المصدر: دبي- العربية.نت

لا شك أن صراخ بعض الموجودين الذي علا في لقطات فيديو التقطها مصور في حي تقطنه أغلبية مسيحية في العاصمة اللبنانية المنكوبة، خلال زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس إلى منطقة الجميزة القريبة من مرفأ بيروت الذي سوي بالأرض إثر انفجار الثلاثاء الدامي، حمل دلالات عدة.

فقد صدحت أصوات لبنانيين غاضبين، مطالبين الضيف الفرنسي بـ"تخليص لبنان من حزب الله"، بالإضافة إلى عدم إعطاء الأموال للحكام الذين وصفوهم بالفاسدين.

في حين قال شخص آخر من بين المتجمهرين حول ماكرون طالبا المساعدة من فرنسا القوة الاستعمارية السابقة للبنان "سيادة الرئيس أنت في شارع

الجنرال غورو. وقد حررنا هو من العثمانيين. حررنا أنت من السلطات

الحالية".



شظايا الغضب تطال حزب الله

فكل هذا الغضب الذي طفا إلى السطح مع انفجار 2750 طنا من نيترات الأمونيوم خزن في عنبر بمرفأ بيروت وسط إهمال غير مسبوق من السياسيين والمسؤولين المعنيين، حتى تفجرت مدمرة مدينة بأكملها، تفجر في وجه الطبقة السياسية الحاكمة برمتها، وطالت شظاياه بقوة هذه المرة حزب الله المدعوم من إيران.

فإلى جانب الأصوات التي تعالت اليوم محيطة بماكرون، أصوات انتقادات أخرى عمت وسائل الاعلام المحلية ومواقع التواصل، لم توفر بطبيعة الحال الحزب المسلح الوحيد في البلاد، والمشارك في السلطة المتهمة بالفساد.

بدوره اتهم رئيس حزب القوات اللبنانية (من أكبر الأحزاب المسيحية في البلاد) سمير جعجع أطرافا وقوى لم يسمها باحتمال الاستفادة من تلك المواد.

بدوره شدد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على عدم استقالة نوابه من البرلمان من أجل منع حلف حزب الله من السيطرة على المجلس النيابي.



ظل الثورة

وتعليقا على مشهد الغضب هذا، قالت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهي يحيى لوكالة فرانس برس "في أي بلد آخر، كانت الحكومة لتستقيل" عقب انفجار تداعياته كارثية إلى هذا الحد".

وأضافت"مجرّد وجود كمية بهذا الحجم من نيترات الأمونيوم مخزّنة في مرفأ بين المدنيين من دون اجراءات احترازية يشكّل اهمالا جرميا".

من جهته، اعتبر الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار أن انفجار المرفأ قد "ينفخ الروح مجدداً في الثورة".

كما أعرب عن اعتقاده بأن "اللبنانيين سيكونون اليوم أكثر تصميماً على محاسبة الطبقة السياسية، الفاسدة حتى النخاع".

إلى ذلك، توقّع بيطار أن تكون الموجة الثانية من الاحتجاجات الشعبية "أكثر قسوة من المرحلة الأولى، وستنزلق نحو العنف".



فترة حرجة لحزب الله

من جهتها، رأت مها يحيى أنه إذا كان الإنفجار سيدفع المتظاهرين إلى التصعيد مجدداً تحت شعار "كلن يعني كلن"، فإنه أيضاً "قد يدفع بالكثيرين" إلى اختيار طريق المنفى بحثاً عن بداية جديدة.

وفي حين أعلن حزب الله أمس تأجيل خطاب أمينه العام حسن نصرالله من دون تحديد موعد جديد، رأت يحيى أن هؤلاء "سيخضعون أيضاً للمسائلة، لأنهم جزء لا يتجزأ من النظام الحاكم"، مشيرة إلى اتهامات حول نفوذ الحزب في إدارة المرفأ أو "التهريب عبره" على الأقل.

ويعدّ حزب الله لاعباً رئيسياً والطرف الأقوى في البلاد على الأرض لا سيما مع ترسانته العسكرية، ولطالما شكّل نزع سلاحه عنواناً خلافياً بين القوى السياسية

وازداد الغضب الشعبي على حزب الله خلال الفترة الماضية خصوصاً مع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.

يأتي هذا في وقت يواجه حزب الله كذلك استحقاقاً مهماً، إذ أنه كان من المفترض أن تنطق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الجمعة بالحكم في حق أربعة متهمين من عناصره وقادته في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005، قبل أن تعلن تأجيل الجلسة إلى 18 آب/أغسطس"احتراماً لضحايا" الانفجار.