العربية نت
لم يعد التململ في لبنان ضد حزب الله سرا لا سيما داخل الطائفة الشيعية في ظل ما تواجهه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وظروف معيشية غير مستقرة.
فالنقمة في صفوف العديد من اللبنانيين الشيعة الذين يشكّلون بيئة حزب الله تزداد يومياً وظهرت بشكل واضح وعلني مع انطلاقة الحراك الشعبي في 17 أكتوبر الماضي، حيث شهدت مناطق في جنوب لبنان والبقاع محسوبة عليه تحرّكات شعبية تحت شعار "كلّن يعني كلّن" تتهم الطبقة السياسية بمن فيها حزب الله بإيصال البلد إلى ما هو عليه من تدهور اقتصادي وأزمة مالية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب منذ عقود.
ورغم غياب ملامح الاعتراض والغضب في الفترة الأخيرة كمثل قطع الطرقات وإحراق الدواليب كما حصل مع انطلاق التظاهرات الشعبية، إلا أن ما يجري داخل المناطق ذات الغالبية الشيعية المنتمية إلى "حزب الله" يؤشر إلى وجود غضب ونقمة على سياسات الحزب يتم التعبير عنها بشكل علني، حيث يجاهر بها أصحابها أمام الناس دون خوف.
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والصحافي صبحي منذر ياغي ابن مدينة بعلبك المحسوبة على حزب الله لـ"العربية.نت": "أن بيئة حزب الله مثلها مثل بقية البيئات السياسية تعاني من تراجع أوضاعها المعيشية بسبب سياسات المنظومة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى الإفلاس. غير أن اللافت في ما يجري داخل البيئة الشيعية المنتمية إلى حزب الله أن التعبير عن النقمة لم يعد خلف الجدران والجلسات الضيّقة وإنما أصبح علنيا ويطال فساد الحزب وسلاحه، ما يؤكد أن حاجز الخوف قد كُسر، وأن الناس لم تعد تحتمل السكوت عن لقمة عيشها".
كما لفت إلى "أن هذه النقمة ضد حزب الله ليست وليدة الأزمة الاقتصادية التي نعيشها وتمتد جذورها منذ العام 1992، إلا أنها ظهرت بشكل رسمي وعلني في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي حصلت في العام 2018، إذ إن نسبة الاقتراع في محافظ بعلبك-الهرمل تراجعت بشكل "لافت" مقارنةً بالانتخابات السابقة، ولولا سياسات الترهيب والتخويف التي مورست ضد الناخبين من جانب حزب الله لانقلبت نتائج الانتخابات لمصلحة المعارضين للحزب".
ولعل أكثر ما يدفع بالبيئة الشيعية المحسوبة على حزب الله إلى التعبير عن غضبها من سياسته كما يقول ياغي، تراجع القدرة الشرائية بسبب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ما أدى إلى ارتفاع جنوني بأسعار المواد الاستهلاكية فضلاً عن شحّ بعضها مثل المحروقات بسبب عجز مصرف لبنان عن فتح اعتمادات لتمويل استيرادها نتيجة تراجع الاحتياطي بالعملات الأجنبية.
إلى ذلك، أكد ياغي أن "الجوع كافر وكل الحواجز تسقط أمامه، لذلك تتوسّع رقعة النقمة ضد حزب الله باعتباره جزءاً من المنظومة الحاكمة التي أفقرت الناس". وقال: "أنا ألتقي بأشخاص محسوبين على الحزب يعبّرون بشكل صريح عن غضبهم من سياسات الحزب وحليفه حركة أمل، وطوابير الذل أمام محطات البنزين في البقاع بسبب تقنين التزوّد بالوقود زادت من حجم النقمة".
