وسط زحام تشهده مطاعم لبنان ومنتجعات تعج بالزائرين، وتوك توك يغزو الشوارع وقف لبنان حائرا بين الواقع الفقير والأرقام الغنية.
ومنذ نحو أسبوعين بدأ اللبنانيون يشاهدون مظاهر تختلف عما يقوله السياسيون والاقتصاديون والجهات الدولية عن أن أزمة لبنان تعتبر ثالث أزمة اقتصادية بالتاريخ.
وعلى أبواب فصل الصيف لوحظت زحمة كبيرة في معظم المطاعم بالرغم من أسعارها الخيالية "لمن دخله بالليرة اللبنانية"، كذلك هو الحال في العديد من محلات الألبسة والأحذية، وهناك حجوزات وإشغال بنسبة عالية في الفنادق والشقق.
كما أخذت بعض المسابح والمنتجعات التي فتحت أبوابها تشهد زحمة كبيرة بالرغم من ارتفاع أسعار الدخول، وهو ما طرح أسئلة كثيرة حول هذا الواقع الذي كشفته دراسة قامت بها "الدولية للمعلومات"، "شركة متخصصة بالدراسات والإحصاءات في لبنان".
ليس هذا فقط، بل وفجأة غزت أسراب من المركبة الصغيرة المعروفة بـ"التوك توك"، شوارع لبنان في محاولة لخلق فرص عمل لجيل من اللبنانيين بلا عمل في بلد افتقد فرص العمل مؤخرا.
وأمام هذه الظاهرة الغريبة نشرت "الدولية" دراسة فندت فيها بالأرقام الواقع المعيشي اللبناني، وجاء كما يلي:
يقدر عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان نحو 4.3 مليون نسمة، وتقدر نسبة الفقر بـ55% من اللبنانيين المقيمين أي نحو 2.365 مليون لبناني، منهم نسبة 25% دون خط الفقر أي 1.075 مليون وهؤلاء لا يكفي دخلهم لتوفير الكميات الكافية والصحية من الغذاء، و30% منهم فوق خط الفقر أي 1.290 مليون وهؤلاء يكفي دخلهم لتوفير الغداء ولكنهم يعانون من ظروف معيشية صعبة من السكن والملبس والتعليم وغيره.
وقالت الدراسة إن نحو 45% من اللبنانيين المقيمين لا يتمتعون بأي تغطية صحية إلا ما تؤمنه وزارة الصحة العامة، فيما تعاني معظم المناطق اللبنانية من انقطاع في التيار الكهربائي إلى أكثر من 10 ساعات يومياً.
كذلك، لا تتوفر الخدمات الأساسية لا سيما مياه الخدمة في أكثر الوحدات السكنية لا سيما في فصل الصيف فيتم اللجوء إلى حفر الآبار الخاصة وشراء الصهاريج، كما لا تتوفر مياه الشرب أو لا يثق بها أكثرية اللبنانيين فيتم اللجوء إلى شرائها.
وأيضا، تدنى مستوى التعليم الرسمي، فالمدارس الرسمية تضم نسبة 32% فقط من الطلاب في مرحلة التعليم العام ما قبل الجامعي.
وفيما نحو 5% فقط من اللبنانيين هم من الأثرياء والأغنياء أي 215 ألف لبناني، فان أكثر من 95% من العاملين في لبنان يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت 767% من قيمتها.
وقد بلغت نسبة التضخم بحسب الدراسة 85% في العام 2020 ونسبة 26% في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2021 أي ما نسبته 111%.
كذلك، ارتفعت كلفة المواد الغذائية الاستهلاكية الأساسية لأسرة مؤلفة من 5 أفراد من 450 ألف ليرة شهرياً في العام 2019 إلى نحو 1.250 مليون ليرة شهرياً. راجع الشهرية (أسعار 100 سلعة غذائية واستهلاكية أيار 2020-ارتفاع بنسبة 25%)
وأفادت أن 70% من العاملين في لبنان تتراوح رواتبهم الشهرية ما بين 1.5 مليون ليرة - 3 ملايين ليرة، أي بما لا يتجاوز الـ250 دولاراً.
