وكالات أكدت الولايات المتحدة، والعراق، على رغبتهما المشتركة في مواصلة التنسيق والتعاون الثنائي في ما يتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب، وأكدا أن وجود القوات الأميركية في العراق جاء بناءاً على دعوة من الحكومة العراقية بهدف دعم القوات الأمنية العراقية في حربها ضد تنظيم داعش.وتوصل الطرفان، في الجولة الثالثة للحوار الاستراتيجي التي انطلقت، الأربعاء، إلى أن دور القوات الأميركية وقوات التحالف تحول الآن إلى المهمات التدريبية والاستشارية على نحو يسمح بإعادة نشر المتبقي من القوات القتالية خارج العراق، على أن يتفق الطرفان على التوقيتات الزمنية في محادثات فنية مقبلة.كان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، ونظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، ترأسا وفدي البلدين في اجتماع لجنة التنسيق العليا، عبر تقنية الفيديو، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008 الخاصة بعلاقة الصداقة والتعاون بين واشنطن وبغداد، وتعد الجولة الأولى في عهد الرئيس جو بايدن.وذكر بيان مشترك صادر عن الجولة، أن هذا التحول في طبيعة مهمات القوات الأميركية والقوات الدولية الأخرى من العمليات القتالية الى التدريب والتجهيز والمساندة، يعكس نجاح الشراكة الاستراتيجية، ويضمن دعم الجهود المتواصلة للقوات العراقية لضمان أن "داعش" لن يهدد استقرار العراق مجدداً.بغداد: ملتزمون بحماية قوات التحالفوجددت الحكومة العراقية، التزامها بحماية أفراد وقوافل التحالف الدولي، والبعثات الدبلوماسية التابعة لدوله، وشدد البلدان على أن القواعد التي يتواجد بها أفراد التحالف قواعد عراقية، وهم موجودون فيها حصراً لدعم جهود العراق في الحرب ضد داعش.ولفت البيان، إلى أن البلدين ينويان مواصلة المحادثات عبر لجنة عسكرية مشتركة لضمان انسجام عمليات التحالف الدولي مع احتياجات القوات الأمنية العراقية، وبينها قوات البيشمركة.وجدد البلدان تأكيدهما على أهمية مبادئ اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وجددت الولايات المتحدة تأكيد احترامها لسيادة العراق وسلامة أراضيه، والقرارات ذات الصلة التي صدرت عن السلطتين التشريعية والتنفيذية العراقية.سحب "عدد مهم" من القواتوأعلن مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أن الجانب الأميركي تعهد، خلال الجولة، بسحب عدد مهم من قواته في العراق، مشيراً إلى أن الطرفين اتفقا على عدم وجود قواعد أجنبية في العراق، وأن تتولي قوات الأمن العراقية مهمة محاربة تنظيم داعش.وقال الأعرجي: "تحدثنا خلال الحوار عن التقدم الذي أحرزته قواتنا في مكافحة الإرهاب، وأكدنا على حماية الكوادر الأجنبية، والتزامنا بحماية أفراد وكوادر البعثات الدبلوماسية"، واصفاً الجولة الثالثة للحوار، بأنها كانت ناجحة.بلينكن: متفائلوقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن اجتماعات الحوار بين الولايات المتحدة والعراق، تأتي تأكيداً على علاقة الشراكة بين البلدين.وأضاف، في تغريدة على "تويتر": "تشرفت بالتحدث مع وزير الخارجية العراقي في أول حوار استراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق كوزير للخارجية، أنا متفائل بشأن الطريق إلى الأمام بعد مراجعة التقدم الذي أحرزناه في كل مجال من مجالات شراكتنا الواسعة والاستراتيجية".اتفاقيات مشتركةوأعرب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في كلمته خلال الحوار، عن أمله في التوصل إلى تفاهمات واتفاقيات مشتركة في جميع قطاعات التعاون، مبدياً تطلعه إلى استمرار الحوار الاستراتيجي بين البلدين في جولات لاحقة.