دولار الحزب يؤجج الغضب
وفي ظل الشح بالدولار الذي بدأ منذ أكتوبر العام الماضي، يُفاخر حزب الله بأنه لا يزال يدفع بالدولار لعناصره والعاملين في مؤسساته، لكن تبيّن أن المستفيد من "العملة الخضراء" هم فقط اللصيقون بالحزب في حين أن جمهوره الأوسع يعاني من تبعات انهيار الليرة وتراجع قيمة الرواتب، فالحد الأدنى للأجور المحدد بـ 675 ألف ليرة لبنانية بات يساوي 84 دولاراً، وفقاً لسعر الدولار الجديد (8000 ليرة)، بعدما كان 450 دولاراً.
إلى ذلك، أضاف ياغي "أن حزب الله وبسبب تراجع عائداته من إيران نتيجة العقوبات حصر رواتب الدولار بالمقاتلين فقط بينما حوّل رواتب الموظفين داخل مؤسساته إلى الليرة بعدما كانوا يتقاضونها بالدولار، وهو ما زاد من النقمة والغضب ضده".
من جهته، اعتبر الباحث في مؤسسة "الدولية للمعلومات" (شركة إحصاءات) محمد شمس الدين لـ"العربية.نت" "أن الرأي العام اللبناني بأكثريته الساحقة يُحمّل حزب الله مسؤولية ما وصل إليه البلد من إفلاس وتدهور اقتصادي، والبيئة الشيعية المحسوبة على الحزب ممتعضة ولو "بخجل" مما يحصل".
ومع أن لا إحصاءات رسمية حول نسبة تراجع شعبية حزب الله داخل البيئة الحزبية، غير أن شمس الدين أشار إلى "أن حزب الله بات يُمثّل نحو خمسين بالمئة من الشيعة بعدما كانت شعبيته تلامس الـ85%، بسبب تراكم الأزمات الاقتصادية والتدهور في الأوضاع المعيشية".
كما لفت إلى "أن هذا الامتعاض الشيعي من حزب الله سببه سياساته التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه وآخرها عرقلته تشكيل الحكومة التي كانت بمثابة الفرصة الأخيرة للبنان، فضلاً عن اتّهامه بتغطية الفاسدين أو على الأقل "السكوت" عنهم".
وتوقّع شمس الدين "أن تزداد النقمة أكثر مع تفاقم الأزمة الاقتصادية ورفع الدعم عن المواد الأساسية".
أما الناشط السياسي والاجتماعي المستقل لقمان سليم فاعتبر "أن التعبير عن النقمة "ممنوع" في ظل الاستنسابية التي تتعاطى بها الأجهزة الأمنية اللبنانية مع مظاهر التعبير عن الرأي. ففي مناطق معيّنة تقوم بواجباتها في حماية المعترضين على السياسات العامة في حين أنها "تخلّ" بدورها في المناطق المحسوبة على الثنائي، حزب الله وحركة أمل". وقال للعربية.نت "عدم بسط الدولة اللبنانية لسيادتها على كامل الأراضي يمنع التعبير عن الغضب والتململ، كما أن ذاكرة القمع الذي تعرّض له الناطقون والمجاهرون من أبناء الطائفة الشيعية لا تزال قائمة".
إلى ذلك، شدد سلمان على "أن التململ ليس محصوراً ببيئة حزب الله وإنما هو عابر للطوائف، لأن تدهور الليرة مقابل الدولار يطال معظم المناطق، لكن يبقى أن بعض الجماعات تُعبّر عن نفسها بحريّة وبسرعة بينما يأخذ البعض الآخر وقتاً لإظهار ذلك".
واعتبر "أن نظام المصلحة اللبناني الذي أصبح بحكم الساقط بات المشترك بين مختلف اللبنانيين، وتاريخ الرابع من أغسطس/أب الماضي حيث انفجر مرفأ بيروت بات منعطفاً أساسياً في الحياة السياسية في لبنان، فنحن دخلنا مرحلة جديدة قد لا يكون التداول بالسلطة فيها من خلال الانتخابات".
