لم توفر مليشيا الحوثي حيلةً لاستقطاب وتجنيد الأطفال بأكثر أساليبها إرهابا وهي استغلال الفقر والجوع.

وعمدت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، مؤخرًا، إلى إغراء الأسر الأشد فقرًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بمنح أطفالهم المجندين رتبًا عسكرية عقب مقتلهم، على أن يتم منحهم راتبًا ماليا أكبر بعد موتهم بمحارق جبهات القتال.

وطبقا لصور متداولة فهناك عشرات القتلى من الأطفال المغرر بهم من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية دون سن الـ18 يحملون رتبًا عسكرية تصل إلى درجة "نقيب".

فيما حمل طفل يبلغ عمره 18 عاما شارة "رائد" وهي رتبة عسكرية لا تمنح إلا للضباط الخريجين من الكليات العسكرية والحاصلين على شهادات علمية وبعد دورات تأهيل علمية عسكرية متقدمة.

وبحسب القانون العسكري اليمني فإن أرفع شارة يحصل عليها الجندي (فوق سن18 عاما) عقب خدمة تصل لـ20 عاما هي "مساعد أول" ويترقى لضابط صف، فيما يحصل خريج الكلية العسكرية على رتبة ملازم ثاني ثم يتدرج بالترقية حتى يصل لرتبة الفريق والمشير.

وفيما يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي تجنيد واستغلال الأطفال في جبهات الحرب، فإن ما يتعلق بحالات منح المقاتلين الصغار رتبا عسكريا لإغراء الأطفال وأسرهم يصنف كجريمة حرب مكتملة الأركان وتستوجب عقاب أشد، وفق مراقبين.

ويأتي ذلك بعد أن استنفدت مليشيا الحوثي حيلها وطرقها القسرية في تجنيد الأطفال بما فيه الأسلوب السافر بمساومة الأسر المحتاجة بين تجنيد أطفالها والحصول على مساعدات أو الموت جوعًا.

كما يتزامن مع احتدام المعارك في جبهات مأرب تحديدا، والتي تسببت بنزيف حاد للمخزون البشري للمليشيات المدعومة إيرانيا، ما اضطرها إلى رفع وتيرة عمليات التجنيد في صفوف الأطفال بشتى الطرق وبالترغيب أو الترهيب أو الاختطاف.

وليس هناك أي أرقام معلنة للقتلى الأطفال الذي تم منحهم رتبا عسكرية، لكن "العين الإخبارية" حصلت على صور حديثة للقتلى قامت بإلصاقها المليشيات في شوارع صنعاء تشير إلى أن المئات سقطوا في هجوم مأرب، فيما رفضت أسر الأطفال الحديث عن الأساليب والاغراءات خشية انتقام المليشيات.

واعترفت مليشيات الحوثي بمقتل 1410 طفل، تم منح المئات منهم رتبا عسكريا بزعم أنهم قادة عسكرين ميدانيين، وفق تقارير شهرية للمقاومة المشتركة رصدت مواكب الدفن على وسائل إعلام الحوثي.

جريمة حرب

واعتبر حقوقيون زج الأطفال في جبهات مليشيا الحوثي من خلال إغراء أسرهم بالرتب العسكرية "جريمة حرب تستوجب محاكمة دولية".

وقالت رئيسة دائرة الطفل في الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل في مكتب اليمن، عفراء حريري، إن الحوثي يزج بالأطفال في جبهات القتال مستغلاً فقر الأسر وأميتها.

كما يعمل الحوثيون على "استخدام القوة وهو في الحالتين يرتكب جرائم بحق هؤلاء الأطفال لا ينبغي الصمت تجاهها".

وأوضحت في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الحوثيون يقامون باغراء الأطفال وأسرهم بمنحهم رتب عسكرية ربما على أنها "سوف تمنحهم راتبًا أكبر أو معاش أكبر بعد تعرضهم للقتل في الجبهات".

واعتبرت أن إغراء الأطفال وأسرهم بالرتب العسكرية "جريمة مضاعفة في عقوبتها بكل المقاييس".

وأكدت حريري أن هذه من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي يحاسب عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

مدارس أم مصائد؟

الفقر والجوع إلى جانب الجهل، من العوامل الأساسية التي يستخدمها الحوثيون في تجنيد الأطفال الذين يصبحون هدفاً سهلاً للحوافز المادية، غير أن المليشيات عمدت مؤخرا لتحويل المدارس إلى مصائد باستدراج الطلاب المراهقين.

ووفقاً لشهادات عدد من الأسرى المغرر بهم من الأطفال دون سن الـ17، فإن مليشيا الحوثي قامت باستدراجهم من الصفوف الدارسية إلى الهلاك في الجبهات من خلال إغرائهم بالمال والسلاح.

وخلال مقطع فيديو، بثه الجيش اليمني واطلعت عليه "العين الإخبارية" لمجموعة من الأسرى الأطفال، الذين تم أسرهم مع الحوثيين في جبهات مأرب، ذكر هؤلاء الأطفال أن مليشيا الحوثي استقطبتهم من داخل المدارس ثم دفعت بهم إلى الجبهات دون علم ذويهم، شاكين تعرضهم للإهمال من قبل قيادات الحوثي التي فرّت وتركهم يواجهون مصيرهم.

وأكد الأطفال أن القادة العسكرين في مليشيا الحوثي خدعوهم بأن مشاركتهم ستكون في مناطق آمنة ولا تزيد عن أسبوع، ليجدوا أنفسهم في خطوط النار دون تلقي أي تدريبات قتالية أو استخدام السلاح.

وأشار الأطفال إلى أن المليشيا أخضعتهم فقط لمحاضرات تعبوية جهادية في المدارس وسلمتهم مبالغ مالية قبل أخذهم إلى الجبهات، لافتين إلى أن الأهالي لم يعرفوا مصيرهم حتى الآن، فيما يكذب عليهم قادة الحوثي العسكرين بأن أبنائهم في دورات ثقافية.

وأكد الأطفال أن مليشيا الحوثي لم تعرهم أي اهتمام بعد أن دفعت بهم إلى الجبهات وبعد وقوعهم في الأسر، محذرين من خداع المليشيا الانقلابية.

وخلالا الأيام الماضية أعاد الجيش اليمني مجموعة من 21 طفلا مجندا إلى أسرهم عبر الصليب الأحمر الدولي عقب أسرهم وهم يقاتلون بصفوف مليشيات الحوثي بجبهات محافظة مأرب.

وتقول الحكومة اليمنية، إن أعداد من جندتهم مليشيا الحوثي بلغت نحو 30 ألف طفلاً خلال 6 أعوام من انقلابها واشعال الحرب بالبلاد.