وأكد حسين، حرص بلاده على تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة في جميع المجالات، لافتاً إلى أهمية التعاون للاستثمار في مختلف القطاعات، داعياً واشنطن إلى تعزيز شراكة البلدين من خلال المذكرات والاتفاقات الموقعة بينهما.وقال حسين إن الحكومة العراقية عازمة على تحقيق أمنها في مجال الطاقة من خلال الاعتماد الكلي على مواردها خصوصاً في مجال الغاز، والاعتماد على الطاقة الكهربائية المنتجة محلياً.أولويات الحكومةوتطرق وزير الخارجية العراقي إلى أولويات حكومته، مشيراً في هذا الصدد إلى إجراء انتخابات مبكرة استجابة للمطالب الشعبية، وتحقيقاً للإصلاح السياسي والاقتصادي، لذا أصدر مجلس النواب العراقي قانون الانتخابات الجديد وتم تحديدها في 10 أكتوبر المقبل.وقال، إن الحكومة تعمل على ضمان المشاركة الواسعة لجميع مكونات الشعب مع الالتزام بتعزيز الرقابة وتوفير المتطلبات اللوجيستية والأمنية لتحقيق أعلى معايير النزاهة والشفافية، مع الرقابة الأممية في هذه العملية الانتخابية، ضماناً لانتخابات ناجحة.وأشار حسين، إلى أن العلاقة بين الحكومة الاتحادية، وإقليم كردستان، شهدت تطوراً باتجاه حل المشاكل العالقة، وصولاً إلى إقرار الموازنة الاتحادية.توازن العلاقات الخارجيةوقال حسين إنه انسجاماً مع نهج الحكومة بتبني سياسة بتبنّي سياسةِ التوازنِ في علاقاتها الخارجية والحياد الإيجابي والنأي بالعراق عن أن يكون ساحةً للصراعات والابتعاد عن سياسة المحاور، فإن البلاد تشهد انفتاحاً في علاقاتها ضمن محيطها العربي وجوارها الإسلامي وعلى الصعيد الدولي أيضاً.وأضاف أن هذا الأمر يؤكد استعادة العراق لدوره بوصفه محطة التقاء للشراكات الإقليمية والدولية.وأشار إلى أن زيارة البابا الأخيرة للعراق تؤكد أن العراق اليوم يعد بوابة إقليمية ودولية لإشاعة السلام بين شعوب المنطقة والعالم.مغادرة 60% من قوات التحالفكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أكد، في وقت سابق الأربعاء، أن "التطور الكبير في قدرات قواتنا الأمنية، وتغير شكل التهديد الإرهابي على الأرض، مهدا لمغادرة ما يقرب من 60% من قوات التحالف"، مشيراً إلى أن "العراق سينتقل قريباً إلى مرحلة انتفاء الحاجة للوحدات المقاتلة الأجنبية".وقال، خلال ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني، لمناقشة مستجدات الأوضاع الامنية في البلاد: "لدينا مهاماً أساسية تتمثل بحماية الدولة وتحصينها، عبر تقوية وإعادة بناء المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها الجيش وباقي أجهزتنا الأمنية".4 ملفاتوتركزت جولة الحوار على 4 ملفات تشمل الأمن، ومحاربة تنظيم "داعش"، والتفاهمات مع إدارة البيت الأبيض الجديدة، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية.وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء العراقي حسن ناظم لـ"الشرق"، إن الجولة جاءت "بطلب قدمه العراق عبر القنوات الدبلوماسية، بعد زيادة الهجمات التي تستهدف مصالح واشنطن في بغداد".وأضاف المتحدث، أن تلك الهجمات "عقّدت العلاقة مع الولايات المتحدة، ما دفع الحكومة العراقية إلى طلب جولة ثانية من الحوار".وكانت جولة الحوار الاستراتيجي العام الماضي، انتهت بإعلان الولايات المتحدة خفض قواتها من العراق، عقب هزيمة تنظيم "داعش".تهديداتوتأتي جولة الحوار وسط تهديدات بشن هجمات ضد القوات الأميركية في حال لم تنفذ الانسحاب الكلي من العراق.