وبالتالي بلغت نسبة البطالة 35% أي نحو 480 ألفاً وهناك نحو 300 ألف يعملون بصورة متقطعة في مهن غير دائمة ولا تشكل استمرارية.
في المقابل رأت الدراسة أن الفقر والعوز موجودان بالواقع وهناك شواهد كثيرة على ذلك في ضواحي بيروت الشرقية والغربية وفي طرابلس وعكار والمنية والضنية (الشمال) والهرمل (البقاع) والعديد من المناطق في جبل لبنان، كما أن مظاهر الرفاه موجودة من خلال ما ذكرنا.
وعن تفسير ظواهر الرفاه كشفت الدراسة أن هناك 5% من الأثرياء الأغنياء أي نحو 215 ألف فرداً من أعداد اللبنانيين المقيمين قدرتهم الشرائية عالية.
وأشارت إلى أن هناك نحو 200 ألف أسرة أي نحو 850 ألف فرداً يتلقون تحويلات من الخارج من أهاليهم وأقاربهم وتتراوح قيمة الحوالة ما بين 200 دولار وألفي دولار شهرياً ما يعطي هذه الفئة قدرة شرائية عالية.
وتفيد إحدى شركات تحويل الأموال الالكترونية أن مقدار التحويلات من الخارج عبرها تصل إلى 150 مليون دولار شهرياً، وأن إجمالي تحويلات العاملين في الخارج تقدر بنحو 7 مليارات دولار سنوياً وفقاً لتقديرات البنك الدولي.
ولفتت الدراسة إلى أن هناك لبنانيين يملكون ودائع كبيرة في المصارف (من ضمنهم فئة الـ 5% من الأثرياء والأغنياء). وهؤلاء تمكنوا في خلال الفترة الماضية من سحب وتحويل 36 مليار دولار من ودائعهم منها نحو 12 مليار بالدولار الأميركي وبالتالي فهؤلاء لديهم قدرة إنفاق عالية.
لكنها في المقبل أوضحت أن الأزمة الاقتصادية أدت إلى إقفال آلاف المطاعم والفنادق والمحالات التجارية وبالتالي من الطبيعي أن تشهد المؤسسات المستمرة بفتح أبوابها أعداداً أكبر من الزبائن.
وقدرت الدراسة أن أعداد اللبنانيين الذين كانوا يسافرون سنوياً لقضاء إجازاتهم وعطلاتهم في الخارج بنحو 300 ألف-500 ألف لبناني لا سيما منهم من كان يذهب إلى تركيا ومصر وقبرص وقسم من هؤلاء ونتيجة تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار تحولوا إلى السياحة الداخلية ما أحدث تحسناً في القطاع السياحي والفندقي.
وأردفت أنه مع بدء موسم الصيف بدأت أعداد من اللبنانيين العاملين في الخارج بالتوافد إلى لبنان لقضاء العطلة الصيفية لعدة أسباب منها ما هو تقليدي ومنها لانخفاض كلفة المعيشة في لبنان لمن يملك عملات أجنبية، كما أنه بسبب كورونا أحجمت عن المجيء في العام الماضي. كما أن انحسار فيروس كورونا وفتح المؤسسات التجارية والسياحية، دفع أعداد من الزبائن للتعويض عما فاتها من المرحلة الماضية.
وخلصت الدراسة إلى أن هناك نحو مليون لبناني لديهم قدرة مالية وشرائية عالية ودخل مرتفع بالدولار (نسبة الـ 5% من اللبنانيين الأثرياء + 850 ألف لبناني يتلقون تحويلات بالعملات الأجنبية من الخارج) ما يعطي مظاهر رفاه غير واقعية وهي لا تلغي حقيقة أن هناك نحو 3 ملايين لبناني مقيم يعيشون في ظروف وأوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، وهذا يؤكد على استمرار التناقض الكبير الذي لا يزال موجود في لبنان.