لم يعد التململ في لبنان ضد حزب الله سرا لا سيما داخل الطائفة الشيعية في ظل ما تواجهه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وظروف معيشية غير مستقرة.
فالنقمة في صفوف العديد من اللبنانيين الشيعة الذين يشكّلون بيئة حزب الله تزداد يومياً وظهرت بشكل واضح وعلني مع انطلاقة الحراك الشعبي في 17 أكتوبر الماضي، حيث شهدت مناطق في جنوب لبنان والبقاع محسوبة عليه تحرّكات شعبية تحت شعار "كلّن يعني كلّن" تتهم الطبقة السياسية بمن فيها حزب الله بإيصال البلد إلى ما هو عليه من تدهور اقتصادي وأزمة مالية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب منذ عقود.
ورغم غياب ملامح الاعتراض والغضب في الفترة الأخيرة كمثل قطع الطرقات وإحراق الدواليب كما حصل مع انطلاق التظاهرات الشعبية، إلا أن ما يجري داخل المناطق ذات الغالبية الشيعية المنتمية إلى "حزب الله" يؤشر إلى وجود غضب ونقمة على سياسات الحزب يتم التعبير عنها بشكل علني، حيث يجاهر بها أصحابها أمام الناس دون خوف.
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والصحافي صبحي منذر ياغي ابن مدينة بعلبك المحسوبة على حزب الله لـ"العربية.نت": "أن بيئة حزب الله مثلها مثل بقية البيئات السياسية تعاني من تراجع أوضاعها المعيشية بسبب سياسات المنظومة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى الإفلاس. غير أن اللافت في ما يجري داخل البيئة الشيعية المنتمية إلى حزب الله أن التعبير عن النقمة لم يعد خلف الجدران والجلسات الضيّقة وإنما أصبح علنيا ويطال فساد الحزب وسلاحه، ما يؤكد أن حاجز الخوف قد كُسر، وأن الناس لم تعد تحتمل السكوت عن لقمة عيشها".
كما لفت إلى "أن هذه النقمة ضد حزب الله ليست وليدة الأزمة الاقتصادية التي نعيشها وتمتد جذورها منذ العام 1992، إلا أنها ظهرت بشكل رسمي وعلني في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي حصلت في العام 2018، إذ إن نسبة الاقتراع في محافظ بعلبك-الهرمل تراجعت بشكل "لافت" مقارنةً بالانتخابات السابقة، ولولا سياسات الترهيب والتخويف التي مورست ضد الناخبين من جانب حزب الله لانقلبت نتائج الانتخابات لمصلحة المعارضين للحزب".
ولعل أكثر ما يدفع بالبيئة الشيعية المحسوبة على حزب الله إلى التعبير عن غضبها من سياسته كما يقول ياغي، تراجع القدرة الشرائية بسبب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ما أدى إلى ارتفاع جنوني بأسعار المواد الاستهلاكية فضلاً عن شحّ بعضها مثل المحروقات بسبب عجز مصرف لبنان عن فتح اعتمادات لتمويل استيرادها نتيجة تراجع الاحتياطي بالعملات الأجنبية.
إلى ذلك، أكد ياغي أن "الجوع كافر وكل الحواجز تسقط أمامه، لذلك تتوسّع رقعة النقمة ضد حزب الله باعتباره جزءاً من المنظومة الحاكمة التي أفقرت الناس". وقال: "أنا ألتقي بأشخاص محسوبين على الحزب يعبّرون بشكل صريح عن غضبهم من سياسات الحزب وحليفه حركة أمل، وطوابير الذل أمام محطات البنزين في البقاع بسبب تقنين التزوّد بالوقود زادت من حجم النقمة".
