العين الأخبارية
صفع مدوية جديدة يوجهها أبناء قبائل مأرب اليمنية لمليشيا الحوثي بفضح مساع تستهدف استعطاف شيوخها ورجالها لترك القتال في الجبهات.
المليشيا الانقلابية المدعومة إيرانيا، لجأت - بالتزامن مع هجومها البري العسكري باجتياح محافظة مأرب شرقي اليمن-، لفتح قنوات تواصل تعمل كوسيط بين القبائل وقادة الانقلابيين لتحييدهم عن القتال.
كما شملت المخططات الحوثية تهديد مقاتلي الجيش اليمني من أبناء المحافظات التي يسيطرون عليها وابتزازهم بعائلاتهم.
ومنذ الهجوم الحوثي في 7 فبراير/ شباط الماضي، كثف قادة الانقلابيين الكبار تحركاتهم ضمن مخطط عسكري واسع يستهدف استعطاف شيوخ ورجال القبائل، بجانب الجيش والمقاومة اليمنيين، لترك القتال ضدهم مقابل اغراءات.
غير أن محاولات المليشيا عززت ثبات جنود الجيش اليمني المنتمين إلى مناطق سيطرتها، فيما تحولت مكالمات هاتفية بين قنواتها مع رجال قبائل مأرب إلى أشبه بمحاكمات شعبية تعهدت جميعها بـ"هزيمة مشروع إيران"، وعودة صنعاء عاصمة عربية.
وفي تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية"، قال عدد من رجال قبيلتي "مراد" و"عبيدة"، كبرى قبائل مأرب، إن قيادات وشيوخ من مليشيا الحوثي أجروا اتصالات هاتفية مكثفة باستمرار بهدف إقناعهم بعدم خوض المعارك مع الجيش اليمني.
وأوضحوا أن طلبات المليشيا قوبلت برد حازم مفادها أن "أرض سبأ محرمة على عملاء إيران، وسندخل صنعاء محررين وسنطرد حسن إيرلو"، في إشارة لمندوب طهران بصنعاء.
وامتدت الاتصالات الحوثية إلى مناطق الساحل الغربي لليمن، حيث حاولت المليشيا التواصل مع مقاتلين وشخصيات عدة منخرطين ضمن المقاومة المشتركة التي تضم قوة ضاربة غالبيتهم من مناطق شمال اليمن.
وعلمت "العين الإخبارية" من مصادر متطابقة في صنعاء، أن المليشيا الحوثية شكلت، منتصف فبراير/ شباط الماضي، فرقا مشتركة مما يسمى بـ"جهاز المخابرات" وكيانها الوليد المعروف بـ"مصلحة شؤون القبائل"، للتواصل مع الجنود المنضويين في معسكرات وزارة الدفاع التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، والقوات المشتركة ورجال القبائل الموالين للشرعية اليمنية.
وكلفت المليشيا هذه الفرق والخلايا الإرهابية بمحاولة إقناع الجنود والشخصيات القبلية والقادة الميدانيين بالعودة إلى صنعاء، ومن ثم إلى مناطقهم أو اعتزال القتال بعيدا عن الحكومة الشرعية.
كما تجري اتصالات عشوائية مع سكان مديريات أرياف مأرب القبلية وجزء من مناطق متعددة تابعة للمحافظات المحررة مستغلة قاعدة بيانات المشتركين في شركة اتصالات الهاتف المحمول والتي تقع مقارها الإدارية تحت سيطرتها بصنعاء، لتحديد المستهدفين في كل منطقة، وفق المصادر نفسها.
المليشيا كثفت أيضا عقد لقاءات مع زعماء القبائل عبر كبار قياداتها الإرهابية، أهمهم رئيس ما يسمى بـ"هيئة الإستخبارات العسكرية"، أبو علي الحاكم، بالإضافة إلى الممثل الخاص لزعيم المليشيات المدعو يوسف الفيشي، والذي أعادته إلى الواجهة بهدف الضغط على الشخصيات المحلية في مناطق سيطرتهم للتعاون على سحب المقاتلين في الجيش والمقاومة.
ورغم كل التحركات والتحشيدات الحوثية لمشائخ القبائل والتهديدات لأهالي الجنود المنتمين للجيش والمقاومة المشتركة، لم تحقق مساعي المليشيا عودة أي جندي عبر فرق التواصل التي لجأت إليها بالتنسيق مع أجهزة مخابراتها.