{{ article.visit_count }}
ومنذ نحو أسبوعين بدأ اللبنانيون يشاهدون مظاهر تختلف عما يقوله السياسيون والاقتصاديون والجهات الدولية عن أن أزمة لبنان تعتبر ثالث أزمة اقتصادية بالتاريخ.
وعلى أبواب فصل الصيف لوحظت زحمة كبيرة في معظم المطاعم بالرغم من أسعارها الخيالية "لمن دخله بالليرة اللبنانية"، كذلك هو الحال في العديد من محلات الألبسة والأحذية، وهناك حجوزات وإشغال بنسبة عالية في الفنادق والشقق.
كما أخذت بعض المسابح والمنتجعات التي فتحت أبوابها تشهد زحمة كبيرة بالرغم من ارتفاع أسعار الدخول، وهو ما طرح أسئلة كثيرة حول هذا الواقع الذي كشفته دراسة قامت بها "الدولية للمعلومات"، "شركة متخصصة بالدراسات والإحصاءات في لبنان".
ليس هذا فقط، بل وفجأة غزت أسراب من المركبة الصغيرة المعروفة بـ"التوك توك"، شوارع لبنان في محاولة لخلق فرص عمل لجيل من اللبنانيين بلا عمل في بلد افتقد فرص العمل مؤخرا.
وأمام هذه الظاهرة الغريبة نشرت "الدولية" دراسة فندت فيها بالأرقام الواقع المعيشي اللبناني، وجاء كما يلي:
يقدر عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان نحو 4.3 مليون نسمة، وتقدر نسبة الفقر بـ55% من اللبنانيين المقيمين أي نحو 2.365 مليون لبناني، منهم نسبة 25% دون خط الفقر أي 1.075 مليون وهؤلاء لا يكفي دخلهم لتوفير الكميات الكافية والصحية من الغذاء، و30% منهم فوق خط الفقر أي 1.290 مليون وهؤلاء يكفي دخلهم لتوفير الغداء ولكنهم يعانون من ظروف معيشية صعبة من السكن والملبس والتعليم وغيره.
وقالت الدراسة إن نحو 45% من اللبنانيين المقيمين لا يتمتعون بأي تغطية صحية إلا ما تؤمنه وزارة الصحة العامة، فيما تعاني معظم المناطق اللبنانية من انقطاع في التيار الكهربائي إلى أكثر من 10 ساعات يومياً.
كذلك، لا تتوفر الخدمات الأساسية لا سيما مياه الخدمة في أكثر الوحدات السكنية لا سيما في فصل الصيف فيتم اللجوء إلى حفر الآبار الخاصة وشراء الصهاريج، كما لا تتوفر مياه الشرب أو لا يثق بها أكثرية اللبنانيين فيتم اللجوء إلى شرائها.
وأيضا، تدنى مستوى التعليم الرسمي، فالمدارس الرسمية تضم نسبة 32% فقط من الطلاب في مرحلة التعليم العام ما قبل الجامعي.
وفيما نحو 5% فقط من اللبنانيين هم من الأثرياء والأغنياء أي 215 ألف لبناني، فان أكثر من 95% من العاملين في لبنان يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت 767% من قيمتها.
وقد بلغت نسبة التضخم بحسب الدراسة 85% في العام 2020 ونسبة 26% في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2021 أي ما نسبته 111%.
كذلك، ارتفعت كلفة المواد الغذائية الاستهلاكية الأساسية لأسرة مؤلفة من 5 أفراد من 450 ألف ليرة شهرياً في العام 2019 إلى نحو 1.250 مليون ليرة شهرياً. راجع الشهرية (أسعار 100 سلعة غذائية واستهلاكية أيار 2020-ارتفاع بنسبة 25%)
وأفادت أن 70% من العاملين في لبنان تتراوح رواتبهم الشهرية ما بين 1.5 مليون ليرة - 3 ملايين ليرة، أي بما لا يتجاوز الـ250 دولاراً.
