العربيةمنذ أكثر من 8 أشهر تستمر حال المراوحة في ملف تشكيل الحكومة وتقاذف الاتهامات بين السياسيين في لبنان.
وفيما تتوسع رقعة الإجماع السياسي الدولي حول أهمية الإسراع في تأليف حكومة من أصحاب الاختصاص تُباشر بالإصلاحات المطلوبة كشرط لمد الاقتصاد بالمساعدات المالية، يواصل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري جولاته الخارجية لحشد الدعم لمهمته بتشكيل حكومة مطابقة لمواصفات المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون من بيروت وتنص على تشكيل حكومة اختصاصيين.
كما أضاف: "موسكو ترفض إعطاء الثلث المعطّل في الحكومة لأي طرف سياسي كان (في إشارة إلى رئيس الجمهورية وفريق العهد الذي يُستنتج من مواقفه الحكومية تمسّكه بالحصول على ثلث الوزراء)، لأن هذا الأمر سيُعطّل عمل الحكومة مستقبلاً".فبعد سلسلة جولات عربية ودولية التقى خلالها كبار المسؤولين، توجه الحريري، الأربعاء، إلى العاصمة الروسية موسكو تلبية لدعوة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في زيارة يجري خلالها مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين وميشوستين ووزير الخارجية سيرغي لافروف والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، الخبير بملف لبنان، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين.
حكومة برئاسة الحريري لا ثلث معطلاً لأحد
في الإطار، أوضح مصدر دبلوماسي في موسكو لـ"العربية.نت" أن "موقف موسكو من الملف الحكومي لم يتغيّر. فهي تؤيّد تشكيلة اختصاصيين برئاسة سعد الحريري، الذي تربطها به علاقات مميزة وخاصة تمتد جذورها إلى عهد والده الرئيس رفيق الحريري".
"التعاطي بمرونة"
وفي حين يتمحور الخلاف الحكومي حول حجم الحكومة، حيث يصرّ الحريري على أن لا تكون فضفاضة فيما يُطالب رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر برئاسة صهره النائب جبران باسيل وحليفه حزب الله بأن تكون 24 وزيرا، لفت المصدر الدبلوماسي إلى أن "موسكو تؤيّد مقاربة موضوع حجم الحكومة بمرونة، وتعتبر أنه ليس بالضرورة التمسك بعدد محدد للوزراء وإنما التعاطي بمرونة مع هذه المسألة إذا كانت تخدم المصلحة الوطنية".
يذكر أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان أكد في مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة: "ننتظر رئيس الوزراء سعد الحريري في روسيا خلال الأيام المقبلة"، مضيفاً أنه "سيتم أيضاً استقبال ممثلين آخرين للقوى السياسية الرئيسية اللبنانية في موسكو، وسنحثهم على إدراك مسؤوليتهم تجاه شعبهم وبلدهم وتشكيل حكومة تعكس توازن المصالح لجميع أطياف المجتمع اللبناني".
باسيل يحاول زيارة موسكو
في السياق، كشف المصدر الدبلوماسي أن "العاصمة الروسية ستكون وجهة لعدد من السياسيين اللبنانيين في الأيام والأسابيع المقبلة".
وقال إن "رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يحاول عبر مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد، تحديد موعد لزيارة موسكو".
"استقرار سوريا من استقرار لبنان"
يشار إلى أنه في أكثر من مناسبة واستحقاق، أبدت روسيا اهتمامها باستقرار لبنان وضرورة إبعاده عن صراعات المنطقة لسبب رئيسي مُرتبط بمقولة "استقرار سوريا من استقرار لبنان".
ووفق المصدر الدبلوماسي، فإن "روسيا موجودة عسكرياً في سوريا، وبالتالي فإن خروج الأمور عن سيطرتها في لبنان سيؤثر سلباً على سوريا، خصوصا مع وجود أكثر من مليون نازح سوري في لبنان، أضف إلى ذلك انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان الذي أرخى بظلاله على سوريا، حيث إن كل تراجع لليرة اللبنانية مقابل الدولار ينسحب مزيداً من الانخفاض في قيمة الليرة السورية".
من هنا تعتبر روسيا، بحسب المصدر، أن "الأمن العسكري والسياسي والاقتصادي بين البلدين ضرورة لها ولقواتها المنتشرة في سوريا، ومتى تلاشى هذا الأمن الثلاثي يُصبح وجودها في سوريا في دائرة الخطر".