وخلافا لآمال المليشيا، أثمرت محاولاتها نتائج عكسية، حيث شهدت جبهة الساحل الغربي والمناطق المحررة توافد العديد من ذوي عائلات جنود كانت تتواجد في مناطق سيطرة الحوثيين، وذلك هربا من ضغوط وتهديدات المليشيا، في مواقف تكشف مدى الوعي المجتمعي بضرورة مجابهة خطر الانقلابيين ومشروع إيران.
شهادات مسربة
على مدى أسابيع مضت، نشر العديد من رجال القبائل والنشطاء تسجيلا لمكالمات هاتفية عبر حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.
وكشفت تسجيلات هاتفية مسربة عن ردود صلبة لجنود في معسكرات مأرب، وفضح مغالطات الحوثيين الوسطاء لتتحول بذلك المكالمات إلى محاكمات للمليشيات وجرائمها بحق اليمنيين.
ونشر وكيل محافظة صنعاء، الشيخ عادل الصبري الذي يتواجد في مأرب، تسجيلا لمكالمة مع أحد المشائخ الموالين للحوثي، ومحاولة إقناعه بالعودة إلى صفوف المليشيا المدعومة إيرانيا كونه من كبار زعماء قبائل الحيمة غربي صنعاء.
وتضمنت ردود الشيخ الصبري على الشيخ الحوثي حامد راجح، مواقف رادعه ورفض لأي ابتزاز من قبل المليشيا وأتباعها، إضافة إلى أن الشيخ الصبري دعا من أسماهم "العبيد" العاملين لصالح الحوثيين إلى مغادرة صنعاء إلى مأرب وليس العكس.
وأكد المسؤول اليمني أن مصلحة اليمن في توحد كل رجاله ضد الحوثيين والثورة ضدهم من قلب صنعاء، فيما سعى الشيخ المتصل الموالي للانقلابيين ويشرف على اتصاله مندوب من المخابرات الحوثية، للهروب من تهديدات الصبري واستعطافه.
سنحرر صنعاء
في شهادة منفصلة لاتصال مشرف حوثي مع الشيخ عبد المجيد بحيبح، أحد مشائخ قبيلة مراد في مأرب، تحولت مكالمة الإقناع إلى محاضرة ألقاها بحيبح ساردا للقيادي الحوثي مسيرة الخراب والتنكيل باليمنيين من قبل المليشيا الانقلابية.
وأكد بحيبح للمتصل الحوثي أن الحديث عن حقن الدماء لا يستقيم مع هجوم الحوثيين على مأرب وأن هذه التواصلات عبثية مادام يقوم بها مشائخ مجبرون على ذلك.
وقال بحيبح، في مكالمة مسربة تداولها نشطاء عبر مواقع التواصل، إن الوجود الإيراني في مناطق سيطرة الانقلابيين لم يعد سرا، وليس من حق المليشيا أن تتحدث عن تدخل خارجي وهي ترزح تحت حاكم صنعاء وقائد الحرس الثوري الإيراني في مناطق سيطرة الانقلابيين حسن إيرلو.
بدوره، كتب متحدث محور بيحان بالجيش اليمني، عبدالوهاب بحيبح، يقول إن مليشيا الحوثي حاولت استلطافه لترك القتال والعودة إلى منزله.
وأوضح المتحدث العسكري، في تغردية عبر حسابه بموقع تويتر، اطلعت عليها "العين الإخبارية"، أن الاتصال جاء مما يسمى بـ"مكتب رئيس هيئة الأركان" بصنعاء، التابع للحوثيين، والذي يحاول إغراء القيادات العسكرية والقبيلة بمسمى "العفو" و"العودة"، مؤكدا أنها وعود يائسة لاتتماشى مطلقاً مع حجم الخسارات التي تتلقاها المليشيا في مأرب.
ورداً على عرض المتصل الحوثي بأن "الطريق مفتوحة للعودة إلى صنعاء"، علق بحيبح على عودته: "نعم سنعود لكن من باب "الفاتحين والمحررين"، لتنتهي المحاولة الحوثية البائسة بإنهاء المكالمة.