دخلت الأزمة الصومالية منعطفا سياسيا كبيرا قبل أيام، وسط تصاعد الأحداث المتعلقة بأزمة الانتخابات الرئاسية، ومحاولات الرئيس الحالي الموالي لقطر تأجيلها حتى يتمكن من بناء تحالفات قوية تجعله قادرا على البقاء في السلطة لولاية جديدة.
وقبل أيام، أكدت رئيسة مفوضية الانتخابات المستقلة حليمة إسماعيل إبراهيم، عدم إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بنظام "شخص واحد لصوت واحد" في موعدها المحدد، فيما أعلن رئيس مجلس الشعب الصومالي محمد مرسل شيخ عبد الرحمن حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء حسن علي خيري الذي يريد إجراء الانتخابات في موعدها.
واتهم رئيس مجلس الشعب الحكومة الفيدرالية بالفشل في إجراء الانتخابات وتحديد وضع العاصمة مقديشو وإكمال صياغة الدستور.
وفي السياق، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الرئاسة الصومالية ضالعة في مشروع حجب الثقة عن الحكومة بسبب الخلاف بين الرئيس محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء حسن علي خيري حول الانتخابات القادمة، مؤكدة أن ما جرى جزء من مشروع التمديد الذي تسعى إليه الرئاسة الصومالية بدعم من رئاسة مجلس الشعب للبقاء لولاية جديدة.
تمدد قطري
وكان عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي، زعيم حزب ودجر الصومالي المعارض، أوضح في تصريحات سابقة لـ"العربية.نت" أن الدوحة تسعى وتضغط بقوة لتأجيل الانتخابات الرئاسية حتى تتمكن من الإبقاء على الرئيس الحالي والطبقة المحيطة به من السياسيين الموالين لها، الذين يجتمع بهم سفير الدوحة بانتظام في مقديشو.
ولفت إلى أن قطر تمددت عميقا في البلاد، وأصبحت تتحكم في أعضاء الحكومة الحالية بحيث لا يصدر قرار دون مشورة سفيرها، مؤكدا أن القيادات الصومالية ورؤساء الولايات بدأوا تحركات مكثفة لتغيير الوضع الحالي، الذي تحاول قطر تجميده لصالح الرئيس والإسلاميين، وقاموا بعقد مؤتمر تشاوري في مدينة طوسمريب، عاصمة ولاية غالمودوغ، واتفقوا على ألا يتم تمديد الفترة الرئاسية الحالية، وإجراء الانتخابات في موعدها.
ولاية جديدة
بدوره، أكد عبدالله إبراهيم، أمين عام حزب العهد الصومالي المعارض ومدير مركز شرق إفريقيا للدراسات، أن الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو يريد البقاء على مقعده لولاية جديدة، لذا يتمسك بالنموذج الانتخابي عبر الاقتراع المباشر، الذي يصعب تنفيذه فعليا.
وقال لـ"العربية.نت" إن رئيسة اللجنة الانتخابية الصومالية حليمة إبراهيم دعت في 29 يونيو الماضي، إلى تأجيل الانتخابات لمدة 13 شهرًا واقترحت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة شهر أغسطس 2021 كموعد لأول انتخابات في البلاد على أساس صوت واحد لشخص واحد وجاء هذا الإعلان خلال عرض تقرير في البرلمان.
وتضمن الخطاب المقدم إلى مجلس النواب، بحسب إبراهيم، مقترحات بشأن تسجيل يوم واحد للناخبين تهدف إلى جمع 3 ملايين ناخب على الأقل، إذا تمت الموافقة عليها، فيمكن بعد عملية تخطيط لوجستي مدتها تسعة أشهر الانتهاء من إدراج الناخبين في مارس 2021، وستكون ميزانية هذه العملية 46 مليون دولار، وتوفر 500 مركز اقتراع لإجراء الانتخابات، فيما استبعدت اللجنة الوطنية المستقلة إمكانية إجراء عملية التسجيل البيومترية للناخبين لكلفتها.
وأبلغت اللجنة البرلمان أنه لم يتم تسهيل إجراء الانتخابات في موعدها مطلع العام القادم، كما هو مطلوب، بسبب الافتقار إلى إطار انتخابي مناسب حيث لا ينص قانون الانتخابات في البلاد، الذي أقره البرلمان مؤخراً ووقعه الرئيس، على أحكام لتمثيل بعض الفئات والناخبين.
عراقيل متعمدة
في حين رأى أمين عام حزب العهد أن تأجيل الانتخابات لموعد آخر بعيد هو استراتيجية يتم ترسيخها لصالح فارماجو الذي يعاني من تدهور شعبيته، وهو ما رفضه رئيس وزراء الصومال حسن خيري بشكل قاطع، لذلك قرر البرلمان معاداته فيما ينظر إلى رئيس المفوضية على أنه يمنح الرئيس فارماجو مسارًا سياسيًا واضحًا لتأجيل الانتخابات لتمديد فترة ولايته.
كما عدد العراقيل التي تضعها السلطة لتأجيل الانتخابات، منها أن اللجنة لم تلتزم حتى الآن بقانون الانتخابات لأنها غير قادرة على إجراء تسجيل الناخبين البيومتري على النحو المنصوص عليه في القانون، كما أن قانون الانتخابات لا يزال غير كامل لأن وضع العاصمة مقديشو غير محدد في القانون ولم يتم تسوية عدد الدوائر أو المقاعد فيها وهي عراقيل متعمدة من جانب فرماجو لتأجيل الانتخابات، علاوة على ذلك، لا يعالج القانون الحالي بشكل حصري عدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد التي سيتم تخصيصها للنساء في مجلسي البرلمان وتمثيل صوماليلاند في البرلمان الوطني.
وختم قائلاً إن فارماجو يسعى لتأجيل الانتخابات ليمنح نفسه المزيد من الوقت من أجل حشد الدعم السياسي عبر جميع الفئات العمرية والعشائر والشباب والتواصل مع سلطات الدولة الإقليمية التي تعارض بشدة حكمه لتأمين فترة رئاسية ثانية، فيما تحشد القوى السياسية والأحزاب المعارضة كل قواها لإسقاطه في الانتخابات والدفع بمرشح قوي يعيد للصومال سيادته ويخلصها من حكم رجالات قطر.