وبالتالي بلغت نسبة البطالة 35% أي نحو 480 ألفاً وهناك نحو 300 ألف يعملون بصورة متقطعة في مهن غير دائمة ولا تشكل استمرارية.
في المقابل رأت الدراسة أن الفقر والعوز موجودان بالواقع وهناك شواهد كثيرة على ذلك في ضواحي بيروت الشرقية والغربية وفي طرابلس وعكار والمنية والضنية (الشمال) والهرمل (البقاع) والعديد من المناطق في جبل لبنان، كما أن مظاهر الرفاه موجودة من خلال ما ذكرنا.
وعن تفسير ظواهر الرفاه كشفت الدراسة أن هناك 5% من الأثرياء الأغنياء أي نحو 215 ألف فرداً من أعداد اللبنانيين المقيمين قدرتهم الشرائية عالية.
وأشارت إلى أن هناك نحو 200 ألف أسرة أي نحو 850 ألف فرداً يتلقون تحويلات من الخارج من أهاليهم وأقاربهم وتتراوح قيمة الحوالة ما بين 200 دولار وألفي دولار شهرياً ما يعطي هذه الفئة قدرة شرائية عالية.
وتفيد إحدى شركات تحويل الأموال الالكترونية أن مقدار التحويلات من الخارج عبرها تصل إلى 150 مليون دولار شهرياً، وأن إجمالي تحويلات العاملين في الخارج تقدر بنحو 7 مليارات دولار سنوياً وفقاً لتقديرات البنك الدولي.
ولفتت الدراسة إلى أن هناك لبنانيين يملكون ودائع كبيرة في المصارف (من ضمنهم فئة الـ 5% من الأثرياء والأغنياء). وهؤلاء تمكنوا في خلال الفترة الماضية من سحب وتحويل 36 مليار دولار من ودائعهم منها نحو 12 مليار بالدولار الأميركي وبالتالي فهؤلاء لديهم قدرة إنفاق عالية.
لكنها في المقبل أوضحت أن الأزمة الاقتصادية أدت إلى إقفال آلاف المطاعم والفنادق والمحالات التجارية وبالتالي من الطبيعي أن تشهد المؤسسات المستمرة بفتح أبوابها أعداداً أكبر من الزبائن.
وقدرت الدراسة أن أعداد اللبنانيين الذين كانوا يسافرون سنوياً لقضاء إجازاتهم وعطلاتهم في الخارج بنحو 300 ألف-500 ألف لبناني لا سيما منهم من كان يذهب إلى تركيا ومصر وقبرص وقسم من هؤلاء ونتيجة تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار تحولوا إلى السياحة الداخلية ما أحدث تحسناً في القطاع السياحي والفندقي.
وأردفت أنه مع بدء موسم الصيف بدأت أعداد من اللبنانيين العاملين في الخارج بالتوافد إلى لبنان لقضاء العطلة الصيفية لعدة أسباب منها ما هو تقليدي ومنها لانخفاض كلفة المعيشة في لبنان لمن يملك عملات أجنبية، كما أنه بسبب كورونا أحجمت عن المجيء في العام الماضي. كما أن انحسار فيروس كورونا وفتح المؤسسات التجارية والسياحية، دفع أعداد من الزبائن للتعويض عما فاتها من المرحلة الماضية.
وخلصت الدراسة إلى أن هناك نحو مليون لبناني لديهم قدرة مالية وشرائية عالية ودخل مرتفع بالدولار (نسبة الـ 5% من اللبنانيين الأثرياء + 850 ألف لبناني يتلقون تحويلات بالعملات الأجنبية من الخارج) ما يعطي مظاهر رفاه غير واقعية وهي لا تلغي حقيقة أن هناك نحو 3 ملايين لبناني مقيم يعيشون في ظروف وأوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، وهذا يؤكد على استمرار التناقض الكبير الذي لا يزال موجود في لبنان.