العربية.نت
دعا البطريرك الماروني، اليوم الأحد، إلى استقالة الحكومة اللبنانية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وكان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وجه نداء إلى دول العالم، جاء فيه: "بيروت مدينة منكوبة، كارثة حلت فيها نتيجة الانفجار الغامض الذي وقع في مرفئها، بيروت عروس الشرق وقبلة الغرب جريحة، كأنها ساحة حرب من دون حرب. دمار وخراب في كل شوارعها وأحيائها وبيوتها. لقد استشهد عشرات المواطنات والمواطنين، وأصيب ألوف الأشخاص وتهدمت مستشفيات وكنائس ومنازل ومؤسسات وفنادق ومتاجر ومختلف المرافق العامة والخاصة، وتشرد مئات العائلات من دون مأوى. حصل كل ذلك والدولة في حالة انهيار اقتصادي ومالي يجعلها عاجزة عن مواجهة هذه الكارثة الإنسانية والعمرانية، والشعب اللبناني في حالة فقر وعوز".
وأضاف أن الكنيسة التي وضعت شبكة إغاثة على كامل الأراضي اللبنانية، ترى نفسها اليوم أمام واجب كبير آخر هي عاجزة بقواها الذاتية عن تحمله، لكنها متضامنة بالكلية مع المنكوبين وأهالي الضحايا والجرحى والمشردين الذين تستقبلهم في مؤسساتها.
وأضاف "نوجه تحية إلى البابا فرنسيس مع شكره على صلاته يوم الأربعاء والنداء الذي وجهه للأسرة الدولية لمساعدة أهل بيروت، نود توجيه عاطفة شكر وتقدير للرئيس الفرنسي السيد إيمانويل ماكرون على الساعات المليئة بالعاطفة التي قضاها في بيروت وقد سبقته طائرات المساعدات الفرنسية"، معتبرا أن "زيارته التفقدية للمرفأ وشارع الجميزة عزت أبناء بيروت وشجعتهم ووضعت المسؤولين أمام خطورة مسؤولياتهم وحجم تقصيرهم، بهذه الزيارة شارك الرئيس الفرنسي اللبنانيين إرادتهم في إنقاذ لبنان وبها جدد ميثاق الصداقة اللبنانية الذي يعود إلى ألف عام، وميزة زيارته أنها تؤمن بكيان لبنان ووحدته وبالشراكة المسيحية الإسلامية".
ولفت الراعي إلى أن "التغيير مهما كان عمقه يجب أن ينطلق من نظامنا الديمقراطي ودستورنا وميثاقنا الوطني وثوابتنا الوطنية التاريخية"، مشيرا إلى أن "لقاء الرئيس ماكرون مع الشعب دعوة للسلطة كي تصغي إلى صوت الشعب والثورة وإلى نداءات المجتمع الدولي المتكررة من الدول الكبرى إلى الاتحاد الأوروبي التي حثت المسؤولين حكومة ومجلساً نيابيا على سماع صوت الشعب وتغيير الأداء وإجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد والحياد عن الصراعات واحترام القرارات الدولية وإشراك الأجيال الجديدة في حكم البلاد لكن كل نداءات العالم ذهبت سدى فتفاقمت الأوضاع وعمت المحاصصة وتناثرت مؤسسات الدولة أشلاء كزجاج بيروت". وقال: "إن ما شهدناه بالأمس من تحركات شعبية غاضبة يؤكد على نفاد صبر الشعب اللبناني ويدل على التصميم في التغيير إلى الأفضل لكن في الوقت عينه نبدي حزننا لسقوط شهيد من قوى الأمن الداخلي".
وتساءل "ألا يستوجب كل ذلك مضافا إلى كارثة بيروت قرارات جريئة في دولة ديمقراطية تعيد النظر في التركيبة الحاكمة وطريقة حكمها، فلا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، حيث يجب الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها إذا باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد وإجراء انتخابات نيابية مبكرة".
وكان البطريرك الماروني قد أكد في عظة الأحد الماضي، أن الأزمات المالية والاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان، وحالة التفكك وفقدان الثقة الشعبية في الدولة اللبنانية ومسؤوليها السياسيين، سببها الولاءات للخارج والخلافات على الحصص والخروج عن الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني التي أُقرت في مؤتمر الطائف.
وأكد بطريرك الموارنة أن الوضع الراهن في لبنان لا يمكن له الاستمرار، بعدما تعرض عمل المؤسسات للشلل، وفي ظل الإمعان بالانقسام السياسي وضرب الحياة الاقتصادية وإفراغ خزينة الدولة ودخول الشعب في حالة الفقر والبطالة والحرمان.
وشدد على أن خروج لبنان من الأزمات المتعددة الراهنة، يتطلب العودة إلى نظام الحياد الذي تأسست عليه سياسة لبنان الخارجية منذ عام 1943، بعدم الدخول في أحلاف ومحاور وصراعات سياسية وحروب إقليمية ودولية، وتعاطف الدولة مع قضايا حقوق الإنسان وحرية الشعوب، لاسيما القضايا العربية التي تجمع عليها دولها والأمم المتحدة، وتعزيز الدولة اللبنانية لتكون قوية عسكريا بجيشها وتدافع عن نفسها بوجه أي اعتداء، سواء من إسرائيل أو أي دولة أخرى.