دولار الحزب يؤجج الغضب
وفي ظل الشح بالدولار الذي بدأ منذ أكتوبر العام الماضي، يُفاخر حزب الله بأنه لا يزال يدفع بالدولار لعناصره والعاملين في مؤسساته، لكن تبيّن أن المستفيد من "العملة الخضراء" هم فقط اللصيقون بالحزب في حين أن جمهوره الأوسع يعاني من تبعات انهيار الليرة وتراجع قيمة الرواتب، فالحد الأدنى للأجور المحدد بـ 675 ألف ليرة لبنانية بات يساوي 84 دولاراً، وفقاً لسعر الدولار الجديد (8000 ليرة)، بعدما كان 450 دولاراً.
إلى ذلك، أضاف ياغي "أن حزب الله وبسبب تراجع عائداته من إيران نتيجة العقوبات حصر رواتب الدولار بالمقاتلين فقط بينما حوّل رواتب الموظفين داخل مؤسساته إلى الليرة بعدما كانوا يتقاضونها بالدولار، وهو ما زاد من النقمة والغضب ضده".
من جهته، اعتبر الباحث في مؤسسة "الدولية للمعلومات" (شركة إحصاءات) محمد شمس الدين لـ"العربية.نت" "أن الرأي العام اللبناني بأكثريته الساحقة يُحمّل حزب الله مسؤولية ما وصل إليه البلد من إفلاس وتدهور اقتصادي، والبيئة الشيعية المحسوبة على الحزب ممتعضة ولو "بخجل" مما يحصل".
ومع أن لا إحصاءات رسمية حول نسبة تراجع شعبية حزب الله داخل البيئة الحزبية، غير أن شمس الدين أشار إلى "أن حزب الله بات يُمثّل نحو خمسين بالمئة من الشيعة بعدما كانت شعبيته تلامس الـ85%، بسبب تراكم الأزمات الاقتصادية والتدهور في الأوضاع المعيشية".
كما لفت إلى "أن هذا الامتعاض الشيعي من حزب الله سببه سياساته التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه وآخرها عرقلته تشكيل الحكومة التي كانت بمثابة الفرصة الأخيرة للبنان، فضلاً عن اتّهامه بتغطية الفاسدين أو على الأقل "السكوت" عنهم".
وتوقّع شمس الدين "أن تزداد النقمة أكثر مع تفاقم الأزمة الاقتصادية ورفع الدعم عن المواد الأساسية".
أما الناشط السياسي والاجتماعي المستقل لقمان سليم فاعتبر "أن التعبير عن النقمة "ممنوع" في ظل الاستنسابية التي تتعاطى بها الأجهزة الأمنية اللبنانية مع مظاهر التعبير عن الرأي. ففي مناطق معيّنة تقوم بواجباتها في حماية المعترضين على السياسات العامة في حين أنها "تخلّ" بدورها في المناطق المحسوبة على الثنائي، حزب الله وحركة أمل". وقال للعربية.نت "عدم بسط الدولة اللبنانية لسيادتها على كامل الأراضي يمنع التعبير عن الغضب والتململ، كما أن ذاكرة القمع الذي تعرّض له الناطقون والمجاهرون من أبناء الطائفة الشيعية لا تزال قائمة".
إلى ذلك، شدد سلمان على "أن التململ ليس محصوراً ببيئة حزب الله وإنما هو عابر للطوائف، لأن تدهور الليرة مقابل الدولار يطال معظم المناطق، لكن يبقى أن بعض الجماعات تُعبّر عن نفسها بحريّة وبسرعة بينما يأخذ البعض الآخر وقتاً لإظهار ذلك".
واعتبر "أن نظام المصلحة اللبناني الذي أصبح بحكم الساقط بات المشترك بين مختلف اللبنانيين، وتاريخ الرابع من أغسطس/أب الماضي حيث انفجر مرفأ بيروت بات منعطفاً أساسياً في الحياة السياسية في لبنان، فنحن دخلنا مرحلة جديدة قد لا يكون التداول بالسلطة فيها من خلال الانتخابات".