وتطالب مجموعات مسلحة، بينها قوات "بدر"، و"عصائب أهل الحق" عبر ممثلي أجنحتها السياسية في مجلس النواب، بإخراج جميع القوات الأميركية من العراق، بعد أن مررت في 5 يناير 2020 قراراً يطلب من واشنطن سحب جنودها من العراق، وهو القرار الذي صدر عن مجلس النواب دون التصويت عليه من كتل عربية سنية، والكتل الكردية، كما أنه قرار "غير ملزم" للسلطة التنفيذية، لعدم مصادقة رئيس الجمهورية عليه.مطالب إيرانيةوطالبت إيران على لسان كبار مسؤوليها، العراق بضرورة إبعاد القوات الأميركية، ففي 11 مارس الماضي، أكد المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، أنه "يجب على الولايات المتحدة الخروج من العراق".وفي الشهر نفسه، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني، في اتصال هاتفي مع الكاظمي، بتنفيذ "قرار البرلمان العراقي بسحب القوات الأميركية من العراق" واتهم القوات بأنها تلعب دور تخريبي في العراق والمنطقة".وتوعد الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، باستمرار ما سماها "عمليات المقاومة"، لإزالة كل القواعد العسكرية الأميركية في البلاد.وهدد المتحدث العسكري باسم فصيل "عصائب أهل الحق" المسلح، جواد الطليباوي، السبت، باستمرار استهداف المصالح الأميركية في العراق وإقليم كردستان من قبل من سماها "المقاومة"، على حد تعبيره.وفي وقت سابق، دعا حسن سالم، النائب عن كتلة "صادقون" النيابية، وهي الجناح السياسي لفصيل "عصائب أهل الحق المسلح" برئاسة قيس الخزعلي، المفاوض العراقي الذي يشارك في الحوار الاستراتيجي، إلى المطالبة بإنهاء التواجد الأميركي في العراق.ولم تختلف مطالب تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، قائد "فيلق بدر" كثيراً عن مطالب كتلة "صادقون"، إذ قال النائب عن التحالف، محمد كريم البلداوي، لوسائل إعلام عراقية، إن "المطالب الرئيسية للحوار هي مراعاة مصلحة العراق، ‏وتحرير القرار العراقي من هيمنة السيادة الأميركية".خلافات بين الكتلولم يرد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، جوتيار عادل، عن سؤال لـ"الشرق" بشأن موقف الإقليم من طرح قضية انسحاب القوات الأميركية في الحوار الاستراتيجي، وتأثير ضغط الفصائل المسلحة التي هددت باستهداف القواعد الأميركية في كردستان على أمن واستقرار الإقليم.محمد الشمري، مسؤول العلاقات الخارجية لتيار الحكمة، برئاسة عمار الحكيم، كشف عن وجود خلافات بين الكتل البرلمانية بشأن رحيل أو بقاء القوات الأميركية.وقال الشمري، في تصريح لـ"الشرق"، إن "هناك رغبة عراقية للاتفاق على جدولة انسحاب القوات الأجنبية، وعلى نحو يوازي استعداد القوات العراقية لملء الفراغ، والأمر مطروح للنقاش منذ الجولة الأولى للحوار، وأفضى في السابق إلى تحقيق تخفيض مهم في عدد القوات، والجانب العراقي سيعيد طرح الموضوع الذي يمثل أحد التزامات الحكومة في برنامجها"."جدولة الانسحاب"الشمري أضاف: "نعم هناك خلافات بين الكتل حول بقاء أو رحيل القوات الأجنبية، وهى خلافات ناتجة في الأساس عن تقدير كل منها لطبيعة المخاطر القائمة، وقدرة القوات العراقية، بمختلف تشكيلاتها على درء التهديدات الإرهابية"، مؤكداً أن التيار يؤيد "جدولة الانسحاب" و"تحديد أفق واضح لتوقيت مغادرة القوات"، بشرطة جاهزية القوات الأمنية العراقية لبسط الأمن في البلاد.كان العراق والولايات المتحدة، وقعا اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008، وبموجبها اتُفق على سحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية 2011، وقلّصت الولايات المتحدة تواجدها العسكري في العراق بنحو 60% بعد جولتي الحوار الاستراتيجي، العام الماضي، إذ خفض ترامب عدد القوات من أكثر من 5200 إلى 2500 جندي، قبل مغادرته البيت الأبيض، في يناير الماضي.