سكاي نيوز عربية أكد مصدر أمني رفيع لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن سحب الجواز السوداني من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي جاء ضمن إجراءات اتخذتها الحكومة السودانية مؤخرا لضبط التلاعب الذي حدث إبان فترة حكم المعزول عمر البشير والذي اتاح للكثير من قادة الجماعات الإرهابية وغيرهم الحصول على جوازات غير شرعية واستخدامها في أعمال تضر بسمعة البلاد.وأشار المصدر إلى أن الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية منح الجواز السوداني في تسعينيات القرن الماضي دون استيفاء الشروط القانونية، أو البقاء في البلاد للفترة الزمنية التي تمكنه من ذلك، مما اعتبر أمرا غير قانونيا وهو ما دفع السلطات لسحبه منه الأسبوع الماضي.وخلال الأشهر الماضية عكفت الحكومة السودانية التي تشكلت بعد الثورة على مراجعة كافة جوازات السفر التي منحت لأجانب في البلاد خلال فترة حكم الإخوان، التي استمرت من يونيو 1989 حتى أبريل 2019.وبدأت هذه الإجراءات بعد اكتشاف تجاوزات قانونية وعمليات فساد كبيرة في منح الجوازات السودانية، مما أضر كثيرا بسمعة السودان وبهيبة سيادته.وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد الذين حصلوا على جوازات سودانية بطريقة غير مشروعة يزيد عن 50 ألف شخص، من بينهم عرب وأفارفة وحتى آسيويون.وقالت تقارير أميركية إن أجانب يحملون جوازات سودانية كانوا من بين الإرهابيين الذين شاركوا في تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في 1998 والبارجة الاميركية "يو إس إس كول" في اليمن في العام 2000.وبسبب إيواءه لعناصر إرهابية أجنبية وقادة جماعات إسلامية عربية متطرفة، وضع السودان في منتصف تسعينيات القرن الماضي في قائمة الدول الراعية للإرهاب ولم يتم شطبه منها إلا في الـ14 من ديسمبر 2020، بعد أن تكبد خسائر قدرت بنحو 300 مليار دولار.وقال ضابط شرطة كبير، فضل عدم الافصاح عن اسمه نظرا لحساسية الموضوع، إن عمليات منح الجوازات للأجانب شهدت فوضى كبيرة خلال سنوات حكم البشير، وكانت قرارات المنح تأتي من جهات سيادية عليا وأحيانا تتم عبر وسطاء مقربين من أحد أشقاء البشير.وتشير تقارير مؤكدة إلى أن بعض أقرباء وأشقاء البشير ونافذين كبار في حزب المؤتمر الوطني تورطوا في عمليات منح الجواز السوداني لمجموعات إرهابية وإخوانية من دول عربية وأفريقية، بعضها شارك في عمليات هدفت إلى ضرب الأمن العربي والإقليمي.وتضيف التقارير أن من بين هذه المجموعات الإرهابية المجموعة التي نفذت محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في العام 1995.وبعد اندلاع الأزمات الداخلية في عدد من البلدان العربية وعلى رأسها سوريا في العام 2011، تحول الجواز السوداني إلى سلعة تباع على يد عصابات تابعة لحكومة البشير وبثمن بخس لا يتعدى 10 آلاف دولار في بعض الأحيان.وضربت تلك العصابات الدستور والقوانين السودانية بعرض الحائط، للدرجة التي بات معها الحصول على الجواز ممكنا لأي أجنبي بمجرد الدخول للبلاد والمكوث لأيام قليلة، ودفع المبلغ المطلوب لأفراد الخلية التي تقوم بتسهيل بيع الجواز.وتفيد معظم التقارير بأن الخلايا التي تنشط في بيع وتسهيل الحصول على الجواز السوداني ترتبط بشخصيات سيادية كبيرة داخل القصر الجمهوري في الخرطوم.وكان جواز السفر السوداني حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي يعتبر الجواز الأقوى والأكثر تأثيرا على مستوى القارة الأفريقية، قبل أن تتراجع مكانة وهيبة الجواز السوداني بشكل دراماتيكي بعد مجيء الإخوان للحكم في يونيو 1989.ويؤكد الخبير القانوني أيوب عبد الله لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن القوانين التي تحكم منح الجنسية السودانية للأجانب منصوص بوضوح في القانون، وتمنح بتوصية من وزير الداخلية لمجلس الوزراء، وهو الجهة الوحيدة المخولة بإصدار قرار المنح. وتعتبر مخالفة هذا الإجراء من الجرائم ضد الدولة والتي تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، في حال ثبوت الخيانة العظمى.