لا تعكس الأجواء السياسية اللبنانية حتى الآن، أي أفق للحل في تشكيل الحكومة فيما أتت مواقف النائب جبران باسيل التصعيدية لتؤكد هذا الأمر.

ولا تزال الأجواء التشاؤمية تسيطر على لبنان، منذ تكليف سعد الحريري قبل 5 أشهر بتشكيل الحكومة الجديدة والذي يتعرض لضغوط من التيار الوطني الحر تستهدف إحراجه وإخراجه من دائرة رئاسة الحكومة.

وأمام هجوم التيار الوطني الحر على الحريري تحت غطاء الدفاع عن حقوق المسيحيين وصلاحيات رئاسة الجمهورية، قال مستشار الحريري النائب السابق مصطفى علوش لـ "العين الإخبارية"، إن سقف باسيل المرتفع كان نتيجة الأجواء السياسية التي لا تصب في مصلحته ومصالح مطالباته.

وأكد علوش أن "التيار الوطني" محرج بشكل كامل خاصة مع مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي التي كان آخرها اليوم بعدما سبق له أن رفض الثلث المعطل واجتمع قبل يومين مع الحريري في لقاء مطلول، وكذلك فشل كل المحاولات التي قام بها رئيس الجمهورية مع دعوة السفراء الأجانب لتحريضهم.

وأضاف: "لا شك أن باسيل والرئيس ميشال عون اللذان يتمساكان بالثلث المعطل في الحكومة، سيتبعان الخطى التي اعتدنا عليها في سياسة التيار وهي بذل كل الجهود لعدم التراجع لأنهما يعتبران في ذلك هزيمة لهما".

مبادرة جديدة

واليوم دعا الراعي في أحد الشعانين عون والحريري للسعي لتأليف الحكومة، مؤكداً أن البطريركية المارونية لم تكن يوما مؤيدة لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه ولسلطة تمتنع قصدا عن احترام الاستحقاق الدستوري وتعرقل تأليف الحكومات ولجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله.

وأكد الوزير اللبناني السابق غطاس خوري: "صدق من قال إن كلام البطريرك هو بطريرك الكلام، وها هو الراعي يطرح معايير لإنقاذ البلاد".

ولفت إلى أن "معايير البطريرك تتبنى الطائف والدستور والمصلحة الوطنية، وهي المعايير التي يريدها ويطالب بها الرئيس المكلف سعد الحريري وينأى عنها المعطلون والمعرقلون والعاملون على خطوط الأجندات الخارجية".

وتابع: "عظة البطريرك تختزل عمق الأزمة وتحدد وجهة الحل، والكلام الذي ورد في العظة لن يكون بعده كلام، وهو برسم جميع اللبنانيين مسيحيين ومسلمين".

وفي حين يؤكد علوش أنه هناك مبادرة جديدة يتم العمل عليها رافضا الإفصاح عن التفاصيل مع اعتباره أن باسيل سيفعل كل شيء لعدم التراجع عن مطالبه، تقول مصادر في "التيار الوطني الحر" لـ "العين الإخبارية" إن الحلول لا تزال مقفلة حيال أي إمكانية للإفراج عن الحكومة والسجال الذي حصل يوم أمس خير دليل على ذلك".

وعن المبادرة التي قيل أن رئيس البرلمان نبيه بري سيطرحها كمخرج للحل وتقضي بتشكيل حكومة من 24 وزيرا بدل الـ 18 على ألا يحصل أي طرف على الثلث المعطل، تقول المصادر إن هذا الكلام نشر في الإعلام لكنه ليس هناك أي أمر ملموس في هذا الإطار.

ولفتت المصادر إلى أنه حتى الآن لم يعرض أي جديد على رئيس الجمهورية، معتبرة ما يحصل قد يكون محاول لجس النبض حول تجاوب الأطراف تجاهها من عدمه".

التيار الوطني الحر

وفي بيانه أمس كان التيار الوطني الحر دعا الرئيس المكلف الى "أن يعود الى الأصول الميثاقية والدستورية متهما اياه أنه "يمعن في ترك الإبهام والغموض في توزيع الحقائب وخاصة المسيحية؟ محذرا مما وصفه بـ " خطورة المنحى الإقصائي الذي ينتهجه الرئيس المكلّف في تعامله مع رئيس الجمهورية ومع الكتل البرلمانية المعنيّة، ويرى في هذا السلوك رغبة واضحة بأن يسمي بنفسه الوزراء المسيحيين فيكون له نصف أعضاء الحكومة زائداً واحداً".

وفي ما بدا تناقضا في البيان الذي وضع شروطا لتسمية الوزراء المسيحيين، قال التيار الوطني إنه "لن يشارك في الحكومة ولن يعطيها الثقة على الأسس التي يطرحها الرئيس المكلّف"، متهما إياها بالسعي للحصول على "النصف زائداً واحداً في الحكومة لأنه سيستعمله لمنع الإصلاح وتعطيل التدقيق الجنائي وفرملة كل محاولات محاربة الفساد".

ونفى في الوقت نفسه مطالبة رئيس الجمهورية بالثلث المعطل"، ومنتقدا تمسك الحريري بحكومة مصغرة من 18 وزيرا .

تيار المستقبل

في المقابل، اعتبر المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" أن جبران باسيل يريد التنغيص على اللبنانيين في يوم أحد الشعانين والقضاء على أية بارقة أمل في الخروج من النفق المسدود بمعايير التيار الوطني الحر.

واضاف "الوزير السابق باسيل، يصر على تطييف الأزمة الحكومية وتغليفها بشروط تتلاعب على الوتر الطائفي وحقوق المسيحيين، ويبدو أنه نسي أو هو يتناسى المعايير التي جرى الاتفاق عليها في قصر الصنوبر (في وزارة الخارجية بحضور الرئيس الفرنسي) والتي تقوم حصراً على تأليف حكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين".

ورأى أن باسيل "يتعمد اللعب على حافة التحريض الطائفي، ويقفز من معيار الى معيار ليضمن الوصول إلى الثلث المعطل، ويخترع للرأي العام اللبناني حجة جديدة وبعبعاً سياسياً اسمه النصف زائد واحد للرئيس المكلف".

وتابع: "هناك من يعتبر الغش والكذب والاحتيال من المهارات الخاصة لبعض البشر لكن استخدام هذه المهارات في العمل السياسي ومواجهة مخاطر اقتصادية ومعيشية يصنف في خانة الجرائم الوطنية".

وقال: "هذه هي مع الأسف حال اللبنانيين مع الوزير جبران باسيل، الذي يقول انه يرفض المشاركة في الحكومة ثم يحدد المعايير لتأليفها ويبرر لرئيس الجمهورية المطالبة بالثلث المعطل وينصب نفساً ولياً حصرياً على حقوق الطوائف المسيحية، ثم يلوح للرئيس المكلف بانه لن يعطي الثقة للحكومة".