بعد مرور سبعة أشهر على الكارثة المروعة، يبدو أن قدر مرفأ بيروت لا يريد أن يكتب له الأمن والأمان من موت لازال مدفونا في أحشائه.
فها هي المواد الكيميائية شديدة الخطورة تخرجها شركة ألمانية متخصصة، لينجو المرفأ بمحض الصدفة، من جحيم جديد، بحسب خبير ألماني.
ففي الرابع من أغسطس/آب الماضي، تسبب تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم في المرفأ، بانفجار مزلزل، أتت أضراره على نصف العاصمة، ناهيك عن عشرات الأرواح التي أزهقها، والمئات الذين أصابهم وشرّدهم، في مأساة وُجهت أصابع الاتهام فيها لحزب الله.
وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة، حزب الله اللبناني بإقامة "مخابئ لتخزين نيترات الأمونيوم" في عدد من الدول الأوروبية، ما قد يعزز مسؤولية المليشيات الموالية لإيران عن تخزين تلك المواد في مرفأ بيروت.
وبعد الكارثة، وقّع لبنان عقدا مع شركة "كومبي ليفت" الألمانية بقيمة 3,6 ملايين دولار للتخلص من الحاويات التي تحتوي على المواد الكيميائية وشكّلت تهديدا لأهالي بيروت.
وبعد انتهاء الشركة من معالجة 52 حاوية من أصل حاويات مهترئة موجودة منذ أكثر من عقد، قال مدير المشروع مايكل وينتلر لوكالة فرانس برس "لقد وجدنا مواد إذا اختلطت مع بعضها قد تؤدي إلى انفجار كونها أحدثت ثقوبا في الحاويات جراء تآكلها".
لكن "المرفأ محظوظ لوجود مسافة بين الحاويات" التي كانت تحتوي على هذه المواد، يضيف وينتلر.
وفيما تحدث عن "بحر أو نهر من المواد الصفراء والخضراء" تسريت من بعض الحاويات وبدأت تتفاعل على شكل فقاعات، تابع قائلا "لم أشاهد وضعا مماثلا في حياتي".
ولفت إلى أنه "لم يكن من الممكن رفع أو نقل العديد من الحاويات لأن حالتها كانت سيئة للغاية"، الأمر الذي اضطر الخبراء إلى نقل المواد الكيميائية يدويا، وهو ما عرضهم لمخاطر.
مواد مميتة
وروى كيف نجا من خطر محدق لولا ارتدائه ملابس الوقاية من المواد الكيميائية التي أنقذته عند تسرب حمض الهيدروكلوريك من أسفل برميل كان يرفعه وتناثره على الأرض.
وحمض الهيدروكلوريك، مادة سامة ومسببة للتآكل، ويشكل 60٪ من المواد الكيميائية التي تعاملت معها شركة "كومبي ليفت" التي تعاملت مع
آلاف الليترات من الأسيتون شديد الاشتعال، وحاويات من بيروكسيد الهيدروجين.
وكان يمكن للمادتين الأخيرتين في حال اختلاطهما أن تحدثا انفجارا، إلا أن وجود الحاويات في مواقع منفصلة عن طريق الصدفة حال دون وقع كارثة، بحسب وينتلر.
وكان من بين المواد الكيمائية "الأكثر خطورة" التي تمت معالجتها من قبل الشركة الألمانية، حمض الهيدروفلوريك الذي يمكن أن يكون مميتا إذا دخل مجرى الدم أو لامس الجلد.
وبينما لا تزال السلطات اللبنانية تحقق في وصول نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، والجهة المسؤولة عن تخزينها، يبدو أن "ما من أحد يعلم شيئا عن هذه الشحنات" وفق وينتلر الذي "لا يعتقد أن سلطات المرفأ تدرك ماذا كان يوجد في المكان".