ماتزال العاصمة العراقية، بغداد، تعيش إغلاقا أمنيا عند المداخل الرئيسة المؤدية للمنطقة الرئاسية شديدة التحصين.

يأتي ذلك بعد أكثر من 24 ساعة على عملية اغتيال قيادي في مليشيا الحشد الشعبي.

وجاءت تحركات الإغلاق الأمني بقطع مداخل المنطقة "الخضراء"، عقب تظاهرات مسلحة أمس الأربعاء لمليشيات عراقية، اخترقت الحصون الرئاسية ووقفت على مقربة من منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تنديداً باعتقال أحد قادتها.

وشهدت بغداد، حالة من التقييد بالحركة والحذر الشديد، بعد نزول سيارات رباعية الدفع وعلى متنها عناصر من الحشد يجولون في الشوارع القريبة من المنطقة الخضراء، ومن دخولها والتهديد بالثأر من الحكومة والقوات الأمنية على خلفية اعتقال قاسم مصلح، فجر أمس.

وعشية تلك الليلة، رشحت انباء ومواقف متضاربة، بشأن مصير القيادي قاسم مصلح وأسباب وظروف اعتقاله.

وأظهرت مقاطع فيديو مصورة، لعناصر من الحشد يحتفلون بإطلاق سراح القيادي قاسم مصلح، وسط هتافات تنذر بتصعيد الموقف ضد رئيس الوزراء وبعض القيادات الأمنية.

في غضون ذلك، نفى مصدر أمني مسؤول، صحة تلك التقارير ووصفها بأنها عارية عن الصحة، مشددا على أن مصلح يخضع للتحقيق في قيادة العمليات المشتركة.

وذكر المصدر، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أمس، أن "القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجه بتشكيل لجنة رباعية تضم العمليات المشتركة وأمن الحشد الشعبي للتحقيق في التهم الموجهة إلى المصلح".

في مقابل ذلك، لم يرشح أي موقف رسمي من الحكومة العراقية بنفي أو تأكيد صحة الأخبار المتداولة بشأن إطلاق سراح القيادي في مليشيا الحشد.

وبشأن التهم الموجهة إليه، أكدت خلية الأمني ظهر يوم الاعتقال، أن العملية، وفقاً لأوامر قضائية، استندت فيها إلى توجيه تهم إرهابية بحق مصلح.

فيما علق الكاظمي عشية تلك الليلة، أنه من أصدر أوامر للقوات الأمنية بإلقاء القبض على قائد عمليات الأنبار في الحشد الشعبي.

وكانت مواقع إعلامية مقربة من مليشيا الحشد، ادعت أن قوة أمريكية من المارينز تساندها قطعات أمنية عراقية، نفذت عملية إنزال جوي على مقر للحشد جنوبي بغداد انتهت باعتقال مصلح.

وأشارت إلى أن عملية الاعتقال جاءت على خلفية توجيه أوامر من القيادي البارز إلى فصائل تابعة للحشد بمنع مرور قوات أمريكية كانت في طريقها إلى دخول العراق قادمة من الأراضي السورية.

يأتي ذلك في وقت، أفادت مصادر أمنية اخرى، أن قوة أمنية، نقلت المعتقل قاسم مصلح من مقر قيادة العلميات المشتركة إلى مقر أمن الحشد للتحقيق معه.

وعد بعض المراقبين للشأن السياسي، تسليم مصلح إلى أمن الحشد الشعبي، بمثابة "إطلاق سراح غير رسمي".

ويشير خبير استراتيجي بشؤون السياسة والأمن ، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن "خطوة الكاظمي في بسط نفوذ الدولة على قوى السلاح المنفلت قد ذهبت أدراج الرياح".

ويستدرك بالقول: "القوى المليشياوية المسلحة مارست عملية ترهيب وترعيب للدولة والمجتمع عقب ساعات من عملية الاعتقال واستطاعت فرض إرادتها على القانون والأمن".

لكن المحلل السياسي، علي الكاتب، يرى أنها "خطوة ناجحة تحسب لحكومة الكاظمي في رفع التحصين عن العناوين والاسماء التي تعقد انها بمأمن من المحاسبة والقضاء".

ويؤكد الكاتب خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "التغيير وكسر التابوهات المقدسة الزائفة يحتاج إلى خطوات متسلسلة ومدروسة وما جرى فجر الأربعاء هو استكمالاً لما بدئه الكاظمي في حادثة الدورة".

ولفت إلى أن "الأنباء التي تحدثت عن تسليم مصلح إلى أمن الحشد أو إطلاق سراحه بشكل رسمي لا يعني الاستسلام بقدر ما تمثل رسالة مفادها أن حكومة الكاظمي قادرة على التحرك باتجاه أي عنوان أو اسم وليس هنالك محميات سياسية".

وكانت بغداد شهدت عملية مماثلة في يونيو/ حزيران الماضي، حيث اقتحمت قوة من مكافحة الإرهاب مقراً لمليشيا "كتائب حزب الله"، المقربة من إيران، جنوبي بغداد، واعتقلت مجموعة مكون من 14 عنصراً، متهمة بتنفيذ هجمات تستهدف المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأمريكية.

وعلى إثر تلك العملية، التي عرفت بحادثة "البو عيثة"، نزل عشرات المسلحين إلى شوارع بغداد، تحملهم سيارات دفع رباعي عليها أعلام حشد، وهددوا بتصعيد الهجمات ضد المنطقة الرئاسية ومقار قوات التحالف في حال لم يتم إطلاق المعتقلين.