الحرة
مع دخول العراق عام 2021، تلوح في الأفق أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط.
وبحسب مركز "بروكنغز"، فقد تجلت بوارد تلك الأزمة منذ أشهر عدة، وذلك بعد التأخير في دفع رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد ومؤخراً قرار البنك المركزي العراقي بتخفيض قيمة الدينار العراقي بنسبة 23 في المئة.
رغم تلك الأوضاع الصعبة فإن هناك زيادات مرتقبة في القطاع الأمني، بما في ذلك ميزانيات وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب وهيئة الحشد الشعبي..
وبحسب مراقبين فإن تلك الزيادات ستجعل من ميليشيات الحشد الشعبي والكيانات السياسية المرتبطة، ذات دور فاعل وحضور قوي للتأثير على الانتخابات التشريعية القادمة.
ورغم أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط وموارد الدولة بشكل عام سيؤثر، من الناحية النظرية، على نفوذ تلك الميلشيات والأحزاب، ولكنها ستكون قادرة على ممارسة الضغوط القوية في الانتخابات، باعتبار أن ملايين الموظفين في القطاع العام قد أصبحوا أيضا في وضع اقتصادي ضعيف وبالتالي ذلك سيقلل من تكلفة شراء أصواتهم.
وقد زادت الموزنة الموازنة الاتحادية لعام 2021 (التي تنتظر موافقة البرلمان) مخصصات وزارة الدفاع بنسبة 9.9٪ ، ووزارة الداخلية بنسبة 9.7٪ ، وجهاز مكافحة الإرهاب بنسبة 10.1٪ ، وقوات الحشد الشعبي بنسبة 45.7٪ عن الموازنة السابقة لعام 2019.
ولم تقر الحكومة العراقية موازنة عام 2020 ، بسبب الاضطرابات السياسية والاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد في ذلك الوقت.
ونظرا لسيطرة الأحزاب التقليدية المرتبطة بتلك المليشيات على تلك الوزارات والأجهزة الأمنية والعسكرية فهذا يعني أنها ستحصل على مبالغ طائلة تمكنها من تحقيق أجندتها بذلك الشأن، وذلك عند إقرار الموازنة الجديدة.
وعلاوة على ذلك، وكما يوضح تقرير بروكينغز، فإن بعض ميلشيات الحشد الشعبي تسيطر على المناطق الحدودية ومواقع إعادة الإعمار ، مما يسمح لها بالحصول على المزيد من الموارد المالية الكبيرة بطرق غير مشروعة وتوفير فرص عمل لمؤيديها في وقت يعاني في الشباب بطالة كبيرة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، سيزيد الفاعلون السياسيون، بما في ذلك ميلشيات الحشد الشعبي، من انفتاحهم على الجمهور وسيحاولون كسب المزيد من المؤيدين، كما فعلوا في السابق انتخابات 2018.
وفي الواقع، كان الافتقار إلى فرص العمل، فضلاً عن تنامي قوات تنظيم داعش هو الذي دفع آلاف العراقيين للانضمام إلى قوات الحشد الشعبي كمتطوعين في عام 2014.
وقد سمحت قدرتهم على توفير فرص العمل وخاصة للشباب، لصفوفهم بأن يزداد نفوذهم على الصعيد السياسي وتأثيرهم على الانتخابات التشريعية والمحلية.
إغراءات مالية قبل الانتخابات
وكانت حركة الاحتجاج التي شهدتها بغداد والمحافظات في أكتوبر 2019 قد أظهرت من بين أمور أخرى، أن المتظاهرين يسعون منذ فترة طويلة على الحصول على فرص عمل عمل وحياة أفضل، وبالتالي فإن هذا يؤكد، وبحسب المراقبين ، أن الشباب قد يكونون هدفا سهلا أمام الإغراءات المالية التي ستقدمها الأحزاب التقليدية والمرتبطة بالحشد الشعبي.
وبناء على ذلك انتقد نشطاء المجتمع المدني الجماعات شبه العسكرية لمشاركتها في أعمال عنف عشوائية ضد المتظاهرين في عام 2019 ، فضلاً عن عمليات الترهيب والاغتيالات التي لا تزال متواصلة حتى الآن.
في الواقع ، يتمثل أحد المطالب الرئيسية لحركة الاحتجاج في كبح نفوذالميلشيات من خلال حصر السلاح بيد الدولة .
ومع ذلك، فإن هذه العلاقة العدائية بين المتظاهرين والحشد الشعبي لن تضمن أن يكون المواطن العادي، الذي يريد فقط وضعا ماليا آمنا، أن لا يكون هدفا لمحسوبية وشراء الذمم، وذلك رغم مطالبة العديد من النشطاء بالإصلاح الانتخابي والسياسي لتفادي مثل هذا الأمر.
وبحسب التقرير التحليلي لـ"بروكينغز" فإن هناك تخوفات كبيرة لدى الراغبين في إنجاز تلك الإصلاحات، من قدرة الحشد وأحزابه على استهداف الفئة الضعيفة اقتصاديا لمنع حدوث الإصلاحات عبر شراء أصواتها والتالي تحقيق فوز ساحق في الانتخابات القادمة.
وكان استطلاع لشبكة " الباروميتر العربي" قد استنتج أن ما يقرب من 80٪ من العراقيين الذين شملهم الاستطلاع وصفوا الوضع الاقتصادي لبلدهم بأنه "سيء" أو "سيء للغاية".
في نفس الاستطلاع ، كانت الاستجابة الأكثر شيوعًا لأهم التحديات التي يواجهها العراق إما "الفساد الاقتصادي" أو "الفساد المالي والإداري"
وبالتالي يبدو أن السكان الضعفاء اقتصاديًا هم سيكون أكبر عائق لأمن واستقرار الدولة. انعدام، وتعزيز الفساد وتقويض فرص الحصول على مزيد من الإصلاحات الديمقراطية.