحية ‏اختصاصيين سمحوا لوباء معدي أن يدخل البلاد، بتقصير فاضح وقد يكون مقصوداً، فإذ بنا ‏اليوم أمام وطن في حجر صحي، وكأنه اللي فينا لم يكفينا!".

وتساءلت، "ألم يحن وقت الرحيل يا دولة ‏رئيس حكومة العاجزين؟"‏.

وفي الإطار نفسه، قال مسؤول الإعلام والتواصل في "حزب القوات اللبنانية" شارل جبور لـ "العين الإخبارية"، إن "ما قاله رئيس الحكومة بشأن عجز الدولة عن تأمين حياة أبنائها، هي القناعة التي كنا قد توصلنا إليها في حزب القوات اللبنانية عندما كنا في الحكومة ووصلنا إلى قناعة استحالة التغيير في ظل الأكثرية الحاكمة "في إشارة الى حزب الله والتيار الوطني" وبالتالي اتخذنا قرارا للاستقالة من الحكومة".

وأضاف، "لكن اليوم رئيس الحكومة هو في موقع المسؤولية وعليه اتخاذ قرارات مصيرية والتأكيد على أن مجلس الوزراء لا يخضع لشروط وإملاءات، وإن كانت الوقائع في كيفية التعاطي مع الملفات الأساسية، من الموازنة العامة إلى ملف فيروس كورونا وأخيراً التعامل مع صندوق النقد الدولي، غير مطمئنة وسيئة للغاية".

ولفت جبور إلى أنه "إذا كانت الحكومة مجرد استمرار لسابقاتها وعاجزة عن تأمين الحماية للبنانيين من خلال خطوات سريعة نعم عليها الرحيل فوراً للإتيان بحكومة أخرى تملك تصوراً إنقاذياً للوضع القائم في لبنان وإعادة تشكيل السلطة برمتها".

وكان دياب قال أمام أعضاء السلك القنصلي الفخري في لبنان "بكل صراحة، لم تعد هذه الدولة، في ظل واقعها الراهن، قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم. وبكل شفافية، فقدت هذه الدولة ثقة اللبنانيين بها. وبواقعية، تراجع نبض العلاقة بين الناس والدولة إلى حدود التوقف الكامل".

وتابع، "اليوم نحن أمام معضلات كبرى، بينما آليات الدولة ما تزال مكبلة بقيود طائفية صدئة، وجنازير فساد محكمة، وأثقال حسابات فئوية متعددة، وفقدان توازن في الإدارة، وانعدام رؤية في المؤسسات".

وأضاف، "لقد جاءت هذه الحكومة وهي تعلم أن حملها ثقيل، وأن مهمتها معقدة، لكننا مصممون على تفكيك هذه التعقيدات، وعلى الانتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة، ومعالجة المشكلات المزمنة".

وأشار إلى أن "هذه الحكومة اختارت أن تحمل كرة النار، وهي تعمل على تخفيف لهيبها كي لا تحرق التراب بعد أن أحرقت الأخضر واليابس. ولا خيار أمامنا إلا السير على طريق الجلجلة، مهما كان الوجع، لأن الخيارات الأخرى هي أخطر بكثير".

وبعد الانتقادات التي وجهت له ودعته إلى الاستقالة، عاد دياب وأصدر بياناً اعتبر فيه أنه تم اجتزاء كلامه.

وقال "مرّة جديدة، تلجأ الأوركسترا نفسها إلى التزوير واجتزاء الحقائق للتشويه والتحريض. وللأسف، فإن البعض ينجرف، طوعاً أو جهلاً، فيُصدر مواقف تدلّ عن سوء نيّة أو عن تواطؤ أو عن ببغائية في ترديد ما يسمع دون أن يقرأ".

وأضاف أن "رئيس مجلس الوزراء صارح الناس بواقع وحقائق عن نظرة الناس إلى الدولة، لكنه قال بالفم الملآن، تكراراً وإصراراً، أنه سيحمل مع الحكومة كرة النار، وأنه مصمّم على معالجة المشكلات المزمنة وعلى الانتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة".